هل تستأنف المحاكم المغربية مباشرة ملفات الفساد بعد تمطيط يكاد يكون مؤبَّداً؟! (مغرب التغيير – الدار البيضاء 27 دجنبر 2023)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 27 دجنبر 2023
منذ انتهاء العطلة القضائية التي أصابت محاكم المملكة بالجمود خلال أواسط الصيف المنصرم، تحركت طاحونة القضاء من جديد، في وقت يترقب الجميع فيه ما ستنتهي إليه السلطة القضائية في مناولتها لملفات الفساد الثقيلة التي تم عرضُها على أنظارها طوال شهور السنة الموشكة على الرحيل.
ومن نافلة القول، التأكيد على أن المغاربة ومعهم الهيئات والفعاليات المعنية بمحاربة الفساد، قد ضاقوا ذرعاً بالتلكؤ الذي ما فتئ يطبع المعالجة الموسمية لهذه الملفات، وهي المعالجة التي يُفتَرَض أن تكون يوميةً وعلى قدمٍ وساق، حتى يتسنى إحراز حد معقول من الفعالية على مستوى مكافحة فساد بات مصدر تهديد حقيقي للأوراش التنموية، التي التزم المغرب بالذهاب بها إلى أبعد الآفاق، وخاصة بعد أن صار محطّ أنظار العالم قاطبة، وهو مقبل على تنظيم نهائيات كأس إفريقيا للأمم في كرة القدم برسم سنة 2025، ونهائيات كأس العالم في نفس اللعبة برسم دورة 2030 بالتشارك والتعاون مع إسبانيا والبرتغال.

جريدة هسبريس الإلكترونية، وضعت يدها على معطيات تفيد بأن فعاليات حقوقية معنية بمكافحة الفساد ومحاربته تستعد في الأسابيع المقبلة لتقديم ملفات فساد جديدة إلى القضاء، مؤكدة مواصلة معركتها ضد هذه الظاهرة المخيفة.
رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، انتقد من جهته التأخر الذي يطبع عمل المحاكم في إنجاز الأبحاث والتحقيقات الضرورية وإصدار القرارات في قضايا والملفات المعروضة عليها في هذا الباب، مشددا على أهمية دور القضاء في هذه العملية.
وسجل الغلوسي، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن منسوب الثقة لدى المغاربة ينهار باستمرار، معتبرا أن فتح ورش مكافحة الفساد على مستويات عدة يمثل أحد مداخل بناء الثقة وإعادة الأمل في بناء المستقبل.
وأضاف أن الناس ينتظرون من القضاء أن يقوم بدوره اليوم، لأن الفساد بلغ مستويات غير مقبولة، والجميع يُقر بأنه يشكل خطورة حقيقية على البرامج والسياسات العمومية الموجهة إلى التنمية، مبرزا أن كلفة الفساد جدّ باهظة، حيث أنها تلتهم ما يناهز 5% من الناتج الداخلي الخام، ونحو 5 مليار دولار سنويا في الصفقات العمومية فقط، علماً بأن الرهان، اليوم، منصبٌّ على الاستثمار لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
وأورد الغلوسي أن التحديات التي تواجه المغرب على المستوى الخارجي، والمحيط المضطرب إفريقياً، يدفعانه إلى تدشين إصلاحات دستورية وسياسية واقتصادية واجتماعية ومؤسساتية من أجل التوجه إلى المستقبل، لافتا الانتباه إلى أن دور القضاء في مكافحة الفساد ينبغي أن يتجلى ويندرج في إطار هذه الإصلاحات بالذات.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن الجميع ينتظر قرارات السلطة القضائية في هذا المجال، حيث أن هناك ملفات تقبع الآن، ومنذ زمن غير يسير، في مرحلة البحث التمهيدي، التي تستغرق بدورها مدة طويلة، كما أن هناك ملفات أمام المحكمة استغرقت وقتا طويلا، وأخرى صدرت فيها أحكام ضعيفة وهشة لا تتناسب وخطورة جرائم الفساد المالي المضمنة فيها.
وأكد الغلوسي أن الجمعية المغربية لحماية المال العام تتطلع إلى أن يتخذ القضاء قرارات أكثر شجاعة وجرأة في التصدّي لعدد من الملفات، من قبيل ملف رئيس المجلس الإقليمي لوزان، الذي استغرق أربع سنوات لدى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وملف رئيس التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية…
وأشار الفاعل الحقوقي ذاته إلى أن قضية كازينو السعدي بمراكش التي استغرق فيها البحث والتحقيق والمحاكمة ما يفوق 15 سنة، لم تزل معروضة على محكمة النقض منذ 3 سنوات ولم يصدر فيها أي قرار إلى حدود الساعة، زيادة على ملف المركب الرياضي محمد الخامس بالدار البيضاء، حيث أن أموالا عمومية تم هدرها وبددت تحت غطاء الإصلاحات، وإعادة الإصلاحات من جديد، وملف جماعة بني ملال الذي استغرق البحث فيه 4 سنوات ولم ينته إلى حدود اليوم.
ودعا الغلوسي إلى الإسراع بإصدار القرارات المناسبة في ملف رئيس المجلس الإقليمي للصويرة، وملف تبديد العقار العمومي بمراكش تحت ذريعة الاستثمار في عهد الوالي السابق، وملف الجامعة الملكية للشطرنج الذي صدر فيه حكم بستة أشهر حبسا موقوف التنفيذ رغم أن تبديد الأموال ثابت ووارد بالنص الصريح في تعليل المحكمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: هسبريس (بتصرف) .