الجزائر بين إعلام الجنون وجنون الإعلام!! (مغرب التغيير – الدار البيضاء 5 يناير 2024)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 5 يناير 2024 م.ع.و.
كل يوم، نهاراً أو ليلاً، أو بالأحرى ليل نهار، يطلع علينا حكام الجارة الشرقية من خلال وسائل إعلامهم الرسمية والخاصة، وإن كان وجود أي مؤسسة إعلامية خاصة أمراً مستبعَداً في ظل حكم شمولي يفعل وحده بالبلاد والعباد ما يشاء… كنت أقول، يطلعون علينا بتهم جديدة موجهة تحديداً للمغرب، عاهلاً وحكومةً وشعباً ومؤسسات، تَسِمُنا بالخيانة لأننا طبَّعنا، بينما نحن استأنفْنا فقط، علاقاتنا مع إسرائيل، ولأننا انقلبنا في تقديرهم على القضية الفلسطينية، التي لا يزال المغرب يقدم لها من الدعم المالي والسياسي والدبلوماسي ما يعجز عجائز الجزائر عن عدّه وإحصائه، بلا بهرجة، وبلا سينمائية فاضحة كما يفعلون كلما أخرجوا من جيوب الشعب الجزائري ومُقَدَّراته مبلغا بالدولارات يسلّمونه رشوةً لإسماعيل هنية أو لمحمود عباس أبو مازن، وكلاهما أثرى واغتنى على حساب “القضية”، من أجل أن يصرح أحدهما بأي صيغة عبثية يشبّه فيها الفلسطينيين بميليشيا الجزائر الجنوبية، التي يطلقون عليها اسم البوليساريو، أو على الأقل، حتى لا يصطفّ القياديان الفلسطينيان المذكوران في الخندق المغربي، علما بأن اصطفافهما او عدمه لا يقدم ولا يؤخر في قضية ربحها المغرب منذ نصف قرن، ومنذ تنظيمه لمسيرته التاريخية.
اتهمَنا حكامُ الجزائر فضلا عن خيانة قضية فلسطين، التي لم تخدمها الجزائر بأي شكل من الأشكال، بالتآمر على سلامة الدولة الجزائرية، وبالتواطؤ على تحقيق ذلك مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وبالإعداد مع إسرائيل لمهاجمة التراب الجزائري، واتهمونا بسرقة التراث الجزائري، وكأنّ الجزائر، المزدادة بمرسوم رئاسي وقعه الرئيس الفرنسي شارل ديغول سنة 1962، تمتلك تراثاً وموروثاً تاريخيا يستحق الحسد وبالتالي السرقة!!!
واتهمَنا هؤلاء “الماروكوفوبيون” (نسبة إلى الماروكوفوبيا) بالتآمر عليهم في المجال الرياضي، وتحديداً في ميدان كرة القدم، حتى قالوا إننا أرسلنا رياحاً سامّةً عاثت فساداً في ارضيات ملاعبهم الكروية، وقدمنا الرشاوي لمسؤولي الفيفا والكاف من أجل أن يقع علينا الاختيار لاحتضان نهائيات كأس إفريقيا للأمم برسم سنة 2025، وكأس العالم برسم سنة 2030، وزادوا على ذلك فاتهموا مَلِكَنا بتسخير الجن لإفساد أرضيات ملاعبهم، ولتعطيل قوى لاعبيهم والحيلولة دون انتصارهم فيما سيخوضونه من منافسات، ولم يقفوا عند حدود هذا الاتهام المضحك، بل جنّدوا جيشاً من فقهائهم ومشعوذيهم ورُقاتهم لدفع السحر والنحس عن فريقهم الوطني، ولعمل رُقيات يحملها اللاعبون الجزائريون قسراً، ضدا في “السحرة المغاربة”، أثناء خوضهم منافساتهم القادمة… وما زالت القائمة مفتوحةً على ما لا يطوف بالأذهان من هذا النوع من الهوس الفظيع… سيرك جزائري بكل المقاييس!!!
آخر صيحاتهم في السياق ذاته، تمثلت في احتجاجهم على الاتحادية الإفريقية لكرة القدم (الكاف) لأنها، على حد قولهم، سمحت للفريق الوطني المغربي، قبل انطلاق منافسات كأس الأمم الإفريقية الجارية راهناً، بإجراء مبارة ودية استعدادية مع فريق سيراليون، بحجة عدم مشروعية إجرائه لأي مبارة أو تدريب على أرضية الملعب الذي كان سيلعب فيه مبارياته الرسمية، فأقاموا الدنيا ولم يُقعدوها، وراسلوا الكوفدرالية الإفريقية في الموضوع، ليتضح في واقع الأمر أن المبارة المذكورة كان إجراؤُها مبرمَجاً في أحد الملاعب المعدة للتداريب فحسب، وليس في أي ملعب رسمي كما يدّعون، وبذلك أصبحوا بين عشية وضحاها أضحوكة بين كل المتتبعين والمهتمين!!!
موازاةً مع هذا الهرج الذي أثاره حكام الجزائر من خلال وسائل إعلامهم المُضحِكة/المُبكية، أطلق محللوهم الرياضيون ألسنتهم من خلال برامج تعدّها وتبثّها قنواتهم، بالقول إن المغرب إذا كان قد وصل إلى المرتبة الرابعة عالميا في نهائيات كأس العالم التي دارت بدولة قطر، فإنه حقق ذلك بالصدفة، وزادوا في هرطقاتهم بالتأكيد على أن الكأس الإفريقية لدورة الكوت ديفوار لن ينالها غير فريقهم، شريطة توقف المغاربة عن الدسائس والكولسات، كما يقولون، وعن ممارسة السحر الأسود ضدهم، حتى أنهم قالوا بعظمة لسانهم إن الجزائر لو كانت قد شاركت في نهائيات دولة قطر لكانت كأس العالم من نصيبها بدون مُنازع!!!
خلاصته، نحن أمام مرض نفسي وعقلي جماعي عُضال، وبالغ الخطورة، لا أعتقد أنه قابل للعلاج والشفاء، ولذلك تصاعد نهيق محلليهم الرياضيين متّهمين العالم كله بالتآمر عليهم، عند أول عثرة وقعت لفريقهم في نهائيات الكوت ديفوار، التي خرجوا منها بنقطتيْن يتيمتين دون تحقيق أي انتصار، فأدّى ذلك كما كان منتظرا إلى فقدانهم ما تبقى من وعيهم بالواقع، مما دفع وزيرهم المكلف بالاتصال إلى عقد ندوة تكلّم فيها كثيراً لمجرّد ذَرّ الرماد في العيون… رحم الله الملك الحسن الثاني، الذي قال ذات يوم إنه “لا ينتظر أن يعترف كولومبو بمغربية صحرائنا، وإنما يريد أن يعرف العالم مع مَن حشرنا الله في الجِوار”!!!