منوعات
أخر الأخبار

المساجد في المملكة الإسبانية: الإحصاء، أوضاع الأئمة، الإدارة والتمويل (مغرب التغيير – الدار البيضاء 6 يناير 2024)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 6 يناير 2024

يوجد بإسبانيا حوالي 1500 مسجد، ولا تتمتع هذه المساجد جميعها بالقدرة الاقتصادية والوسيلة المالية لتوظيف الإمام، حيث تكون فضاءات الصلاة أحياناً صغيرة، ويكون الإمام في وضعية متعاون أو متطوع، وهو الشخص الذي يؤمّ عادة صلاة الجمعة ويُلقي خطبتها، في حين أن المساجد/الجوامع عادة ما تضم تجمعات كبيرة ولديها موظف مخصص لإمامتها، له راتبه المالي ووضعه القانوني والإداري إزاء السلطة المشرفة على إدارة المسجد، أو الجهة الوصية عليه.[1]

م. الدعوي الرقمي

لا يوجد سجل عام في هذا الشأن، والأرقام المقدمة هي تقديرات تستند إلى العدد الإجمالي للمساجد المسجلة. ووفقا لسجل الكيانات الدينية يوجد في إسبانيا أكثر من 1800 شخص يمارسون دور الإمامة، ويعتبر الإسلام ثالث أكبر ديانة من حيث عدد المرشدين الدينيين بعد الكاثوليك والبروتستانت.

والواقع أنّ تعداد الأئمة الذي كانت قد أعلنت عنه المفوضية الإسلامية في إسبانيا، لا يزال غير جاهز، مما يصعب ليس فقط معرفة تعدادهم ولكن أيضا ما إذا كانوا يؤدون واجباتهم بدوام كامل أو جزئي، وما إذا كانوا موظفين بأجر، أو يعملون بشكل تطوعي، فضلاً عن التساؤل حول مستوى تكوينهم، وطبيعة ممارساتهم في المساجد وداخل الجماعات الدينية.

أوضاع الأئمة وتأهيلهم:

تمنح اتفاقية تعاون الدولة مع المفوضية الإسلامية الإسبانية، التي تمت الموافقة عليها في عام 1992، منصب الإمامة للأشخاص الذين يكرسون أنفسهم، بتفرُّغ واستمرارية، لإمامة الصلاة الإسلامية والتكوين والمساعدة الدينية، ويصادقون على الامتثال لهذه المتطلبات من خلال شهادة صادرة عن الإقليم الذي ينتمون إليه، بموافقة المفوضية الإسلامية الإسبانية، باعتبارها المشرف الرئيسي على هذا الجانب الإجرائي.

وبمجرّد ما يعالج الإمام تسجيله في “النظام العام”، يطلب الضمان الاجتماعي شهادة تثبت إمامته واستيفاءه لباقي الشروط. وتعتبر “المفوضية الإسلامية الإسبانية”، التي تم تشكيلها في فبراير 1992 من لدن الاتحاد الإسباني للكيانات الدينية الإسلامية واتحاد الجاليات الإسلامية في إسبانيا، بمثابة الكيان المسؤول عن التحقق من المعلومات التي يدلي بها المترشحون للإمامة والإرشاد، وهي التي تضطلع بإصدارها على مسؤوليتها.

ويسمح هذا الإجراء بمعرفة شهادات التحقق التي تم إصدارها مع آخر البيانات المقدمة، على الرغم من أنه لا يتم إضفاء الطابع الرسمي عليها، بسبب ظروف مختلفة، مثل وجود مشاكل التأشيرة التي تمنع شخصا معينا من الوصول إلى إسبانيا.

وعند تعيين أيّ إمام من قبل أيّ تجمع إسلامي، يصبح من الضروري أن يكون مسجلا في “سجل الكيانات الدينية”، وأن يكون مسجلا في كل من مصلحة الضرائب برقم CIF وكذلك في سجلات إدارة الضمان الاجتماعي، الذي يظل نظامه العام مدمجا مع الشخص المعني. وهذا منصوص عليه في المرسوم الملكي الذي صادقت عليه وزارة الرئاسة في فبراير 2006، في عهد رئاسة، “ماريا تيريزا فرنانديز دي لا فيغا”، امتثالاً للأحكام التنظيمية التي تم تضمينها بالفعل في اتفاقية عام 1992.

وعلى الرغم من تحديد لوائح العمل، إلا أن متطلبات الإعداد تعد أقل صرامة، ويطالب الاتحاد الإسباني للكيانات الدينية الإسلامية ومنظمات أخرى الحكومة، منذ سنوات، بتعديل القانون بحيث يمكن للأئمة مزاولة عملهم بمجرّد اجتيازهم تدريباً محدداً وإجمالياً، تلافيا لكثرة التعقيدات.

بيد أنّ مشكلة النقص في الأئمة والمرشدين الوُعّاظ لا تكمن فقط في أنها تؤدي إلى توظيف أشخاص غير مؤهّلين، من الذين غالبا ما يتولون هذه المهام دون خبرة سابقة، بل إن الجاليات الإسلامية تحذر من خطر أكبر، قد يكون مشتركا مع دول أخرى غير إسبانيا، مثل فرنسا والمملكة المتحدة، ويتمثل في وجود كيانات عربية تستغل العدد غير الكافي من الأئمة المكوَّنين والمؤهَّلين في أوروبا من أجل إرسال أئمة ومرشدين تستعملهم كـ”سلاح ثقافي أو سياسي” ينبغي أن يُحسَبَ له حسابُه.

وفي بعض الأحيان، يتم اتخاذ هذا الإيفاد من لدن بعض الدول كذريعةً لتمويل المسجد المستفيد من هذه العملية، على الرغم من كون هيئات الجاليات المسلمة توصي بعدم قبول هذا النوع من العروض الخارجية، غير أنّ هذا هو الحال مثلا بالنسبة لمسجد “M 30 30” في مدريد، وهو الأكبر في البلاد، والذي تم تمويله بالكامل من لدن المملكة العربية السعودية، وكانت تكلفة بنائه قد بلغت 12 مليون يورو، وبالتالي فمن الطبيعي أن يأتي الإمام المُعَيَّن للعمل به من البلد المموّل أو باقتراح أو موافقة منه.

وفي السنوات الأخيرة، شرعت جامعات إسبانية عمومية في تقديم “دبلومات للإرشاد الجامعي” في “الدين والقانون”، في ضوء التحديات التي يفرضها واجب التعايش. ومن بين هذه الجامعات جامعة سرقسطة، التي خرّجت فوجَها الثالث في إطار تكوين متخصص يستهدف الأئمة والمرشدين وأساتذة التربية الإسلامية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]  تصريح لمحمد أوجانا الوافي السكرتير العام للمفوضية الإسلامية بإسبانيا، لجريدة الأنديبندانتي، يقول فيه “لقد بدأنا في الموضوع ولكن كان هناك تغيير في الإجراءات في سجل الكيانات الدينية التابع لوزارة العدل”، ترجمة خطري مولود. (يشير هنا إلى الحاجز الذي أقامته إجراءات حماية البيانات الشخصية، باعتبارها إحدى المعايير التي أبطأت عملية إحصاء تعداد الأئمة والمرشدين الدينيين، إلى جانب ظروف أخرى، من بينها أحداث العنف التي كانت قد شهدتها المنطقة والتي اتهم في تدبيرها بعض الأشخاص القريبين من الأوساط الدينية الإسلامية بإسبانيا).

(المصدر: قاعة الانتظار، أرشيف “مغرب التغيير”).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى