
مغرب التغيير – الدار البيضاء 7 يناير 2024 م.ع.و.
سبق مواقع كثيرة للتواصل الاجتماعي أن نشرت صوراً لا يتعدى تعدادها العشرين، يظهر في كل منها جندي أو ضابط إسرائيلي جريح أو معطوب.. مع تعليقات تتغنى بملحمة النصر الفلسطيني الوشيك!!! والحال أن مثل تلك الصور لا تعدو أن تكون جانباً من الحرب الإعلامية، التي يُبدِع فيها قادة حماس للتغطية على فشلهم في حماية بسطاء الشعب الفلسطيني، الذين كانوا وما زالوا يشكّلون حطب المعارك الدائرة من جانب واحد، هو الجانب الإسرائيلي، بينما حماس ومقاتلوها وفصائلها المختلفة تكتفي بردود فعل نوعية لا ترقى من حيث الكمّ إلى جهنمية ضربات العدو الإسرائيلي الغاشم المُبيدة!!!

عشرات من قتلى وجرحى إسرائيل، في مقابل حوالي خمسة وعشرين ألفا من القتلى الفلسطينيين العُزّل، وأكثر من مائة ألف بين الجرحى والمعطوبين فضلا عن أكثر من مليون نفر من المُهَجَّرين قسراً، وعن المفقودين تحت أنقاض حاضرةٍ لم يبق حاضراً منها إلا الخراب… فحتى الظلال هربت منها لأن عالِيَها تحوّل بفعل الضرب إلى سافلِها… فمِن أين ستأتي الظلال؟!
هؤلاء الجرحى والمعطوبون الإسرائيليون إذَن، والذين تُقدمهم تلك المواقع مرفوقين بشعارات وأناشيد ملحمية، تبقى مجرد شجرة ليس في وسعها أن تغطي غابة من المآسي والفواجع!!!
هؤلاء المصابون الإسرائيليون، أيضاًا، لا يَزِنون شيئا يستحق هذا الفخر الكاذب، بالمقارنة مع أرواح تعد بالآلاف المؤلَّفة من نساء وأطفال وعجزة الشعب الفلسطيني، وأفراده من ذوي الحاجات الخاصة وما أكثرهم، وعشرات الآلاف من الجرحى والمعطوبين.. بسبب سوء تدبير قيادات حماس.. الذين منحوا لإسرائيل المبرر الكافي والمأمول، الذي كانت تحتاج إليه وتبحث عنه لتبدأ مشروع الإبادة في حق بسطاء لم يكونوا يطمحون سوى إلى العيش في سلام رغم كل الممارسات الصهيونية التي استمرت تقصم ظهورهم طيلة ما يزيد على السبعة عقود!!!
وحتى تلك الصفقة التي عقدتها حماس مع إسرائيل، والتي تتمثل في إقرار هدنة لا يزيد مظروفها الزمني على بضعة أيام، وإطلاق سراح 50 رهينة إسرائيلي مقابل 1500 من مقاتلي حماس المعتقلين… فقد كانت صفقة خاسرة بكل المقاييس، لأنها لا تخدم سوى تنظيم حماس وحده فضلاً عن الكيان الصهيوني.. بينما الثمن الحقيقي دفعه ولا يزال يدفعه الشعب الفلسطيني البسيط الذي عانى من بَغْيِ حماس نفسها، قبل أن تدفع به هذه الأخيرة إلى جهنمِ جيوشِ العدو!!!

الظاهر أن الناس قد نسوا أن هذا التنظيم صنعته إسرائيل وأمريكا بتمويل قطري لضرب منظمة فتح وياسر عرفات أيام كانت فتح مناضلةً بالفعل.. وهاهي قياداتُها هي نفسُها قد أصبحت هي الأخرى هجينة، واغتنت بأموال المساعدات حتى صارت مضرب الأمثال في الفساد!! ولِمن يسأل عن الدليل الملموس، فالنموذج الفاضح لهذه الظاهرة المؤسفة والمُبكية، يوجد في بيت وأسرة محمود عباس أبو مازن نفسه، وولده المتاجر في الممنوعات.. والمتربع مع أبيه على ملايير من الدولارات.. وكذلك إسماعيل هنية وخالد مشعل من قيادة حماس!!!
نهايته… إن هذه الصور لا تُشفي الغليل إزاء ما وقع ويقع وسيقع لبسطاء الشعب الفلسطيني، خاصة وأن هدنة الأيام القليلة لم يلبث أن استُؤنف القصف والتدمير والتقتيل بمجرد انقضائها بدقائق، وربما وقع ذلك حتى قُبَيْل انقضائها، وكان الضرب مرة أخرى في اتجاه بسطاء الشعب الفلسطيني تحت ذريعة اجتثاث حماس من جذورها، وهو الأمل الكاذب الذي لن تحققه إسرائيل ما دامت ستعيد لحماس أسراها من المقاتلين في كل مرة، ومادام هؤلاء سيلتحقون بمجرد إطلاق سراحهم بإخوانهم في الأنفاق، تاركين المدنيين العُزّل في العراء مرة أخرى، وكما في كل مرة، تحت رحمة آليات جهنمية يقودها شياطين لم تدخل قواميسَهم أيُّ كلمة تحمل دلالات الرحمة!!!
هي إذن صفقة خاسرة استعادت فيها حماس بعضا من مقاتليها مقابل إقرار ضمني لإسرائيل بالحق في استئناف ضربها المميت لساكنة غزة المحتضرة!!!