التصحر وتحديات مكافحته والتخفيف من آثاره دولياً (مغرب التغيير – الدار البيضاء 13 مارس 2024)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 13 مارس 2024
تصنف ظاهرة التصحر بين أكبر التحديات البيئية في عصرنا، غير أنّ معظم الناس لم يسمعوا عنه أو لا يفهمونه أو لا يُعيرونه اهتمامهم.
وعلى الرغم من أن التصحر يمكن أن يشمل تعدي الكثبان الرملية على الأرض، إلا أنه لا يشير إلى تقدم الصحاري. وبدلاً من ذلك، فإن السبب في تقدم الصحاري هو التدهور المستمر للنظم الإيكولوجية للأراضي الجافة بسبب الأنشطة البشرية، بما في ذلك الزراعة غير المستدامة، والتعدين، والرعي الجائر والمفرط، وتقطيع الأراضي من أجل الاستعمالات غير الزراعية، وتغير المناخ.

مُسَبِّباتُه:
يقع التصحر عندما تُزال الأشجار والغطاء النباتي الذي يربط التربة. ويحدث ذلك عندما يتم تجريد الأشجار والشجيرات لتوفير الحطب والأخشاب أو لتطهير الأرض للزراعة، والإفراط في أكل الحيوانات للأعشاب ودكّها للتربة السطحية بواسطة حوافرها، وكذلك بسبب الزراعة المكثفة والتي تستنزف العناصر الغذائية في التربة.
وتؤدي عوامل التعرية، التي تمارسها الرياح والماء إلى تفاقم الضرر، حيث تُحمَل التربة السطحية ويُترَك من جرّاء ذلك مزيجٌ من العقم والرمل. هذه هي أبرز العوامل التي تحول الأراضي المتدهورة إلى صحراء.
أثر التصحر في الطبيعة والسكان:
يُعتبَر التصحر قضية عالمية لها آثار خطيرة على التنوع البيولوجي والسلامة الإيكولوجية ومحاربة الفقر، وعلى الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والتنمية المستدامة على الصعيد العالمي.
ان الأراضي الجافة هشة بالفعل. وعندما تتدهور فإن تأثير ذلك على الناس والماشية والبيئة يمكن أن يكون مدمِّراً. ومن المحتمَل أن يُشرد نحو 50 مليون نسمة خلال السنوات العشر القادمة نتيجة للتصحر.
إنّ مسألة التصحر ليست جديدة. فقد لعبت دوراً هاماً في تاريخ البشرية وأسهمت في انهيار العديد من الإمبراطوريات الكبيرة وتشريد السكان المحليين. ولكن اليوم، تقدر وتيرة تدهور الأراضي الصالحة للزراعة بمعدل يتراوح بين 30 و 35 ضِعفاً مقارنة مع المعدل التاريخي.
ويعتمد نحو ملياري شخص على النظم الإيكولوجية في مناطق الأراضي الجافة حيث يعيش 90 في المائة منهم في البلدان النامية.
و هناك هبوط حاد في العديد من البلدان المتخلفة حيث يسبب الاكتظاظ السكاني ضغوطاً لاستغلال الأراضي الجافة في الزراعة. و تشهد هذه المناطق المنتجة بشكل هامشي فرطاً في الرعي، وتُستنفَذُ الأرض، كما يتم سحب المياه الجوفية.
وعندما تصبح الأراضي الريفية غير قادرة على إشباع حاجيات السكان المحليين فإن النتيجة تكون هجراتٍ جماعيةً إلى المناطق الحضرية.
ومن المرجح أن تؤدي زيادة وتيرة وشدة حالات الجفاف الناجمة عن تغيّر المناخ المتوقع إلى الزيادة في تفاقم التصحر،

ما الذي يُمكن فعله؟
– إعادة التشجير وتجديد الأشجار؛
– إدارة معقلنة للمياه، وتوفير المياه المعالجة أو إعادة استخدامها، وجمع مياه الأمطار، وتحلية مياه البحر، أو الاستخدام المباشر لها في المحطات المنتجة أو المستعملة للملح؛
– تثبيت التربة من خلال استخدام الأسوار الرملية، وأحزمة المأوى، والحطب ومصدات الرياح؛
اعتماد تقنية المزارع المُدارة بالتجديد الطبيعي (FMNR)، مما يتيح نمو الأشجار طبيعياً من خلال التقليم الانتقائي من براعم الشجيرات. كما يمكن استخدام بقايا من الأشجار المُقلمة كغطاء للحقول، وبالتالي زيادة احتباس التربة والحد من التبخر.
نحو التنمية المستدامة:
لقد حُدّد التصحر وتغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي كأكبر التحديات التي تواجه التنمية المستدامة، وذلك خلال انعقاد قمة الأرض في ريو عام 1992.
وتعتبر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، التي أنشئت في عام 1994، بمثابة الاتفاق الدولي الوحيد الملِزم قانوناً، والذي يربط البيئة والتنمية بالإدارة المستدامة للأراضي. وتعمل أطراف هذه الاتفاقية معاً للحفاظ على إنتاجية الأراضي والتربة، واستعادتها، والتخفيف من آثار الجفاف في الأراضي الجافة، والمناطق القاحلة وشبه القاحلة، والجافة شبه الرطبة، حيث يوجد بعض النظم الإيكولوجية والشعوب الأكثر ضعفاً.
واعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن التصحر والجفاف من المشاكل ذات البعد العالمي، حيث أنهما يؤثران على جميع مناطق العالم، وأن العمل المشترك من جانب المجتمع الدولي ضروري لمكافحتهما، وبخاصة في أفريقيا، وكان هذا الإعلان بتاريخ 17 يونيه الذي اعتُبِرَ “يوماً عالمياً لمكافحة التصحر والجفاف” بموجب قرارها 115/495 الذي اُعتمد في ديسمبر 1994.
ومنذ عام 2017، دعمت اتفاقية مكافحة التصحر وشركاؤها حوالي 70 دولة معرضة للجفاف لوضع خطط عمل وطنية للحد من هذه الظاهرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: الأمم المتحدة، الموقع الرسمي لأمانة الاتفاقية (بتصرف).