منوعات
أخر الأخبار

الغطاء الغابوي بالمغرب: المتاعب وجهود الحفاظ على الفرشة الغابوية (مغرب التغيير – الدار البيضاء 16 أكتوبر 2023)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 16 أكتوبر 2023

يتميز المغرب بتنوع مناخي ووسط طبيعي بالغَيْ الأهمية يتولد عنهما تنوّع نباتي وحيواني ووحيشي في غاية التميُّز. وتبلغ مساحة الغطاء الغابوي المغربي حوالي 9.000.000 هكتار، تدخل ضمنها أشجار الحلفاء، أي ما يُعادل 12 في المائة من مجموع تراب المملكة.

وتغطي الغابات الطبيعية 82 في المائة من الغابات المغربية وتتكون أساسًا من الورقيات، مثل البلوط الأخضر وأركان والطلح… والصمغيات، كالأَرز والعرعار والصنوبر، وكذا السهوب المغطاة بنبات الحلفاء. أما الغابات المشجَّرة، أي التي تم تشجيرها حديثًا، فتبلغ مساحتها حوالي 600.000 هكتار لا غير.

ج. الصحراء المغربية

ومن أهم غابات المغرب يمكن ذكر: غابات الأرز؛ غابات الصنوبر؛ غابات البلوط؛ غابات الأركان وغابات الطلح.

وللغابات وظائف متعددة ومختلفة، منها: الوظيفة الإيكولوجية، لكونها مستودعًا حافِظًا للجينات لا غنى عنه ولا بديل، لأنه المكان الوحيد الذي تستمر فيه حياة الوحيش. ومنها تطهير الهواء عن طريق عملية التركيب الضوئي، التي تعمل على امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون مقابل إنتاج الأوكسجين بواسطة جذور الشجر، التي تمتص الماء والأملاح المعدنية. ومن تلك الوظائف أيضًا تنظيم جريان المياه والحفاظ على التربة والبنيات الأساسية من الانجراف، كما تساعد على ارتفاع نسبة الفرشة المائية واجتناب توحُّل الأنهار والسدود، بالإضافة إلى التخفيف من آثار الجفاف، وتشكل بالتالي عاملاً مهمّا في محاربة ظاهرة التصحُّر.

وللغابة وظائف اقتصادية بالغة الأهمية، ومن ذلك أنها مورد مهمّ للطاقة، حيث تزود البلاد سنويًا بـ10.000.000 متر مكعب من حطب الوقود، الذي يشكل 30 في المائة من الاستهلاك الوطني للطاقة؛ و1.600.000 متر مكعب من خشب النجارة والصناعات الورقية، حيث تؤمِّن سنويًا ما يعادل 30 في المائة من حاجيات البلاد منها، فضلاً عن إنتاج سنوي يبلغ 15.000 طن من مادة الفلّين.

وفي مجال الرعي، توفر الغابة 17 في المائة من الحاجيات الوطنية، بما يعادل 1,5 مليار وحدة علفية، زيادة على مساهمة الغابة في تنمية الاقتصادات الأخرى الوطنية المحلية، كإنتاج النباتات الصيدلة والعلاجية، وبعض المواد الغذائية والفواكه الغابوية كالعسل والخروب والبلوط…

وللغابة وظائف أخرى اجتماعية، من بينها الإسهام في إحداث مناصب الشغل، حيث تساهم سنويًا بنحو 8.000.000 يوم عمل للساكنة المجاورة لها، يستفيد منها حوالي 8.000 عامل دائم.

وللغابة وظيفة ترفيهية وترويحية، تتمثل في توفيرها فضاءات لائقة للنزهة، والتخييم، والسياحة الغابوية؛ واشتمالها على طرائد متنوعة يسعى إليها نحو 70.000 قنّاص، مما يسهم في إنعاش السياحة الجبلية ودعم التنمية المحلية.

وتوفر الغابة زيادة على ذلك مجالات طبيعية للصيد المائي لحوالي 10.000 من هواة صيد الأسماك المتوافدين على أنهار وأحواض المملكة.

البيان

المشاكل التي تعاني منها الغابة المغربية:

بالرغم من كل هذه الإسهامات والأدوار الإيجابية للغابة في الحياة المغربية، فإنها تعاني من تراجع كبير يقلّص من مساحاتها كل سنة بمقدار 20.000 إلى 30.000 هكتار، الشيء الذي يهدد نحو 1.500 صنف نباتي وعدة أنواع من الطيور والوحيش بالانقراض، وذلك لأسباب وعوامل من أبرزها:

تلوث الهواء من جرّاء هطول أمطار حمضية؛ وتمدّد الفترات الصيفية وتصاعد حرارتها؛ وتزايد نسبة البرودة الشتوية في المرتفعات؛ وقلة التساقطات المطرية وعدم انتظامها؛ والحرائق وانتشار الأمراض والطفيليات؛ والدواب الضالة.

وفضلاً عن ذلك، هناك أيضًا:

النمو الديموغرافي المتزايد للسكان؛ وتوسيع الأٍراضي الزراعية على حساب المساحات الغابوية؛ والرعي المفرط داخل الغابات؛ والترامي على المساحات الغابوية خارج القانون؛ والتوسع العمراني على حساب الغطاء الغابوي، كما في القنيطرة وأكادير؛ وتوسّع البنيات السياحية بوتيرة متنامية.

المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، من جهتها، مكنها المشرع من هيكلة وبنيات إدارية وتقنية متميزة تؤمّن لها القدرة اللازمة على الاضطلاع بمهامها الجسيمة سالفة الذكر، وتجعلها في صميم الجهد العام، الرامي إلى حماية الثروات الوطنية والحغاظ عبها، وجعلها بالتالي رافدًا هامًّا من روافد التنمية.

من الطبيعي أن يكون الغطاء الغابوي المغربي في حالة تستدعي الكثير من اليقظة، ومن الاجتهاد في ابتكار أساليب حمائية متعددة ومتنوعة، خاصة فيما يتعلق بظاهرة الترامي على الأراضي الغابوية بغير وجه حق، وتعريضها عن قصد أو غيره لأضرار تهددها بالتلف والضياع، مما يستوجب المساءلة والردع في حق مرتكبي هذه الممارسات.

إن القطاع الغابوي، أمانة في عنق السلطة الحكومية المختصة، وبالتالي يتعين عليها القيام بكل ما ترتبه هذه المسؤولية من التزامات في إطار الحق والقانون، لأن الغابة ملك لجميع المغاربة بلا استثناء، وما كان ملكًا للعموم فعلى العموم أن يعمل على الحفاظ عليه وصيانته من التبذير والهدر ومن العبث، والحرص على الانضباط في ذلك بضوابط القانون وأحكامه الراعية للمصلحة العامة للبلاد.

المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، اشتغلت في هذا الاتجاه قاطعة في ذلك أشواطًا لا يُستهان بها، وحققت أرقامًا يمكن اعتبارها قياسية، حيث تسنى لها أن تعمل على تحفيظ نحو 3.000.000 هكتار من المساحات الغابوية، التي تبلغ في مجملها 9.000.000 هكتار؛ كما ساهمت مساهمة إيجابية وفاعلة في تحفيظ ما يفوق 300 هكتار من أراضي الخواص المحاذية للملك الغابوي؛ فضلاً عن استصدارها لقرارات المصادقة على تحديد الملك الغابوي، علمًا بأن هذه المصادقة تتمتع بنفس قوة التحفيظ العقاري، مستهدفة بذلك التقليص من عدد النزاعات التي كثيرًا ما تقوم بين المندوبية السامية والمُلاّك الخواص، والتي يتعين أن يتم توحيد المساطر وتبسيطها من أجل تذليل العقبات التي تواجهها بين الحين والآخر، مع اعتماد نوع من المرونة والتجاوز حتى لا يتزايد عدد الملفات العالقة والمتراكمة داخل ردهات المحاكم ومرافقها المختلفة فتؤدي بذلك، وفي آن واحد، إلى إثقال كاهل الدولة والمتقاضين المعنيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى