مختلفات
أخر الأخبار

أثمنة المحروقات في ارتفاع مستمر.. وأغلب المواطنين فيما يشبه مالياً قاعات الإنعاش والعناية المركّزة!! (مغرب التغيير – الدار البيضاء 20 غشت 2023)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 20 غشت 2023

وصلت الزيادات في أثمنة المحروقات في المغرب إلى حدود لم يعد يتحمّلها أحد من مختلف فئات المجتمع المغربي، باستثناء فئة المتربّحين، الذين تدخل الأموال إلى حساباتهم المصرفية وخزائنهم الخفية بكل الطرق التي يمكن أن يتصوّرها العقل، حتى الموصوف منها بالسرقة والنهب والتطاول على المال العام… ولا نعتقد أن في هذا الوصف شيئاً من المغالاة، فملفات الفساد التي تناولتها تحرّيات المجالس الجهوية والمجلس الأعلى للحسابات لم تعد وسائل الاتصال والتواصل ومختلف طرق الولوج إلى المعلومات تسمح ببقائها في طي الكتمان.

غير أن الواقع يحكي عن  ضآلة حجم المعروض من تلك الملفات على أنظار المحاكم، بسبب عدم التفعيل الحازم لمبدأ “ربط المسؤولية بالمحاسبة”، وهو مبدأ دستوري لا تنتبه إليه السلطات المختصة، وفي طليعتها مؤسسة النيابة العامة، إلاّ في حالات يكون الجُرْمُ الماليُّ فيها أكبر من أن تغطيه شجيرات الإدارة المغربية المنعوتة بتغلغل الفساد في أوصالها منذ الاستقلال، أو تتحايل على طمسه ألاعيب بعض القيادات الحزبية، التي تَعتبِر سمعة المنتمين إليها أهم من حقوق المواطنين، الذين ينعكس فساد الذمم بسرعة البرق على مقدَّراتهم وقدراتهم الشرائية… تماماً كهذا الذي يقع عندنا بوتيرة لا نظير لها في مختلف بلاد المعمور، على مستوى أثمان البنزين والغازوال وباقي مشتقاتهما.

الصحراء المغربية

من أغرب وأقبح ما تشهده هذه الظاهرة في بلادنا، أنها أطلّت علينا بزيادات بلغ عددها الأربع في أسبوعين اثنين فقط، فأدى ذلك بتحصيل الحاصل إلى زيادات متسارعة وبنفس الوتيرة في كثير من المواد الغذائية، وخاصة الخضر والفواكه، التي تُلحِق أثمنتُها المتنمّرة أيما ضرر بالمعيش اليومي للمواطنين، الذين لا نحتاج إلى التأكيد على أن ثلاثة أرباعهم، أو يزيد، يعيشون كما يقول اللسان المغربي الدارج “على قد الحال”، ولا يتحملون بالتالي مثل هذه الضربات، وقد تظاهرت عليهم هذه السنة بين العيد الأضحى والعطلة الصيفية والدخول المدرسي الوشيك… كان الله في عونهم جميعاً!!

لقد وصل ثمن اللتر الواحد من البنزين إلى 14.95 درهماً، في حين أن متوسطه العالمي لا يتعدى 13.18 درهماً؛ وبلغ سعر اللتر من الغازوال إلى 12.2 درهماً، فهل المغرب مصنف في أعلى قائمة أغنى بلدان العالم حتى يكون ثمن المحروقات لديه أعلى من المعدلات العالمية؟!

الطاقة

الأغرب من هذا أيضاً، أن الحكومة المغربية نسيت تماماً عرفاً ظل معمولاً به في سابق الأحوال، يتمثل في إخضاع أثمنة المحروقات للمراجعة كل خمسة عشر يوماً، فكأنها نفضت يديها من هذه المسؤولية تاركةً المواطن المسكين وجهاً لوجه مع حيتان المحروقات، التي لا يحتاج المرء إلى ذكاءٍ ثاقبٍ ليجد لها علاقة من العلاقات، وبشكل من الأشكال، بالمصالح الخاصة والأنشطة التجارية لكثير من المسؤولين في مختلف مراتب المسؤولية، ولكثير من المنتخبين البرلمانيين والجماعيين، بل ولرئيس الحكومة بقدّه وقديده، وهو الذي تشير إليه أصابع كثيرة، إن لم يكن بتهمة تواطئه مع هذه الحيتان، وكيف لا وهو أحدها بكل المعايير، فعلى الأقل لكونه لا يأخذ هذا الموضوع بما هو أهلٌ له من الجدية والصرامة والحزم، تضميداً لجراح المواطنين الذين تعيش أعداد وفيرة منهم فيما يشبه الإنعاش أو العناية المركّزة، على صعيد أحوالهم الاقتصادية والاجتماعية، ويحتاجون أكثر من أي وقت مضى إلى إخراجهم من عنق زجاجة البنزين والمازوت المغربيين!!

من المحتمل أن ثمن اللتر من هاتين المادتين الحارقتين قد زاد حجمه وارتفعت قيمته بين الدخول في بداية هذا المقال ونهايته، ولا أحد يعلم ما يخبّئه الغد في ظل هذا التعامي الحكومي عن شأن هو في غاية الأولوية والحيوية، أم تراه سيستمر على هذا النحو إلى أن يقع الفأس في الرأس، لنبدأ عندئذ في تقاذف المسؤولية بين هذا الطرف وذاك الآخر؟!

ويبقى الأغرب في كل هذه المعمعة، هي الأحزاب التي أناط بها دستور البلاد مهمة تأطير المواطنين والدفاع عن حقوقهم ومصالحهم، والتي يبدو أنها في سباتٍ شتوي شلّ حركاتها بالكامل، في انتظار الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وساعتئذٍ، “أراك ثاني للفراجة”، وللوعود الكاذبة، والابتسامات الصفراء الفاقعة التي تنزّ نفاقاً ومكراً سَيِّئاً… والأيام بيننا!!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى