المكتبة الرقمية الافتراضية (Virtuelle): تعريفها، أنواعها، تصنيفها وترتيبها وتميّزها عن المكتبة التقليدية (مغرب التغيير – الدار البيضاء 6 نونبر 2023)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 6 نونبر 2023
يمكن تعريف المكتبة الافتراضية بالقول بكل بساطة إنها المكتبة الإلكترونية أو الرقمية أو المبثوثة بواسطة الوسائل التكنولوجية المتاحة، خصوصًا عبر الإنترنت، والتي تتيح عن بُعد، إمكانية الولوج إلى قاعدة معلوماتها ومعطياتها ومحتوياتها الأخرى المختلِفة.
وبتحصيل الحاصل، فإن محتويات هذا النوع من المكتبات يكون قد عولج بالوسائل الرقمية المعمول بها، وباعتماد أنظمة معلوماتية عالمية، وبالتالي يمكن البحث والفحص بواسطتها انطلاقًا من أي بقعة من المعمور وبأي لغة مُختارة.

ويمكن تمييز أنواع مختلفة من المكتبات الرقمية نذكر منها على الخصوص:
– “كتب عدن” أو جنة الكتب – Eden livres؛
– “نوميلوغ كوم” Numulog.com؛
– “موبيبوكيت كوم” Mobipocket.com؛
– “إي بلاتفورم” E plateforme؛
– غوغل ليفر أو كتب غوغل (Google livres)؛
– نوكزوس بوبليشينغ تكنولوجي Nuxos Publishing Technologies…
وتتميز المكتبات الرقمية بالتصنيف والترتيب بحسب الموضوعات أو المواد أو نوعيتها (نصوص، صور فوتوغرافية، رسوم، خرائط، أفلام فيديو…)، غير أن المُبحر فيها يمكن أن يجد تصنيفات عامة وأخرى مختلطة، كتلك التي تتميز بها المكتبة الرقمية الأوروبية الحاملة لاسم “أوروبيانا” Europeana، والتي كانت في بداية نشأتها سنة 2008 مشروعًا فرنسيًا هنغاريًا برتغاليًا مشترَكًا قبل أن تنخرط فيه بلدان الاتحاد الأوروبي.[1]
تتميز المكتبات الرقمية، أيضًا، باشتمالها من جهة، على وثائق رقمية محفوظة ومسجَّلة في قالب معيّن (Format)، ومن جهة ثانية، بكونها مصحوبة بنظام معلوماتي من شأنه أن ييسِّر الولوج إليها واستغلالها والتفاعل مع محتوياتها على الوجه الأمثل.
والحديث عن القالب، Format، يقودنا إلى الحديث عن أمور أخرى من قبل “ضغط الملفات”، Compression، وتشفيرها Encodage (خاصة عندما يتعلق الأمر بالصورة والصوت)، وكذا الحديث عن نمط النص ونمط الصورة والأنظمة المتحكمة فيهما…

ومن نافلة القول، التأكيد على أن المكتبة الرقمية تتفوق على نظيرتها التقليدية من حيث انفتاح بواباتها أمام جميع الزوار بلا أدنى استثناء، وفي كل الأوقات ليل نهار. كما أن النصوص والصور المعروضة في ملفات المكتبة الرقمية يمكن أن تأخذ شكل الورق، وبالتالي فموضوعاتُها تكون قابلة للطباعة والسحب الآني، أو تكون عبارة عن صور افتراضية تفاعلية أو نصوصًا خالصة يتحكم فيها المستعمِل ويتدخَّل بحسب حاجته ورغبته، مع احتفاظه بإمكانية استخراجها ونسخها بواسطة الطابعة بالصورة التي تبدو له أصلح وأنفع، مع إمكانية تقليص حجمها عن طريق الضغط أو تحويلها إلى سلسلة مترابطة من الملفات والموضوعات. وهذا يجعل المكتبة الرقمية تتقدّم كثيرًا على مكتبة الميكروفيلم، لكون هذه الأخيرة لا تسمح بالتفاعل مع النصوص والصور والملفات المعروضة، وإنما تسمح باستخراجها وطباعتها كما هي في أصولها الأولى.
ولأن موضوعات التكتيب وانشغالاتها العلمية والمعرفية بالغة التعدد والتنوع، فقد أنشئت للعناية بها وإعدادها للاستغلال مكتبات رقمية مختلفة التخصصات، منها: مكتبة المصورات الرقمية؛ مكتبة الصوتيات الرقمية المشتملة على التراث الموسيقي والغنائي العالمي؛ مكتبة الرسومات الرقمية؛ مكتبة الرقميات العامة أو المتنوعة، والتي ذُكِرَتْ كنموذج منها، المكتبةُ الرقمية الأوروبية أو “أوروبيانا”، كما تنتمي إلى هذا النوع، المكتبة الرقمية العالمية.
ومن المميزات الخاصة للمكتبات الرقمية، أنها مفتوحة أيضًا أمام الكتاب والمؤلفين والشعراء والباحثين والدارسين من جميع الشعب والمسالك كي يُدلوا فيها بدلائهم عن طريق إبداء الرأي، أو عن طريق التصويب والتصحيح عند الاقتضاء، كما أنها تشتمل على موسوعات حرّة في وسع الجميع أن يُسهم في دعمها وتنويع رصيدها ومحتوياتها بما يأتي به إليها من أبحاثه وإبداعاته واجتهاداته، كما هو الشأن بالنسبة لموسوعة “ويكيبيديا” Wikipédia، التي يتعدد ويختلف المساهمون فيها ويتنوّعون بلا حدود، شريطة الالتزام بالقواعد المتعارف عليها عالميًا في مجالي النشر، وحماية حقوق التأليف، وفي إطار الحفاظ على الأخلاق العامة، وتَوَخّي المنفعة والمصلحة لفائدة الزوار والمتصفّحين والمشاركين على اختلاف جنسياتهم ولغاتهم وانتماءاتهم وميولهم ومشاربهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: قاعة الانتظار، أرشيف مغرب التغيير.
[1] Office des publications officielles des Communautés européennes, Décision du 26 juin 2009 relative à l’organisation et au fonctionnement de l’Office des publications de l’Union européenne