مرة اخرى: كرة القدم ونهائيات 2025 الإفريقية و2030 العالمية!! (مغرب التغيير – الدار البيضاء 8 يونيو 2024)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 8 يونيو 2024 ع.ح.ي.
الآراء والمواقف المعبَّر عنها في هذا الباب لا تُلزِم هذه الجريدة
بدايةً، ليس هذا الكلام إلاّ إلحاقاً بمقال الأمس، المتطرق للاستعدادات المغربية، القائمة على قدم وساق، لاحتضان التظاهرتين الإفريقية والعالمية المشار إليهما في العنوان أعلاه، ولكن أيضاً، لتأمين تمثيل يليق بالفريق الوطني المغربي، الرابع عالميا برسم مونديال قطر 2022، والذي ينبغي أن لا تصبح مكانته العالمية هذه بالذات شؤماً عليه، وخاصة على الصعيد الإفريقي، الذي لم يفرح فيه المغرب بأي تتويج منذ سنة 76 من القرن الماضي، التي صارت إعادةُ بعثِها على امتداد كل الدورات النهائية الإفريقية، الماضية، بمثابة حلم صعب، حتى لا نقول مستحيل التحقيق!
الأمر وما فيه، أننا قبل يومين واجهنا المنتخب الوطني الزامبي، المتواضع بالقياس مع منتخبنا، من جميع الجوانب بلا استثناء، بما فيها الجانب البدني والسِّجالي، أما الجانب التقني فنحن الأفضل بلا أدنى مغالاة… فكانت النتيجة انتصاراً صغيراً، بطعم التعادل أو الهزيمة، بهدفين لواحد.
بيد أنّ المرفوض في هذه النتيجة أنها جاءت بعد شوط أوّل جد باهت لم يقدم فريقُنا فيه شيئا باستثناء الهجمة المفاجئة والتي أثمرت ضربةَ جزاء تحوّلت إلى هدفٍ أوّل، حتى أننا، ولا ريب أن المتتبعين كانوا على نفس الذبذبة من الاستياء، بدأنا نتساءل هل منتخبنا متشكِّل فعلا من نفس جوقة قطر 2022؟ ومن نفس المايسترو؟ الذي أدخل على قاموسنا اللغوي الرياضي كلمات جديدة مثل “سير سير”، و”دير النية”، و”راس لافوكا”، و:التيكيتاكا”… واصطلاحات أخرى تضافرت كلها لأجل إثارة المرح وبعث الفرحة في نفوس كل المغاربة، بل كل العرب والأفارقة، بتحصيل حاصل بقائنا وحدنا في تسلّقنا إلى أعلى باتجاه المربع الذهبي العالمي… قبل سنتين، هناك في قطر.
هل كنا قبل يومين فعلاً أمام نفس الفريق ونفس الناخب والمدرب، وخاصة في الشوط الأول من المباراة؟ لا أعتقد ذلك شخصياً!وكما كنا جميعا ننتظر من الناخب والمدرب الوطني، أقدم هذا الأخير، رغم تردده غيرِ المبرّر وغيرِ المفهوم طوال الشوط الأول، على تغيير لاعبَيْن عالميَيْن من الطراز الراقي، لولا أنهما كانا معاً باهتَيْن ومتثاقلَيْن وغيرَ دقيقيْن في لمساتهما وتحركاتهما طوال ذلك الشوط الأول، وهما “يوسف النصيري” و”حكيم زياش”. ومن عجيب الصدف أنهما اللذان كانا وراء الهدف اليتيم المسجل في ذلك الشوط، حيث سقط أولهُما في مربع عمليات الخصم فاستحق ضربة جزاء، والثاني نفذها ببراعته المعهودة… وعدا ذلك، لم يقدما شيئا يستحق الإشارة… وإلى هنا والأمر عادٍ وطبيعيّ ولا غبار عليه.

غير أن الذي أثار الاستغراب لدينا جميعا، كجمهور ومتتبعين ومحللين، أن اللاعبَيْن المذكورَيْن معا صدرت عنهما، معاً أيضاً، حركات غير رياضية ولا أخلاقية إزاء نفسيْهما أولاً، لأنهما يتمتعان بسمعة عالمية تفرض عليهما حداً أدنى من اللياقة ومن الاتّزان، ثم إزاء المدرب الوطني ثانياً، والذي يُفترَض فيهما بمقتضى نفس السمعة والباع العالميين أن يمتثلا لقراره بلا أدنى حركة زائدة عن اللزوم، فبالأحرى أن ينخرطا معاً، كلٌّ بطريقته الخاصة، في تشنّجات مثيرة للدهشة والسخرية والاستهجان لدى كل مَن شاهدهما على ذي الحال، داخل الملعب وداخل الوطن وخارجه، وبالتالي، وهذا هو الجانب الثالث، داخل وسطهما الرياضي الذي ينتميان إليه في كل من إسبانيا بالنسبة للنصيري، وتركيا بالنسبة لزياش، والذي لا شك أنهما نالا فيه ، وفي كل المستويات الأخرى المذكورة، ما يستحقانه من المؤاخذة والانتقاد الجارحيْن، لأن مرتبتهما العالمية تُلزمهما بالترفع عن مثل تلك الحركات الطائشة وغير المسؤولة!
لا شك أن القارئ أدرك لتوّه أن هذه الظاهرة السلوكية غير السليمة لدى اللاعبين السالف ذكرهما هي بيت قصيد هذه المقالة، غير أنّ ما وقع بعد مغادرتهما الصاخبة له أهميته أيضاً في تلك المباراة، إذ أن أداء المنتخب المغربي تحسن نسبياً بدخول لاعبين آخرين كانوا ينتظرون دورهم بفارغ الصبر على مدى مباريات كثيرة سابقة، وكلهم يتمتع بذات السمعة والمنزلة العالميتين المشهودتين، بلا حاجة إلى ذكر الأسماء حتى لا نغبِن أحداً منهم حقَّه وهم وَفْرَة.

