آراء ومواقف
أخر الأخبار

الماروكوفوبيا الجزائرية.. هل تتحول إلى حقد دفين وعداء بين الشعبيْن؟! (مغرب التغيير – الدار البيضاء 31 يناير 2024)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 31 يناير 2024         (ع.ح.ي.)

حقيقةُ هذه الظاهرة أنها بدأت في أول أمرها بجعل المغرب شماعة يعلق عليها النظام الجزائري العجوز والكسيح انهزاماته المتوالية.. الدبلوماسية والخارجية.. أمام الدبلوماسيا المغربية الواقعية والبراكماتية.. ويغطي بها في الوقت ذاته على إخفاقاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية الداخلية.. في بلد يحقق دخلا وطنيا إجماليا بمئات الملايير من الدولارات.. بل وصل في وقت من الأوقات إلى 1.500 مليار دولار كانت مركونة في خزينة الدولة.. ذهب ثلثها على الأقل في تمويل وتسليح وتسمين جبهة لقيطة تحمل اسم البوليساريو!!

بعد ذلك.. تحولت الظاهرة إلى منهاج سياسي تعليمي بيداغوجي.. وديماغوجي.. يطال مجالات التربية والتعليم والتكوين.. يهدف إلى إنتاج وتخريج أجيال متوالية من المعادين فكراُ وقولاً وممارسةً لكل ما هو مغربي.. لا لشيء سوى لإشباع نرجسية النظام ذاته.. المتألّف من جنرالات شائخين.. أغلبهم يستعمل الحفّاظات خوفا من افتضاح سَوْأته أمام الملأ.. وجميع مكوّناته لا تعدو ان تكون ميراثاً ثقيلا لمؤسس هذا المنهاج.. المرحوم الهواري بومدين.. الذي أقسم بعظمة لسانه أن يضع داخل الحذاء المغربي حصاة موجِعة تعيقه عن اي تقدم إلى الأمام.. قاصداً بذلك.. النزاعَ المفتعلَ حول الصحراء المغربية.. في محاولة له فاضحةٍ للتمويه على ملف الحدود الموروثة عن الاستعمار.. وعلى صحرائنا الشرقية.. التي وصفها الرئيس المرحوم أحمد بن بلة.. بعظمة لسانه هو الآخر.. بأنها هدية كريمة من فرنسا.. وزاد على ذلك بالقول إنه من غير اللائق رفض الهدايا وردّها!!!

المهم.. أن المدارس الابتدائية بالجزائر اجتهدت في التفعيل اليومي لمناهج دراسية وضعها النظام بين ايدي مديريها.. تشتمل على دروس تزوّر تاريخ الجزائر لتقديمها في صورة دولة تعاني من مؤامرات الجار المغربي واعتداءاته اليومية.. كما يقولون ليلَ نهار في وسائلهم الإعلامية.. مستعملين في ذلك دروسا مصوّرة تقدم المواطن المغربي في زي عسكري حاملا سلاحه الناري من جهة.. والمواطن الجزائري مرتدياً عباءةً بيضاء ترمز للسلم والمسالمة في الجهة المقابِلة.. تماما كما كان الفلسطينيون يفعلون في مدارسهم بإزاء الصهاينة المعتدين… ومع مرور السنين.. واستمرار النظام الجزائري في عدوانيته غير المبررة.. والمثيرة للاشمئزاز والسخرية في مختلف أنحاء المعمور.. نشأ على الأقل جيلان أو ثلاثة من الشباب الجزائري.. المتشبّع بكل مشاعر الكراهية تجاه المغرب وأهله.. باستثناء أقلية يسيرة من الجزائريين المعتدلين.. وأغلب هؤلاء من الجيل الذي عاصر الثورة وعرف عن كثب مدى مساهمة المغاربة في إنجاحها ونصرتها بالمال والسلاح.. وبالسياسة والدبلوماسيا… تماما كما يفعل نظامهم اليوم.. كردّ للجميل.. تجاه مرتزقة البوليساريو.. بهدف تقسيم التراب المغربي وإقامة دويلة لقيطة في شطره الجنوبي تكون خديمة للنظام ذاته… وبذلك يحكم قبضته على الحدود المغربية الجزائرية جهة الشرقَيْن الشمالي والجنوبي.. فيفصل المغرب عن جذوره الإفريقية.. وعن الأسرة العربية بتحصيل الحاصل… وكل ذلك يدركه المغاربة دولةً وأمّة.. وينجحون على مدار الأيام والشهور والسنين.. سياسياً ودبلوماسياً وحتى عسكرياً.. في وقفه والحلول دون تكريسه على أرض الواقع!!!

غير أن الغريب والمخالف للعقل والمنطق في كل هذا.. أن النظام الجزائري لم ينتبه إلى أنه ظل يمارس على مدار نصف قرن من الزمان نوعا من الإيحاء الذاتي لم يلبث أن تحوّل إلى “وسواس قهري” بكل المعايير.. يجعله ينسب كل مشكل من مشاكله.. صَغُرَ أو كَبُرَ.. إلى المغرب.. والمؤامرات المغربية.. في وقت ينشغل المغرب فيه فيما يكرّس تنميته ويزكّي ارتقاءَه الاقتصادي.. الصناعي والتجاري.. لكي يصبح في نهاية المطاف قُطبا اقتصاديا يُحسَب له حسابُه في المحافل الاقتصادية والمالية العالمية…

والمصيبة العظمى أن النجاحات التي حققها المغرب في مختلف هذه المجالات زادت من تعميق تلك الظاهرة المرَضية لدى النظام الجزائري.. ومع تزايد وتيرة غسل الأدمغة أصبح كل الجزائريين.. إلا من رحم ربك.. يوقنون بأن المغرب هو المصدر الوحيد لمتاعبهم.. خاصة وقد صارت طوابيرهم اليومية تخترق شهرتُها الآفاق.. وتتناقل الشعوب صورهم المخزية وهم يتدافعون ويتشاجرون على أوزان يسرة من الدقيق والسميد والحليب والزيت والعدس والفاصوليا… وحتى على قنينات الغاز المستعمل منزلياً.. وهو البلد المصنّف عالمياً كمنتج للغاز والنفط!!!

هذا الوضع الجزائري المزري.. وهذه المغربوفوبيا المتفشية راهنا بين مختلف أطيافهم.. هي التي جعلت شبابهم ليلة أمس الثلاثاء يخرجون بعشرات الآلاف للاحتفال بانهزام الفريق الوطني المغربي لكرة القدم أمام نظيره الجنوب إفريقي.. بل جعلتهم يحرقون العلم المغربي ويدوسونه بأقدامهم..  وكأنهم بذلك ينتقمون لأنفسهم وأُسَرهم من الاختناق الذي صار يدفعهم دفعاً مُبْرحاً نحو المزيد من التردّي إلى أسفل سافلين… والآتي بكل تأكيد أفظع وأهْوَل!!!

هذه الماروكوفوبيا.. إذَنْ.. هي التي تحكم الآن جاراً صار مضرب المثل في التردي النفسي والخُلُقي.. كنتيجة منطقية وبديهية لتردّيه الاقتصادي والاجتماعي.. وكذلك السياسي والدبلوماسي والثقافي… …

الآتي.. مرة أخرى.. أدهى وأمر… والأيام بيننا!!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى