إضاءات قانونية
أخر الأخبار

الوكالة القضائية للمملكة: مؤسسة حكومية وظيفية بزيّ محام !! (مغرب التغيير – الدار البيضاء 30 شتنبر 2023)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 30 شتنبر 2023

أُحدِثت الوكالة القضائية للمملكة بمقتضى ظهير 07/01/1928 (المنشور بالجريدة الرسمية عدد 794 بتاريخ 10/1/1928) الذي تم تعديله بمقتضى الظهير الشريف الصادر بتاريخ 18 دجنبر 1935 (المنشور بالجريدة الرسمية عدد 1216 بتاريخ 14/2/1936) والظهير الشريف الصادر بتاريخ 16 مارس 1938 (المنشور بالجريدة الرسمية عدد 1332 بتاريخ 6/5/1938)
وفي عام 1953 تمت إعادة تنظيم وظيفة الوكيل القضائي للمملكة بمقتضى الظهير الشريف الصادر بتاريخ 2 مارس 1953 (المنشور بالجريدة الرسمية عدد 2109 وتاريخ 27/03/1953، صفحة 444) والذي ما زال العمل به لحد الآن. وهذا معناه أننا هنا بصدد إحدى أعرق الآليات القانونية التي تعتمد عليها الإدارة المغربية في الدفاع عن مصالحها أمام مختلف الأطراف التي قد تكون معها في حالة نزاع ذي آثار مالية على الخزينة العامة.

​ينص الفصل الأول من ظهير 2 مارس 1953 المتعلق بإعادة تنظيم وظيفة الوكيل القضائي للمملكة على إمكانية تكليف هذا الأخير من طرف الإدارة المعنية بالنزاع للقيام بمهمة الدفاع نيابة عنها أمام القضاء، كما أوجب الفصل الأول من هذا الظهير إدخاله في جميع الدعاوى التي تهدف إلى التصريح بمديونية الدولة أو مكتب أو مؤسسة أو إدارة عمومية تحت طائلة عدم القبول، باستثناء ما يتعلق بالضرائب وريع الأملاك المخزنية، وقد أكد المشرع هذه القاعدة بتضمينها في الفصل 514 من قانون المسطرة المدنية.

كما أوجبت المادة 3 من قانون المسطرة الجنائية إشعار الوكيل القضائي للمملكة بكل المتابعات المثارة في مواجهة القضاة والموظفين العموميين والأعوان ومأموري السلطة أو القوة العمومية، وذلك لكي يكون على علم بكل هذه المتابعات ويتخذ التدابير الملائمة لتفادي إدانتهم من أجل أفعال لها علاقة بمهامهم الوظيفية، باعتبار أن هذه الإدانة قد تخول المتضرر إمكانية مطالبة الدولة بتعويض الضرر الناجم عن الأفعال موضوع الإدانة.

وتمتد وظيفة المؤسسة لتشمل بالإضافة إلى مهمة الدفاع، القيام بمهام الوقاية من المنازعات والحد من المخاطر القانونية وذلك من خلال إعطاء الاستشارات القانونية لأشخاص القانون العام، والقيام بأنشطة التكوين والتحسيس، وهذه المهمة لا تقل أهمية عن المهام الأخرى، لأنها تؤدي إلى التقليل من المنازعات المعروضة أمام القضاء.

كما يسمح القانون للوكيل القضائي للمملكة بالتصالح في بعض القضايا التي تكون فيها مسؤولية الدولة ثابتة، وذلك بعد الحصول على موافقة لجنة فصل المنازعات المنصوص عليها في الفصل الرابع من ظهير 02 مارس 1953، إضافة إلى استرداد المبالغ المصروفة من الدولة في مواجهة الغير المسؤول طبقا للفصلين 28 و32 من قانوني المعاشات المدنية والعسكرية.

الخدمات التي تقدمها الوكالة القضائية للمملكة: تتدخل المؤسسة في ثلاثة مجالات إستراتيجية تهدف جميعها إلى الحفاظ والدفاع عن المال العام، ويتعلق الأمر بما يلي:

الدفاع عن الدولة أمام القضاء: تؤمن الوكالة القضائية للمملكة مهمة الدفاع عن الدولة ومؤسساتها العمومية أمام المحاكم الوطنية والأجنبية وهيئات التحكيم، مدعية كانت أو مدعى عليها، وذلك بشأن جميع القضايا التي تهم مجال تدخل الإدارة سواء كانت ذات طبيعة مدنية أو إدارية أو تجارية أو جنائية، شريطة أن يتم تكليفها صراحة بذلك. ويأخذ تدخل الوكالة القضائية للمملكة في الدعوى إحدى صورتين:

إما باعتبارها مدخلة في الدعاوى القضائية التي ترفع ضد أشخاص القانون العام والتي تستهدف التصريح بمديونية الدولة باستثناء القضايا المتعلقة بالضرائب وريع أملاك الدولة.

أو باعتبارها مدافعة عن الدولة وإداراتها العمومية، سواء كانت مدعية أو مدعى عليها.

التسوية الودية للمنازعات:

بالإضافة إلى مهمة الدفاع عن أشخاص القانون العام تعمل الوكالة القضائية للمملكة على تسوية بعض المنازعات باتباع مساطر غير قضائية، ويتعلق الأمر بـ:

– مباشرة مسطرة الصلح في إطار لجنة فصل المنازعات المنصوص عليها في الفصل 4 من ظهير 02 مارس 1953؛

– سلوك المسطرة الحبية لاسترجاع صوائر الدولة من الأغيار المسؤولين، طبقا للفصلين 28 و32 من قانوني المعاشات المدنية والعسكرية.

الوقاية من المخاطر القانونية:

تؤدي الوكالة القضائية للمملكة دورا هاما في الوقاية من المخاطر القانونية وذلك عن طريق القيام بعدة مهام منها:

– إنجاز الدراسات و تقديم الاستشارات القانونية لبعض الإدارات والمؤسسات العمومية التي تطلب منها ذلك؛

– إطلاع الإدارات العمومية على المستجدات القانونية والقضائية؛

– المساهمة في تنظيم وتأطير الدورات التكوينية والندوات العلمية.

طبيعة المنازعات التي تتكلف بها الوكالة القضائية للمملكة :

 يشمل تدخل الوكالة القضائية للمملكة، جميع مجالات نشاط الإدارة العمومية، ويتعلق الأمر على الخصوص بالدعاوى المتعلقة بـ:

– الطعن بالإلغاء ضد القرارات الإدارية للشطط في استعمال السلطة؛

– مسؤولية السلطات العمومية في إطار الفصول 79 و80 و85 مكرر من قانون الالتزامات والعقود وفي ما يتعلق بجميع مجالات تدخلها (المجال الطبي، الحوادث التي تتسبب فيها مركبات الدولة غير المؤمن عليها، الحوادث المدرسية، عدم صيانة المنشآت العامة، حفظ النظام، الاسترداد، …الخ).

– المسؤولية التعاقدية للأشخاص الاعتباريين الخاضعين للقانون العام (المنازعات الناشئة عن العقود الإدارية وغير الإدارية، النزاعات ذات الطبيعة الاجتماعية، المنازعات الناشئة عن تطبيق القوانين المتعلقة بالمعاشات، ومنحة الوفاة و راتب الزمانة …الخ).

– الدعاوى التي ترفعها الوكالة القضائية للمملكة نيابة عن الدولة المغربية في شخص السيد رئيس الحكومة للمطالبة بحق من حقوق الدولة (إفراغ المساكن الإدارية، دعوى الرجوع ضد الغير المسؤول، حماية التراث والمآثر التاريخية، الانتصاب كمطالب بالحق المدني لاسترداد الأموال المختلسة…الخ).

– معالجة إشعارات متابعة موظفي الدولة، تقديم الشكايات والدفاع عن الموظفين ضحايا الاعتدآت…إلخ .