وبالرغم من تسجيل هدف وحيد، يتيم هو الآخر، في الشوط الثاني، فقد بدا أن المدرب كان عليه في كل الأحوال أن يُجري تغييراته ليس بعد الشوط الأول أو أثناءه، بل حتّى قبل بدء المباراة أصلاً، عن طريق منح هؤلاء البدائل فرصة الإفصاح عن مواهبهم منذ البداية، مع تَرْك الأساسيين المعتادين في دكة الاحتياط، مادامت مستويات الأداء التقني جد مرتفعة لدى عموم اللاعبين بلا أدنى استثناء أو إقصاء، وربما كان النصيري وزياش سيقدمان أداءً أفضل لو أنهما احتفظا بطراوتهما إلى الشوط الثاني أو العشرين دقيقة الأخيرة من عمر المباراة، و”هنا طاح الريال” بالنسبة للمدرب وليد الركراكي، الذي يبدو أنه هو الآخر مازال سجين دورة قطر 2022, ومازال يرتعد خوفاً من ضياع السمعة التي أثمرت لديه في تلك الدورة، ولذلك نجده هو الآخر عاضّاً بالنواجد على نفس الأسماء، رغم عيائها ولو مؤقتاً بسبب البطولات الأوروبية التي خرجوا منها لتوّهم، إلى درجة جعلت بعض تلك الأسماء تتنمّر بمجرد مناداته عليها لتغادر رقعة الملعب بقصد الاستبدال، ممارِساً بذلك سلطته التقنية وحقه الوطني المشروع بكل المعايير وغير القابل في إبانه لأيّ نقاش!!!
نعم، لقد أليفنا أنفسنا، بالفعل، أمام مدرب جعله ذلك التوجّس من فقدان سمعته يقع هو الآخر في الأخطاء ذاتها، والتي أفرزت لدينا إقصاءً مُهينا وغيرَ متوقَّعٍ في نهائيات الكوت ديفوار الإفريقية برسم الدورة الماضية.

بيد أنّ الأخطاء عندما تصدر عن ناخب ومدرب وطني فإنها تتفاقم وتصير أكثر خطورة من أخطاء اللاعبين… وهكذا وجدنا أنفسنا بتحصيل الحاصل أمام ناخب ومدرب يحتاج بدوره إلى المساءلة، إلا أننا عندما نتحدث عن المساءلة في مجال كهذا، وفي ظروف وقتية ونفسية وسِجالية كهذه التي نجتازها الآن، وكذا التي تنتظرنا عند كل المنعطفات الموالية، يصبح الأمر على درجة أعلى من الجدية، ومن التجرد عن كل الاعتبارات ما عدا اعتبار واحد أوحد، هو القميص والعلم الوطنيان، وما يقتضيانه من البذل والعطاء ومن التضحيات، ولو اقتضى ذلك تغيير الطاقم التقني برمته، وتجديد دمائه لأنه بدا سجين ماضيه اللامع… وكما يعلم الجميع، فسجينُ الماضي، مهما كانت درجة لمعانه، لن يستطيع تقديم أي قيمة مضافة للمستقبل، وتلك هي معضلتُنا في هذه المرحلة!!!
نحن الآن بدأنا العد العكسي في الطريق إلى نهائيات كأس العالم برسم دورة 2026، ومطالبون في الآن ذاته بتأمين مسار تصاعدي يمنحنا حق الطمع في الاحتفاظ بكأس الأمم الإفريقية هنا في بلادنا برسم دورة 2025 المنظمة بعد أقل من سنة تحت سمائنا، ومن غير المعقول ولا المنطقي أن نظل حبيسي موضوعات مثل هذه لا تثير فينا إلا الحسرة على ما شاهدناه قبل يومين، والقلق تجاه ما ينتظرنا بعد أيام معدودات، بالنظر للمباريات القادمة والمتوالية والتي من غير المعقول ولا المنطقي أيضاً أن نرتكب فيها نفس الأخطاء، ناخباً وطنيا ولاعبين… وبالتالي فإذا كان ولابد أن نغيّر شيئاً في هذا الواقع غير المريح فمن الرُّشد والرَّشاد أن نبدأ فيه اليوم قبل الغد… والكرة الآن عندك يا السي فوزي لقجع!! هذا كل ما في الأمر في انتظار آراء ومواقف أخرى… وللحديث صِلة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدر صورة الواجهة: المشهد.