الإعلان مفهومه، نشأته، أنواعه، أهدافه ووظائفه في أدبيات العلاقات الجتماعية (مغرب التغيير – الدار البيضاء 25 أكتوبر 2023)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 25 أكتوبر 2023
لأن المجتمع، أي مجتمع، مكوَّن من منتجين ومستهلكين وتجار ووسطاء وغيرهم فقد صار الإعلان جزءًا أساسيًا من الحياة المجتمعية في مختلف جوانبها وتجلياتها، وصارت له علومه وفنونه وقواعده وأنظمته التي تحكم تطورَهُ وتحديثَ وسائله. وللإعلان تعاريف كثيرة ومختلفة منها أنه عُرِّف عند الشيرازي بأنه “المجاهرة”، وعند بطرس البستاني بكونه “الإظهارَ والنشرَ”، أما من حيث المعنى الاصطلاحي فقد عُرِّف بكونه “فنًّ الإغراء وتوجيه سلوك المتلقّين بطريقة معينة”…

في معجم “لاروس”، في دائرة المعارف الفرنسية، عُرِّف الإعلان بأنه “مجموعة من الوسائل المستخدَمة لتعريف الجمهور بمنشأة تجارية أو صناعية، وإقناعه بتميُّز منتجاتها، والإيعاز إليه بطريقة ما بحاجته إليها”، وهذا التعبير الأخير يُفهم منه أن الإعلان قد تطوّر إلى درجة “الإيحاء للمتلقين بأن لديهم حاجة إلى المنتوج المعلن عنه”، وبتعبير آخر، فلإعلان أصبح “يصنع تلك الحاجة في ذهن المتلقين من حيث لا يشعرون”!!!
من جهتها، أعطت “جمعية التسويق الأمريكية” للإعلان تعريفًا أكثر شموليةً، بقولها إنه “عملية اتصال غير شخصي مدفوع الثمن تتّبعها منشآت الأعمال والمؤسسات التي تهدف إلى الربح بقصد تقديم السلع والخدمات والأفكار لمجموعة من المستهلكين أو المشترين الصناعيين وإقناعهم بها”.
وأما نشأته فتعود إلى نحو 3.000 سنة قبل الميلاد، عندما كان يُعتَمَد على المنادي، (البرّاح في الثقافة المغربية) الذي يُنادي في الأسواق وفي كل مكان يمكن أن تجتمع فيه الجماهير لشأن أو لآخر. وكان الإعلان في تلك البدايات تابعًا للسلطة الحاكمة بشكل رئيسي، ولكنه كان يُستعمل أيضاً في بعض مجالات الترويج والتسويق. ومن بين مظاهره تلك العلامات التي كانت توضع على المواشي والأغنام لتمييز مالكيها، وهو الأسلوب الذي يمكن اعتباره أب أو جدّ الإعلانات العصرية، التي تُستعمل فيها الماركات والشعارات الخاصة بكل دار للإنتاج لمنحها صورة مميزة لدى المتلقين.
ومن الطبيعي أن الإعلان تطورت أساليبه وأنواعه بتطور وسائل الإعلام والطباعة والنشر والبثّ، لأنه يستعمل كل هذه الوسائل في وصوله إلى الجماهير.
ومن الطبيعي أيضًا، أن يكون الإعلان مختلفًا باختلاف الأنظمة الاقتصادية، من رأسمالي وليبرالي ومن اشتراكي ومن نظام شمولي أو موجَّه…الخ، ما دام الإعلان يخضع لخصوصيات النظام السائد، ويكون بالتالي خاضعًا لمفاهيم ذلك النظام.
أنواع الإعلان
يمكن تمييز أنواع الإعلان بشكل متعدد ومختلف تبعًا لتعدد واختلاف زوايا الرؤية. فهناك تقسيم للإعلان تبعًا لأهدافه وغاياته كالترويج للسلع والمنتجات، والتوجيه نحو نشاط سياسي…؛ وهناك تقسيم آخر تبعًا للجهة المُعلِنة كالدولة والمقاولة أو المؤسسة والحزب أو النقابة أو الجمعية؛ وهناك تقسيم ثالث تبعًا لمجالات استخدامه كالتثقيف والإرشاد والتحسيس؛ ثم هناك تقسيم يأخذ بعين الاعتبار نوعية الجماهير المستهدفة بالإعلان، كالجمهور العام أو الوطني، والجمهور المحلي، وجمهور قطاع معين كالرياضي مثلاً.
أهداف الإعلان:
يمكن تحديد أهداف الإعلان كالتالي:
ـ التعريف بمنتج من المنتجات؛
ـ إحداث تغييرات إيجابية في سلوك المستهلكين تجاه سلعة أو منتج معيَّن؛
ـ لفت الانتباه إلى منتج معين والإخبار عنه؛
ـ الحفاظ على العملاء السابقين على الأقل؛
ـ تكوين فكرة معينة عن السلعة لدعم جهود المكلفين بالبيع؛
ـ تقديم أفكار ومعطيات لإقناع المستهلكين؛
ـ عرض الصور والبيانات والرسوم لبث صورة ذهنية لدى المستهلكين عن المنتج؛
ـ إثارة المستهلكين وحثهم على زيادة الاستهلاك؛
ـ إغراء العملاء الجدد؛
ـ كسب حرب المنافسة؛
ـ إرشاد المستهلكين إلى أماكن وجود السلعة؛
ـ تعريف المستهلكين على المنافع الجديدة للمنتج؛
ـ إرشاد المستهلكين إلى طرق استعمال المنتج.

وظائفه:
ـ الحث على الاستهلاك؛
ـ التهييء النفسي لتقبُّل السلع المعلن عنها؛
ـ مساعدة المنتج والموزع على تصريف المنتجات؛
ـ المساهمة في رفع نسبة المبيعات؛
ـ المساعدة على اجتناب تلف المنتجات وضياعها وتقادمها؛
ـ المساعدة على تصريف المنتجات التي لم تلق رواجًا؛
ـ التخفيف عن أعباء المكلفين بالبيع.
أصوله ومبادئه:
ليكون الإعلان ناجحًا وذا مصداقية ينبغي أن يتقيد بمجموعة من المبادئ يُذكر منها على الخصوص:
ـ أن تكون الخدمة أو السلعة المعلَن عنها مفيدة بالفعل؛
ـ إتّباع الأسلوب العلمي في البحث والدراسة من أجل إنتاج إعلان ناجح؛
ـ تصميم الرسالة الإعلانية وإخراجها بشكل جيد؛
ـ توخي اكتساب الرسالة الإعلانية لثقة المتلقين؛
ـ تجنّب كل ما يُسيء إلى شعور الجماهير؛
ـ تحقيق مصلحة المُعلِن الاقتصادية؛
ـ عدم استخدام شعارات أو عبارات شخص آخر بدون أخذ موافقته؛
ـ الحرص على كفاءة وسائل النشر والبث المستعمَلة وتلاؤمها مع الثقافة
السائدة لدى المتلقين؛
ـ اجتناب كل ما يخالف الآداب العامة والضوابط الأخلاقية؛
ـ تجنّب الإضرار بمصلحة الجمهور وسلامته؛
ـ تجنّب الإضرار بأموال الناس؛
ـ الابتعاد عن الخداع والكذب والتضليل.
عناصر الإعلان:
1ـ العنوان؛
2ـ الرسوم والصور والبيانات؛
3ـ الحركة والألوان والأشكال؛
4ـ الكلمات والجمل؛
5ـ الشعارات والإشارات والرموز؛
إستراتيجيات الإعلان:
ـ الاختلاف من حيث المعلومات التي يحملها الإعلان؛
ـ الاختلاف من حيث أسلوب التقديم؛
ـ الاختلاف من حيث الانطباعات والرموز المستعمَلَة؛
ـ الاختلاف من حيث الأشخاصُ المقدّمون للرسالة الإعلانية.
وتُصنَّف إستراتيجيات الإعلان كالتالي:
ـ إستراتيجيات الحفاظ على العلامة التجارية؛
ـ إستراتيجيات التغيير والتي توجّه المتلقين بواسطة المعلومات؛
ـ إستراتيجيات التغيير الموجِّهة بواسطة التأثير على المشاعر(كاستعمال مفهوم الأمومة مثلاً).

مقومات الإعلان:
ـ إقامة التوازن بين مختلف عناصره المكوِّنة؛
ـ ترتيب هذه العناصر ضمن نسق منطقي سليم؛
ـ تسهيل تلقيه قراءةً ومشاهدة؛
ـ تكريس الانسجام التام بين أجزائه المختلفة.
العوامل التي يتوقف عليها إعداد الإعلان وإخراجه:
1ـ تحديد الأفكار الرئيسية في ضوء الأهداف المنشودة؛
2ـ اختيار أسلوب الإغراء المناسب؛
3ـ تحديد مساحة الإعلان وتوقيته المناسب؛
4ـ تحديد هيكل الإعلان الذي سيظهر به للجمهور.
المشاكل التي يواجهها الإعلان:
تختلف الصعوبات التي تعترض الإعلان باختلاف مجالاته ووسائله. فمشاكل الإعلام المكتوب ليست عينَ مشاكل الإعلام المسموع أو المرئي.
ففي الإعلان المكتوب هناك اختيار الخطوط والأحرف واستعمالاتها المختلفة وألوانها… الخ.
وفي الإعلان المسموع أو المرئي، هناك مشكلة اختيار التوقيت، واختيار البرنامج المناسب، وإخراجه، والوجوه المقدِّمة فيه… وهناك مشكلة الكتابة الإعلانية التلفزيونية والتي تشبه ما ذُكر حول الإعلان المطبوع، ثم هناك مشكلة اختيار الرسوم المناسبة والصور الجذّابة والحوار الشيق…
فوائده الاقتصادية:
ـ إمداد المستهلكين بالمعلومات اللازمة عن السلع والخدمات المعلن عنها؛
ـ زيادة الكفاية الإنتاجية لدى الأفراد والمنشآت؛
ـ التقليص من نسبة المرونة في الطلب على المنتجات عن طريق زيادة الرغبة
لدى المستهلكين في الإقبال على الخدمات والسلع موضوع الإعلان؛
ـ المساهمة في تطوير المنتجات وفي الرفع من مستوى المنافسة لفائدة المستهلك؛
ـ خلق قيمة مضافة للسلع والخدمات؛
ـ تخفيض الكلفة الكلية للسلع والخدمات؛
فوائده الاجتماعية:
ـ تكريس مبدأ تكافؤ الفرص بين الأفراد والمنشآت؛
ـ إفساح الفرص للأفراد للحصول على منافع حقيقية؛
ـ الرفع من مستوى ثقافة المجتمع عن طريق تعريف المجتمعات المختلفة
بثقافات بعضها البعض؛
ـ المساهمة في إحلال التقارب بين الأمم؛
ـ المساهمة في الرفع من مستوى المعيشة لدى أفراد المجتمع؛
ـ المساهمة في منح أسباب المتعة والتسلية لدى المتلقين، والمقصود هنا
هي البرامج التي تتخللها الإعلانات، والتي تموِّلها المقاولات والشركات المعلِنة.