كيف سيكون حالنا لو غاب عنا السي عبد المجيد؟! (مغرب التغيير – الدار البيضاء 16 مايو 2024)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 16 مايو 2024 م.ع.و.
الآراء والمواقف المعبَّر عنها في هذا الباب لا تُلزِمُ هذه الرقمية
في الواقع، ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في جارتنا الشرقية، وعلى سبيل التفكُّه، صار من الصعب على المواطن المغربي أن يتصور أيامه بلا تلك التصبيحة الطريفة والباسمة، التي تُشَكِّل آخر تقليعات السي عبد المجيد تبون، بما تحمله معها كل يوم من المواقف الساخرة، ليس لأن الرجل يتمتع بدم خفيف يجعله ينشر الفكاهة والانشراح من حوله، وإنما لأنه “عسري” بكل دلالات الكلمة، بحيث لا يتحرك أو يتململ يميناً أو يساراً إلا وقد أحدث حوله ضوضاء من جراء ما يقع كسره وهدمه وتطويحه… تماما كما يفعل أيُّ فيل غاضب أو مُعَربد عندما يجد نفسه في متجر لأواني الخزف والزجاج!!!

مناسبة البوح بهذا الكلام الساخر أنّ السي عبد المجيد خرج علينا في آخر كلمة له، ألقاها في مقر وزارة الدفاع هناك، بتصريحات راقصة كعادته، أثبت فيها، بما لا يدع ادنى مجال للشك، بأنه لا يملك زمام نفسه، ولا زمام لسانه، فبالأحرى أن يمسك بأزمة الحكم في جمهوريته العسكرية، وأثبت بأنه بالكاد يعي بعض ما يصدر عنه من الكلام و”غيره”!!!
جاء هذا بعد سويعات فقط من قولته التي صارت أشهر من نارٍ على علَم، بكونه يمسك حجراً يُخفيه تحت مكتبه، وبأنه “مستعد لأن يصعق به كل من يخرج عن الصف”… تصوروا معي رئيس دولة “كيضرب بالحجر”… والرائع أنه قالها بعظمة لسانه!!!
في لقائه الضيق ذاك، بجنرالات جمهوريته وضباطها الكبار، قال إنه لن يقترض من المؤسسات المالية الدولية والعالمية، لأن الاقتراض شيء مُخْزٍ ومُهين، مُومِئاً إلى جاره المغربي بهذه الغمزة الكلامية، ولأنه إذا اقترض كما قال، فلن يستطيع بعد ذلك أن يدافع عن القضية الفلسطينية، وعن عصابات البوليساريو، ولا عن القضايا العادلة في العالم!!!
والحال أنّ هذا الهذيان لا يمت بأي صلة للواقع، لأن الواقع يقول إنه لا يدافع عن البوليساريو وإنما يدفع بفلولهم إلى الانتحار في المنطقة العازلة تحت ضربات “الدرونات” المغربية، أما القضية الفلسطنية فوفده المعتمَد لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة لم يصوت لصالح التوصية الأممية التي تقضي بضم دولة فلسطين كعضو كامل العضوية في المنتظم الدولي، حيث أنّ هذه التوصية التي وجهتها الجمعية العامة لمجلس الأمن بأغلبية 143 صوت، لم يكن من بين المصوتين لها أيُّ رهط من الوفد الجزائري، وهذا أفظع تكذيب للادعاءات التبونية بالامتناع عن الاستدانة من أجل الاستمرار في نصرة القضية الفلسطينية… فالرجل يتبجّح من هنا، ووفده الرسمي في الجمعية العامة يكذّبه من هناك!! والأنكى من كل هذا والأمَرّ، أن الجزائر مدينة للمؤسسات المالية، بحسب تقارير هذه الأخيرة، بأكثر من 109 مليار دولار، وهو ما يزيد عن مقدار المديونية المغربية التي يغمز بها في تصريحاته بين الحين والآخر بنحو عشرة في المائة على أقل تقدير!!!
بالله عليكم، أليس أمراً صعباً أن نقضي أيامنا بدون السي عبد المجيد، الله يخليه لينا، الذي شكّل مَبعثَ تَفَكُّهٍ يومي صِرنا مدمنين عليه بكل معنى الكلمة؟!
في تلك الكلمة أيضاً، قال السي عبد المجيد إنه يتعهد بعدم التخلي عن “الشعب الصحراوي”، بينما حقيقة لسان حاله تقول إنه لن يحرم جنرالات نظامه الكسيح من التربّح على حساب مقدرات الشعب الجزائري تحت يافطة الدفاع عن الشعب الصحراوي. ذلك أنّ لصوص البوليساريو عند السي عبد المجيد، أهم وأغلى من آلاف الطوابير التي ينتظم فيها الجزائريون المساكين في كل بقاع الدولة الجارة، فجراً، وضُحىً، وفي عز القيلولة من أجل الظفر بعلبة حليب مجفف، أو من أجل كيس سميد أو عدس أو فاصوليا… بينما سِقْطُ مَتاع عصابات البوليساريو يُتاجرون في السيارات الفاخرة، ورباعية الدفع، وفي المواد الغذائية ذاتها، والتي تنتظم لأجل الظفر بشيء يسرٍ منها الطوابيرُ سالفةُ الإشارة… وسِقْطُ مَتاعِهم أيضاً يسكنون أفخم الفنادق في كبريات العواصم العالمية بالبترودولار الجزائري!!!
في الكلمة ذاتها، وككل المرّات السابقة، تعهد السي عبد المجيد بأن يجعل لجزائره الجديدة في غضون السنوات الخمس القادمة أعلى معدل للنمو الاقتصادي في شمال إفريقيا، قاصداً هنا المغرب على الخصوص، وفي القارة السمراء بالكامل، بل وفي العالم أسوةً بالصين وروسيا والهند… بينما واقع الحال يقول إن أعلى نسبة تضخم في العالم هي التي تشهدها، بالذات، جزائر تبون الجديدة، بدليل السقوط المدوّي والقياسي لقيمة الدينار الجزائري، الذي لم يعد يقبل أن يلمسه أحد في كل أسواق العالم، المتقدم منه والثاني والثالث.. وحتى في البلدان الأكثر تخلفا في المعمور!!!
بربكم، بعد كل هذه المَفاخر، كيف سيتسنى لنا أن نعيش في هذا الزمن الرديء والمتقلب والمنذر بكل المخاطر والويلات، لولا هذه القفشات الساخرة، التي يُتحفنا بها السي عبد المجيد… أدام الله إطلالاتِه علينا بين كل يوم وآخر؟!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدر صورة الواجهة: aldar.ma