مهمة الدفاع القضائي:

يختلف التمثيل القانوني عن الدولة ومؤسساتها العمومية عن مهمة الدفاع والإدخال في الدعوى المخولين للوكيل القضائي للمملكة؛

التمثيل القانوني للدولة ومؤسساتها أمام القضاء:

كمبدأ عام، يعتبر رئيس الحكومة هو الممثل القانوني للدولة وإداراتها أمام القضاء، مدعية كانت أو مدعى عليها، غير أن لهذا المبدأ مجموعة من الاستثناءات المنصوص عليها صراحة في نصوص خاصة، ويتعلق الأمر أساسا بالمجالات الآتية:

  • الأملاك الغابوية يمثلها المندوب السامي للمياه و الغابات؛
    • الملك العام للدولة يمثله الوزير المكلف بالتجهيز؛
    • الملك الخاص للدولة يمثله مدير أملاك الدولة؛
    • الأوقاف يمثلها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية؛
    • الضرائب يمثلها المدير العام للضرائب؛
    • تحصيل الضرائب يمثلها الخازن العام للمملكة؛
    • المجالس الحضرية والقروية يمثلها رئيس المجلس الحضري أو القروي؛
    • العمالات والأقاليم يمثلها عامل الإقليم؛
    • المؤسسات العمومية يمثلها مديرها العام.

 إدخال الوكيل القضائي للمملكة في الدعوى:

 ينص الفصل الأول من ظهير 02 مارس 1953 على ضرورة إدخال الوكيل القضائي للمملكة في جميع الدعاوى التي تهدف إلى التصريح بمديونية الدولة أو مكتب أو مؤسسة أو إدارة عمومية تحت طائلة عدم القبول، باستثناء ما يتعلق بالضرائب والأملاك المخزنية، وقد أكد المشرع هذه القاعدة بتضمينها في الفصل 514 من قانون المسطرة المدنية.

 يهدف المشرع من هذا الإدخال إلى حماية المال العام في مسطرة التقاضي، لأن رفع أي دعوى ضد الدولة له تأثير على المال العام، إما بشكل مباشر أو غير مباشر، وحضور الوكالة القضائية للمملكة في الدعوى يكون الغرض منه هو الدفاع عن مصالح الخزينة العامة ومواكبة المساطر القضائية والتأكد من حسن سيرها.

 الوكيل القضائي للمملكة كمدافع عن الدولة أمام القضاء:

خول المشرع للدولة والإدارات العمومية الحق في الدفاع عن نفسها أمام القضاء بإحدى الطرق الثلاث التالية:

– تنصيب محام للقيام بذلك؛

–  الدفاع عن نفسها بنفسها بواسطة موظف مؤهل لذلك، على اعتبار أن الإدارات العمومية معفاة من وجوب اللجوء إلى خدمات المحامين للتقاضي (المادة 33 من قانون هيئة المحامين، المادة 34 من قانون المسطرة المدنية، المادة 529 من قانون المسطرة الجنائية)؛

 – الاستعانة بخدمات الوكيل القضائي للمملكة (المادة الأولى من الظهير الشريف الصادر في 2 مارس 1953).

وهكذا فإن وجود الوكيل القضائي للمملكة في الدعوى يكون إما بصفته مُدْخَلا فيها أو بصفته مدافعا عن الإدارة، وفي معظم الحالات يستمد وجوده من الصفتين معا أي كمُدْخَل ومدافع في نفس الوقت.

 مسطرة معالجة الملفات المعروضة

على القضاء من طرف الوكالة القضائية:

يتم إدخال الوكيل القضائي للمملكة في الدعوى عن طريق تبليغه باستدعاء من طرف المحكمة، كما يمكن أن يتوصل مباشرة من الإدارة المعنية بالنزاع بمراسلة تكلفه بمقتضاها بالدفاع عنها إما ابتداء أو في مسطرة جارية أمام المحكمة.

وإذا كان موضوع النزاع يدخل في نطاق اختصاص الوكالة القضائية للمملكة، يقوم المكلف بالملف بالتحقق مما إذا كان قد تم إرفاق الطلب بالوثائق الضرورية للقيام بمهمة الدفاع، وفي حالة العكس، يطلب هذه الوثائق كتابة من المحكمة المعروض عليها النزاع أو يتنقل شخصيا للحصول عليها.

كما يعمل المكلف بالملف على التحقق من وجود كافة العناصر الضرورية لتهيئ مذكراته ودفاعه. وفي حالة عدم وجودها أو عدم كفايتها يطلب من الإدارة المعنية تزويده بها. كما ينسق معها لتحديد إستراتيجية الدفاع ومناقشة الدفوع التي ستتم إثارتها والتمسك بها.

وهكذا يجهز المكلف بالقضية الملف على ضوء ما تم التوصل به من وثائق ومعطيات وكذا النصوص القانونية والاجتهادات القضائية والدراسات الفقهية ذات الصلة، وذلك من أجل تحديد دفاعه. كما يحرص على تتبع القضية من خلال إعداد أجوبته، واتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لحسن سير القضية إلى حين النطق بالحكم. وبمجرد صدور الحكم الابتدائي تقوم الوكالة القضائية للمملكة بطلب نسخة منه من المحكمة وإخبار الإدارة بمنطوقه.

وبعد الاطلاع على الحكم الابتدائي تقوم الوكالة القضائية للمملكة بمجموعة من الإجراءات بحسب ما إذا كان هذا الحكم في صالح الإدارة أو في غير صالحها؛

الحالة الأولى، إذا كان الحكم الصادر في صالح الإدارة:

في هذه الحالة تقوم الوكالة القضائية للمملكة بالإجراءات الآتية:

  • تمكين الإدارة المعنية بالنزاع بنسخة من الحكم؛
    • مباشرة مسطرة تبليغ الحكم للطرف الخصم.

في حالة عدم استئناف الحكم أو التعرض عليه من طرف الخصم داخل الأجل القانوني، تعمل الوكالة القضائية للمملكة على تنفيذه.

أما في حالة استئنافه أو التعرض عليه وتوصل الوكالة القضائية بالمقال، يقوم الإطار المكلف بالملف بما يأتي:

  • البحث عن المعلومات الإضافية لدى الإدارة المعنية، إذا لزم الأمر، للتعقيب على الدفوع والوسائل التي بنى عليها الخصم استئنافه؛
    • إعداد وإيداع المذكرة الجوابية؛
    • أداء واجبات الخبرة عند الحاجة؛
    • حضور مختلف إجرآت التحقيق التي تأمر بها المحكمة (معاينات، خبرات…إلخ) إذا لزم الأمر؛
    • تتبع المسطرة أمام المحكمة الاستئنافية على غرار ما تم القيام به أمام المحكمة الابتدائية.

الحالة الثانية، إذا صدر الحكم في غير صالح الإدارة:

في هذه الحالة، يقوم الإطار المكلف بالقضية بما يأتي:

– الحصول على القرار الاستئنافي وإرسال نسخة منه إلى الإدارة؛
– دراسة معمقة للقرار لمعرفة إمكانية الطعن فيه بالنقض.

إذا استقر الرأي على الطعن بالنقض في القرار

يقوم الإطار المكلف بالملف بما يلي:

– طلب تفويض من رئيس الحكومة؛
– إعداد عريضة النقض، وإيداعها بمحكمة الاستئناف مصدرة القرار وأداء الرسوم القضائية المستحقة؛
– تتبع الملف إلى حين صدور قرار عن محكمة النقض، وإبلاغ الإدارة المعنية بمنطوقه.

قد يكون قرار محكمة النقض في صالح الدولة أو ضدها:

إذا قضت محكمة النقض بنقض القرار وأحالت الملف على محكمة الاستئناف للنظر فيه من جديد، يقوم الإطار المكلف بالقضية بإعداد المستنتجات بعد النقض والإحالة، وإيداعها بالمحكمة، وكذا تتبع المسطرة خلال مرحلة الاستئناف.

إذا رفض القرار طلب الطعن بالنقض، يقوم الإطار المكلف بالقضية بما يلي:

– إخبار الإدارة بمضمون القرار وحثها على اتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ منطوق القرار الصادر عن محكمة الاستئناف إذا كان يعود إليها أمر تنفيذه.

– إذا كان تنفيذ القرار من الميزانية العامة (التكاليف المشتركة)، تتم مباشرة مسطرة التنفيذ بطلب من المستفيد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: وزارة الاقتصاد المالية، الوكالة القضائية للمملكة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى