Page 2 - مغرب التغيير PDF
P. 2

‫‪2‬‬                                                    ‫ملف‬

‫العدد‪ - 47 :‬من ‪ 1‬إلى ‪ 31‬دجنبر ‪2015‬‬

‫أي ضمانات لاستقلال القضاة والسلطة القضائية بالمغرب‬
      ‫على ضوء مشاريع القوانين التنظيمية؟‬

‫بؤر الحاجة‪ ،‬ابتدا ًء من الالتحاق بالمعهد العالي‬                ‫الإفريقي للسلم والأمن ‪ CPS‬وغيرهما‪.‬‬               ‫التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية‬                             ‫مغرب التغيير ـ شامة عزيز وأنس الطاعي‬
‫للقضاء‪ ،‬ومرو ًرا بتعيينهم في المحاكم‪ ،‬وانتها ًء بما‬    ‫وخ�ل�ص وزي��ر ال�ع�دل والح��ري��ات إل��ى ال�ق�ول‬                              ‫والقانون الأساسي للقضاة؟‬                   ‫ال�ع�ن�وان أع�ل�اه ك��ان م��وض��وع ن��دوة دول�ي�ة‬
‫ستؤول إليه وضعيتهم بعد سنوات من الخدمة»‪.‬‬               ‫بأن «على الذين يرفعون الآن أصواتهم بأن هذا‬                                                                               ‫نظمتها الودادية الحسنية للقضاة في متم شهر‬
‫وأض��اف م��ؤك�� ًدا‪ ،‬أن��ه «لا يم�ك�ن إلا تسجيل‬        ‫المقتضى أو ذاك غير دس�ت�وري أن يتمهلوا‪ ،‬وأن‬              ‫ال�ن�ق�اش ال��دائ��ر ع�ل�ى ال�س�اح�ة ال�وط�ن�ي�ة‪،‬‬               ‫أكتوبر الماضي‪ ،‬بقاعة ميغاراما بالدار البيضاء‪،‬‬
‫التراجع عن ُفسحة الأمل التي لاحت في المشاريع‬           ‫ي�ن�ت�ظ�روا‪ ،‬ف�ه�ن�اك م�ؤس�س�ة أن�اط�ت ب�ه�ا ال�دول�ة‬    ‫والم�ت�س�م ب��الاح��ت��داد والاح��ت��دام‪ُ ،‬ي��ف��رز على‬         ‫واستدعت لها ثلة من نساء القضاء ورجاله من‬
‫السابقة‪ ،‬بعد ح�ذف ال�درج�ات الإضافية التي‬              ‫سلطة م�راق�ب�ة م�دى دس�ت�وري�ة ه�ذه ال�ق�وان�ني»‬         ‫الساحة جملة م�ن الم�واق�ف‪ ،‬يتخذ أ ّول�ه�ا طابع‬                  ‫مختلف الدول الأوروبية‪ ،‬ومن الولايات المتحدة‬
‫اق ُترحت بعد الاستثنائية‪ ،‬والإص��رار على سد‬            ‫يقصد المجلس الدستوري‪ ،‬ال�ذي قد يقول بأن‬                  ‫الم�وق�ف الرسمي ال�ذي يعبر وي�داف�ع عنه وزي�ر‬                   ‫الأم�ري�ك�ي�ة‪ ،‬وم��ن مم�ث�ل�ي ال�س�ل�ط�ة ال�ق�ض�ائ�ي�ة‬
‫آفاق الترقي بالنسبة للقضاة في هذه الأخيرة‪،‬‬             ‫ه�ذا ال�ق�ان�ون أو ذاك غ�ي�ر دس�ت�وري‪ .‬وق��ال إن�ه‬       ‫ال�ع�دل والح��ري��ات؛ فيما ي�ت�ق�ارب بعضها فيما‬                 ‫وال�ق�ض�اة ف�ي بعض ال��دول الم�غ�ارب�ي�ة والعربية‪،‬‬
‫وال�ت�ي إن س��ارت الترقية بالنسبة لهم سري ًعا‬          ‫كمسؤول سيمتثل لقرارات هذا المجلس‪ ،‬وأكد أن‬                ‫ب�ي�ن�ه‪ ،‬ك�الم�واق�ف ال�ت�ي ت�ع�ب�ر ع�ن�ه�ا الج�م�ع�ي�ات‬        ‫فضل ًا عن المسؤولين المغاربة في مختلف ميادين‬
‫لأدركها جلهم بعدة سن الأربعين بقليل‪ ،‬ليبقى‬                                                                      ‫المهنية القضائية منفردة أو مجتمعة‪ ،‬في حين‬                       ‫العدالة والقضاء وحقوق الإنسان‪ ،‬وفي مجالات‬
‫مدة لا تقل عن ‪ 25‬سنة رهين أجرة جامدة‪ ،‬بل‬                                           ‫ذلك «منتظر ج ًدا»‪.‬‬           ‫أ ّن بعضها الآخر يعبر عنه جمهور الأكاديميين‬                     ‫العمل الج�م�ع�وي المهني ذي ال�ع�لاق�ة الوطيدة‬
‫هنا في هذه القاعة من هو مج َّمد أكثر من ‪30‬‬             ‫ذ‪ /‬مصطفى ف��ارس‪ ،‬الرئيس الأول لمحكمة‬                     ‫والج��ام��ع��ي�ي�ن‪ ،‬ال���ذي���ن ي��ف��ض��ل��ون الاك��ت��ف��اء‬
                                                       ‫ال�ن�ق�ض‪ :‬ك�ق�ام�ة س�ام�ق�ة ف��ي الخ��ن��دق الآخ��ر‪،‬‬     ‫بالتحليلات العلمية والدراسات المقا َرنة تاركين‬                                                   ‫بنفس المضمار‪.‬‬
                                           ‫سنة‪.‬‬        ‫ت�س�اءل خ�لال الكلمة ال�ت�ي أل�ق�اه�ا ف�ي الجلسة‬                                                                         ‫أم��ا أس��ب��اب اخ�ت�ي�ار «ت��دوي��ل» ه��ذا الح��وار‬
                    ‫أبرز المواقف المعبر عنها‬           ‫الافتتاحية للندوة ذاتها‪ :‬هل نحن بلغنا الم�رام‪،‬‬                ‫مجال التدافع لطرف نْي النقاش الرئيسي نْي‪.‬‬                  ‫ال�ع�ل�م�ي وال�ق�ان�ون�ي ع�ن ط�ري�ق الخ��روج ب�ه من‬
‫من لدن رؤساء الجمعيات المش ِّكلة للائتلاف‬              ‫بعد كل الخطوات التي قطعتها جهود الإصلاح‬                  ‫ـ ال�ط�رف الأول‪ ،‬ال��ذي تم�ث�ل�ه وزارة ال�ع�دل‬                  ‫خ�ص�وص�ي�ة ال���ذات الم�غ�رب�ي�ة‪ ،‬وج�ع�ل�ه م�وض�وع‬
                                                       ‫وأوراش�ه وخلاصاته‪ ،‬وبعد أزيد من أربع سنوات‬               ‫والح���ري���ات‪ :‬ت�ب�ن�ى م��وق�� ًف��ا م�ت�س� ًم�ا ب��ن��وع م�ن‬  ‫ن�ق�اش على صعيد إقليمي وع�الم�ي‪ ،‬فمردها أن‬
                                        ‫الرباعي‬        ‫م�ن التفكير الج�اد وال�ت�ش�اور الم�ت�وات�ر والإع��داد‬    ‫ال�ت�ش� ُّدد‪ ،‬حيث أك�د وزي�ر العدل بعظمة لسانه‬                  ‫الاه�ت�م�ام الآن يجب أن ُي�و َل�ى لل ُبعد الإنساني‬
‫رئيس ال�ودادي�ة الحسنية للقضاة‪ ،‬ذ‪ /‬عبد‬                                                                          ‫أنه ين ِّصب نفسه محام ًيا مدافعا عن المشروع ْني‬                 ‫والكوني‪ ،‬الذي جعلته وسائل الاتصال الحديثة‬
‫الح�ق العياسي‪ :‬لم يخرج عن الخ�ط ال�ذي عبر‬                                                    ‫والتنقيح؟‬          ‫في صيغت ْيهما المصادق عليهما من ل�دن الغرفة‬                     ‫وتكنولوجيا الم�ع�ل�وم�ات م�ك� ِّر ًس�ا بالفعل لفكرة‬
‫عنه الرئيس الأول لمحكمة النقض‪ ،‬وكذا معظم‬               ‫وط�رح الرئيس الأول لمحكمة النقض جملة‬                     ‫الأول�ى‪ ،‬وعلل ذلك بأن العمل في مجموعه كان‬                       ‫«العالم قرية صغيرة»‪ ،‬ورتبت بذلك التزامات‬
‫المتدخلين الم�ش�ارك�ني ف�ي أش�غ�ال ال�ن�دوة‪ ،‬حيث‬       ‫أخرى من الأسئلة المنصبة على الانشغال ذاته‪،‬‬               ‫تشا ُرك ًيا بما فيه الكفاية‪ ،‬وأنه شارك في إقراره‬                ‫وازن�ة على كل ال�دول في مجالات تكريس مبدأ‬
‫أك��د أن ال�ق�ض�اة «ي��ري��دون ال�ض�م�ان�ات المهنية‬    ‫م�ن ق�ب�ي�ل‪« :‬ه��ل اس�ت�ط�اع�ت م�ش�اري�ع ال�ق�وان�ني‬     ‫م�ا يكفي م�ن الم�ت�دخ�ل�ني وال��دارس�ي�ن والمتتبعين‬             ‫الفصل بين السلط‪ ،‬واستقلالية القضاء والقضاة‪،‬‬
‫والمكانة الاجتماعية التي تليق بهم أول ًا‪ ،‬والتي‬        ‫م�وض�وع ه�ذا اللقاء أن ت�ك�رس ل�ه�ذا الفصل بين‬           ‫الم�ع�ن�ي�ني والم�ه�ت�مي�ن‪ ،‬ح�ي�ث ك��ان��ت ال�ت�غ�ي�ي�رات‬       ‫والحرص على الاحترام الواجب لحقوق الإنسان‬
‫يستحقونها ثان ًيا‪ ،‬بالنظر لحجم العمل الكبير‬            ‫السلط‪ ،‬وتضمن استقلال السلطة القضائية عن‬                  ‫والتعديلات والصياغات م�وض�وع نقاش وح�وار‬
‫والج�ه�د ال��ذي لا يم�ك�ن أن ُي�ن�ك�ره إلا ج�اه�ل أو‬   ‫السلطة التنفيذية؟ وه�ل ارتقت ه�ذه المشاريع‬               ‫ع�ل�ى م��دى أك�ث�ر م�ن س�ن�ة‪ ،‬س��واء ع�ل�ى مستوى‬                                          ‫المتواضع عليها عالم ًيا‪.‬‬
‫جاحد‪ ،‬وبالنظر لثقل المسؤولية التي يتحملونها‬            ‫إلى متطلبات الاستقلالية التي سطرتها المواثيق‬             ‫ال�ل�ق�اءات التي تم�ت ب�ني وزي�ر ال�ع�دل والح�ري�ات‬             ‫من هذا المنطلق‪ ،‬اختار منظمو هذه الندوة‬
                                                       ‫الدولية في الموضوع؟ وهل حققت الأم�ن المهني‬               ‫ومختلف الأط��راف وال�ف�رق�اء‪ ،‬أو على مستوى‬                      ‫ت�وس�ي�ع دائ���رة ف�ع�ال�ي�ات�ه�ا ون�ق�اش�ات�ه�ا لتشمل‬
   ‫بإيمان وصبر كبير ْين ضما ًنا لمحاكمة عادلة»‪.‬‬        ‫والاجتماعي للقاضي وأهلته ليكون حلقة فاعلة‬                ‫الأوراش التي أشرفت عليها الهيأة العليا للحوار‬                   ‫ممثلي السلطة القضائية والهيئات الحقوقية‬
‫غير أنه ألح على أن هناك إحسا ًسا بالاستياء‬             ‫ف�ي اس�ت�ت�ب�اب الأم��ن ال�ق�ض�ائ�ي الكفيل بضمان‬                                                                         ‫في البلدان المتقدمة‪ ،‬على سبيل الاستفادة من‬
‫والتخوف إزاء مستقبل المهنة‪ ،‬حيث عبر الجميع‬                                                                                      ‫الوطني من أجل إصلاح العدالة‪.‬‬                    ‫تج�ارب�ه�ا‪ ،‬وال�ب�ل�دان ال�ت�ي لديها تج��ارب شبيهة‬
‫كل بوسائله المتاحة عن العديد من الملاحظات‬                       ‫الأمن العام؟» (أنظر نص الكلمة أدناه)‪.‬‬           ‫وأب��دى ال�وزي�ر اس�ت�غ�راب�ه ل�ك�ون ب�ع�ض تلك‬                  ‫بالتجربة المغربية على سبيل المقارنة الب ّناءة‪،‬‬
‫ال��ت��ي ت�ع�ك�س ع��دم ال��رض��ا ع��ن م�ج�م�وع�ة من‬    ‫وك�إج�اب�ة ع�ل�ى ه��ذه ال��ت��س��اؤلات‪ ،‬ق��ال ذ‪/‬‬         ‫المقتضيات كان موضوع تطبيق منذ نحو أربعين‬                        ‫وكذا بعض البلدان التي تحتاج إلى الاستفادة من‬
‫المقتضيات‪ ،‬في نصي المشروع ْني اللذين صادقت‬             ‫م�ص�ط�ف�ى ف���ارس إن ال���ذي ي�ن�ت�ه�ي إل��ي��ه الم��رء‬  ‫سنة دون أن يطرح ذلك أي مشكل على حد قوله‪.‬‬                        ‫التجربة المغربية أو التعرف على بعض مميزاتها‬
‫عليهما ال�غ�رف�ة الأول��ى ب�ال�ب�رلم�ان‪ .‬وم�ن�ه�ا على‬  ‫«بمجرد الاط�لاع على مشروع النظام الأساسي‬                 ‫وأك�د الوزير أن مبدأ التشاركية تم الذهاب‬                        ‫وخصوصياتها ال�ت�ي يمكن النسج على منوالها‬
                                                       ‫ل�ل�ق�ض�اة ع�ل�ى الخ�ص�وص‪ ،‬ه�و ال�ت�أك�د م�ن ع�دم‬        ‫ف�ي�ه ب�ع�ي� ًدا ج��� ًدا‪ ،‬وأن ذل��ك ش�م�ل اق�ت�راح�ات‬
                                     ‫الخصوص‪:‬‬           ‫الموازنة بين واجبات القاضي التي ُأث ِقلت بقيود‬           ‫الجمعيات الحقوقية‪ ،‬والمجلس الوطني لحقوق‬                                      ‫على سبيل الاستئناس أو الاقتداء‪.‬‬
‫«‪1‬ـ اختصاص السلطة القضائية في مجلس‬                     ‫ش� ّت�ى‪ ،‬وح�ق�وق�ه ف�ي إع�م�ال م�ق�ارب�ات الإص�ل�اح‪.‬‬     ‫الإنسان‪ ،‬والهيأة المركزية لمحاربة الرشوة‪ ،‬بل تم‬                 ‫ف��م��اذا ع��ن ط�ب�ي�ع�ة ال�ن�ق�اش ال��دائ��ر ح�ول‬
‫أع�ل�ى لا يم�ل�ك م�ق�وم�ات اس�ت�ق�لال حقيقي ولا‬        ‫كما يتو ّجب الح�دي�ث ع�ن دور تحسين وضعية‬                 ‫فتح الح�وار ذات�ه خ�ارج الح��دود‪ ،‬كما ه�و الشأن‬                 ‫استقلالية القضاة واستقلال السلطة القضائية‪،‬‬
‫القدرة على تدبير المجال القضائي باستقلالية‬             ‫القضاة بما يضمن ترفعهم وع�دم سقوطهم في‬                   ‫بالنسبة للجنة فينيسيا أو البندقية‪ ،‬والمجلس‬                      ‫ع�ل�ى ض��وء الم�ش�روع�ني ال�ل�ذي�ن ص��ادق عليهما‬
                                                                                                                                                                                ‫مجلس النواب‪ ،‬والمتعلق نْي على التوالي بالقانون‬
                                           ‫تامة؛‬
   1   2   3   4   5   6   7