إضاءات قانونية

السيد عبد النباوي: دور المحاماة، ليس مجرد فاعلٍ تقنيٍّ في مسطرة قضائية، بل هو صوت الضمير القانوني (مغرب التغيير – طنجة 15-16-17 مايو 2025)

مغرب التغيير – طنجة 15، 16 و17 مايو 2025

انعقدت بمدينة طنجة، لفترة ثلاثة أيام من 15 إلى 17 مايو الجاري، فعاليات الدورة الثانية والثلاثين للمؤتمر الوطني العام للمحاماة تحت شعار: “المحاماة فاعل محوري وشريك أساسي في منظومة العدالة. وبالمناسبة ألقى الرئيس الأول لمحكمة النقض الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية السيد امحمد عبد النباوي الكلمة الافتتاحية التالية:

زملائي المسؤولين القضائيين والقضاة؛
حضرات السيدات والسادة المحترمين؛

أسعد اليوم بمشاركتكم افتتاح أشغال المؤتمر الوطني الثاني والثلاثين لجمعية هيئات المحامين بالمغرب، والذي يصادف هذه السنة الذكرى الثالثة والستين لتأسيس الجمعية التي تختزل مجد مهنة الدفاع ببلادنا. كما أن الذكرى تصادف هذه السنة مرور قرن وتسع سنوات على تأسيس هيأة المحامين بالرباط، وأكثر من مائة سنة على تأسيس هيأة المحامين بطنجة، وكذلك على صدور أول قانون للمحاماة بالمغرب في العاشر من يناير سنة 1924.

ولأجل ذلك أود أن أتقدم بجزيل الشكر للسيد رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، وللسيد نقيب هيأة المحامين بطنجة على دعوتهما الكريمة لي لمشاركة السيدات والسادة المحامين المغاربة هذا الاحتفال القانوني والحقوقي الذي يعتبرونه منبراً منيراً لتدارس القضايا التي تستأثر باهتمامهم وتندرج ضمن انشغالاتهم المهنية.

ويطيب لي بهذه المناسبة أن أرفع إليكم السيد الرئيس، والسيد نقيب الهيأة المضيفة وإلى السادة النقباء ولكافة الأساتذة المحاميات والمحامين تهاني قضاة المملكة وتبريكاتهم وأصدق أمانيهم بالتوفيق والنجاح لكم ولمؤتمركم هذا.

حضرات السيدات والسادة المحترمين؛
ينعقد هذا المؤتمر تحت شعار “المحاماة فاعل محوري وشريك أساسي في منظومة العدالة”. وهذا ليس مجرد شعار عابر، ولكنه يمثل إعلاناً صريحاً عن وعي جماعي بالدور البنيوي الذي تلعبه المحاماة في تحقيق العدالة، وتأكيداً واضحاً لأهمية الدور الذي تقوم به هيأة الدفاع في تحقيق النجاعة القضائية. كما أنه يرمز إلى المكانة الهامة التي تحتلها مهنة المحاماة داخل منظومة العدالة.

والعدالة كما تعلمون ليست مفهوما قانونيا فحسب، ولكنها بالأساس قيمة من القيم الإنسانية التي تتجسد في يوميات الناس. فيحسون بالأمان، ويشعرون بالاطمئنان. ويخامرهم ذلك الشعور بقيمة المواطن والإنسان داخل مجتمع يوفر لهم نظاماً يحمي حقوقهم ويسائلهم عن إهمال واجباتهم، في تساوي الأشخاص والألقاب أمام صوت الحق ومنطق العدل.

وداخل هذه المنظومة يبرز دور المحاماة، ليس كفاعل تقني في مسطرة قضائية، بل كصوت للضمير القانوني، ولسان للقيم الحقوقية. فالمحاماة هي التي تجعل النص القانوني نابضاً بالحياة، متفاعلاً مع ظروف وملابسات كل قضية، يحملها إلى قناعات القضاة وضمائرهم لتثمر في النهاية عن مقررات قضائية تأتي بحلول لإشكاليات ونزاعات اجتماعية.

فالمحاماة بلا شك فاعل أساسي في منظومة العدالة عن طريق المقالات والمذكرات والمرافعات التي تجعل نصوص القانون تتحدث بلغة العدل وترسم حدود الحقوق والواجبات.

ولأجل ذلك فإننا ننوه باختيار هذا الشعار مركزاً لهذا المؤتمر، ونتطلع بشغف كبير إلى مخرجاته وتوصياته، التي ستكون بلا شك مفيدة للحوار الجاد الجاري داخل منظومة العدالة في هذه الفترة، وتفتح آفاقاً واعدة للتفكير في أوراش إصلاحية تستحضر الدّرر الملكية السامية التي تَوَجَّه بها جلالة الملك إلى المحامين في مناسبات سابقة، إذ قال جلالته إن المحاماة “تواجه ضرورة توحيد القيم السلوكية المثلى. واعتماد التكوين المستمر، والاستجابة لمتطلبات العالم الرقمي، والتوفيق بين وجوب احترام الحريات وصيانة النظام العام، في ظل سيادة القانون وسلطة القضاء”.(1) أرجو أن يكلل مؤتمركم هذا بالتوفيق… والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1)  الرسالة الملكية السامية للمؤتمر 49 للاتحاد الدولي للمحامين المنعقد بفاس في 31 غشت 2005.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى