الجزائر الجديدة.. تمسّكت المتردية بالنطيحة!! (مغرب التغيير – الدار البيضاء 23 مارس 2024)

المقالات التي يتم بثّها هنا في باب “آراء ومواقف” لا تعبر عن توجهات هذه القناة ومواقفها. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مغرب التغيير – الدار البيضاء 23 مارس 2024 م.ع.و.
فرنسا الإفريقية، التي نسمّيها تجاوزاً بالجزائر، واتفاقية إيفيان تؤكد هذه الحقيقة، خرجت عن طوعها وفي الوقت ذاته نزلت عند رغبة ماماها المقيمة بالإيليزي، فأقامت الدنيا ولم تُقْعِدْها حول ما سمّته اعتداءً مغربيا جديداً على سيادتها، واصفةً نفسها بـ”الدولة السّيّدة” (!!!) وهذا وصف غريب عن القانون الدولي ونظيره الدستوري ولا أصل له في أي لغة ولا في أي معجم أو ثقافة من ثقافات المعمور، وهددت المغرب بالردّ “العنيف والمناسب”، كما قالت خارجيتها الغارقة في ظلمات الجهل القانوني والسياسي والدبلوماسي، لمجرد إعلان المغرب عن قراره القاضي بنزع ملكية بعض العقارات المحيطة بمقر وزارة الخارجية المغربية والمحاذية لها، وهو قرار سيادي، قانوني، يستمد مشروعيته من التشريع المغربي، الذي ينبغي ان يخضع له كل كائن متحرك أو ساكن داخل تراب المملكة!!

إذا وقفنا عند قرار نزع الملكية هذا، والذي يشمل عقارات كثيرة من بينها عقار واحد يفترض أنه تابع للدولة الجزائرية، أو بالأحرى موضوع تحت تصرفها دبلوماسياً، فسنجد أن القانونيْن الدولي والمغربي يُشَرْعِنان ذلك القرار، وكذلك الإجراءات القانونية والإدارية التي تدخل في نطاقه التنفيذي، ويضمنان للدولة الجزائرية، ككل الدول التي سبق للمغرب أن نزع ملكية مجموعة من الممتلكات الموضوعة تحت تصرفها كلما تعلق الأمر بضرورة خدمة المصلحة العامة، يضمنان لها حق المطالبة بالتعويض المالي أو العيني، أو هما معاً، بحسب تقييم الخبراء المختصين بهذا المجال.
إنّ هذا لَهو الذي حدث بالفعل، إذ قد نقلت الجزائر سفارتها القديمة منذ سنوات إلى مقر جديد في شارع محمد السادس، في موقع أفضلَ وأرفعَ قيمةً من سابقه، والجريرة والفضيحة أن هذا الموقع الجديد، الذي تبلغ مساحته خمسة آلاف متر مربع، والذي أقامت عليه الدولة الجزائرية، بالفعل، مقر سفارتها العصري، لم تشتره الجزائر ولم تدفع مقابله بأي وسيلة من الوسائل ولم يكلّفها أدنى قطمير، بل تلقّته هدية كريمة من جلالة الملك محمد السادس، الذي اقتناه من حُرِّ ماله، بعد أن كانت فيما مضى من العقود قد تلقت كافة مقراتها، بما فيها مقر السفارة السابق، هديةً كريمة من جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله، وبذلك تكون هذه الدولة الفرنساوية “طالعة واكلة هابطة واكلة” كالمنشار، وبالرغم من ذلك تطلق من الضجيج والصخب الإعلامي بواسطة مراحيضها الإعلامية ما يجعل الجاهلين بهذه الحقائق يعتقدون ان المغرب ترامى فعلاً على أملاك الدولة الجزائرية، واخترق بفعله ذاك كما يقول النظام الجزائري الجاهل كل التشريعات والقوانين والمعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة.

الحال أنّ هذا ما سيفهمه عامة الناس داخل الجزائر خاصةً، وخارجها عامةً، من تلك “الزيطة” التي انخرط فيها الإعلام الجزائري غيرَ آبهٍ بأيّ قيمة اعتبارية لدولته كدولة، وهي “الزيطة” التي توّجتها وزارة الخارحية الجزائرية ببيان رسمي ينبغي أن يُدَرَّس في كبريات الجامعات في العالم، لكي يعرف الجامعيون في مختلف بقاع المعمور، “مع مَن حشرنا الله في الجِوار”!! رحم الله قائل هذه العبارة الطريفة وأسكنه فسيح جنّاته.
العجيب في هذا السلوك “الدّونكيشوتي” الذي أقدم عليه النظام “الجزائري/الفرانساوي”، أو نظام “الجزائر الفرنسية” أو “فرنسا الإفريقية”، وكلها سيان، أنّ رائحة منافقي الإليزي يمكن لأي أنف سياسي أو دبلوماسي متمرّس أن يشمّها من بعيد ومن وراء حوض المتوسّط، لأن النظام الوحيد الذي يتحرك راهنا يداً في يد مع نظام العجزة في الجارة الشرقية إنما هو نظام ماكرون الفاشل، والغارق حتى أذنيه في مستنقع إفريقي يبدو الآن أنّ الأفارقة، وأخص منهم دول الساحل والصحراء، قد صنعوه وحفروه وأعدّوه إعداداً مُحكَماً ليقع فيه ماكرون بالذات، وحبيب قلبه عبد المجيد، المضمّخة خدوده بعطر قبلات الرئيس الفرنسي الحارة والتي لا يعلم احد من العالمين ماذا قصد بها ذلك الرئيس المراهق المعتوه وهو يطبعها على وجه تبون بتلك الطريقة الفجة أمام أنظار العالم، وكأنه يقول للعالم بتلك الحركة الشَّبِقة: “هذا حبيب القلب ديالي وحدي”!!!

جميعُ سياسيي العالم ودبلوماسييه ورجالاتِ قانونه، يدركون حق الإدراك أن قرار نزع الملكية المغربي الذي نحن بصدده لا تشوبه أيُّ شائبة، وبأي شكل من الأشكال، حتى يكون هناك مبرِّرٌ يقتضي حشره بتلك الحِدّة الزائدة في بيان رسمي صادر عن وزارة الخارجية بقدها وقديدها، لولا أنها خارجية تلك الدولة “المتردية”، المتشبثة بالدولة “النطيحة”، كما جاء في العنوان أعلاه!!!
كل العالم يرى ويدرك ويُعايِن مدى التردي الذي حقّقه أمِّيو المُراديا وجَهَلتُها ليس الآن فحسب، بل منذ تقرّر مصيرُ الدولة الجزائرية بقرار رئاسي فرنسي، قبل اثنتين وستين سنة، من جراء جَعْلِ حاضر ومستقبل الجزائر تراباً وشعباً وخيراتٍ رهينةً مستديمةً بإرادة الدولة الفرنسية، مما جعل الجزائر لا تختلف في شيء عن البلدان الإفريقية الإثنتَى عشرةَ التي كانت تستعمرها فرنسا جِهاراً فأصبحت تستعمرها في الخفاء بواسطة إشراف اقتصادي ومالي فرنسي مستديم، يبلوره ويزكّيه ويعبّر عنه “الفرنك سيفا”، أو الفرنك الفرنسي، الذي يبدو الآن أن تلك الدول الناشئة قررت التمرد عليه والخروج من رَبَقِه، وهي الثورة التي انطلقت غير بعيد من رياح مغربية أخذت على عاتقها مساعدة هذه البلدان على التخلص مما علق بها من أتربة فرنسا ولُعاب خزينتها العامة، التي يعلم الآن كلُّ متحرّري العالم بأنها كانت تمتص من الدم الإفريقي بالمستعمرات السابقة ذاتها مئات الملايير من الدولارات على مدار السنين… فما الذي تطمع الجزائر المتردية أن تحققه صحبة فرنسا النطيحة؟! وما الذي تطمح إلى ربحه من صخبها الهستيري المتعلق بقرار نزع الملكية، المغربي السيادي؟! ذاك، كما قال شكسبير، هو السؤال!!!