آراء ومواقف

مهزلة خبر نقل فلسطسنيي غزة إلى الصحراء المغربية!! (مغرب التغيير – الدار البيضاء 8 فبراير 2025)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 8 فبراير 2025         م.ع.و.

الآراء والأفكار المعبَّر عنها في هذل لباب لا تُلزِم هذه الجريدة

من أغرب ما يمكن أن يطالعه عاقل في زمن الحمقى هذا، خبر، أو بالأحرى، ادّعاء اتخاذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لقرار نقل الفلسطينيين المهَجَّرين من غزة تحت نيران قوات الجيش الإسرائيلي، إلى الصحراء المغربية الجنوبية الغربية، التي أقامت الجزائر الدنيا ولم تُقعِدها طوال أكثر من نصف قرن من أجل أن تعبث بها، بتدبير هجين، وخُرافي في مقدماته ودوافعه، من نظام لا يوجد في العالم أكثر منه تخلفاً وجنوناً وعربدة، ولا حتى نظام كوريا الشمالية الشهير بعنترياته المثيرة للسخرية، وإن كان هذا الأخير، على الأقل، متمكناً من القوة ومن التطور التكنولوجي والعسكري ما يبرر عنترياته ويضفي عليها بعض الخطورة والجِدّية!!

الخبر لا يوجد أغرب منه أيضاً، لأنه ينبني على اعتبارات واهية لا يوجد لها أدنى مرتكَز في علوم السياسة والقانون الدوليَيْن. ومِن تلك الاعتبارات الباطلة والمُبْطِلة على الخصوص:

1- أن تكون مصائر ساكنة غزة من الفلسطينيين الجرحى والمعطوبين والمُهَجَّرين معلقةً بكلمة ينطق بها الرئيس الأمريكي الصاخب والمشاغب دونالد ترامب، الذي عوّدنا، وعوّد العالَمَ من حولنا، أن يصدح بكل ما يدور في خَلَدِه بلا أدنى تردد أو وجل. فالرجل صريح إلى أبعد الحدود، وربما كان أكثر رؤساء الدول صراحةً وجرأة، حتى أنه قد يصل أحياناً إلى حدود الوقاحة، وبالرغم من ذلك، لم نسمع منه مطلقاً أيّ إشارة ولو تلميحية إلى مثل ذلك القرار، الذي لا يمكن وصفه إلا بالأخرق!!

2- أن تكون صحراؤنا  المغربية، الجنوبية الغربية، أرضاً خلاء بلا ساكنة، ولا أهل، ولا أبناء، وهي التي قدّمت خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة أبهى صورة عن أقاليم مغربية أصيلة وقُحَّة شارك ناخبوها في التعبير عن اختياراتهم السياسية والدستورية بأكثر من 62 في المائة من الكتلة الناخبة بتلك المنطقة، وهي أعلى نسبة في مجموع التراب المغربي!!
فكيف يقول القائلون المرضى إن مثل هذه الأرض الطيبة والمعطاء يمكن أن تكون خلاءً حتى يفكر أيّ رهط في ملئها بمشرَّدي المأساة الفلسطينية؟!

3- كيف يتصوّر أيُّ عاقل أن يقبل الفلسطينيون أنفسهم النزوحَ إلى خارج وطنهم الذي قدموا في سبيله الغالي والنفيس وجاهدوا من أجل ذلك منذ الربع الأول من القرن الماضي، أي لأكثر من قرن بالتام والكمال دون كلل ولا ملل ولا أدنى مُهاوَدة، وكأنهم بضاعة تباع وتُشترى وتُلقى في المزابل وفي دوائر النسيان… والتاريخ لا ينسى أبدا، مهما كانت الأحوال والظروف، فما بالنا بظروف وأحوال أجيال متتالية من النشامى المقاتلين الذين كانوا ذات زمان وهم في عمر الزهور محضَ أطفالِ حجارة؟!

كيف يعتقد عاقل أن الدَّيْن الثقيل الجاثم على أعناق أجيال الفلسطينيين، وهو دَيْن الآباء والأجداد، يمكن أن يتركهم أحرارا ليختاروا بين  وطنهم وأوطان الآخرين، النائية عن وجدانهم قلباً وقالباً وبكل المعايير؟!

4- ثم من هو هذا الأهبل المعتوه الذي تفتّق ذهنه السقيم عن فكرة تهجير فلسطينيي غزة إلى الأقاليم الجنوبية المغربية بالذات، وكأن المغرب “فندق بنعيسى”، الذي كان يُضرب به المثل في عاصمة المملكة أيام الحماية الفرنسية نكايةً في أبوابه التي كانت مفتوحة على مصاريعها للداخل والخارج والغادي والبادي، بلا أدنى “أحَمْ أو دستور” كما يقول إخواننا في أرض الكنانة تفكّهاُ على كل فضاءٍ سائب؟!

كيف يتصور ذلك الأهبل الوقح أن المغرب يمكن أن يترك لأي نفر أن يتدخل بكل هذا السفور، وبكل هذه الوقاحة، في تدبير مناطق من ترابه الوطني فيقرر مَن سيسكن ذلك الشبر من التراب ومتى وكيف… حتى ولو كان هذا المتدخل المتطاول هو قائد البيت الأبيض دونالد ترامب؟!

إن مجرد تدوير هذه الأسئلة في عجلات الفكر والفهم تجعلنا ننتبه إلى المصدر المرجَّح للخبر، الذي لم يكن سوى إحدى الصحف الإسرائيلية المغمورة، والتي لا يستبعد أن يكون وراءها دافع الثمن وشاري الخدمة، بدليل ارتماء وسائل الإعلام الجزائري ارتماءة أشبه بتلك التي عوّدنا عليها أسد مرمى منتخبنا الوطني لكرة القدم ياسين بونو، وبنفس الهمّة والشغف، حتى صار الخبر بين يوم وليلة جزائرياً بالواضح، ولذلك شاهدنا تلك الوسائل اللقيطة، والمُدَجّنة من لدن مخابرات عبلة، وهي تمارس رقصة الديك بين أسراب الدجاجات العذارى استعدادا لرقصات الديكة الذبيحة بمجرد انقضاء شعلة الخبر وانطفاء جذوته وعودته إلى مقصلة الواقع؟!!

الواقع إذَن، يا حضرات، يقول إن المغرب سيّدُ نفسِه وسيّدُ قدَرِه وصانعُ تاريخِه منذ ليل التاريخ، وأنه لا دونالد ترامب ولا غيره من صناع القرار في هذا العالم المرتبك يستطيع أن يتخذ أي قرار فيما ستكون عليه شعرة واحدة من شعرات الوقار المغربي، الذي يشهد التاريخ عليه بأنه كان ومازال وسيظل سيّدَ نفسه وسيّدَ اختياراته وقراراته!!

نهايته… كان هذا مجرد خبر سقيمٍ آخر، من الأخبار السريالية التي دأبت على صُنعها مخابراتُ عبلة، بتوجيه من مجانين الموراديا وعجزتها، أثناء إحدى سهرات “الكاس يدور”، وليس أقل من ذلك ولا أكثر… فيا سلام على مَن حشرنا الله وإيّاهم في الجِوار!!! 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مصدر صورة الواجهة: أرشيف الموقع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى