آراء ومواقف
أخر الأخبار

ما هكذا تتحقق العودة إلى ساحة الفعل السياسي يا رجل!! (مغرب التغيير – الدار البيضاء 4 يونيو 2024)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 4 يونيو 2024         ع.ح.ي.

الآراء والمواقف المعبَّر عنها في هذا الباب لا تُلزِم هذه الجريدة

قبل نحو أسبوعين أو يزيد قليلاً، خرج علينا السيد عبد الإله بنكيران، الأمين العام لما تبقى من حزب العدالة والتنمية، لا أدري من أين جاءته هذه “العدالة” و”التنمية”؟.. لا يهم… خرج علينا ممسكاً العصا من وسطها، وهو يتطرق للنزاع المفتعل حول صحرائنا، مع الجارة الشرقية، التي هي مَن افتعلت ذلك النزاع وغذّته وسَقَتْهُ من آبار حقدها وحسدها وكراهيتها المتأصّلة لكل ما هو مغربي، منذ عهد رئيسها غير المأسوف عليه محمد إبراهيم بوخروبة، المسمى زوراً وبهتاناً بـ”الهواري بومدين”.

خرج علينا السي بنكيران، وهو الرجل المُلَسَّن، الذي أثبتت التجربة التي قضاها، كما تُقضى حوادث السير، على رأس هرم السلطة التنفيذية، أنه ظاهرة صوتية بامتياز، وبكل المعايير، ليضعنا مع الجارة الجزائر في كفتين متقابلتيْن من ميزان فهمه الغرائبي لكوامن ذلك النزاع من أساسه، فجعل الكفتيْن شبه متعادلتيْن، ثم انطلق يوجه نداءاته المعتبَرة، والتي تكون في غالب الأحيان مؤثَّثة بعينين مُغْرَوْرَقَتيْن يكاد الدمع ينفطر منهما، إلى التحلي بالعقل والتوجه إلى الوحدة ولمّ الصفوف وأشياء أخرى من هذا القَبيل…

وقال إن الملك محمد السادس قال له “إنه لن يأتي للجزائر من المغرب أي أذى إطلاقا، ودعا إلى تغليب منطق الصلح. كما انتقد بشدة بعض الأصوات المغربية التي تعبر عن مناصرتها لاستقلال منطقة القبائل. وأشاد بالقرار الذي اتخذه والي جهة سوس ماسة درعة، عندما قام بالتدخل بلباس عسكري لمنع عقد اجتماع لتأسيس لجنة دعم لاستقلال منطقة القبائل، من طرف فعاليات جمعوية بالجهة. وأكد على ضرورة الذهاب إلى الوحدة المغاربية، عوض تكريس التشتت، في ظل التحولات العالمية الكبرى التي برزت أساسا مع غزو روسيا لأوكرانيا، حسب تعبيره” (موقع كش 24 بتاريخ 24 مايو 2024)

وزاد قائلاً “إن جلالة الملك لا يفكر في إيذائكم في جميع الأحوال”… وبدا وهو يؤكد هدا القول كأنما كلفه العاهل بهذه المهمة، بالرغم من علمه، ككل المغاربة وغيرهم، أن جلالة الملك وجه خطابه للنظام الجزائري مباشرةً في أكثر من مرة وبلا وسائط أو وسطاء مؤكّداً فيه في كل مرة “أن المغرب لا يمكن أن يأتي منه أي ضرر تجاه الجزائر”… المهم، أن السي عبد الإله منح لنفسه، فجأةً، دور الناطق باسم جلالة الملك والمغاربة قاطبة، ربما لأنه ما زال يتماهى مع دوره القديم على رأس السلطة التنفيذية، أو على الأقل، على رأس الأمانة العامة لحزب كان يحتل الرتبة الأولى بحساب صناديق الاقتراع، قبل نحو عقد ونصف!!!

كل هذا يمكن تسويغه بشكل أو بآخر، لكن الذي لا يقبله العقل ولا المنطق المغربيان، هو أن ينخرط هذا الرجل فيما يشبه البكائيات وهو يدعو الجزائريين والمغاربة إلى العودة إلى جادة الصوب وكأنه يضع الطرفيْن معاً على قدم المساواة في نزاع مفتعل يعلم أكثر من غيره أن أوارَه لم يشتعل ويتّقد إلاّ من جانب واحد، هو الجانب الجزائري، الذي جعل من عدائه للمغرب ولكل ما هو مغربي علّةَ وجوده، حتى أنه جعل ميليشياته مرتزقة البوليساريو في “الجزائر الجنوبية” ثابتاً مقدَّساً دون المساس به حاضر ومستقبل كل الشعب الجزائري، المُغيَّب بفضل مناهج تربوية تعليمية هيّأته لهذا التغييب منذ ستينات القرن الماضي… وكل هذا يعلمه السي عبد الإله بتمام العلم وكماله، وهو الذي كان فعلاً رئيساً لإحدى حكومات التناوب وإن كان العهد قد طال على ذلك، وقد مكّنه ذلك المنصب بلا أدنى شك من الاطلاع عن تفاصيل العلاقات المغربية الجزائرية، التي لا يعُقل وصفها إلاّ بالقنبلة الموقوتة، أو بـ”الدمار موقوف التنفيذ”!!

والآن: ألم يعلم السي عبد الإله أن الجزائر، وحدها، هي التي أعلنت ومازالت بشتى الوسائل رغبتها في تقسيم المغرب وفصله عن أهله وبنيه في الجنوب الذي يشهد التاريخ أنه كان مغربياً منذ سحيق الأزمنة؟ وأن الجزائر هي وحدها التي تربي الأجيال المتوالية على كراهية كل ما يمت للمغرب بأدنى صلة؟ وأنها هي التي صادرت حق صلة الرحم بين أبناء الأسرة الواحدة، بعد طردها شر طردة لأكثر من 45 ألف أسرة، وبالتالي أكثر من 350.000 من المغاربة نساءً ورجالاً وأطفالاً وعجزة وذوي حاجات خاصة، وفي صبيحة عيد تقف الآن ذكراه على الأبواب؟ وأنها هي التي قَطَعت العلاقات الدبلوماسية معنا وأقفلت الأجواء من جانب واحد؟ وأن نظامها هو الذي يصفنا بالعدو الدائم والمستديم، ولا يرى في علاقاتنا معه سوى “الأبواب المسدودة وبلا رجعة” كما قال رئيسه غريب الأطوار؟!

فلماذا أمام كل هذا، وقبلَه وبعدَه، يكاد السي عبد الإله بنكيران يضعنا على قدم المساواة مع نظام يتربص بنا الدوائر؟ هل ينوي العودة بصخبه المعهود إلى ساحة العمل السياسي المغربي؟ إذا كان الأمر على هذا النحو فما هكذا تكون العودة في هذه الظروف بالذات، لأنه لم يفعل بهذا النوع من الخرجات سوى أنه منح للإعلام الجزائري العدواني والغبي فرصة التندّر علينا، والاستمرار في نشر أكاذيبه عن غياب التوافق بين النظام والشعب المغربييْن…

يا رجل، حاول مستقبلاً أن تفكر مليا قبل أن تطلق فرقعاتك الصوتية التي غالباً ما تحمل معها الأذى والضجر!!!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صورة الواجهة: المغربي اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى