اتحاد المغرب العربي … للعقلاء فقط!!! (مغرب التغيير – الدار البيضاء 24 أبريل 2024)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 24 أبريل 2024 م.ع.و.
الآراء والمواقف المعبَّر عنها في هذا الباب لا تُلزِم هذه الرقمية
جرت العادة عند الناس العقلاء، المَنطقيين، والعارفين بأصول العيش المشترَك مع الآخر مهما اختلف عنهم او اختلفوا عنه في أي مقدمة من المقدمات، أو في أي موقف من المواقف، أنهم حين يرون بوادر النجاح والسداد في ذلك الآخر، وحتى حينما يلمسون لديه تفوُّقاً يجعله يتخطّاهم مكانةً ومنزِلةً، فإنهم يتخذون ذلك ذريعة للاقتداء به في نجاحاته، أو على الأقلّ، لتثمين أعماله ووضعها في مكانها اللائق، في إطار من النقد البناء، الذي يُحفّز ذلك الآخر على المُضيّ قُدُماً نحو آفاق أوسع وأكثر إشراقاً، ويُحفّز الذات أيضاً، على النّسْجِ على مِنوال مَنهاج ذلك الناجح في التخمين والتخطيط والبرمجة والتنفيذ، مادام ذلك مِلْكاً فكرياً إنسانياً مُشاعاً لا يحق لأحد أن يحتكره أو يَضِنّ به على غيره… وفي ذلك فليتنافس المتنافسون على تحسين الأداء، وتجويد الإنتاج، وتطوير المردودية والرفع منها، مهما كان نوع العمل المرادُ تخمينُه والتخطيطُ له وتنفيذُه…

هذا عند الناس العقلاء، الذين يبقى المجال لديهم، وفيما حولَهم، مفتوحاً على مصراعيْه للمزيد من التنافس الهادف إلى التحسين والتغيير والتطوير.
بَيْد أنّه من سخرية القدر، أن يوجد بجوارنا أناسٌ خانتهم صفةُ العقلاء، إما لنقص بِنْيَويّ في تكوينهم العقلي أو النفسي، أو في تركيبتهم السلوكية والأخلاقية، تجعلهم لا يُحسنون صُنعاً في ايّ مجال من مجالات الحياة الخاصة أو العامة، ولذلك نراهم يسارعون إلى تبخيس إنجازات غيرهم من المُجيدين في محيطهم المباشر أو غير المباشر، وخاصة في دائرتهم الإقليمية المحدودة، وينطلقون في انماطِ سلوكٍ مَرَضيةٍ بكل المعايير، ليس لأنهم وجدوا ما يُبرر تطاولهم ذاك على الناجحين بالنقد غير المفهوم وغير المبرَّر، وإنما على الخصوص، لعجزهم البنيوي والمُقيم عن تقديم أي عمل ذي منفعة، ولذلك ينقلبون إلى ما يشبه طيورَ البُوم التي لا تظهر إلاّ في أجنحة الظلام، ولا تنعق إلاّ بالشؤم احتفاءً بالدَّمار والبَوار!!!
مناسبة الحديث عن هذه المفارقة ذات النزعة الانكشارية، أننا بعد كل الجهد المتواضع، الطويل والمضني، الذي خطّط له ذات فترة من فترات سنتي 1988 و1989ومهّد لترتيبه وتنفيذه بكل عناية، قادة كانوا يؤمنون بكيان اسمه “المغرب الكبير”، فأسسوا له تحت مسمى “اتحاد دول المغرب العربي”، وهو اسم قابل للمناقشة والمراجعة لإغفاله العنصر الأمازيغي والزنجي والأندلسي في التركيبة المغاربية… أقول، بعد كل ذلك الجهد البنائي المشهود والمشكور، تخرج علينا الجارة الشرقية، التي حشرنا قدَرُنا معها في الجوار، كعادتها، بتقليعة جديدة فاشلة، وميّتة في مهدها، “لتحالف ثلاثي” لا يستقيم وصفه بأي نمط من أنماط الوحدة والاتحاد، لا لشيء سوى لرغبتها في عزل المغرب عن امتداده العربي والإفريقي، كردة فعل غير محسوبة العواقب على الإخفاقات المتوالية للسياسة والدبلوماسيا لدى تلك الجارة/العاقّ، دون ان ينتبه رئيسها المسطول بأنه في ذلك يتمسك بكيانين غريقين لا يقلاّن تردّياً عن دولته، هما تونس قيس سعيّد الخارجة عن دائرة المشروعية، و”نصف ليبيا” المتناحرة مع ذاتها… والأغرب من كل ذلك، أن رئيس البلد الجار يقول ويردد بكل غباء إنّ محاولته ليست سوى بديل للاتحاد المغاربي المجمّد والمشلول، وإن مشروعه يظل مفتوحاً في وجه الجميع، في إشارة في منتهى البلادة إلى موريتانيا والمغرب… فكيف يتصور هذا المعتوه أن اتحاد المغرب العربي يمكن أن ينبعث من سُباته بهذه الطريقة الفجة والمضحكة/المبكية، وهو ونظامه المسؤولان الأوّلان بل الوحيدان عما أصاب الاتحاد المغاربي من النكوصٍ والانزواء؟!!

لقد أبَى القدر الساخر إذَنْ، إلاّ إن يَظهر من بين ثنايا الحَدَثِ نَكِراتٌ شكّلت لديها فعاليتُها المنعدمةُ عُقدةً لم تلبث أن وجدت متنفَّساً لها في هذه المناسبة بالذات، فَطَفِقَتْ تُرسل سهامَ هُراء سياسي طائشة لم تُصب أهدافها، وما كان لها أن تُصيبَ أيَّ هدف لأنها انطلقت من إرادة مرَضية عمياء لا ترى ولا تدرك سوى فشلِها في ماضي الأيام، عندما كانت الأمور أقلَّ سوءاً ولكنها عجزت عن الفعل فلم تفعل خيراً يُذكر… ولذلك أخرج رئيسها لسانه الطويل يُخبِط به “خبطَ عشواءَ من يُصِبْ تُدْمِيهِ.. ومَن يُخْطِئْ لا يملِك له سوى السخرية والاستهجان”… (مع الاعتذار للشاعر الحكيم “زهير بن أبي سلمى” في حديثه عن “المنايا”)… وهل أمثال هذا السلوك المريض إلا منايا تصيب مشاريع الوحدة والتكتّل في مقتل، في ظل مناسبات كان من الأجدر بنا جميعاً أن نجعلها عناوينَ للفرح والبهجة، وأن نُسهِمَ جميعاً في تكريس منافعها، أو أن نَتراجعَ ونَصْمُت لأن الصمت والحالة هذه منتهى الحكمة!!!
نهايتُه… لا يملك المرء إزاء هذه العيّنات إلاّ أن يدعو لها بالشفاء لأن ما أصابها من جرّاء عُقَدِ الغيرة والحِقد والحسد أمام نجاحاتنا الباهرة يحتاج فعلاً للكثير من الجهد العقلي والنفسي، وربما البدني أيضاً… وعسى الله أن يَكْفِيَها ويَكْفِيَنا جميعاً شَرَّ ضغينةٍ نحن في غِنًى عنها والأهلُ والأوطان!!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدر صورة الواجهة: Radio M