Uncategorizedمال و أعمال
أخر الأخبار

المغرب والاتحاد الأوروبي: بين سندان المصلحة الأوروبية ومطرقة التبعية 2/2 (مغرب التغيير – الدار البيضاء 24 شتنبر 2023)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 24 شتنبر 2023

اتفاقية الصيد البحري:
كما سبقت الإشارة إلى ذلك في المقال السابق، فإن اتفاقية الصيد البحري الموقعة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، تعتبر منفصلة عن اتفاقية الشراكة، لكن ونظرا لتزامن دينامية المفاوضات، ونظرا لأن الاتفاقيتين تم توقيعهما في نفس الزمان والمكان، فقد دأب بعض الباحثين والدارسين على الربط بين الاتفاقيتين وجعلهما متلازمتيْن، إلا أن اتفاقية الصيد البحري تعتبر خاصةً بالمغرب فقط، على عكس اتفاقية الشراكة التي تهم جل دول المتوسط.

الجريدة 24

تهدف اتفاقية الصيد البحري إلى تمكين الصيادين الأوروبيين من الصيد في المياه الإقليمية المغربية، ويمكن إعطاء أهم ما جاءت به هذه الاتفاقية باختصار شديد في النقاط التالية :
– تأكيد الاتفاقية على مبدأ الإفراغ الإجباري في الموانئ المغربية، للمواد المصطادة بواسطة الأساطيل الأوروبية ابتداءا من السنة الثانية لتنفيذ الاتفاقية، خاصة بالنسبة للرخويات، ويلتزم الطرف الأوروبي بمنح حوافز مالية للبواخر الأوروبية التي تقوم بإفراغ محتوياتها إجباريا أو طواعية بالموانئ المغربية؛
– تعهد المغرب في هذه الاتفاقية بتحسين البنية الاستقبالية في موانئه وتحديثها؛
– تقرر منح المغرب تمويل مالي بقيمة 355 مليون يورو، تؤدى خلال أربع سنوات بشكل متتالٍ، كما تقرر حصول قطاع الصيد البحري على مساعدة مالية في حدود 121 مليون يورو من أجل إنجاز الالتزامات الميدانية المتعلقة بالمراقبة والتعاون.

