تتبع تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد يفضح ضعف الانخراط السياسي* (مغرب التغيير – الدار البيضاء 3 دجنبر 2023)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 3 دجنبر 2023
يؤكد العديد من الباحثين والدارسين والمتتبعين مخاوفهم من تفاقم ظاهرة الفساد بالمغرب، وأيضا من استمرار ضعف ردود الفعل السياسية التي تثيرها دون أن تتجاوز سقف الخطابات وإعلان النوايا. ومن العناصر الدالة على هذا الهوان، تجدر الإشارة إلى تقهقر المغرب في تصنيف مؤشر إدراك الفساد على مدى العِقد الماضي، كما يَتَبيَّن ذلك من المعطيات المدرجة في المقياس العالمي للفساد، وفي التقييمات المستقلة الأخرى التي تُعنى بالفساد والشفافية والعدالة والحكامة.

بعودة يسيرة إلى الوراء، نجد أن الحكومة المغربية اعتمدت، في سنة 2015، “إستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد”، حيث شاركت “الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة” و”ترانسبرانسي المغرب” في إعداد هذه الإستراتيجية، كما أن هذه الأخيرة تتمتع بعضوية اللجنة المكلفة بتتبع التنفيذ.
وبإطلاقها لهذا المشروع، تود ترانسبرانسي المغرب أن تنخرط بشكل أكبر في تنفيذ هذه الإستراتيجية، من خلال مساءلة الإدارات التي يقع على عاتقها مسؤولية التنفيذ.
وما يبرر الحاجة إلى هذا الإجراء، هو التأخر والتباطؤ الملحوظان في تنفيذ الإستراتيجية، وضُعف الإرادة لدى الأطراف المعنية، مما يعني تنامي واستفحال السلبيات التالية:
– تأبيد ظاهرة التباطؤ في تنفيذ الإستراتيجية؛
– تردي حالة الفساد بمختلِف أشكاله؛
– ورود احتمال التخلي التدريجي عن هذه الإستراتيجية وإقبارها.
تقديم المشروع المتعلق بتتبع التنفيذ:
حظيَ مشروع “تتبع تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد” بدعم من لدن سفارة مملكة هولندا بالرباط على مدى سَنتين (2017-2019). ويُكرِّس هذا المشروع نشاطه الرئيسي لتتبع تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.
أهدافه:
حث الحكومة على تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، التي اعتمدتها منذ سنة 2015؛
وبصورة أعم، المساهمة في تعميم ثقافة حقوق الإنسان، والشفافية، ومكافحة الرشوة والفساد.
المقاربة المنهجية:
إرساء آلية لرصد ظاهرة الفساد في المغرب، وتنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وتعزيز مسؤولية السلطات العمومية المشاركة في التنفيذ، من خلال:
– جمع المعطيات حول موضوع الفساد في القطاعين الإداري والخاص؛
– وضع لوحة بيانية لإظهار التقدم المحرز وأوْجُه القصور في تنفيذ إستراتيجية مكافحة الفساد؛
– مساءلة سُلطات الدولة حول الاستنتاجات المستخلصة من اللوحة البيانية ومن تتبع التنفيذ؛
– تنظيم حلقات دراسية للترافع ودعم مساءلة السلطات؛
– المشاركة في اجتماعات التقييم التي تنظمها الأطراف المعنية.
النتائج المنشودة:
– أن يتوفر المغرب على آلية لتتبع ومراقبة تنفيذ الإستراتيجية الوطنية؛
– أن تضطلع الإدارات الوصية وهيئات المراقبة بدورها وتضع الترتيبات اللازمة لتنفيذ الإستراتيجية الوطنية؛
– أن يتم تتبع تنفيذ الإستراتيجية وتوعية الإدارات المعنية؛
– أن يتمكن المواطنون من الولوج السهل إلى المعلومات المتعلقة بتنفيذ الإستراتيجية الوطنية.
ويبقى السؤال حارقاً ومحرجاً: “ما دام الدارسون والهيئات المعنية بهذا الأمر قد أجمعوا على أن ردود الفعل السياسية ضعيفة وتكاد تفضي إلى تجميد الإستراتيجية الوطنية المفترَى عليها أو إقبارها، فما هو الدور الذي يُفترَض أن تضطلع به الأحزاب السياسية من خلال تنظيماتها المباشرة من جهة، وبواسطة تمثيلاتها البرلمانية والجماعية من جهة ثانية، علماً بأن أبرز المفسدين، الذين أشارت إليهم بأصبع الاتهام تقاريرُ المجلس الأعلى للحسابات وفروعه الجهوية، إنما هم خرّيجو الأحزاب ذاتها، وأن هذه تحديداً، هي التي ارتكبت فضيحة الإتيان بهم إلى ساحة التدبير الجهوي والمحلي للشؤون العامة دون إيلاء أي اهتمام ليقظة ضمائرهم وبراءة ذممهم وابتعادهم عن الشبهات“؟.. وبالمناسبة،أين هي هذه الأحزاب أساساً؟!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الموقع الرسمي لترانسبرانسي المغرب (بتصرّف).