من كل الآفاق
أخر الأخبار

المفاهيم المتعددة للثقافة وأسسها الإثنولوجية (مغرب التغيير – الدار البيضاء 17 أبريل 2024)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 17 أبريل 2024

يعد مفهوم الثقافة Culture من أكثر المفاهيم تداولا وشيوعا، ومن أكثرها غموضا وتعقيدا. فهو المفهوم الذي أثقل جهود الباحثين الذين حاولوا تعريفه وتحديد ملامحه. وللوقوف على هذه الصعوبة، يكفي القول إنّ كلاكهون Kluckhon وقع أثناء دراسته لهذا الأمر على مائة وستين تعريفاً للثقافة، وذلك منذ خمس وعشرين سنةً. ويُعتبَر لفظ الثقافة Culture قديماً في اللغة الفرنسية، اذ ظهر في القرن الثاني عشر للدلالة على فعل العبادة، ثم بدأ يُشير الى فعل حراثة الأرض وزراعتها في القرن السادس عشر. ولكن هذه الكلمة بدأت تأخذ أبعادا اجتماعية وتكتسب مضامين ثقافية منذ بداية القرن الثامن عشر.

البلاغ

ويُعتبَر تعريف تايلر Tylar للثقافة في كتابه “الثقافة البدائية”Culture Primitve، الصادر سنة 1874، من أكثر تعاريف الثقافة شيوعا في أدبيات الثقافة المعاصرة. ومَفادُهُ، أن الثقافة هي: “ذلك الكل المُرَكّب من المعارف والمعتقدات والفنون والقواعد الأخلاقية والعادات والقدرات والمهارات والقوانين والاتجاهات والاستعدادات التي يكتسبها الفرد من المجتمع الذي يعيش فيه“.

وبهذا يكون مفهوم “الثقافة” متعدِّدَ الروافد وشاملاً لكل ما يتعلمه الفرد من عادات وتقاليد وقيم واتجاهات، ويعتنقُهُ من معتقدات دينية واجتماعية، ويُمارسُهُ من أنشطة حركية، ومن تنظيم للعلاقة بين الأفراد، والتكنولوجيا، وكل ما ينشأ عن ذلك من سلوك يشترك فيه أفراد المجتمع الواحد.

ويتعلم الفرد عناصر الثقافة الاجتماعية المحيطة به أثناء نموه الاجتماعي عن طريق التنشئة الاجتماعية، وتؤثر كل ثقافة في شخصية أفرادها عن طريق المواقف الثقافية المتعددة، ومن خلال التفاعل الاجتماعي المستمر.[1]

ويقول “مارك أوجي”[2] «إن مسألة الثقافة تشهد تَجَدُّداً يجعل منها مسألة راهنةً،  سواء على المستوى الفكري، أو على المستوى السياسي. ففي فرنسا، على الأقل، لم يكن الحديث في الثقافة أوسع مما هو عليه اليوم (بخصوص وسائل الإعلام أو الشباب أو المهاجرين) وهذا الاستعمال للكلمة مهما كانت حدود مراقبته يظل في حد ذاته مُعطىً إثنولوجياً».

يُفهم من هذه المقولة أن الثقافة تُشَكِّلُ أكثر من أي شيء آخر مُعطىً عرقياً مرتبطاً بأصحابه وصانعيه الذين يمارسون مختلف معانيه ودلالاته في حياتهم اليومية في تميُّز واضح عن باقي الإثنولوجيات أو الأعراق والثقافات.

والحال أن هذا المفهوم ينفصل قليلا عن السائد في عصرنا الراهن، والذي يُفسح مجالات أوسع لتزاوج الثقافات وتلاقحها بحيث تتجاوز الدائرة العرقية إلى دائرة إنسانية كونية ربما لن يتيسّر فيها طمس الخصائص الإثنية للثقافات الوطنية باتجاه دمجها في ثقافة أحادية. علماً بأن هذا هو أحد أهداف النظام العالمي الجديد، وما قد يحل بعده من الأنظمة التنميطية، أي الرامية إلى تعميم نمط ثقافي أحادي على البشرية بمختلف إثنياتها.

والحال أن هذا التوجه العالمي الكوني لن يُفلح في دمج الثقافات داخل نفس النمط، لأنه بمجرد انطلاقه في هذه المحاولة لم يلبِثْ أنْ أذكى نيران الصراع الثقافي، أو ما يسمى بـ”صراع الحضارات”، وجعل الثقافات الوطنية أو الإثنية تحيط نفسها بحواجز تحاول بواسطتها أن تحمي ذاتَها وخصوصياتِها من هذا النوع من الذوبان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: قاعة الانتظار، أرشيف مغرب التغيير/ صورة الواجهة: “أكاديمية بالعقل نبدأ”.

 [1] Edward Tylor est né à Camberwell en 1832. Fils de Joseph Tylor et Harriet Skipper, il grandit dans une famille quaker fortunée, propriétaire à Londres d’une usine de laiton. Il se spécialise dans la culture.

Il fait ses études à Grove School House, Tottenham, mais en raison de la mort de ses parents, il n’obtient pas de diplôme universitaire3. Après leur décès, il se prépare à aider à gérer l’entreprise familiale, mais ce projet est suspendu par des symptômes compatibles avec l’apparition de la tuberculose. On lui conseille de gagner des climats plus chauds et Tylor quitte l’Angleterre pour les États-Unis en 1855. Son voyage se poursuit ensuite à Cuba puis au Mexique. L’expérience s’avère décisive dans la trajectoire du jeune homme, éveillant un intérêt qui ne se démentira pas pour l’étude des cultures étrangères4

– “مفهوم الثقافة في العلوم الاجتماعية” دنيس كوش، ترجمة د. منير السعيداني، مراجعة د. الطاهر لبيب، المنظمة العربية للترجمة بيروت مارس 2007، ص 9.

[2] Marc-Auguste Pictet, né le 23 juillet 1752 à Genève et mort le 19 avril 1825 dans la même ville, est un physicienmétéorologue et astronome suisseThomas Jefferson écrivit en 1794 que Pictet lui était connu « as standing foremost among the literati of Europe ». C’est malgré tout comme rédacteur de la partie scientifique de la Bibliothèque britannique, devenue Bibliothèque universelle en 1816, qu’il a été le plus connu de ses contemporains.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى