Page 2 - مغرب التغيير PDF
P. 2

‫ملف ‪2‬‬

‫العدد‪ - 66 :‬من ‪ 1‬إلى ‪ 30‬شتنبر ‪٢٠١٧‬‬

                                       ‫حراك الريف‪:2‬‬

        ‫بدايات جديدة غير متوقعة وأفق أكثر التبا ًسا‪!! ‬‬

                                                                                                                                                          ‫< إعداد‪ :‬أناس الطاعي‪ -‬شامة عزيز‬

‫في مسؤوليهم الترابيين ومنتخبيهم‪ ،‬ولا في المسؤولين الحكوميين‪،‬‬         ‫الشحنة إلى خارج الميناء ثم العمل على توقيفها بعد ذلك طب ًقا‬                                                           ‫تذكير‬
‫الذين استحقوا فقدان الثقة فيهم لأنهم اتخذوا بين يوم وليلة‬            ‫لخطة معدة سل ًفا‪ ،‬وفي هـذا إخـال بالمساطر المعمول بها في هذا‬            ‫انطلقنا في تناولنا لهذا الموضوع الشائك‪ ،‬ضمن ملف العدد ‪63‬‬
                                                                     ‫المضمار‪ ،‬وإما أن الأمر تم بشكل عفوي فعل ًا‪ ،‬مما يطرح احتمال تجاوز‬       ‫من «مغرب التغيير‪ ،‬بتاريخ فاتح يونيو ‪ 2017‬الصفحات من ‪ 5‬إلى ‪،11‬‬
                               ‫موقف ْي في غاية التناقض والتنافر‪:‬‬     ‫السيارة المعنية لنقط الحراسة‪ ،‬كما يقع في أغلب الأحوال‪ ،‬وتمكينها‬         ‫من حكم قضائي كان قد صدر في حق الأشخاص المتهمين بالتسبب‬
‫ـ اتهموا المحتجين بجنوحهم إلى عمل سياسي مب َّيت ومم َّول‬                                                                                     ‫بشكل أو بآخر في مأساة محسن فكري‪ ،‬الذي طحنته شفاطة شاحنة‬
‫من لدن أعـداء الوحدة الترابية للمملكة يـروم الانفصال عن‬                                              ‫من الوصول إلى مقصدها بلا عوائق‪.‬‬         ‫النفايات بمدينة الحسيمة عشية يوم ‪ 28‬أكتوبر ‪ .2016‬وحين نقول‬
                                                                     ‫وفي هذه الحالة سيتأكد إهمال المسؤولين عن الصيد البحري‬                   ‫إن التسبب في وفاته كان بشكل أو بآخر‪ ،‬فإننا أردنا أن نشير بذلك إلى‬
                                                             ‫الوطن؛‬  ‫والقائمين على شؤون تسويقه والمتاجرة فيه أو تواطئهم على ذلك‬              ‫عناصر متعددة ومختلفة من تلك الواقعة ارتكب بعضها أو كلا منها‬
‫ـ ثم انقلبوا على موقفهم بــ‪ 180‬درجة بلا أدنى ُمسحة من‬                ‫عن قصد‪ ،‬مما يعرض حياة المواطنين وصحتهم للخطر حين يتعلق‬                  ‫أشخاص مختلفون من حيث الوظائف والمسؤوليات‪ُ ،‬نعيد استعراض‬
‫الحــرج وقـالـوا‪ ،‬في تناقض كامل مـع ذلـك المـوقـف‪ ،‬بمشروعية‬          ‫الأمر بسلعة فاقدة الصلاحية أو مصابة بآفات وأعطاب خطيرة أو‬                                                            ‫أبرزها على سبيل الذكرى‪:‬‬
‫الاحتجاجات وصـواب المطالب المعبر عنها‪ ،‬وبعقد النية على‬                                                                                       ‫‪1‬ـ اصطياد نوع من السمك يحظر القانون صيده وهذا يشكل‬
                                                                                                                                  ‫مميتة‪.‬‬                  ‫وحده خر ًقا للقانون الجاري به العمل في هذا المضمار؛‬
                                        ‫معالجتها في أقرب الآجال‪.‬‬     ‫وكما ألححنا على ذلك في افتتاحية العدد ‪ ،63‬فإن الأمر يتعلق‬               ‫‪2‬ـ وقوع ذلك تحت أنظار المسؤولين المحليين عن الصيد البحري‪،‬‬
‫‪4‬ـ النظر بعقل متفتح إلـى طلب تعيين وسيط بين الدولة‬                   ‫أولا وأخي ًرا بـ»الفساد الضارب أطنابه في مختلف دواليب الإدارة‬           ‫مما يدفع إلى السؤال عن ثمن صمتهم على تلك المخالفة الب ِّينة؛‬
‫والمحتجين‪ ،‬و َلـم لا بين المؤسسة الملكية وهـؤلاء الأواخـر بعد أن‬     ‫المغربية»‪ ،‬والذي ينبغي النظر إليه بالشجاعة والجـرأة اللازمت ْي‬          ‫‪3‬ـ إنجـاز أوراق مـزورة لشحنة السمك المصطاد خـارج القانون‬
‫قدمت الأحزاب استقالتها ضمن ًيا وعمل ًيا من هذا الدور‪ ،‬وفشلت‬          ‫قبل النظر في آثاره وتداعياته‪ ،‬التي من بينها بالذات‪ ،‬هذا الحراك‬          ‫لتمكينه من الخروج من الميناء كأي سلعة عادية مرخص لها بصفة‬
‫الحكومة في تأمينه عمل ًيا‪ ،‬والدفع بالتالي إلى تكليف مخاطب‬                                                                                                                                  ‫قانونية؛‬
‫ليست له خلفيات ِصدامية (بكسر الصاد) مع المتجمهرين في‬                      ‫المتنامي‪ ،‬الذي نعود إلى متابعة تطوراته ضمن ملف هذا العدد‪.‬‬          ‫‪4‬ـ َ َت ّكن الشحنة الخارقة للقانون من الخـروج من الميناء أمام‬
‫ساحات الحسيمة وإيمزورن وبني بوعياش والناظور وغيرها‪ ،‬ما‬               ‫وعندما أشرنا في العنوان أعلاه إلى‪« :‬بدايات أخرى غير متوقعة»‪،‬‬            ‫أنظار المسؤولين عن حراسة بوابات الميناء‪ ،‬وكأ ّن الأمر يتعلق ببوابة‬
‫دام الهدف من ذلك هو إنهاء حالة الاحتقان وإعادة الأمور إلى‬            ‫فإننا أردنا بذلك أن نلفت نظر القارئ إلى أن هذا الملف لم يأخذ مساره‬      ‫فندق من فنادق القرن التاسع عشر‪ ،‬وليس بخط أحمر يمكن أن‬
‫نصابها‪ ،‬وليس بتا ًتا إنتاج غالب ومغلوب في ذلـك الخض ّم‪ ،‬مع‬                                                                                   ‫يتسلل منه إلى الوطن والمواطن شيء يشكل خطورة على سلامتهما‬
‫البدء بالتحقيق مع المسؤولين الحقيقيين عن تردي أوضاع ساكنة‬                             ‫الطبيعي‪ ،‬الذي ُيفترض أن يبدأ على النحو التالي‪:‬‬         ‫م ًعا‪ ،‬من مواد مهربة ومخدرات صلبة وأسلحة وكيماويات خطيرة‪...‬‬
‫المناطق المذكورة وغيرها من مناطق «المغرب غير النافع»‪ ،‬موازاة‬         ‫‪1‬ـ إبداء قسط أكبر من التفهم لمسببات الحـراك‪ ،‬وللمحركات‬                  ‫إلى غيرها من المخاطر‪ ،‬وهذا السلوك ينبغي النظر إليه من هذه‬
‫مع التحقيق مع المتهمين بتحريف مقاصد الحــراك وأهدافه‬                 ‫الحقيقية للاحتجاجات التي كانت في حقيقتها قد انطلقت قبل‬                  ‫الزاوية بالذات‪ ،‬وليس فقط من زاوية المخالفة اليسيرة‪ ،‬أو الإهمال‬
‫المـشـروعـة‪ ،‬حتى يشعر الجميع أنهم سواسية في الـهـم‪ ،‬وأمـام‬           ‫مقتل سماك الحسيمة‪ ،‬والتي نجد مثيلات لها في جهات ومناطق‬                  ‫أو السهو غير المقصود‪ ...‬أو غير ذلك من مبررات قد يعتمدها البعض‬
‫القانون‪ ،‬وسواسية كذلك في العمل الجـاد على معالجة الواقع‬              ‫أخرى من البلاد تعيش نفس التهميش ونفس اللامبالاة‪ ،‬كتنغير وبني‬                                                  ‫للتخفيف من ثقل الجريمة‪.‬‬
‫المختل والتخفيف من آثاره ليس في الحسيمة أو الريف وحدهما‪،‬‬             ‫ملال وأنفكو مثلا‪ ،‬واتخاذ ذلك منطل ًقا لمنظور اقتصادي اجتماعي‬            ‫والواقع أن هذا هو ما أوحت به الأحكام المخففة‪ ،‬التي اتخذناها‬
‫بل في كل المناطق التي َيعت ِب ُر أبناؤها أنف َسهم ربما أقل حظا من‬    ‫تنموي وإنساني بالدرجة الأولــى‪ ،‬مع العلم بـأن أي حـراك يمكن‬             ‫مدخلا إلى بسط مجريات وتداعيات هذا الملف دون أن نعقب عليها‪،‬‬
                                                                     ‫أن يستغله البعض لإذكـاء نار الفتنة وخلط الأوراق إما لحسابات‬             ‫لعلمنا كما سبق القول ساعتئذ (أنظر الفقرات من ‪ 5‬إلى ‪ 9‬من تقديمنا‬
                                              ‫ساكنة الريف برمته‪.‬‬     ‫سياسوية ضيقة تروم إحراج وإرباك الحكومة والسلطات الإدارية‬                ‫للملف في الصفحة ‪ 5‬من العدد ‪ )63‬بـأن التعقيب على الأحكام‬
‫ونعتقد أن هذه «المقاربة الشمولية» في قراءة المشكل ومحاسبة‬            ‫والترابية والأمنية‪ ،‬وإمـا بتحريض وتشجيع وتمويل من جهات‬                  ‫القضائية غير مباح قانو ًنا وعر ًفا وأخلا ًقا على السواء‪ ،‬وليقيننا بأن‬
‫المسؤولين عن قيامه واستفحاله والعمل السريع على تدارك آثاره‬           ‫خارجية يعرف الجميع أنها تضمر عدا ًء َم َرض ًيا (بنصب الميم والراء)‬      ‫القاضي إنما يحكم بما بين يديه من النصوص أول ًا‪ ،‬وثان ًيا بما ُيرفع‬
‫والتخفيف من تداعياتها‪ ،‬على طريق الحد منها‪ ،‬كان من شأنها‬              ‫للمغرب دول ًة وأمة‪ .‬وفي هذه الحالة أي ًضا كان ينبغي العمل على عزل‬       ‫إليه من تقارير البحث ومحاضر التحقيق‪ ،‬ومن الوثائق والبيانات‬
‫أن ُتعيد كل الأطراف إلى جادة الصواب‪ ،‬وأن تجمعهم حول طاولة‬            ‫هذه الطغمة عن عموم المحتجين‪ ،‬الذين يعترف الجميع بمشروعية‬                ‫المأخوذ بها في تجهيز كل قضية‪ ،‬وكذا من الأدلة والقرائن التي ُتثبت‬
‫حـوار شمولي تنفتح فعالياته على كل المحسوبين على المغرب‬                                                                                       ‫وقوع المخالفات أو الجنح أو الجنايات موضوع المعالجة القضائية‪.‬‬
‫العميق‪ ،‬أو «غير النافع»‪ ،‬وإ ْن كنا هنا لا نستمرئ أب ًدا الإشارة إلى‬                       ‫مطالبهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛‬          ‫وبالعودة إلى العناصر غير الطبيعية‪ ،‬التي أحاطت بالبداية‬
‫جزء من وطننا بهذا النعت الذي أصبح ُمهي ًنا وحا ًّطا من الكرامة‬       ‫‪2‬ـ فتح أبــواب الحــوار الهادئ والـرزيـن وغير المتشنج مع رموز‬           ‫الأولى لحراك الحسيمة نضيف‪ ،‬كما أشرنا إلى ذلك في افتتاحية‬
                                                                     ‫الحـراك‪ ،‬لأن لكل حراك رمـو ًزا أردنا ذلك أم أبيناه‪ ،‬واعتبار هؤلاء‬                                                     ‫العدد المذكور‪:‬‬
                      ‫بعد نحو اثنت ْي وستين سنة من الاستقلال‪.‬‬        ‫الرموز مخاطبين ومحاورين كاملي الصفة‪ ،‬بدل ًا من النظر إليهم منذ‬          ‫‪5‬ـ شراء السمك المصطاد بطرق غير قانونية من المصطادين و َمن‬
‫‪5‬ـ الحفاظ على المسافة اللازمة بين المؤسسة الملكية والشارع‬            ‫الوهلة الأولى كمتمردين خارجين على القانون‪ ،‬وذلك لأن حراكهم‬              ‫يكون‬  ‫ع ّمن‬  ‫السؤال‬  ‫إلى‬  ‫يقود‬  ‫الذي‬  ‫الأمر‬  ‫و َمن يقف وراءهـم‪،‬‬     ‫معهم‪،‬‬
‫العام‪ ،‬من خلال الانكباب بجد وفعالية على ترميم ما انكسر من‬            ‫يؤطره القانون أسا ًسا‪ ،‬بل ينص عليه دستور البلاد و ُيجيزه كوسيلة‬                                                       ‫جماعة و ُو ْحدا ًنا؟‬  ‫هؤلاء‬
‫بنيات وصور الأحزاب والنقابات والجمعيات وفعاليات المجتمع‬              ‫للتعبير عن المظالم والمطالب شريطة سلميته‪ ،‬أو كما يقول النص‪،‬‬             ‫‪6‬ـ توقيف السيارة الحاملة لشحنة السمك المعني بأحد شوارع‬
‫المـدنـي الأخـــرى‪ ،‬كقبيلة المثقفين‪ ،‬ونـسـاء ورجـــال الصحافة‬                                                                                                      ‫مدينة الحسيمة‪ ،‬مما يدل على أحد الأمر ْين‪:‬‬
‫والإعــام‪ ،‬والـدارسـن والباحثين والمهتمين عن قـرب‪ ،‬على أمل‬                ‫شريطة عدم استعماله لأ ّي أسلحة وعدم مساسه بالأمن العام‪.‬‬            ‫ـ إما أن الأمر تم عن قصد‪ ،‬بحيث ُت ِر َك المجا ُل مفتو ًحا لتسريب‬
‫أن يكون الهم المو َّحد لدى كل هذه الأطياف هو المصلحة العامة‬          ‫‪3‬ـ ترك المعالجة الأمنية بعي ًدا‪ ،‬وعـدم اللجوء إليها إلا عند‬
‫للوطن‪ ،‬في ظرفية لا نحتاج هنا ولا يحتاج غي ُرنا في أي منبر‬            ‫الضرورة القصوى‪ .‬وقد كان أقصى ما يمكن اللجوء إليه في حالة عدم‬
‫آخر إلى التذكير بدقتها وصعوبتها وتهديدها اليومي لوحدتنا‬              ‫الاستجابة لدعوات التهدئة أن يتم تحليل المطالب التي يصدح بها‬
‫الترابية‪ ،‬ولمصيرنا داخل منطقة إفريقية ومتوسطية وعربية‬                ‫المحتجون والعمل على التفاعل معها إيجاب ًيا بقدر الإمكان‪ ،‬دون‬
                                                                     ‫التفكير مطل ًقا في معادلة غالب أو مغلوب‪ ،‬التي لا تأتي من ورائها عاد ًة‬
           ‫ومغاربية تنوء بالكثير والجسيم من المشاكل وال َمخاطر‬       ‫إلا المصائب‪ .‬وقد تبين من مطالب المحتجين أن هؤلاء لم يعودوا يثقون‬
   1   2   3   4   5   6   7