منوعات
أخر الأخبار

اتفاق التعاون المغربي الألماني هل يُسهل إجراءات جلب اليد العاملة المغربية إلى ألمانيا؟ (مغرب التغيير – الدار البيضاء 10 يناير 2024)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 10 يناير 2024

يلاحظ المتتبعون أن أعداد الشباب المغاربة المهتمين بالهجرة نحو ألمانيا في ارتفاع مستمر، فقد صار الإقبال على تعلم اللغة الألمانية ومعادلة شهادات التكوينات الأكاديمية والمهنية كبيرا ومتنامياً. لكن الشكاوي أيضاً ضدّ مكاتب سلطات الهجرة بألمانيا في ارتفاع مستمر. وقد بذلت ألمانيا جهودا كبيرة لأجل التوصل إلى اتفاقية هجرة مع المغرب لجذب العمالة المغربية الماهرة والمؤهَّلة والحد من الهجرة غير القانونية. ذلك أنه بعد توقيع المغرب وألمانيا على إعلان نوايا يهدف إلى تعزيز التعاون بين البلدين في القضايا الأمنية وفي مجال الهجرة، بتاريخ 30 من أكتوبر الماضي، ساد تفاؤل كبير لدى الشباب المغاربة المهتمين بفرص العمل التي يوفرها هذا البلد الصديق، خاصة منهم من بدأ استعداداته قبل مدة بقصد الهجرة إليه.

le desk

إحباط بسبب بيروقراطيا الإدارة الألمانية!

بسمة، شابة مغربية تبلغ من العمر 25 سنة، تنتظر منذ أواخر شهر يوليوز هي ومشغلها الألماني، الذي تمكنت من إقناعه بكفاءتها وسيرتها الذاتية المهنية إضافة إلى مجهودها في تعلم اللغة الألمانية، بمنحها عقد عمل. تحكي بسمة في مقابلة مع مهاجر نيوز، أن “المشغل يحاول منذ ثلاثة أشهر التواصل مع  مكتب الأجانب، لكنه لا يتلقى أي رد، وأنا أيضا أحاول منذ أشهر التواصل معهم دون أي استجابة تذكر”.

درست بسمة تخصص الفندقة في المغرب، وعلمت لاحقا أن دبلومها قد يمكنها من تحقيق حلم العمل في أوروبا، وبالضبط في ألمانيا، بالنظر للخصاص المهول في اليد العاملة هناك. حلمها بتجربة العيش في أوروبا كان دافعا مكنها من الحصول على شهادة لغة مستوى B1 خلال الأشهر الأولى من 2021، مما حفزها للبدء في إعداد ملفها المكون من شهادات دراستها وتدريباتها المهنية، وفي منتصف شهر مايو 2022، وجدت فرصتها مع المشغل الألماني عن طريق موقع ألماني للبحث عن عمل.

بعد شهرين من المقابلة بعث لها المشغل عقد العمل، وبتوصية منه دفعت مقابل ملف التسريع للمشغل 411 يورو (حوالي 4.500 درهم) حسب تأكيدها، لكن إلى غاية يومه لم تحصل على أي رد. هذا التأخير، جعلها تفوت موعدها لدى القنصلية الألمانية والذي كان سيخصص لوضع ملف طلب الحصول على تأشيرة.

تقول بسمة “لقد حاولت جاهدة، وكنت جد متفائلة، أعانتني عائلتي ماديا ومعنويا، لكن هذه التجربة السلبية، والبطء الكبير في  المعاملات الإدارية، أفقداني اليوم الشغف، أريد فقط أن أعرف لماذا لم يجيبوني، أليست ألمانيا من تشتكي من نقص اليد العاملة؟ لماذا لا يسهلون وصولنا للوظائف التي نجدها؟”.

اتفاقيات لا تولي اهتماما للواقع!

الاتفاقيات التي أبرمتها الحكومة الألمانية تهدف بالأساس إلى تسهيل إصدار تأشيرات العمل والتدريبات المهنية للمهتمين في المغرب، لكن مقابلها هناك مطالب ألمانية بتحسين التعاون المغربي في عمليات إعادة طالبي اللجوء المغاربة المرفوضين إلى المغرب.

ويبلغ عدد المغاربة المقيمين في ألمانيا المُطالَبِين بمغادرتها 3660 نفر، 2762 منهم حصلوا على تصريح إقامة (منع ترحيل أو دولدونغ) لأسباب مختلفة، أما 898 الباقون فيمكن ترحيلهم بسرعة. وكان المغرب لا يسمح سوى ببعض  عمليات الترحيل الفردية على متن رحلات جوية مجدولة، وهو ما يزيد من صعوبة عمل الشرطة الاتحادية المسؤولة عن عمليات الترحيل.

تمثل ملاك، الشابة المغربية التي وصلت إلى ألمانيا نهاية سنة 2021، والبالغة من العمر حالياً 34 سنة، حالة معقدة من بين حالات كثيرة تحدثنا إليها في مهاجر نيوز. هم أشخاص تمكنوا فعلا من الوصول إلى ألمانيا بطريقة قانونية، لكن سرعان ما تحولت حياتهم فيها إلى “جحيم” حسب وصفهم، فلا هم تمكنوا من تحقيق طموحاتهم، ولا البلد استفادت منهم كما يجب.

كانت ملاك معتادة في إطار عملها بمجال النقل الدولي، على القدوم إلى الكثير من البلدان الأوروبية طوال السنوات الماضية. تقول في تصريح لمهاجر نيوز “بسبب ظروف خاصة، لم أتمكن من العودة للمغرب حينما قدمت إلى ألمانيا”. انتهت صلاحية التأشيرة وهي في ظرف قاهر حسب ما تحكيه، فنصحها أصدقاء ومعارف  بطلب اللجوء رغم أنها لن تتمكن من الحصول على قبول لطلبها لأنها مواطنة مغربية، أي قادمة من بلد آمن، لكنهم اقترحوا عليها أن تستغل الوقت الذي يستغرقه البت في طلبها لتعلم اللغة وإيجاد عمل أو تدريب مهني. بمعنى أن تتحايل على المساطر الأمانية.

فشلت السلطات في ترحيل ملاك كما يحصل في أغلبية حالات الترحيل بسبب مشاكل إدارية، وتدخل محاميها في القضية، ليتم منحها تصريح التسامح (منع الترحيل). وجدت الشابة المغربية فرص عمل بعد ذلك، لكن نوعية إقامتها كانت تمنعها من العمل، كما تمنعها من مغادرة مركز اللجوء الذي تعيش فيه. تقول “طلبت من الموظفين أن يساعدوني على تغيير وضعيتي عبر السماح لي على الأقل بتعلم اللغة، فأنا لم أعتد أبدا على حياة الأكل والنوم، أردت أن أحقق شيئا”.

وتساءلت الشابة قائلة “ألا تعاني ألمانيا من نقص اليد العاملة؟ لقد أتيتها برغبة في تحقيق الكثير، وليس للبقاء محتجزة في مركز اللجوء”. حصلت ملاك اليوم على مستوى B1 في اللغة الألمانية بعد السماح لها بالدراسة، ونهاية هذا الشهر سوف تجتاز الامتحان السياسي، وتحاول جاهدة إيجاد عمل أو تدريب، وتفكر في التطوع في عمل خيري لتكتسب مهارات لغوية أكثر عمقاً وتندمج في المجتمع الألماني أكثر.

كل هذه الجهود والمحاولات، لم تشفع لملاك في البقاء في ألمانيا، فصلاحية الإقامة التي منحت لها ستنتهي خلال أسابيع. تقول “أعيش حالة رعب من الترحيل يوميا، يستنزفوننا في كل دقيقة بكثرة المواعيد الإدارية التي يذكروننا خلالها بأن الترحيل وشيك، عوض السماح لنا بالتركيز في تعلم اللغة والعمل والاندماج، لا يفرقون بين من سينفع هذا البلد فعلا ويساهم في تطويره اقتصاديا، ومن يستنزفون أموال الدولة دون فائدة. السلطات الألمانية تعرقل وتركز جهودها على الأشخاص الخطأ، لا أفهم لماذا؟”.

maroc.ma

تهديد مغاربة بالترحيل رغم توفرهم على فرص عمل!

ما تشتكي منه ملاك، وإن تم تبريره بخطئها القانوني في البقاء في ألمانيا بعد انتهاء صلاحية تأشيرتها، إلا أنه أمر يعاني منه العشرات من الشباب المغاربة الذين وصلوا إلى ألمانيا إما عن طريق عقد عمل أو تدريب مهني، لكن واجهتهم مشاكل لم تكن بالحسبان.

المهدي، واحد من هؤلاء الشباب، وصل إلى البلد شهر مارس من العام الماضي، بعد حصوله على عقد تدريب مهني  واستيفائه كل الشروط التي تسمح له بالقدوم إلى ألمانيا. ولكن قبل نهاية مدة التدريب بيوم واحد، حسب ما يحكيه لمهاجر نيوز، قررت الشركة فسخ عقده، وأخبرت مكتب الأجانب بالأمر، وتم إخباره بأنه ستتم إعادته إلى المغرب. فرغم حصوله على عقود عمل وتدريبات أخرى، في الولاية نفسها، يرفض مكتب الأجانب السماح له بالعمل إلى الآن، ويجددون طلب مغادرته ألمانيا في كل زيارة منه للموظف المسؤول عن ملفه، ويُبَلغ بهذا القرار كل مشغل منحه عقد عمل وحاول التوسط لدى مكتب الأجانب لحل مشكلته.

المهدي اليوم حائر، فلا هو يستطيع العمل رغم كثرة الفرص التي وجدها وإتقانه اللغة، ولا هو قادر على اتخاذ قرار العودة طوعا للمغرب. يقول “استثمرت وعائلتي ماديا ومعنويا وبذلت الكثير من الجهد لأجل القدوم إلى ألمانيا بشكل قانوني، بهدف إيجاد فرصة لبناء مستقبل أفضل”. ولا يدري المهدي هل نصيحة أصدقائه بتوكيل محام لمتابعة الملف، وتغيير محل سكناه نحو ولاية أخرى سيكون حلا، أم أنها ستكلفه فقط مصاريف إضافية لا تنفع أمام تعنت الموظفين والسلطات الألمانية.

هل سيتم التوصل لحلول للعراقيل الإدارية المعتادة؟

الجهود المبذولة من طرف ألمانيا لإيجاد حلول لنقص اليد العاملة وتوجهها لبلدان شمال إفريقيا ليس جديدا، فقبل إعلان الاتفاقيات بين كل من المغرب وألمانيا خلال أكتوبر المنصرم، كانت قد جرت مباحثات بين وزيرة الشؤون الخارجية لجمهورية ألمانيا الاتحادية، أنالينا بيربوك، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، خلال زيارة عمل له في ألمانيا، سلط الوزيران خلالها الضوء على التعاون الوثيق في مجال الهجرة.

كما أن جهود ألمانيا في التنسيق مع البلدان الشمال إفريقية، تأتي في سياق جهود الاتحاد الأوروبي الذي يرى أن دول شمال القارة، شريك استراتيجي لمكافحة الهجرة غير القانونية، وفي الآن ذاته مصدر لليد العاملة التي تحتاج إليها أوروبا لتفادي الركود الاقتصادي.

لكن بالنسبة لكل من يفكر في الهجرة نحو ألمانيا من المغرب، فإن أول المعيقات التي تتبادر إلى الذهن هو بطء الإجراءات الإدارية واستمرارها لأشهر طويلة حسب شهادات استقيناها سابقا، حتى قبل الوصول إلى ألمانيا. وقد سبق لوزارة الخارجية الألمانية أن صرحت لمهاجر نيوز بخصوص هذا الموضوع سنة 2019 قائلة “السفارة الألمانية بالرباط تواجه طلبًا كبيرًا على التأشيرات في كل الأصناف”.

وعند مقارنة المغرب ببلدان أخرى، فرقم الحاصلين على تأشيرة العمل يبدو ضئيلاً، إذ تتصدر دول البلقان القائمة. وحتى عند مقارنة المغرب ببلدان في شمال إفريقيا، فمصر تتصدر تأشيرات العمل متبوعة بتونس ثم المغرب ثالثًا، متبوعاً بالجزائر، وفقاً لأرقام صادرة عن الخارجية الألمانية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: موقع “المهاجر نيوز” ،https://www.dw.com/ar/  (بتصرف).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى