مختلفات
أخر الأخبار

غول الجفاف يضرب من جديد.. بيد من حديد!! (مغرب التغيير – الدار البيضاء 12 غشت 2023)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 12 غشت 2023

شكلت ظاهرة الجفاف هذه السنة والسنة التي قبلها واحدة من أبرز المشاكل التي بعاني منها الشعب المغربي وتتأثّر لها سلبيا قدرته الشرائية ومقدّراته على صعيد الدخل الوطني والفردي الخام.

لقد ضرب الجفاف الموسم الفلاحي الماضي بشكل غير مسبوق خلال العشريات الفلاحية الثلاث الأخيرة، سواء بالنظر إلى طول مدته، أو لاتساع رقعته، التي جعلت كثيرا من المناطق تشكو من قلة المتساقطات المطرية وندرتها، إذ إن هذه المتساقطات لم تتجاوز نسبتها الـ 13 %، مما جعل هذا الموسم من أقسى المواسم جفافاً خلال العقود الأربعة الأخيرة في المغرب.

صحيح أن التساقطات المطرية الأخيرة التي شهدتها مناطق في المغرب خلال شهر ديسمبر الماضي جاءت بزخّة معتبرة من الأمل إلى قلوب المزارعين الصغار على الخصوص، إلا أن تداعيات الجفاف الذي عمّر طوال أشهر خلت ظلّت جاثمة على صدور الفلاحين والمزارعين حتى المستوطنين منهم في أكثر المناطق خصوبة.

كلنا يعلم أن الفلاحة في المغرب ترتهن بالأمطار، لأن أغلب المساحات الزراعية ما زالت بوراً وفي حاجة مستديمة لمياه الأمطار، ولذلك تتأزم أحوال المزارعين كلما أبانت السماء عن شحّها، فتزداد أوضاع الفلاحين سوءاً لأنهم يقتاتون ويسترزقون من غلاّت الأرض، وكذلك الحال بالنسبة لسكان المدن والحواضر، الذين لا يكونون أحسن مآلاً عندما تنقبض السماء وتقل عطاءاتها.

بالمناسبة، فموجة الجفاف التي أصابت المغرب خلال الموسم الفلاحي الماضي، 2021 – 2022 لم تشهد البلاد بالتقريب مثيلةً لها منذ سنوات الثمانين من القرن الماضي، حيث ضربت هذه الموجة بعض المناطق دون غيرها، غير أن الموجة الأخيرة مازالت تداعياتها حاضرةَ البوادي والأرياف حتى أنها طالت مختلف مناطق المملكة.

هبة بريس

وليس من الغريب أن نلمس لدى فلاحينا نوعاً من الإحساس بالعداوة والبغضاء إزاء موجاة الجفاف المتوالية، باعتبارها عدوهم اللذوذ، الذي يأتي بغير استئذان ليقوّض آمالهم الصغيرة، التي قد لا تزيد لدى معظمهم عن دعم تمدرس أطفالهم ومنح فرص أوفر لشبابهم كي يفتحوا بيوتاً ويكوِّنوا أسَراً صغيرة، تكفل لهم استلام مشعل الخلافة من أيدي الآباء واستكمال المسير بحد أدنى من الأمل في المستقبل. وكل هذا أو حتى بعضه لا يلبث أن يتحوّل إلى حلم صعب التحقيق ما بقيت السماء شحيحةً والأمطار معلقة بين السماء والأرض في انتظار الفرج.

تجدر الإشارة إلى أن الإنتاج الزراعي في المغرب يساهم بنسبة 15 % من الناتج الداخلي الخام، كما أن هذا القطاع البوري في معظمه والذي يعتمد أساساً على التساقطات المطرية يشغّل 40 % من الساكنة المغربية، وهذا رقم شديد الصعوبة نظرا لكونه يشكّل سيفاً ذا حدّين، فمن جهة، يتبوّأ مكانة وازنة من حيث عدد الأيدي العاملة التي يشغّلها على امتداد التراب الوطني، ومن جهة أخرى، يهدّد بتأزيم أحوال قرابة نصف الساكنة المغربية كلما حلت موجات جفاف كهذه التي تجثم على صدر هذا القطاع منذ الموسم الزراعي السابق.

لكم

على صعيد تدخّل الدولة، خصصت الحكومة، كما أكدت ذلك في جلسات البرلمان، غلافاً مالياً وازناً يقدّر بنحو 1,12 مليار درهم للتأمين متعدد الأخطار ضد الجفاف، كما خصص قانون المالية لسنة 2023 مبلغ 10,6 مليار درهم لمواجهة أزمة الماء المترتبة عن آثار الجفاف.

فضلاً عن ذلك، وعدت الحكومة باتخاذ مبادرات اجتماعية لمواجهة هذه الظاهرة من قبيل دعم المزارعين وتوفير الكلأ والأعلاف، في وقت دعا المجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي فيه إلى ضرورة العناية بالبحث والتطوير في مجال اختيار البذور والزراعات الأكثر مقاومة للجفاف، وتطوير تقنيات السقي والأساليب الفلاحية الأكثر ملاءمة لمناخ البلاد، وتطوير البنيات الأساسية الخاصة بتحلية مياه البحر، ومعالجة استعمال المياه العادمة لأغراض السقي في القطاع الفلاحي، وتنفيذ سياسة تحسيسية وتعبوية واسعة النطاق حول ضرورة ترشيد استهلاك الماء في مثل هذه المواسم الشحيحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى