آراء ومواقف
أخر الأخبار

تبون وماكرون والعلاقة الحميمية الغريبة!!! (مغرب التغيير – الدار البيضاء 21 يونيو 2024)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 21 يونيو 2024         م.ع.و.

الآراء والأفكار المعبَّر عنها في هذا الباب لا تُلزِمُ هذه الجريدة

كل الذين تابعوا تحركات الرئيس الجزائري في قمة السبعة الكبار بإيطاليا، اكتشفوا أنهم يإزاء إنسان يمكن أن يكون أي شيء آخر، ماعدا أن يكون رئيس دولة يُفترَضُ أنها يُحسَب لها حسابها بين الدول، وخاصةً المشاركة في ذلك المؤتمر الراقي لأكبر سبع دول صناعية في العالم!!
لقد بدا منذ الوهلة الأولى أن دعوة رئيسة الحكومة الإيطالية الثعلبة جورجا ميلوني للسي عبد المجيد لحضور هوامش تلك التظاهرة، أسوة بالأردن وموريتانيا، بخلاف الإمارات العربية المتحدة التي تُعَدّ بكل المعايير ندّاً للكبار، كانت مستندة إلى القرائن التالية:

العربي الجديد

1. أن الرئيس تبون كان يتحرّق بجمر لا تنطفئ شعلته على ملاقاة حبيب القلب عمانويل ماكرون، بعد أن أدرك هو والعالم من حوله أن الرئيس الفرنسي بات من الصعب عليه ترتيب استقبال رسمي على شرفه بقصر الإليزي، حتى أن ساسة العالم ضجروا من تكرار تأجيل لقاء الحبيبين في الديار الفرنسية، وبات محسوماً أن ماكرون لم يعد مستعدا لاستقباله هناك لأسباب تستحق وقفة أخرى في مقال آخر؛
2. أن الرئيس الجزائري بلغ به اليأس من تدبير لقاء الأحبة مبلغه، حتى صار يبحث عن أيِّ قشّة يتمسك بها، كما يفعل الغرقى الميؤوس من خلاصهم، فلم يجد سوى الانقضاض بالأيدي والنواجد على مناسبة انعقاد لقاء السبعة الكبار بـ”بوليا”،  بالجنوب الإيطالي، وهو على كامل الأهبة والاستعداد لتقديم كل التنازلات الممكنة والمحتملة، وحتى غير المعقولة، ليحضر هوامش ذلك اللقاء، بعد أن أُسقِط في يده ودَبّ إليه اليأس وهو يجر ذيول الخيبة بعد كل محاولاته السابقة والمتوالية للسفر إلى فرنسا للاجتماع برئيسها هناك… وهذا الاستعداد الخرافي لتقديم الغالي والنفيس، هو الذي جعل رئيسة الحكومة الإيطالية جورجا ميلوني تستقبله في أول الأمر على انفراد في إحدى الحدائق الخلفية للمركب السياحي الراقي الذي احتضن التظاهرة السباعية، كأنها تريد أن تقول له شيئا أو تذكّره بشيء شكّل موضوع اتفاق بينهما تولّدت عنه دعوتُها السخية له للحضور بصفة “كومبارس”؛ ثم لتجرّه مباشرةً بعد لقائه بماكرون إلى المقصلة، ليوقّع معها على اتفاقات تشكّل بكل تأكيد “قسمةً ضيزَى” تفيد منها إيطاليا وتُحسب في قائمة منجزات الثعلبة ميلوني، وتنضرّ منها الجزائر وتحسب بدورها ضمن قائمة الخسائر السياسية والاقتصادية والمالية التي صارت الجزائر مثالاً في الابتلاء بها على أيدي حكامها وقدوةً لا تُضاهى!!

تطبيق نص

3. وبطبيعة الحال، فإن الرئيس ماكرون كان له بدوره ثمنٌ لابد أنه نائله مقابل مشاهد العناق الحار والقُبَل المحمومة، التي جعلت من الرئيسن مَسْخَرَةً عالمية بامتياز، ولاريب أنه أخذ بدوره من الرئيس تبون ما يمكن اعتباره مقابلاً بالغ السخاء، وأكاد أجزم أن ماكرون اتخذ كل المشاهد الحميمية التي جمعته بالرئيس تبون مادة للهُزْءِ والسخرية رفقة مساعديه الأقربين ورفاق لياليه الحمراء الصاخبة والمعربِدة!!
بالإضافة إلى هذه الوقائع والاعتبارات، شكّل تبون ظاهرة ذلك المؤتمر بامتياز، من حيث تحرُّكاتُه الصبيانية والغبية، سواء وهو يبادل رئيس دولة الإمارات السلام من فوق مقعده دون أن يقف له كما تقتضي ذلك قواعدُ وأخلاق ومعاملات قادة الدول بين بعضهم البعض، وخاصةً عندما يتعلق الأمر برئيس دولة تجمعك به مشاكل سياسية ودبلوماسية لا حصر لها كالرئيس الإماراتي ابن زايد، الذي كان تبون يشير إليه بأصبعه بكل وقاحة وهو يتحدث إليه في لحظات لاحقة؛ ثم وهو يقفز كالطفل من مقعده، بعد دقائق فقط، ليصافح حبيب قلبه ماكرون من جديد ممسكا بكتفي هذا الأخير كأنما لم يره من زمان، وهو المشهد الذي لم تغب دلالاته عن كل المراقبين والمتتبعين وعن الثعالب الحاضرة في تلك القمة؛ ثم وهو يقف لأخذ صور تذكارية فولكلورية مع القادة  الحاضرين مستحوذاً على المكان المخصص لرئيس دولة الآمارات، لمجرد البقاء جنبا إلى جنب مع ماكرون، الذي لم يجد بُدّاً من تنبيهه إلى ذلك الخطأ البروتوكولي الفادح، بينما ظهر الرئيس ابن زايد منهمكا في الحديث مع مسؤولة صندوق النقد الدولي وكأنه فعل ذلك متعمّداً ليترك الفراغ اللازم لتبون كي يستمر في حركاته المضحكة والمخجلة!! أما ماكرون الماكر ذاته، فقد كانت نظراته الساخرة تقول لكل من حوله بلسان الحال: أنظروا إلى هذا البهلوان العاشق الذي ابتُليتُ به!!لقد كان لقاء السبعة الكبار مناسبة، فقط لاغير، ليلتقط تبون صوراً فوتوغرافية مع رؤساء كان من الصعب عليه ان “يحظى” بمقابلتهم في سائر أيامه، مثل الرئيس الأمريكي جو بايدن على الخصوص…
نهايته، أن الرئيس الجزائري قدم الدليل مرة أخرى، وككل المرات، على كونه أبعد ما يكون عن العيار الثقيل والمعتبَر لرؤساء الدول التي تحترم نفسها، وأكد مرة أخرى بأنه ودولته/القارة يشكّلان بقعة داكنةً ومختلفةً عن النسيج السياسي والحضاري الدولي يستحيل تنظيفها بغير زوال ذلك النظام العسكري وكافة حوارييه بالكامل… فمتى يتحقق ذلك المطلب؟.. ذاك هو السؤال!!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مصدر صورة الواجهة: آخر ساعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى