محاربة الفساد وحماية المال العام أهم واجبات دولة القانون وشرط أساسي لتحقيق التنمية (مغرب التغيير 15 يونيو 2023)

مغرب التغيير 15 يونيو 2023
تعتبر حماية المال العام واسترجاعه من الناهبين ومتابعتهم جنائيا، من أهمّ مرتكزات الإستراتيجية المغربية في محاربة الفساد وتحقيق تنمية المستدامة وتعزيز ترشيد الحياة العامة، وعقلنة تدبير السلطتيْن التشريعية والتنفيذية، وهو ما يسعى إليه الكشرع المغربي لسن منظومة قانونية وإدارية لمراقبة حركة الأموال العامة في البلد باسنثمار أحدث التقنيات المتاحة.
وقد أكد مسؤولون بكل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للحسابات، بأن المغرب حسم مع مسار تطبيق قواعد الحكامة الرشيدة وتكريس مبادئ وقيم الديمقراطية والشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، وذلك خلال أشغال الندوة المشتركة، التي نظمتها المؤسسات الثلاث سالفة الإشارة حول موضوع: “حماية المال العام مقاربات متعددة”.
وأوضح المتدخلون، كل من جهته، بأن محاربة كل أشكال الفساد وتحليق الحياة العامة وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، تعد خيارات إستراتيجية منبثقة من إرادة ملكية سامية، وبأنّ إنجاح جهود حماية المال العام يتطلب إسهام مختلِف الأجهزة المعنية.
السيد مصطفى الإبزار، الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، شدد على أن “هذا الوعي دفع إلى توقيع مذكرة تفاهم بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للحسابات بتاريخ 30 يونيو 2022، بهدف التعاون بين هذه الأطراف للاضطلاع بمهامها في إطار محاربة الفساد في مجال التدبير العمومي وتخليق الحياة العامة”.
السيد حكيم وردي، المستشار بديوان الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، تطرق إلى تقرير تم إنجازه حول فاعلية أقسام الجرائم المالية، مؤكدا “أنه يأتي في إطار السعي نحو تشخيص واقع أقسام الجرائم المالية كشرط ضروري لكل رؤية استشرافية تروم تجويد الأداء والرفع من الفائدة”.
واستطرد المتدخل بأن “التشخيص الملموس لواقع الممارسة على مستوى هذه الأقسام شرط ضروي لرسم أهداف ذات مصداقية تنطلق من معرفة حقيقية جيدة بالإشكالات القانونية والواقعية التي تعيق السياسة الجنائية المرسومة لمكافحة الجرائم المالية، بما يسعف في اقتراح حلول كفيلة بتجاوزها”.
وأضاف بأن أعضاء اللجنة التي أشرفت على إعداد التقرير اعتبروا أن جرد الإشكالات العملية من شأنه أن يسعف في تحديد الحاجيات التكوينية لأقسام الجرائم المالية، التي يمكن أن تسهم في تطوير معارف قضاتها، بما يخدم تحقيق الأمن القضائي من خلال توحيد فهم وتفسير وتطبيق القانون. وأوضح أن التقرير يتضمن فحصا شاملا لأقسام الجرائم المالية على مستوى التحقيق وغرفتي الجنايات الابتدائية والاستئنافية.
للإشارة، فهذه اللجنة هي المعنية بتنفيذ مذكرة التعاون بين كل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للحسابات.
السيدة شريفة لمويير، الباحثة في العلوم السياسية والدستورية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أدلت من جهتها بتصريح لـ”العرب” أوضحت فيه أن هذه المدخلات مرتبطة بإطار عام وإستراتيجية شمولية تسعى إلى تكريس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، ومحاربة الفساد، مع تفعيل المتابعة القضائية في حق كل من ثبتت في حقه تهمة مخالفة إرادة الدولة في هذا الاتجاه، خاصة وأن مسؤولين كُثْراً ارتكبوا مخالفات غير هيّنة في هذا السياق دون أن يخضعوا للمحاسبة أو توقّع عليهم العقوبات المستحَقّة.
في هذا السياق، صرّحت السيدة زينب العدوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، بأنّ هناك إرادة قوية لتخليق الحياة العامة ومكافحة مختلِف أشكال الفساد وأنواعه وتحسين فعالية التصدي للإخلال بواجب الاستقامة والنزاهة في تدبير الشأن العام، وكل ذلك، في إطار تعاون فعال بين المحاكم المالية والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، ولاسيما في مجال المساهمة الفعلية في الحفاظ على المال العام والممتلكات العامة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: https://www.alarab.co.uk