مختلفات
أخر الأخبار

متى ستمتلك الحكومة الآليات اللازمة لمحاربة المضاربات والتلاعب بالأسعار؟! (مغرب التغيير – الدار البيضاء 16 يوليوز 2023)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 16 يوليوز 2023

ينتظر الشعب المغربي بمختلف مكوناته تحركا جديا على صعيد ممثليه لدى غرفتي السلطة التشريعية من أجل تحيين نصوص تشريعية متعلقة بمحاربة المضاربات والممارسات المستخِفّة بالقدرة الشرائية للمواطنين، وذلك موازاة مع عجز حكومي جليٍّ عن مواجهة هذه الظاهرة.

في هذا السياق، لفت بعض نواب الأغلبية الحكومية ومستشاريها في غرفتي البرلمان المغربي الأنظار إلى وجود فراغ تشريعي يعرقل جهود الحكومة في مراقبة الأسعار ومحاربة الاحتكار والمضاربة، بالنظر لانعدام فعالية النصوص القائمة والتي صارت متجاوزة، وبالتالي ينبغي تحيينها لتستجيب لمتطلبات حماية القدرة الشرائية للمواطنين في الظرفية الاقتصادية الراهنة، والتي ما زالت تشكو من تداعيات وإسقاطات أزمة كورونا، فضلا عن مشجب آخر يعلق المضاربون عليه غسيلهم المريب، ويتمثل في الزيادات المتوالية في أثمنة المحروقات. هذه الأثمنة، التي لا تتناسب مطلقا مع ما يشهده ثمن برميل النفط في الأسواق والبورصات العالمية من تراجع لا يحفى على أحد.

هسبريس

والواقع أن المجتمع المغربي يبدو كما لو كان أعزل بسبب عدم امتلاك الحكومة لآليات ملائمة تستطيع بواسطتها محاربة ظاهرة الاحتكار، أو الحد منها وتقليص آثارها السلبية إلى حدود دنيا تستطيع فئات المجتمع تحمّلها إلى حين استتباب الأمر في ظل قانون طال انتظاره، ومن شأنه أن  يجعل السلطة التنفيذية قادرة على الاضطلاع بمسؤولياتها كاملةً في هذا المضمار.

وبالمناسبة، لا يملك المتتبع إلاّ أن يطرح السؤال تلو السؤال حول هذا الصمت المريب، الذي أدمنت عليه أحزاب لا تزال بكل بلادة تدعي تأطيرها للمواطنين والدفاع عن مصالحهم، ولا شيء آخر غير مصالحهم، وهو الأمر الذي يكذبه الواقع.

صحيح أنّ ظاهرة الاحتكار والمضاربة بالأسعار لا تخلو منها أي دولة من دول المعمور، بما فيها الدول الكبرى المتحكمة في الأسواق العالمية، ولكن هذا الواقع لا ينبغي أن تجعل منه الحكومة غربالاً تغطي به عجزها المستديم عن اقتراح نصوص قانونية، “بمبادرة منها”، لسد الثغرات الفاضحة والقائمة في هذا المجال من الحياة العامة. فلا مجال إذَنْ ولا معنى لأن تظل الحكومة في انتظار مبادرة من السلطة التشريعية لتلبية هذه الحاجة الملحة، لأنها المعني الأول بالتصدي لتلك الآفة.

تحضر المرء، وهو يتناول هذا الموضوع، وصفة رائدة كانت قد أخذت بها بلدان أقل مستوى من التصاعد الذي صار يحققه الاقتصاد المغربي في مجمله، وتتمثل في فتح أسواق داخلية كبرى تحت شعار “من المنتج إلى المستهلك”، وإن كان هذا التوجه ذو كنه اشتراكي، فإن حزب الاتحاد الاشتراكي بقده وقديده لم يستطع أن يأخذ به في حكومة التناوب الأولى، ولا خزب الاستقلال ذو التوجه الوطني التعادلي في حكومة التناوب الثاية، لخوفهما معا من إثارة غضب الطبقة الوسطى التي بدا أنهما يمثلانها معاً، بخلاف ما يصدحان به من شعارات الدفاع عن مصالح القوى الشعبية المغمورة.

العمق المغربي

تقوم تلك الوصفة، على تمكين أهالي الأحياء الشعبية من التسوق بأثمنة للمواد الغذائية تعادل أثمنتها في أسواق الجملة، غير أن هذا الإجراء لا يكون متاحاً على مدار أيام الأسبوع، بل أثناء يومين متفرقيْن على الأكثر، حتى لا يكون هذا التدبير، الثوري بكل تأكيد، نقمة على تجار الجملة والمنتجين في كافة ربوع المملكة.

هذه مجرد فكرة انتقالية، في انتظار سن القانون المنتظر منذ سنوات طوال، والذي من شأنه أن يحمي الفئات المستضعفة من جشع المضاربين واحتكارهم لأقوات الفقراء، مع العلم بأن بعضاً غيرَ يسير من ممثلي الشعب في مختلف المجالس المنتخبة ينتمي إلى أهل المضاربة والاحتكار أو يتواطأ معهم بشكل أو بآخر. ويكفي المتتبع أن يطّلع على خريطة الفساد الإداري والمالي ببلادنا وملفاتهما التي تمتلئ بها رفوف المجلس الأعلى للحسابات وفروعه الجهوية، وكذا المعروض منها على أنظار العدالة، ليتبين له أن السواد الأعظم من رقعة تلك الخريطة ينتمي إلى تلك المجالس… و”الماية تكذّب الغطاس” كما يقول المثل المصري الساخر!!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى