التعاون العسكري والأمني في صلب التحالف المغربي – الأمريكي (مغرب التغيير – الدار البيضاء 5 دجنبر 2023)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 5 دجنبر 2023
من ضمن المجالات المتعددة للتعاون الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والمغرب، احتل الجانب الأمني والعسكري على الدوام مكانة متميزة. ومنذ إقدام المغرب على فتح موانئه للسفن الأمريكية في القرن الـ18 في غمرة كفاح الولايات المتحدة الأمريكية لنيل الاستقلال إلى غاية التمارين المشتركة للأسد الإفريقي، لطالما جمعت الرباط وواشنطن وجهات نظر متطابقة، لاسيما عندما يتعلق الأمر بالرهانات الأمنية العالمية الكبرى. وخلال العشرين سنة الأخيرة، تعزز هذا التقارب في عالم ما بعد 11 شتنبر، إذ اتفقت الرباط وواشنطن على وجه السرعة على أهمية إقامة وعم تعاون أمني شامل للتصدي لظاهرة الإرهاب العابر للحدود.

ومنذ سنة 2004، اعتُبِرَ المغرب “حليفاً أساسياً للولايات المتحدة” من خارج حلف الشمال الأطلسي (الناتو)، حيث نظم البَلَدان بشكل مشترك عددا من برامج الوقاية والمكافحة المنسقة ضد المخاطر العابرة للحدود.
وتوجه المملكة المغربية والولايات المتحدة تعاونهما الاستراتيجي نحو تعزيز التوافقية بين القوات المسلحة للبلدين. وتعززت هذه التوافقية في السنوات الأخيرة على الخصوص، من خلال المناورات العسكرية المشتركة والتعاون العسكري المثالي.
وشكل تبادُل الزيارات مؤخّراً للمسؤولين السامين من البلدين، مناسبة لإبراز الأهمية الإستراتيجية للرباط وواشنطن على المستويين الأمني والعسكري على على الخصوص.
ووقع البلدان، حديثا، اتفاقا للدفاع وصفه الطرفان “بالتاريخي”. وتم توقيع هذا الاتفاق الذي يحمل اسم “خارطة الطريق للتعاون في مجال الدفاع 2020-2030 بين المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية” بمناسبة زيارة كاتب الدولة الأمريكي السابق في الدفاع، مارك إسبر، للرباط في أكتوبر الماضي.
وتروم خارطة الطريق العشرية هاته، “تقوية التعاون العسكري-الأمني” ودعم القرار الملكي المتعلق بتعزيز الصناعة العسكرية الوطنية، باعتبار المغرب دولة محورية في الحفاظ على مناخ الأمن والاستقرار بشمال إفريقيا وجنوب حوض المتوسط.
وبالنسبة للبنتاغون، فإن هذا الاتفاق مكن من”تجديد التحالف بين البلدين كحجر زاوية للسلام بإفريقيا”.
وقال السيد إسبر، بمناسبة زيارته للمملكة، “اليوم وأكثر من أي وقت مضى، فإن بلدينا يعملان في إطار شراكة وثيقة لتخطي تحديات بيئة أمنية تزداد تعقيدا يوما بعد يوم، ومكافحة الإرهاب، ومواجهة تهديدات الاستقرار الإقليمي العابرة للحدود، ورفع تحديات إستراتيجية أكثر اتّساعاً”، مضيفا “إننا نقوم بذلك جميعا للنهوض بالأمن والاستقرار والازدهار ولخدمة أهداف شعبينا المشتركة”.
وأبرز كاتب الدولة الأمريكي السابق للدفاع أن “الهدف هو التعزيز المستمر للالتزام طويل الأمد والراسخ إزاء المغرب، وبالتالي نحو إفريقيا”.
وأكد أن أحد الجوانب الخاصة لخارطة الطريق هذه يتجسد في أهمية تمارين الأسد الإفريقي، التي تستقطب مشاركين من القارة برمّتها، مبرزا أن الأمر يتعلق بـ”حدث محوري للتكوين والتمرين خلال سنوات عدة، ليس فقط بين الولايات المتحدة والمغرب”.
وفضلا عن الجانب العسكري، يحظى التعاون في مجال الاستعلامات بطابع رئيسي بالنسبة لواشنطن، كما يتجسد ذلك في الاجتماع الأخير الذي جمع السفير الأمريكي في الرباط دافيد فيشر بالسيد عبد اللطيف الحموشي المدير العام للأمن الوطني المدير العام لمراقبة التراب الوطني.
وتناول الجانبان، خلال هذا الاجتماع، مختلف المواضيع الأمنية التي تحظى بالاهتمام المشترك بين البلدين، خصوصا آليات التعاون والتنسيق في مجال مكافحة مخاطر التهديد الإرهابي والتطرف العنيف والجريمة المنظمة، وارتباطاتها المتزايدة في المحيط الإقليمي في منطقة شمال إفريقيا ودول الساحل.
كما استعرض الجانبان السبل الكفيلة بترصيد وتثمين هذا التعاون الذي أضحى نموذجا يقتدى به في مجال مكافحة الإرهاب.
كما تطرق الطرفان إلى آليات تطوير وتدعيم مستويات التعاون الثنائي بين مصالح كلٍّ من المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، والوكالات الأمنية الأمريكية في مجال مكافحة المخاطر والتهديدات المرتبطة بالجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، وكذا تبادل الخبرات والتجارب بين الجانبين.
وبالنظر للتعاون الأمني والعسكري المثمر والدائم بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، فضلاً عن اعتراف واشنطن بسيادة المملكة التامة على صحرائها، فإن هذا التحالف سيتعزز مستقبلا بما يمكّن البلدين من مواجهة مشترَكة ومنسَّقة للتحديات الكبرى العابرة للحدود.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: البوابة الوطنية maroc.ma (بتصرف).