المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة: دعوة ملكية للخروج بخارطة طريق واضحة ومتوافق عليها (مغرب التغيير – الدار البيضاء 21 دجنبر 2024)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 21 دجنبر 2024
دعا جلالة الملك محمد السادس في رسالة سامية موجهة إلى المشاركين في أشغال المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة، التي استضافتها مدينة طنجة في الأسبوع قبل الماضي، إلى الخروج بخارطة طريق واضحة المعالم ومتوافق بشأنها تتيح اعتماد توجهات إستراتيجية للمرحلة القادمة في تنزيل ورش الجهوية المتقدمة، ومواصلة الجهود لمواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية، التي يطرحها هذا الورش المهيكل.
وأشارت الرسالة، في هذا السياق، والتي تلاها وزير الداخلية السيد عبد الوافي لفتيت، إلى سبع تحديات كبرى، تتعلق بالأجرأة الفعلية للميثاق الوطني للاتمركز الإداري، وتدقيق وتفعيل اختصاصات الجماعات الترابية لاسيما منها المجالس الجهوية، وتعزيز الديمقراطية التشاركية على المستوى الجهوي والمحلي، تنفيذا لمقتضيات دستور المملكة. كما يتعلق الأمر بتحدي ربط المسؤولية بالمحاسبة، والارتقاء بجاذبية المجالات الترابية لجذب الاستثمار المنتج، وقدرة الجهات على ابتكار آليات تمويلية جديدة، والتصدي لبعض الأزمات، والتكيف مع التحولات التي يفرضها واقع اليوم وتأثيرات الغد.
وفيما يتعلق بتحدي تفعيل مضامين الميثاق الوطني للاتمركز الإداري، سجلت الرسالة تأخر غالبية القطاعات الوزارية في التفعيل الحقيقي لورش اللاتمركز الإداري، مشيرةً إلى أنه بالرغم من أهمية هذا الورش، ما زالت تعتري تنفيذه نقائص، ولاسيما في مجال الاختصاصات ذات الأولوية المتعلقة بالاستثمار.
وجاء في الرسالة بهذا الصدد “إن التأخر في وتيرة نقل هذه الاختصاصات إلى المصالح اللاممركزة من شأنه تعقيد الإجراءات الإدارية للاستثمار، وعدم تمكين المستثمرين من إنجازها في ظروف ملائمة”.
وبخصوص “تحدي تدقيق وتفعيل اختصاصات الجماعات الترابية”، لاسيما منها المجالس الجهوية، أكدت الرسالة أنه يعد من الشروط الأساسية للتفعيل الحقيقي لورش الجهوية المتقدمة والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
وتابعت الرسالة الملكية أن هذا الأمر أيضا، وبالرغم من الجهود المبذولة في هذا المجال، لم يتحقق بعد على الوجه المطلوب، داعيةً إلى اعتماد مقاربة شاملة يضطلع فيها كلُّ من القطاعات الوزارية المعنية والجماعات الترابية بمسؤولياتها الكاملة، بغية تحقيق الأهداف المتوخاة من “تدقيق الاختصاصات”، الذي يعتبر مدخلا أساسيا للمرور إلى مرحلة التفعيل الكامل.
وبخصوص تحدي تعزيز الديمقراطية التشاركية على المستوى الجهوي والمحلي، تنفيذا لمقتضيات دستور المملكة، أكدت الرسالة على أهمية تفعيل إشراك المواطنات والمواطنين وجمعيات المجتمع المدني في عملية صياغة وإعداد وتنفيذ ومراقبة وتقييم السياسات العمومية المتخذة بمعية المجالس المنتخبة، لبلوغ الأهداف المتوخاة منها.

وفيما يتعلق بالتحدي الرابع المتعلق بربط المسؤولية بالمحاسبة في مجال تدبير الشأن الترابي، أبرزت الرسالة أن الجماعات الترابية الأخرى “بمقدورها كسب رهان التنمية والقطع مع الأنماط التقليدية للتدبير، من خلال إقرار واعتماد آليات الحكامة والديمقراطية والمشروعية والفعالية”. وأنه أصبح من الضروري تعزيز مبادئ التخليق ومحاربة الفساد، من خلال تطوير فلسفة الرقابة والمحاسبة، إعمالا للمبدأ الدستوري القائم على ربط المسؤولية بالمحاسبة.
وبالنسبة لتحدي الارتقاء بجاذبية المجالات الترابية لجذب الاستثمار المنتج، كرافعة أساسية لتقوية التنمية المستدامة، شددت الرسالة على أنه أصبح من اللازم أن تغتنم جهات المملكة الفرص المتاحة وتعمل على تثمين مؤهلاتها الخاصة.
وتابعت أنّ هذا رهان يتوقف ربحه على توفر إستراتيجية إرادية تستهدف تعزيز الجاذبية على عدة أصعدة، من خلال توفير بيئة مواتية للمقاولات، إلى جانب بنيات أساسية حديثة، ويد عاملة مؤهلة، وتحفيزات ملائمة، وعبر تثمين ما يزخر به مختلِفُ جهات المملكة من ثروات طبيعية وموروث ثقافي وتاريخي. وأن هذا الأمر يستدعي بالضرورة مقاربة مندمجة وتشاركية، مؤكدةً أن الجماعات الترابية، والدولة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، لابد أن يعكفوا سويا على بلورة وتنفيذ استراتيجيات طموحة لتعزيز الجاذبية، مع مراعاة خصوصيات كل جهة.
وبخصوص تحدي قدرة الجهات على ابتكار آليات تمويلية جديدة، أبرزت الرسالة الملكية أن التجربة والممارسة العملية أتثبت أن أشكال التمويلات التقليدية لتمويل الاستراتيجيات والتدابير لم تعد كافية لمواجهة التحديات المطروحة. وفي هذا الإطار، أكدت على ضرورة بلورة أشكال تمويلية أخرى من شأنها تخفيف الضغط المالي على الجهات والجماعات الترابية الأخرى، مشيرةً إلى أن هذا التحدي يسائل الفاعلين الترابيين عن مدى تفعيل النموذج الجديد للميزانية المحلية القائم على النجاعة من جهة، وعن الانفتاح على أنماط تمويلية جديدة تتيحها اليوم البيئة التشريعية المؤطرة للمالية المحلية من جهة أخرى.
وبالنسبة للتحدي السابع والأخير الذي تطرقت إليه، جاء في الرسالة أنه يتعلق بالتصدي لبعض الأزمات والتكيف مع التحولات التي يفرضها واقع اليوم وتأثيرات الغد. ذلك أن الجهات قد تواجه جملة من التهديدات المتنامية التي تتوزع من حيث منشأها بين طبيعية واقتصادية وبيئية، وأن من شأن هذه التحديات، التي غالبا ما تتسم بطابعها المفاجئ وبعدم إمكانية التنبؤ بها، أن تقوّض الجهود التنموية إذا لم يتم التصدي لها على النحو وفي الوقت الملائمين.
وشددت الرسالة الملكية، في هذا الإطار، على أنه يتعين على الجهات أن تبادر إلى تعزيز قدراتها على التوقّع والاستباق والتكيف والتعلم المستمر، بدلاً من التمسك ببرامج عمل تفتقر للمرونة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدر الخبر: بوابة المغرب maroc.ma./ صورة الواجهة: إيكو بريس.