آراء ومواقف
أخر الأخبار

علاقات التعاون بين المغرب وروسيا الاتحادية: تطور يتحدى التعقيدات السياسية (مغرب التغيير – الدار البيضاء 8 يناير 2024)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 8 يناير 2024

عندما أشرنا في العنوان أعلاه إلى “التعقيدات السياسية”، فإننا أردنا بذلك خلفيات السياسة الخارجية الروسية، التي ما زالت تحمل بعض بصمات الاتحاد السوفياتي، غير المأسوف عليه، وخاصة مواقفه الراديكالية أثناء الحرب الباردة، وقبل سقوط جدار برلين، الذي أشّر على تحوّل روسيا عن طريق “البيرسترويكا” إلى ما يشبه “نظاماً وطنياً” هو أقرب إلى القيصرية منها إلى رأس الثعبان الشيوعي الاشتراكي الذي شاخ وانتهى أجله إلى غير رجعة.

ويكيبديا

وحين نقول “التحدي” لتلك التعقيدات، فإننا نقصد بذلك استمرار قيام التزام روسي، أخلاقي، بدعم ونصرة الأنظمة التي كانت في السابق مخلصة للاتحاد السوفياتي تحديداً، ومنها على الخصوص، النظام الجزائري، الذي ما زال دون غيره يفكّر ويتصرّف بعقلية السبعينات من القرن الماضي، وكأنه “سوفياتيٌّ” أكثر من السوفيات أنفسهم، مما جعله يؤبّد عداءه للمغرب، باعتبار المغرب، في السابق أيضاً، صديقاً وحليفاً للمعسكر الليبرالي، رغم أن هذه الاعتبارات دالت ولم يعد لها أدنى وجود إلا في مخيّلة شيوخ العسكر في الجارة الشرقية، بدليل عقد المغرب لصداقات وشراكات وعلاقات تعاون متأصّلة، وليست سطحية فحسب، مع الصين وروسيا ومعظم دول أوروبا الشرقية، تحت شعار مغربي أصيل، أساسُهُ “رابح رابح”، في واقع جديد يهيمن فيه الفكر “البراغماتي”، الذي ينظر بعين الأولوية إلى مصالح الوطن وأهله قبل غيرها من المنافع.

في هذا الإطار المفاهيمي، شكل تطوير علاقات الصداقة القائمة بين روسيا والمغرب محور مباحثات أجريت، في أواخر شهر دجنبر المنصرم بموسكو، بين الممثل الخاص لرئيس جمهورية روسيا الاتحادية للشرق الأوسط وإفريقيا، نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، وسفير المغرب بروسيا، لطفي بوشعرة.

وذكر بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية الروسية، بخصوص هذا الاجتماع، أن الجانبين تناولا خلال اللقاء “القضايا الراهنة المرتبطة بالتطور المطرد للعلاقات الودية التقليدية بين روسيا والمغرب”.

كما ناقش الطرفان الجدول الزمني للاتصالات المقبلة على مختلف المستويات، وفقا للمصدر ذاته.

وللإشارة، في السياق نفسه، فإن علاقات التعاون بين المملكة المغربية وجمهورية روسيا الاتحادية بلغت أوْجَها بكل المعايير، والدليل على ذلك، الاتفاق المعلن عنه مؤخَّراً بين الدولتيْن، والذي تستثمر روسيا بموجبه ملايير من الدولارات في إقامة مفاعلات نووية لإنتاج الطاقة، وهو الاتفاق الذي أدهش العالم برمته، لكونه لم يُثِرْ حفيظة الحليف الإستراتيجي الأوّل للمغرب، المتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية، التي يبدو أنها مقتنعة تمام الاقتناع بالسيادة الكاملة للمغرب على قراراته، وبكونه حليفاً موثوقاً به مهما كانت تحالفاته في مجالات التنمية والصناعة والتجارة، بل يبدو أن الحليف الأمريكي متيقن من حكمة القرارات المغربية حتى في حالة اتخاذ المغرب لمواقف سياسية ودبلوماسية يراها البعض خارجة عن الترويكة الغربية، شأنه في ذلك كشأن كل الدول المستقرة داخل النسيج العالمي وذات السيادة غير القابلة للمزايدة.

للإشارة أيضاً، وهذا بالغ الأهمية، فالاتفاقيات الاستثمارية المنعقدة بين مغرب محمد السادس وروسيا  بوتين تشمل كافة جهات الجنوب المغربي، وتحديداً الصحراء المغربية بكافة أقاليمها وحواضرها، مما يشكّل مرةً أخرى، وكما في علاقات التعاون المغربية الصينية، “ضربة معلم” تُكيلها المملكةُ لأعداء وحدتها الترابية… وكما يقول المثل الساخر: “إيّاكِ أعني واسمعي يا جارة”!!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى