Page 2 - مغرب التغيير PDF
P. 2
ندوة 2
العدد - 42 :من 1إلى 30يونيو 2015
المرصد القضائي المغربي وكلية الحقوق بمراكش
الإجهاض في القانون الجنائي المغربي بين التجريم والتسويغ
حمل غير مرغوب فيه ،يكاد يعصف بحياتهن وبأرواحهن ،لأنه تترتب عنه بوصلة ،واتخذت منه مطية لقضاء أوطار في غاية السياسوية والشعبوية، الإج�ه�اض ال�س�ري ،ب�لا مبالغة ،م�وض�وع اجتماعي إن�س�ان�ي ،وبالتالي
في كثير من الحالات آثار نفسية واجتماعية شديدة الخطورة كالانتحار،
وجرائم الشرف ،والتفكك الأس�ري ،وارت�ف�اع نسب الأطفال المتخلى عنهم، وف�ي منتهى التزلف الفارغ لتاريخ لن يريد بالتأكيد أن يعيد نفسه لأنه قانوني وحقوقي حارق ،لأنه يمس شريحة غير هينة من المجتمع ،بل شريحة
فضل ًا عما يشكله ذلك من مناسبة للإلقاء بعدد غير هين من الأطباء وأطر
والحالة هذه لا ُيش ِّرف السياسة ولا التاريخ بمفهومهما الأصيل الضائع؛ هائلة تقدر بالملايين في كل دورة إحصائية (عشر سنوات) في بلد الأربعة
الصحة وموظفيها وأعوانها في غياهب السجون. والمجتمع حائر بين ه�ؤلاء وه�ؤلاء ،إذ هو المكلو ُم جس ًدا وعقل ًا بجرح والثلاثين مليون نسمة ،لأن�ه بكل بساطة يطال ما لا يقل عن 300.000
ف�ي ه�ذا الإط��ار المتق ّلب وال�س�اخ�ن إذن ،ج��اءت ال�ن�دوة العلمية التي الحمل غير المرغوب فيه ،وال ُمكتوي بنار الحرقة على فلذات أكباد تضيع من
نظمها المرصد القضائي المغربي بشراكة وتعاون مع كلية العلوم القانونية يده لي َل نها َر ،جها ًرا وتحت جنح الظلام ،بلا أدنى ذنب سوى اختلاف الأرزاق حالة سنوية في المعدل ،بمعنى أننا تضيع منا في الس ّر سنو ًيا جحافل من
والاقتصادية والاجتماعية بمراكش ومجموعة البحث في قانون الأعمال «مشاريع مواطنين» يعادل حجمهم الديموغرافي حجم مص ٍر متوس ٍط من
والنظام الجبائي ونادي طلبة كلية الحقوق بمراكش ،حول موضوع «جريمة والحظوظ والأقدار ...ولله في خلقه شؤون. الأمصار .مع العلم بأن الظاهرة موسومة بجانب كبير من السرية ،وبالتالي
الإجهاض بين الإبقاء والإلغاء» ،كمحاولة للإتيان بقيمة مضافة إلى ساحة والفرقاء والمتدخلون والباحثون والدارسون والمتتبعون ك ًّل منهم «يغني
الحوار الوطني الدائر حول هذه المسألة الشائكة ،والحارقة كما سبق القول. فالإحصائيات التي أفضت إليها الدراسات الميدانية المنجزة والتي يتحدث
وق�د كانت ال�ن�دوة مناسبة للتوقيع على اتفاقية للشراكة والتعاون على ليلاه» بطريقته الخاصة ،مشكلين بذلك فسيفساء في غاية التن ّوع بع ُضها عن 600إلى 800حالة إجهاض سري يوم ًيا لا تمت للواقع الفعلي بأي
ب�ني الم�رص�د القضائي المغربي للحقوق والح�ري�ات وكلية العلوم القانونية والتل ُّون. صلة .فمقابل كل عشر نساء يفصحن عن عمليات الإجهاض السري التي
والاق�ت�ص�ادي�ة والاجتماعية بجامعة القاضي عياض بم�راك�ش ،ف�ي إط�ار خضعن أو ُأخ ِضع َن لها ،بطريقة أو بأخرى ،يمكن أن تكون هناك مائة امرأة
إشاعة قيم التشاركية الهادفة إلى إيجاد آليات تكرس لفكر حقوقي مسؤول بعض الدارسين أبدى تساؤل ًا في غاية الوجاهة حين قال :هل الإجهاض ُيخفين ذلك عن أسرهن ومحيطهن فلا يعلم حقيقة أمرهن إلا علام الغيوب،
يكون بمثابة ق�وام لدولة الح�ق والم�ؤس�س�ات ،كما عبرت عن ذل�ك الوثيقة
السري الذي وصل في بلادنا إلى تلك المع ّدلات والأرقام المذهلة والمخيفة هو وقد يكون الرقم أكبر من ذلك بكثير أو أقل ...والله وحده أعلم.
الإعلامية الصادرة عن المرصد. السبب في تقدم الجزائر علينا ديموغراف ًيا ،حيث كنا نفوقها ع�د ًدا فإذا والموضوع أي ًضا حارق ،لأنه يقع تحريمه شر ًعا ،وتجريمه قانو ًنا ،ونبذه
ول�ل�إش��ارة ،ف�ق�د ان�ع�ق�د ْت ج�ل�س�ة الم��داخ�ل�ات وال��ع��روض والم�ن�اق�ش�ات بنا الآن أقل منها بفارق نحو ستة ملايين نسمة (سكان الجزائر حسب آخر اجتماع ًيا وإنسان ًيا ،إلا َمن رحم ربك من المحظوظات اللواتي يوقعهن «حظهن
برئاسة الدكتور محمد نخلي أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية الباسم» بين أذرع وأياد استوطنت في صدور أهلها الرحمة ،فانتبه أصحا ُبها
والاقتصادية والاجتماعية بمراكش ،الذي منح أول حيز من الوقت لتلاوة إحصاء 40مليون نسمة)؟ إلى الجانب الإنساني من المعادلة ،ولا شيء غير هذا الجانب ،مع ما يثيره ذلك
آي�ات بينات من الذكر الحكيم ،قبل أن ُيعطي الكلمة تبا ًعا لعمادة الكلية
ثم للمرصد القضائي ،ثم تلت ذلك مراسيم التوقيع على اتفاقية الشراكة وفريق آخر من الباحثين والدارسين طالب بالتريث إلى أن يتبين الخيط من الرفض والاشمئزاز تارة ،ومن السخرية السوداء تارة أخرى لدى السواد
والتعاون سالفة الذكر ،ليبدأ المتدخلون تبا ًعا في تقديم عروضهم العلمية الأب�ي�ض م�ن الخيط الأس��ود م�ن الأرق��ام ال�ب�ادي بع ُضها القليل ،والمختفي
الملامسة للجوانب القانونية والحقوقية والفقهية لم�وض�وع اللقاء حيث بع ُضها الوفير ،حتى إذا اق ُتر َح ْت حلو ٌل أو نصو ٌص حاكم ٌة في مستقبل الأيام الأعظم من مكونات المجتمع المغربي ،الذي هو مجتمع محافظ بالرغم من
شاركت في هذا البرنامج الفعاليات التالية: كان ذلك مبن ًيا على معطيات واقعية أو قريبة من الواقع. مظاهر التمدن والتحديث البادية على سحنته العامة.
ـ الدكتورة فرح مجدي طبيبة أخصائية في أم�راض النساء والتوليد ورأى نفر ثالث ب�أن الحملة التي انطلقت لمناقشة موضوع الإجهاض ومن ُي� ِر ِد الدلي َل على هذا الواقع فل َينظ ْر إلى العنت ال�ذي تعاني منه
السيدة عائشة الش ّنا ـ على سبيل المثال فحسب ـ في حربها اليومية الضروس
حول موضوع« :الإجهاض من المنظور الطبي»؛ ال�س�ري ق�د أت��ت أك�ل�ه�ا لم�ج�رد إف�ض�ائ�ه�ا إل��ى دائ��رة ج�د متسعة م�ن الح��وار من أجل رد الشيء اليسير من الاعتبار للأمهات العازبات ،ولينظر أي ًضا إلى
ـ ال�دك�ت�ور مصطفى ري�اح عضو المجلس العلمي المح�ل�ي بم�راك�ش حول الزخة الهائلة من النفاق الاجتماعي الذي ُتعا َمل به الجمعيا ُت الناشطة في
القطاعي (الم�ش�رع�ون ورج��ال ال�ق�ض�اء والمح�ام�ون والح�ق�وق�ي�ون وغيرهم) هذا المجال على صعيد الأجهزة الرسمية للدولة والجماعات المحلية وبقية
موضوع« :الإجهاض من المنظور الشرعي»؛
ـ الدكتور لحسن واحمان الأستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والوطني (مختلف مكونات المجتمع المدني ومؤسساته) ،مما سيسهل مهمة المسميات السياسية والدستورية ،التي تتصرف إزاءها بمنطق المثل العا ّمي:
والاجتماعية بجامعة القاضي عياض بمراكش حول موضوع« :الإجهاض في «الخنزير ما ناكلو ومرقتو نس ّقي بها» ...حيث تضطر إلى منحها بعض الدعم
الم�ش� ِّرع وب�اق�ي الم�ؤس�س�ات والم�راف�ق المعنية بمعالجة ال�ظ�اه�رة ،وي�ض�ع على
القانون المغربي» (باللغة الفرنسية)؛ طاولة النقاش صحو ًنا دسمة وغنية بالأفكار والاقتراحات والصيغ المقا َرنة والمساعدة بيد ،والتضييق عليها وإعاقة تطوير خدماتها باليد الأخرى ،كما
ـ الأستاذ محمد جناح القاضي ب�وزارة العدل والحريات حول موضوع:
والمبتكرة. هو دأب الإدارة المغربية المصابة بالسكيزوفرينيا أو بالفصام أو ال ُعصاب منذ
«المقاربة القانونية والقضائية لجريمة الإجهاض»؛ عقود.
ـ وأخي ًرا ،مداخلة الدكتور حسن فتوخ الكاتب العام للمرصد القضائي غير أن ه�ن�اك ِش� ْب� َه إج�م�ا ٍع على وج��وب البحث ع�ن «ح�ل�ول مغربية
المغربي للحقوق والح�ري�ات ح�ول م�وض�وع« :الم�ق�ارب�ات والأب�ع�اد الحقوقية ِص� ْرف» ،لأن الجهد المقارن المفضي إل�ى تقليد الآخ�ر والأخ�ذ عنه لا يفيد والموضوع حارق في نهاية المطاف ،لأن ال ِّشرعة تقول فيه بألسنة فقهائها
حت ًما في مثل هذا النوع من الموضوعات والإشكالات .فالتجربة الفرنسية الذين لا ترسو سفن فكرهم في نفس المرفأ المذهبي والتنظيري؛
للإجهاض» ...لنتابع. أو الأمريكية أو البريطانية لا يمكنها أن تفيدنا في ش�يء ،وكذلك الشأن
والقانون يقول فيه هو الآخ�ر من خ�لال ك�ف�اءات تشريعية وقانونية
بالنسبة للتجربة التونسية أو الجزائرية بالرغم من كونها أكثر قر ًبا ،إذ
التقارب أو الشبه هنا ليس إلا في الظاهر فحسب ،فلكل مجتمع خصوصيا ُته تنهل ه�ي الأخ�رى م�ن «سبع ب�ح�و ٍر» ،أو م�ن «اثنتى عشرة عي ًنا» يعلم كل
وعلله وأسبا ُبه ،وتفسي ُر ُه الخاص للظاهرة ومسببا ِتها ،واستجاب ُته الخاصة نفر منهم مشربه منها دون باقي الأنفار ،مما أنتج لدينا ،ولا يزال ،نصو ًصا
شديدة البعد عن واقع الأمر وواق�ع الأح�وال ،وعن التحولات الكبرى التي
لآثارها المبا ِشرة وغير المبا ِشرة.
إن الأم�ر إذن يتعلق بموضوع يشكل مأساة حقيقية ،بتعبير د /شفيق يشهدها المجتمع ،الشيء الذي استوجب فتح هذا النقاش الواسع؛
الشرايبي رئيس الجمعية المغربية لمحاربة الإجهاض السري ورئيس مصلحة والأح��زاب استهوتها لعبة السياسة فحسب ،فقالت ف�ي الم�وض�وع بلا
الولادة بمستشفى الليمون بالرباط (عن هسبريس) ،ولكنه بالرغم من هذا
التوصيف الواقعي يشكل حل ًا من الحلول المتاحة لآلاف النساء للتخلص من