قانون حماية المستهلك في النموذج المغربي (مغرب التغيير – الدار البيضاء 14 أبريل 2024)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 14 أبريل 2024
إلحاقاً مرة أخرى بالمقالين السابقين، اللذان تطرقنا فيهما على التوالي للمنظور الأممي للمستهلك في العلاقات التجارية سواء كانت تقليدية أو إلكترونية، وللتعاريف السائدة حول هذا الطرف، الذي يُعتبَر الحلقة الأضعف في العلاقات التجارية التعاقدية، نستعرض أدناه أبرز ما جاء في النموذج التشريعي المغربي بخصوص الحماية التي خص بها القانون المغربي المستهلكين الإلكترونيين، فضلاً عن فتحه الباب مُشْرَعاً لنشوء جمعيات وهيئات مدنية للدفاع عن هؤلاء وصيانة حقوقهم.

نتحدث هنا عن القانون رقم 31.08 بتاريخ 18 نوفمبر 2011 بالمغرب (يشار إليه اختصاراً بـ”القانون 31.08″)، والذي يحمل اسم: “القانون المحدد لتدابير حماية المستهلك“، ويهدف إلى ما يلي:
– إعلام المستهلك إعلاما ملائماً وواضحاً بالمنتجات أو السلع أو الخدمات التي يقتنيها أو يستعملها؛
– ضمان حماية المستهلك فيما يتعلق بالشروط الواردة في عقود الاستهلاك ولاسيما الشروط التعسفية والشروط المتعلقة بالخدمات المالية والقروض الاستهلاكية، والعقارية، وكذا الشروط المتعلقة بالإشهار والبيع عن بُعد، والبيع خارج المحلات التجارية؛
– تحديد الضمانات القانونية والتعاقدية لعيوب الشيء المبيع والخدمة بعد البيع، وتحديد الشروط والإجراءات المتعلقة بالتعويض عن الضرر أو الأذى الذي قد يلحق بالمستهلك؛
– تمثيل مصالح المستهلك والدفاع عنها من خلال جمعيات حماية المستهلك التي تعمل طبقاً لأحكام هذا القانون.
وتنص أيضاَ على استمرار تطبيق كل النصوص والإجراءات الأخرى، خارج هذا القانون، والتي تكون أكثر فائدة للمستهلك. مما يترك المجال مفتوحا لتطبيق أي شيء آخر يمكن أن يخدم مصالح المستهلك. وبذلك يظل هذا القانون منفتحاً على كل ما يخدم هذا الأخير. أما مستجدّات هذا القانون فهي ضمّه أحكاماً وأساسيات تمكّن من حماية حقوق المستهلك وتهدف إلى موازنة علاقاته مع المورّد. [1] وتتلخص الحقوق الممنوحة للمستهلك بمقتضى هذا القانون فيما يلي:
– الحق في الاعلام:
يخول هذا الحق للمستهلك إمكانية الحصول على جميع المعلومات الأساسية المرتبطة بالمنتوج، أو السلعة أو الخدمة المزمع شراِؤها. كما ويساهم في تعزيز حس المسؤولية لذا المستهلك ويمكّنه من القيام باختيارات عقلانية وبكل شفافية.
كما يتضمن هذا القانون بنودا تحمي المستهلك من كل الادعاءات، أو المعلومات أو عروض البيع الكاذبة، التي من شأنها أن توقعه في الغلط، نذكر منها على سبيل المثال:
حقيقة وجود السلع أو المنتجات أو الخدمات محل الإشهار وطبيعتها وتركيبتها ومميزاتها الأساسية. فعلى سبيل المثال، اذا كنتم في حاجة إلى آلة غسيل، يجب عليكم معرفة حجم استهلاكها الطاقي وما إذا كان المنتوج متوفّراً بالفعل؛ والتعرف أيضاً على كمية المنتوج وطريقة وتاريخ صنعه وخصائصه. ففي حالة مرضى السكري مثلا، يجب معرفة خصائص أي سلعة غذائية وما إذا كانت تحتوي على سكر وكربوهيدرات، وهذا مهم وأساسي لاختيار المنتوج الأنسب.
– الحق في حماية الحقوق الاقتصادية:
يتضمن القانون 31.08 أحكاما تتيح حماية الحقوق الاقتصادية للمستهلك كضمان الحق في الحصول على المنتوج، أو السلعة أو الخدمة بالثمن الذي يتناسب وجودتها، كما تحمي مقتضيات هذا القانون من الشروط التعسفية ومن استغلال الضعف والجهل، أو البيع وتقديم الخدمات بشكل وهمي.
كما أن المورّد أو البائع ملزم بأن يعطي للمستهلك نسخة مكتوبة للعقد المبرم وأن يلتزم بجميع البنود المذكورة في العقد مع امكانية طلب الغاء بند اذا تضمن شرطا تعسفيا.
– الحق في التمثيلية:
يتيح القانون 31.08 للمستهلك فرص التمتع بحق التمثيلية والإصغاء إليه من قِبَل جمعيات حماية المستهلك، التي تتولى مهمة الإعلام والدفاع والنهوض بمصالح المستهلك، وكذا العمل على احترام أحكام القانون الجاري به العمل. كما تهدف أيضا إلى تحسيس وتعبئة المستهلكين قصد تحسين الثقافة الاستهلاكية لديهم.
– الحق في التراجع:
وفقا للقانون 31.08، فإنّ للمستهلك الحق في التراجع داخل آجال محددة (أسبوع واحد) في حالة:
* العقد المبرم عن بُعد، عبر الإنترنت مثلا؛
* البيع خارج المحلات التجارية، كالشراء في مكان العمل؛
* عند إبرام عقد يخص قرضا استهلاكيا.
وتوجد بعض الحالات التي لا يمكن فيها التراجع. على سبيل المثال: شراء منتوج مصنوع حسب مواصفات يشترطها المستهلك في طلبيته، أو شراء مجلات عبر الأنترنيت، أو إرجاع برامج معلوماتية تم الاطلاع عليها من قبل المستهلك.
إذا قام المستهلك مثلا بشراء أحذية رياضية عبر الإنترنت، ولاحظ عند استلامها أنها لا توافقه، يمكنه إرجاعها مع تحمله مصاريف الإرجاع. أما في حال إذا كانت الأحذية غير مطابقة لما تم وصفه في الموقع الإلكتروني، فإن مصاريف الإرجاع تكون على حساب البائع.
– الحق في الاختيار:
يخوّل هذا الحق للمستهلك اختيار المنتوج المناسب له والموافق لإمكانياته.
كما يجب أن تكون المنتجات ذات جودة، وأن يكون استعمالها آمنا، وتكون متوفرة تحت عدة علامات تجارية وبخصائص متعددة وأثمان تنافسية.
– الحق في الإنصات إليه:
اذا كانت لدى المستهلك مشاكل ذات طابع تعاقدي مع مورّده فما عليه سوى البحث عن شباك المستهلك الأقرب إليه بالاطلاع على لائحة الجمعيات أو إيداع شكايته مباشرة عبر البوابة الإلكترونية للمستهلك.
ملاحظات:
أول ما يلاحظ في التشريع المغربي أنه منح المستهلك نصاً قانونياً خاصاً به، يتطرق للمخاطر المحتملة، التي يمكن أن تحيق به عند استعماله في تسوّقه لوسائل التجارة الإلكترونية. وبذلك فَصَل الخانة الذي ينتمي إليها المستهلك عن باقي خانات الأطراف الأخرى في هذا النوع من التجارة.
كما جَعَل للمستهلك فرصةً للتراجع عن التعاقد المبرم، ولكن في آجال محددة، وتعتبر نوعاً ما قصيرة الأمد، لأن تعاقده يلزم الطرف الآخر بإعداد الطلبية التي عبر عنها المستهلك ومنع بيعها لمستهلك آخر، وبالتالي فالتراجع بعد انقضاء الأجل الذي حدده هذا القانون يمكن أن يُضر بمصالح المُوَرِّد، الذي يبيع السلعة أو الخدمة، وكذلك عندما يتعلق الأمر بالسلع القابلة للتلف كالمواد الغذائية، والبطاريات والأدوية… أو المعرّضة لاستنفاد تواريخها كالمجلاّت… وغيرها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] المملكة المغربية، وزارة الصناعة والتجارة والتكنولوجيا الحديثة، بوابة المستهلك، النصوص التشريعية والتنظيمية.