كما تضمن الاتفاق مقتضيات تقنية تهدف إلى عقلنة النشاط البحري وخاصة توزيع مجهود الصيد البحري بين مختلف الأصناف. كما سيتم توزيع نشاط الصيد البحري بين المحيط الأطلسي بشكل أكثر تكافؤًا. ومن جهة أخرى، سيتم تحسين استعمال وسائل الصيد البحري وضمان أكبر مرونة لها لتدبير القطاع.
ومن أجل المحافظة على المجال البحري التي تعتبر ضرورة وطنية ودولية، تقتضيها أحكام التعاون، فإنّ الموقع الإستراتيجي للمغرب بالنسبة للبحر المتوسط، جعله يلعب دورا مهما خاصة بتوفره على أغنى مجالات الصيد البحري في العالم، وبالتالي فهو مدعوا للاستغلال المعقلن لتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي. كما أنّ المغرب كان قد صادق على إجراءات مهمة أتى بها قانون البحار لسنة 1982، للمحافظة على الثروات البحرية وصيانتها، ومنها:
– التجميد المؤقت للاستثمارات؛
– إقرار فترات الراحة البيولوجية؛
– التقوية المستمرة للبحث العملي.
بيد أنّ البواخر الأوروبية استنزفت الثروات السمكية المغربية بشكل خطير، وظهر بما لا يترك مجالا للشك أن الدول الأوروبية تبحث عن الربح وتحقيق مصالحها دون الاكثرات للمغرب. وبذلك اتضح الفرق الشاسع بين الخطاب الأوروبي الملفوف بقيم التعاون والتنمية، والممارسة الأوروبية التي تكشف عن الوجه السلبي والاستغلالي في التعامل مع الطرف الأخر ليتضح أكثر أن حقيقة العلاقات الأورومغربية ما هي إلاّ علاقات استغلال اقتصادي واستنزاف للثروات المغربية.
وقد أقدم المغرب على إيقاف اتفاقية الصيد البحري سنة 1999 وامتنع عن تجديدها، رغم ما تعرض له من ضغوط من طرف الأوروبيين وخاصة الإسبان. وذلك لعاملين اثنين :
– الأساليب المدمرة للثروة السمكية التي يستعملها الصيادون الإسبان، مما يهدد المياه الإقليمية بإندثار هذه الثروة.
– الشروط المجحفة بالاقتصاد المغربي، حيث أنّ إيرادات الدولة من إتفاقية الصيد البحري لا يعادل الثروة السمكية التي يستنزفها الصيادون الأوروبيون.
إلا أن المغرب اضطر إلى تجديدها بشروط جديدة حيث لن يسمح لأكثر من 119 باخرة صيد من دخول المياه الإقليمية المغربية وتحدد حصص نسبية سنوية من صيد الأسماك الأطلسية الصغيرة حدد حجمها في 60.000 طن. وتتضمن هذه الاتفاقية مقابلا ماديا على مدى أربع سنوات حدده الاتحاد الأوروبي لفائدة المغرب في ما قيمته 144 مليون يورو، ستخصص حصة كبيرة منها لتمويل تدابير دعم الأسطول المغربي وكذا تطوير وعصرنة قطاع الصيد المستديم بالمياه المغربية. وتمثل هذه المقاربة النوعية في اتفاقيات الاتحاد الأوروبي في مجال الصيد البحري طبقا لما تنص عليه قرارات الإصلاح 2002 المتعلقة بسياسات الاتحاد في مجال الصيد نظرة جديدة تدعو إلى الحث على إبرام علاقات تعاون وطيدة مع شركائها من أجل ضمان صيد مستديم في المياه الإقليمية المغربية.
واستمر المغرب والاتحاد الأوروبي في تجديد هذه الاتفاقية كلما أشرفت على الانتهاء وكان أخر تجديد في في فبراير من سنة 2011 حيث تم ذلك لأربع سنوات قادمة أي إلى غاية 2015، بناءً على نفس الشروط والبروتوكولات التي قامت عليها الاتفاقية السابقة (مارس 2007) ، وكان ذلك في جو من الصراعات السياسية والإعلامية خاصة بعد تحرك الجزائر والبوليساريو للمطالبة بالإلغاء بدعوى أنها غير شرعية ومخالفة للأعراف الدولية لكون بنودها تشمل الشواطئ الصحراوية المتنازع عليها، ورغم كل ذلك تم تجديد الاتفاقية ولكنْ بشروط مجحفة في حق المغرب.
يتضح أن المغرب رغم قلت إمكانياته يسعى جاهداً إلى تنفيذ مضامين الاتفاقية، بينما لا يزال الاتحاد الأوروبي يتعامل، رغم الخطابات والإيهامات، بمنطق ميركنتيلي يهدف من ورائه إلى جعل الاتحاد الأوروبي قطبا ثالثا للاقتصاد العالمي وقوة سياسية كبرى، وإن كان ذلك على حساب دول جنوب المتوسط، وخاصة المغرب، الذي يحاول (الاتحاد الأوروبي) تكريس تبعيته السياسية والاقتصادية بجميع الوسائل.
خطة العمل في إطار سياسة الجوار:
تهدف سياسة الجوار للاتحاد الأوروبي إلى التقريب أكثر فأكثر بينه وبين البلدان المجاورة من أجل المصلحة المشتركة. وصيغت سياسة الجوار بعد اكتمال توسيع الاتحاد في 2004 واستيعابه 10 أعضاء جدد، من أجل تفادي قيام حدود جديدة داخل أوروبا، وهي تدعم الإصلاحات السياسية والاقتصادية الجارية في ستة عشر بلدا مجاورا للاتحاد الأوروبي من أجل تشجيع السلام والاستقرار والازدهار الاقتصادي في كامل المنطقة. وتم تصميمها بشكل يضمن تكثيف التعاون الثنائي، أكثر مما سبق، بين الاتحاد الأوروبي وكل من البلدان المجاورة.
يشارك ستة عشر بلدا في سياسة الجوار الأوروبية، من بينها تسعة شركاء متوسطيين في مسيرة برشلونة الأورومتوسطية وهي: الجزائر، مصر، “إسرائيل”، الأردن، لبنان، المغرب، الأراضي الفلسطينية المحتلة، سورية وتونس. كما تشارك ليبيا بصفة مراقب في اجتماعات سياسة الجوار الأوروبية. وهناك من جهة أخرى ستة بلدان شرقية هي: أرمينيا، أذربيجان، روسيا البيضاء، جورجيا، مولدوفا وأوكرانيا.
وتشجع سياسة الجوار الأوروبية مبادئ رائدة مثل “التملك المشترك” كما أطلقت آلية مستحدثة للتمويل وهي الآلية الأوروبية للحوار والشراكة في يناير 2007.
لكن سياسة الجوار الأوروبية لا تعني توسيع الاتحاد ولا تمنح البلدان المشاركة إمكانية العضوية. فهي تهدف إلى تشجيع الحكم الرشيد والنمو الاجتماعي في بلدان الجوار من خلال:
– توثيق العلاقات السياسية؛
– الاندماج الاقتصادي الجزئي؛
– توفير الدعم من أجل الاستجابة لشروط المواصفات الأوروبية؛
– مواكبة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية.
ويرى الاتحاد الأوروبي في سياسة الجوار الأوروبية سبيلا للبناء “انطلاقا من الالتزام المشترك والقيم المشتركة، كالديمقراطيا، وحقوق الإنسان، وسلطة القانون، والحكامة الرشيدة، ومبادئ اقتصاد السوق والتنمية المستدامة”. ويرتبط مستوى العلاقات بمدى الالتزام بهذه القيم.
وتغطي مفاوضات سياسة الجوار الأوروبية أربعة مجالات:
– تعزيز سلطة القانون، الديمقراطيا واحترام حقوق الإنسان؛
– تشجيع الإصلاحات الهادفة إلى تعزيز اقتصاد السوق؛
– تشجيع التشغيل والانسجام الاجتماعي؛
– التعاون من أجل تحقيق الأهداف الأساسية للسياسة الخارجية مثل مكافحة الإرهاب وحظر انتشار أسلحة الدمار الشامل.

وبالنسبة للمغرب فقد قدم الملك محمد السادس خلال سنة 2000 مبادرة بشأن العلاقات الأورومغربية، تهدف إلى إعطاء المغرب وضعا متقدماً يكون أكثر من الشراكة وأقل من العضوية في الاتحاد الأوروبي.
وخلال الدورة الثالثة لمجلس الشراكة بينهما تم الإتفاق على تكوين سبع لجان اتفاقية فرعية تهم مجالات جديدة مرتبطة بخلق تقارب مع البنية التشريعية الأوروبية وتطوير التعاون الاقتصادي وتعزيز الحوار السياسي، ويتعلق الأمر بما يلي : – الفلاحة والصيد البحري؛

– الصناعة والتجارة والخدمات؛

– النقل والطاقة والبيئة؛

– السوق الداخلي؛

– حقوق الإنسان والدمقرطة والحكامة.
وعلى هذا الأساس، يعمل المغرب والاتحاد الأوروبي على إعداد مخطط عمل يتوفر على الآليات الملائمة لتنفيذه خاصة وأن سياسة الجوار لأوروبا الموسعة تتجاوب مع الاقتراح المغربي.
ويعتبر المغرب أكبر دول الجنوب استفادة من سياسة الجوار حيث حصل سنة 2010، على 1 مليار و 800 مليون درهم لدعم البرامج الهامة لصالح المواطنين المغاربة، وكذا التوقيع على برنامج جديد بينه وبين الاتحاد الأوروبي في يوليوز الماضي 2010 لفترة 2011 / 2013 حيث وصل الدعم المالي الأوروبي إلى أكثر من 2 مليار درهم سنويا، مع التركيز على التعاون في مجال سياسات الإصلاح ذات الأولوية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى