إضاءات قانونية
أخر الأخبار

أسس ومبادئ القانون رقم 03-77 المتعلق بالاتصال السمعي البصري بالمغرب (مغرب التغيير – الدار البيضاء 29 غشت 2023)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 29 غشت 2023

يعد القانون رقم 03.77 المتعلق بالاتصال السمعي البصري خطوة متقدمة في المسلسل الهادف إلى وضع الإطار القانوني لتحرير القطاع والذي انطلق مع صدور الظهير الشريف رقم 212 02–1 بتاريخ 31 غشت 2002 المتعلق بإحداث الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري والمرسوم بقانون رقم 663–02–2 بتاريخ 10 شتنبر 2002 الذي يقضي بوضع حد لاحتكار الدولة في مجال البث الإذاعي والتلفزي ويفتح المجال للمبادرة الحرة للاتصال السمعي البصري.

ويندرج هذا القانون في سياق التطورات العميقة التي تشهدها المملكة المغربية تعزيزا للاختيار الديمقراطي الذي التزمت به، وتمتينا لأسس دولة الحق والقانون ولمجال الحريات العامة، في إطار تشييد المشروع المجتمعي الحداثي الديمقراطي الذي يقوده ويرعاه صاحب الجلالة الملك.

ويعتبر إصلاح المجال السمعي البصري الوطني من المكونات الهامة لهذا المنحى الإصلاحي العام، لما له من دور في تكريس قيم الحرية والتعددية والحداثة والانفتاح، واحترام حقوق الإنسان وصيانة كرامته، وتأهيل بلادنا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، وهي القناعة التي عبر عنها صاحب الجلالة في الظهير الشريف المحدث للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، حيث أكد على: «وجوب ضمان الحق في الإعلام كعنصر أساسي لحرية التعبير عن الأفكار والآراء، ولاسيما عن طريق صحافة مستقلة، وبوسائل سمعية بصرية يمكن أن تتأسس ويعبر من خلالها بكامل الحرية، وبواسطة مرفق عام للإذاعة والتلفزة قادر على ضمان تعددية مختلف تيارات الرأي في دائرة احترام القيم الحضارية الأساسية والقوانين الجاري بها العمل في المملكة».

ويستند هذا النص في أهدافه وفلسفته العامة إلى المقتضيات الدستورية المتعلقة بالثوابت الأساسية المتمثلة في الإسلام والوحدة الترابية والملكية الدستورية، كما يعتمد على مبادئ حقوق الإنسان المتعارف عليها عالميا، وإلى الإرادة الملكية الرامية إلى ترسيخ النهج الديمقراطي عبر تكريس التعددية وإرساء دعائم دولة الحق والقانون والمؤسسات وضمان حرية التعبير والرأي في إطار الالتزام والمسؤولية.

وقد عكست الرسالة الملكية الموجهة إلى أسرة الصحافة والإعلام بمناسبة اليوم الوطني للإعلام، 15نونبر2002، هذه المبادئ والقيم، حيث جاء فيها: «وعندما نقول الحرية، فلأنه لا سبيل لنهوض وتطور صحافة جيدة دون ممارسة لحرية التعبير. كما أن التأكيد على ملازمة المسؤولية للحرية مرده إلى اعتبار أنه لا يمكن للإعلام أن يكتسب المصداقية الضرورية، وأن ينهض بالدور المنوط به، ويتبوأ المكانة الجديرة به في حياتنا العامة ما لم تمارس هذه الحرية في نطاق المسؤولية».

ويضع هذا النص الإطار القانوني الذي يحدد القواعد العامة والضوابط الأساسية الرامية إلى هيكلة وتقنين قطاع الاتصال السمعي البصري بغية مواكبة التطورات المتعددة والتحولات السريعة التي يعرفها حقل الاتصال السمعي البصري، فضلا عن تنمية هذا القطاع الحيوي وجعله أداة للتنمية.

وقد تناولت الرسالة الملكية بوضوح هذا المسعى فأكدت: «أن مشهدنا الإعلامي الوطني، لا يمكنه أن يرفع تحديات الألفية الجديدة التي تفرضها عولمة بث البرامج، المعروضة عبر وسائل الإعلام، والتعميم التدريجي للاستفادة من مؤهلات مجتمع المعرفة والاتصال، ما لم تتم إعادة النظر بصفة جذرية في مناهج عمله، وما لم تتوفر له النصوص القانونية، والأدوات والموارد اللازمة»، وأضافت: «إن أملنا لكبير في أن يتمكن مشهدنا الإعلامي الوطني من بلوغ المستوى الخليق ببلادنا، من خلال تضافر جهود ومؤهلات الجميع وإدراك حقيقي لدور الإعلام ومكانته في تنشيط الحياة الديمقراطية الوطنية». وتجسيدا للتعليمات الملكية، يهدف هذا القانون، الذي يعد امتدادا للقوانين المعمول بها في حقل الإعلام والذي اعتمد منهج الحوار والتشاور مع كافة الفاعلين في المجال السمعي البصري:

1- إلى النهوض بممارسة حرية الاتصال السمعي البصري وضمان حرية التعبير الفردية والجماعية والالتزام بأخلاقيات المهنة واحترام حقوق الإنسان بما تحمله من احترام لكرامة الإنسان وللحياة الخاصة للمواطنين، وللتعددية الفكرية ولمبادئ الديمقراطية. المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية وطنيا وجهويا ومحليا في إطار تنافسي يضمن تنوع عروض الخدمات وتعددية الاتجاهات والأفكار والمساهمة الفعالة لكافة المتدخلين في المشهد السمعي البصري في النهوض بهذا القطاع.

2- دعم وتطوير القطاع العمومي للاتصال السمعي البصري ومده بمقومات الجودة والمنافسة للقيام بمهام المرفق العام.

3-  تحفيز وتشجيع الاستثمار الخاص في هذا القطاع وخلق اتصال سمعي بصري وطني منتج.

4- دعم وتطوير الإنتاج السمعي البصري الوطني والاعتماد بالأولوية على الكفاءات البشرية والمؤهلات الوطنية.

5- الحفاظ على التراث الثقافي للأمة في غناه وتنوعه عبر تشجيع الإبداع الفني والعلمي والتكنولوجي وضمان إشعاعه.

6- احترام القوانين والتنظيمات المتعلقة بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة. وسعيا لوضع الأسس الضرورية لتحقيق هذه الأهداف، يوفر هذا التوجه الإصلاحي إمكانيات للتعدد والتنوع عبر إحداث واستغلال شبكات الاتصال السمعي البصري لفائدة فاعلين جدد خواص، في إطار منظم وشفاف يساير الانفتاح الذي يعرفه المجتمع المغربي. كما يتوخى الارتكاز على قطاع سمعي بصري عمومي قوي يتولى، في إطار المصلحة العامة، مهام المرفق العمومي المتمثلة في الاستجابة لحاجيات الإعلام والثقافة والتربية والترفيه من خلال تشجيع ودعم إبداع الإنتاجات المتميزة، وضمان التعبير على الصعيد الجهوي، وتشجيع إعلام القرب، وإبراز قيمة التراث الحضاري والإبداع الفني الوطني، والمساهمة في إشعاعه وطنيا ودوليا، مع الأخذ بعين الاعتبار أولوية الإنتاج الوطني والكفاءات الوطنية العاملة في هذا المجال، مما يستوجب تأهيل وإعادة هيكلة المكونات الحالية لهذا القطاع والتأهيل المستمر لموارده البشرية، بغية الارتقاء بعملها إلى المستوى الأفضل. ويمنح هذا النص للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، في إطار الاختصاصات والصلاحيات الموكولة لها بموجب الظهير الشريف المحدث لها وللسلطات العمومية المختصة، الوسائل اللازمة لتنظيم القطاع ومواكبة تطوره مع الأخذ بعين الاعتبار مختلف الآليات والمساطر والإجراءات الواجب اتباعها والعمل بها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: ديباجة القانون 03.77   الجريدة الرسمية رقم 5288 بتاريخ 23 ذو الحجة 1425 موافق 31 فبراير 2005.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى