العلاقات العامة: الماهية والأهداف والممارسة الفعلية داخل المؤسسات وخارجها (مغرب التغيير – الدار البيضاء 26 أكتوبر 2023)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 26 أكتوبر 2023
تهدف العلاقات العامة إلى كسب رضا الجماهير عن المنشأة أو المؤسسة، ومكافحة الآراء الخاطئة التي قد تتكون لديه عنها، واستخدام مختلف وسائل التعبير للتعريف بنشاطات المؤسسة باستعمال مختلف وسائل الإعلام. لذلك، يبدو الاختلاف واضحا بين العلاقات العامة وكل من الدعاية والإعلان.
وقد خلص الدارسون والمفكرون والمختصون بمجال العلاقات العامة إلى أن هذه الأخيرة تستخدم الإعلان والدعاية والترويج ولكن في إطار الاستناد إلى علم الأخلاق وعلم الاقتصاد والإدارة. فالعلاقات العامة تقوم على أساس من الأعمال الخيِّرة المستندة بدورها إلى المنظومة الأخلاقية ، وبالتالي فإنها تستطيع تحقيق المنفعة المتبادلة بين الجمهور والمنشآت التي يتعامل معها.

الأسباب المؤدية إلى تطور العلاقات العامة:
1ـ الثورة الصناعية وتطور الإنتاج واتساعه؛ 2ـ المنافسة الحادة بين الشركات والمنشآت الصناعية؛ 3ـ انتشار التعليم وارتفاع درجة الوعي الجماهيري؛ 4ـ انفجار ثورة الاتصالات ووسائل التواصل؛ 5ـ اتساع العلاقات الاعتمادية وتطور أشكال المعاملات.
كيفية ممارسة العلاقات العامة في المؤسسات:
ـ استخدام خبراء ذوي كفاءة عالية في العلاقات العامة؛ ـ إنشاء إدارات متخصصة في العلاقات العامة بالمؤسسات والمنشآت؛ ـ مشاركة جميع العاملين بالمنظمة ومساهمتهم في نشاطات العلاقات العامة؛ ـ اختيار إطار فنّي (تقني) متخصص في دراسة مشاكل المنظمة وتحقيق أغراضها.
فوائد وجود إدارة خاصة بالعلاقات العامة:
1ـ إحاطة الإدارة المركزية أو العليا بردود الفعل التي تُحدثها سياسة المنظمة في نفس الجمهور داخل المؤسسة وخارجها؛ 2ـ توفير الوقت والخبرة اللازمة لتوجيه الجمهور وإرشاده؛ 3ـ المساعدة في تخطيط الاتصال داخل المنظمة؛ 4ـ الاقتصاد في النفقات؛ 5ـ المساهمة في تكوين الأطر.

مهام إدارة العلاقات العامة داخل المنظمة:
ـ الاهتمام بالكشف عن الاتجاهات والاحتياجات والميول لدى المتعاملين والجمهور؛ ـ وضع السياسات والبرامج المتلائمة مع تلك الميول؛ ـ تعبئة الجماهير باستمرار لجعلها تسهم في نشاط المجتمع ككل؛ ـ السعي إلى تحقيق التكامل في التعامل بين الأفراد والجماعات والجمهور؛ ـ تحديد مسؤوليات التنفيذ الموكولة إلى العاملين في حقل العلاقات العامة؛ ـ جعل برامج الاتصال والتواصل والمخاطبة تتصف بالمرونة والديناميكية؛ ـ استخدام كافة وسائل الاتصال الممكنة مع الجمهور ومع مختلف الفئات.
وتمارس إدارة العلاقات العامة وظائف البحث؛ والدراسة؛ والتخطيط؛ والاتصال والتواصل؛ والتنسيق؛ والتقييم واستخلاص الدروس من الخطط السابقة.
وتقدم إدارة العلاقات العامة كما تبين ذلك مما سلف ذكره عدة خدمات للجمهور، وللمنظمة، ولإدارة هذه الأخيرة بشكل خاص.
ويمكن أن ينجم عدد من المخاطر والمصاعب للمنظمة في حالة عدم توفرها على إدارة للعلاقات العامة فاعلة ونشيطة وإيجابية، كالخلط بين أنشطة العلاقات العامة ونشاطات الإعلان والدعاية والترويج.
موقع إدارة العلاقات العامة من الهيكل التنظيمي للمؤسسة:
. من الطبيعي بناء على ما سلف ذكره من أدوار للعلاقات العامة، في تنشيط الإنتاج والاستهلاك، أن تكون إدارتها قريبة من السلطة الإدارية العليا أو المركزية. وعادة ما يتم ذلك عن طريق الرفع من مستوى إدارة العلاقات العامة في هرم المؤسسة إلى مكانة عليا كشغل المكلف بالعلاقات العامة لمنصب نائب المدير العام للمؤسسة على سبيل المثال. أو يكون مديرًا من المديرين المركزيين.
الهيكلة الداخلية لإدارة العلاقات العامة:
يتجلى هذا التنظيم في أسلوب الاتصال العام أو الوظيفي على النحو التالي:
ـ قسم للصحافة؛ ـ قسم للإنتاج المصوّر (أشرطة وأفلام قصيرة وفيديوهات…) ؛ ـ قسم للندوات؛ ـ قسم لإنتاج المطبوعات والمنشورات؛ ـ قسم للأعمال المسموعة والمرئية.
وتكون الهيكلة تبعا لأسلوب الاتصال النوعي على النحو التالي:
ـ قسم للاتصال بالمستثمرين؛ ـ قسم للاتصال بالمستهلكين؛ ـ قسم للاتصال بالممونين؛ ـ قسم للاتصال بالمقاولين والمتعهّدين.
ويكون الهيكل العام وفق أسلوب الاتصال المزدوج منقسمًا إلى قسميْن: أحدهما للاتصال بالجماهير الأكثر تأثيرًا في السلطة بشكل مباشر؛ وثانيهما لإنتاج مواد الاتصال الضرورية لخدمة الجمهور العام والجماهير النوعية.
وهناك أساليب أخرى تتعدد وتتنوع بحسب الأولويات التي تُقِرّها كل مؤسسة، والاختيارات التي تأخذ بها في التعامل مع متلقيها داخل المنشأة وخارجها.

جوهر عمل العلاقات العامة:
ترتكز العلاقات العامة على مجموعة من الأسس من أهمها على الخصوص:
ـ انطلاق نشاطاتها من داخل المنشأة؛ ـ الديمومة والاستمرارية؛ ـ التعامل المتبادل مع المنظمات الأخرى؛ ـ شمولية العلاقات العامة؛ ـ احترام الجانب الأخلاقي للعلاقات العامة؛ ـ الالتزام بالحركية والحيوية؛ ـ التركيز على الجانب الإنساني للنهوض بالإنسان دون ميز أو محاباة؛ ـ الحرص على القواعد والأسس الاجتماعية لتحقيق التماسك بين المؤسسة والجمهور؛ ـ الحرص على أن تكون العلاقات العامة متلائمة مع مختلف الظروف والمستجدات؛ ـ احترام آراء الجماهير ووجهات نظرها وتوجهاتها الفكرية والعقدية.
الأهداف الأساسية للعلاقات العامة:
ـ تحقيق السمعة الطيبة للمؤسسة؛ ـ الترويج لمنتجاتها وخدماتها؛ ـ تنمية شعور العاملين فيها بالانتماء للمنظمة وكسب ولائهم وتأييدهم؛ ـ كسب ثقة الجمهور الخارجي وتأييده.
كيفية وضع برنامج للعلاقات العامة؟
1ـ البحث عن الحقائق وجمعها؛ 2ـ التخطيط وتحديد الأهداف؛ 3ـ اختيار وسيلة الاتصال أو وسائله والقيام بعملية الاتصال؛ 4ـ تقييم البرامج القائمة للاستفادة من نتائجها في وضع الخطط الموالية.
الآفاق المستقبلية للعلاقات العامة:
لم تعد العلاقات العامة وظيفة حيوية بالنسبة للمنشآت والمؤسسات الناشطة في حقول الصناعة والإنتاج والتجارة والخدمات فحسب، بل تعدت ذلك إلى المجال السياسي والدبلوماسي الدولي، لتقترب بعد ذلك من حلم الإنسانية جمعاء، وهو “تحقيق السلم والأمن والعدل وإقامة أواصر المودة والتعايش والتساكن بين مختلف الأجناس والأعراق والألوان دون أدنى ميز أو إقصاء”. وبهذا أصبحت العلاقات العامة وسيلة لخدمة أهداف إنسانية كبرى.
ختاماً، من المرتقب أن تستمر العلاقات العامة في هذا المسار الطويل بفضل التطورات المتلاحقة والتي يشهدها ميدان الاتصال وتكنولوجيا الإعلام والتواصل، حتى إنه يمكن القول “إن هذا العصر إذا كان عصر المعرفة والإعلام والاتصال بامتياز، فإن العصر القادم سيبكون عصر إعادة مدّ جسور الصلة بين الإنسان وأخيه الإنسان وفق مبادئ لا نقول إنها جديدة وغير مسبوقة، بل نقول إنها ستنهل من نفس معين المشكاة التي استُمد منها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهي مشكاة الرسالات التي حملها الأنبياء والرسل والمصلحون على مر العصور”.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: قاعة الانتظار، أرشيف مغرب التغيير.