… وما الذي يريده أمثال هؤلاء أيضاً؟!! (مغرب التغيير – الدار البيضاء 06 يونيو 2024)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 06 يونيو 2024 م.ع.و.
الآراء والمواقف المعبَّر عنها في هذا الباب لا تٌلزِمُ هذه الجريدة
مِن اللافت للانتباه، أننا ابتُلينا، ونحن نخوض معركة ضارية لحماية وحدتنا الوطنية والترابية، بعيّنات طفيلية لا تستطيع العيش في مياه مغربية نقية وهادئة، ولذلك تصنع لنفسها، ولنا أيضاً للأسف الشديد، ماسوراتٍ وصهاريجَ مياهٍ ضحلة وآسنة تتناسب وعقلياتها المتحفية، والمتجاوَزة فهماً وتحليلاً وتعبيراً، فتبدو كما لو كانت تسبح ضد التيار المغربي المُوَاطَني الجارف، والذي ننتظم فيه جميعاً بحماسة وبحمية زائدتيْن، لولا أنّ تلك العيّنات، في واقع أمرها، تحاول عرقلة مسيرتنا الجمعية، نحن المغاربة قاطبة، بما تنصبه في طريقنا من العقبات والحواجز النفسية أولاً، وتضعه ثانياً في أيدي خصومنا من الأدوات الإعلامية الجارحة، بما تختار الخوض فيه من موضوعات مشروخة، ربما يكون في بعضِها بعضُ الصواب، ولكن الوقوف عندها في هذه الظرفية بالذات يحمل سموماً قاتلةً… فرغم عجزها عن وقف مسيرتنا، فإنها على الأقل تمنح لأعداء وحدتنا الوطنية والترابية فرصة النيل منا عن طريق مراحيضهم الإعلامية!!!
أعتقد أنكم أدركتم بحصافتكم إلى من أوجّه هذه الإشارة، وإن كنتُ أربأ بنفسي وبكم عن ذكر أسماء هؤلاء لأن ذلك سيفسد للموضوع أهميته ورونقه، غير أنني أعتقد أنكم ستتعرّفون عليهم من خلال الإشارات التالية:
* أحد تلك العيّنات يخرج علينا باتهامات باطلة لا تنطلي حتى على أطفال المدارس، مدّعياً أن كل الويلات التي يعيشها أهالي غزة والقطاع ورفح إنما حلّت بسبب الموقف المغربي الرسمي، حتى وهو يعلم حق العلم وبالملموس أن المغرب الرسمي استطاع أن يقدم لأهالي غزة والقطاع ورفح ما لم يقدمه أي بلد عربي آخر، وأن المغرب يستمد قوة مواقفه ممّا يسميه ذلك الحثالة “تطبيعاً”، ما دام لا أحد من كل العرب او المسلمين “المطبّعين” استطاع استثمار علاقاته “التطبيعية” ذاتها لتقديم قِيَم مضافة للفلسطسنيين البسطاء الذين كانوا ومازالوا بمثابة الحطب فيما يدور من المعارك، وليس حماس أو القسام أو حزب الشيطان… أو أمثالها من الجماعات “الجهادية”، بالمفهوم الذي تعطيه إيران بالذات لمعنى الجهاد.
أتدرون ما العلّة التي يتدارى وراءها في هجومه على وطنه هذا المغربيُّ المغشوش؟ إنها ندرة مادة الأنسولين في السوق المغربية، وتوفّرها بمقادير تكفي بالكاد لسد الحاجة الوطنية وحاجيات الجهات والأقاليم… ولا ريب أن هذ المغربي المتحامِل يدرك ذلك حق الإدراك من منطلق تخصصه المهني والوظيفي، ولو كان مواطِناً بالدلالة الموضوعية لهذه الصفة لحاول أن يقدم بدائل، بحكم تخصصه المهني أيضاً، عن ذلك الخصاص في مادة حيوية ومصيرية لمرضى السكري من النوع الأول وخاصةً الأطفال، كالأنسولين، وهو يتحدث ويتظاهر بالحسرة ويتباكى على نحو خمسة آلاف طفل فلسطيني مصاب بذات المرض… ويبقى السؤال أمام هذا المعتوه الذي يحاول إدراك الشهرة بمواقفه المتحاملة إلى حد الرِّيبة: “كم بلداً عربياً ومسلماً وإنسانياً يمكن التوجه إليه لسد هذه الحاجة، فقط، إلى خمسة آلاف جرعة يومية أو أسبوعية أو شهرية من الأنسولين”؟ أم أنّ المغرب وحده المعني بهذا الأمر، ووحده الحامل لعبء الإنسانية جمعاء ومعاناتها في هذا الجانب؟!!
** مواطنٌ ثانٍ، لا يقل خَبَالاً وعربدةً عن نظيره المذكور، وهذا يدّعي أنه رجل إعلام ومحلل صحافي وهلمّ أوصافاً في غير محلها بكل تأكيد، لأن الواقع هو الذي يبتّ في هذا النوع من التصانيف… يخرج هو الآخر ليضع العصا في عجلة الدبلوماسيا المغربية، ولو إعلامياً فحسب، فمرة ليشوّش على انتصار المغرب على الجزائر وجنوب إفريقيا في تدافعه مع هذين الخصمين على منصب رئاسة المجلس الأممي لحقوق الإنسان برسم السنة الجارية؛ ومرة أخرى للتشكيك في مواقف المغرب من القضية الفلسطينية بسبب “تطبيعه” مع خصم الفلسطينيين، إسرائيل، وهو المُطَّلِعُ أوّلاً بأوّلَ من خلال موقعه كمحلل إعلامي على الخدمات الجسيمة والوازنة، التي انفردت الدبلوماسيا المغربية بإسدائها للقضية العربية الأولى، بما في ذلك الدفع إلى فتح معابر حيوية كانت موصدة في وجوه الفلسطينيين دون غيرهم؛ والتوصل إلى تقديم مساعدات ومؤن إلى أهالي غزة والقطاع في عز المعارك وأَوْجِهَا، وذلك عن طريق البَر وهذا هو الأهم، كما لم يفعل أي بلد عربي أو إسلامي آخر؛ موازاةً مع مواصلته التفاوض ليل نهار مع الحليف الأمريكي، وبالتنسيق مع السعودية ومصر والأردن، من أجل الوصول إلى حل يبدأ أساساً بوقف إطلاق النار، وبالسماح بعودة الفلسطينيين المهجَّرين قسراً إلى ديارهم مع البدء في الآن ذاته في جهود إعادة الإعمار… وكل ذلك، في أفق العودة إلى “مشروع الدولتين” المتوَافَق عليه عربياً وعالمياً… كل هذا يعلمه هذا الطفيلي الثاني، ولكنه يتعامى ويتجاهل بإصراره على ترديد أغنية “التطبيع حرام ونتائجه الإيجابية حلال”! وينسى هذا الإنسان أن “البَيْض” كما يقول المثل الشائع “يستحيل أكله بغير تكسير قشره”… ويستمر هذا الرجل في الصمت على إيجابيات التفاعل المغربي الإسرائيلي والتظاهر بالبكاء على اصطلاح التطبيع تحديداً، والذي ما هو إلا من تلك القشور الضروري كسرها للوصول إلى اللب… كل هذا، مع العلم بأن هذا المُتباكي يعلم أيضا حق العلم بأن ما فعله المغرب مع إسرائيل لا يمكن تسميته “تطبيعاً” بأي معجم من معاجم السياسة والدبلوماسيا، وبالمفهوم القدحي المتداوَل عند البكّائين، بقدر ما هو مجرد “إحياء لعلاقات تاريخية قائمة بفعل الحضور اليهودي المغربي الطاغي داخل الدولة الإسرائيلية ذاتها”، كما أنه إجراء اضطراري تدفعنا إليه دفعاً مُبْرِحاً جارةُ السوء، التي تُجاهِر بعداءٍ في حقنا لا يعادله أي عداء في الزمن الراهن، ولا حتى بين الكوريتَيْن، خاصّةً وأنه عداءٌ مصحوب بتهديد يوميٍّ بإعلان الحرب!!!
*** ثم نأتي لذكر نكرة ثالثة، تتخذ هي الأخرى نفس المواقف المٌحبِطة والسابحة ضد التيار، يشخّصها رجل ينسب نفسه لجهات حقوقية كثيرة، لا يفتأ يصرخ ويرقص ويجذب ويُعربد، في كل التظاهرات والوقفات الاحتجاجية التي يتفنّن في الدعوة إليها ليؤثثها بصرخاته المنددة بـ”التطبيع” ولا شيء آخر في جعبته غير “التطبيع”، متباكياً هو الآخر على أحوال الفلسطينيين، بأسلوب تفوح منه رائحة تجريمه للمغرب خاصة، مجتهداً للتأكيد على ذلك في ترديد نفس الأسطوانات الصدئة التي تنفرد بها في العادة أبواق المراحيض الإعلامية بالجارة الشرقية!!!
نهايتُه، نوعيات طفيلية بكل المقاييس، تحاول بنفس الأسلوب البدائي أن تجد لها مكاناً تحت الأضواء بالركوب على قضية فلسطين والنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، ليس لنصرة القضية كما تحاول أن توهم نفسها، لأنه لا أحد يصدّقها مهما تماهت مع هذا الدور البالغ أقصى درجات التكلّف والتصنُّع، وإنما لضرب المسار المغربي خدمة لأجندات لا نرغب في تعريتها، وإنما نكتفي بالقول إنها تخدم أهداف أعداء وحدتنا الوطنية والترابية… و”الفاهم يفهم“!!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدر صورة الواجهة: العربي الجديد.