عملية مرحبا 2023: الواقع والاستعدادات والتوقعات (مغرب التغيير – الدار البيضاء 2 غشت 2023)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 2 غشت 2023
انطلقت منذ بداية يونيو الماضي، عملية مرحبا برسم هذه السنة، مشكّلةً كالعادة حلقة وصل بين المغاربة المقيمين بالخارج ووطنهم، ومحفزا لا يستهان به للنشاط السياحي بالمغرب.
والحال أن هذه العملية الإنسانية تسعى إلى تمكين المغاربة في مختلف بقاع العالم من العودة إلى بلادهم في ظروف مثلى خلال مواسم الصيف، وفي الوقت ذاته، تشكّل مصدراً داعماً للاقتصاد الوطني، ولاسيما على صعيد القطاع السياحي.
ومن الجدير بالإشارة، أن المغرب يستقبل كل سنة ما يزيد عن ثلاثة ملايين مهاجر من جاليته المقيمة في مختلف أنحاء المعمور، من الذين صارت عودتهم سنويا إلى وطنهم عادة راسخة، وأسلوباً متميِّزاً في الإسهام في إدارة وتنشيط عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
فضلاً عن ذلك، يشكّل هذا التدفق السنوي لهذا النوع من “السياح المغاربة”، إن صحّت الإشارة إليهم بهذا الوصف المجازي، عاملا محركا للاقتصاد المحلي خلال فترة الصيف، زيادة عن كونه يضفي بهجة خاصة على الحياة اليومية بالمغرب ولدى عدد كبير من الأسر المغربية، ويساهم في تحقيق انتعاش ملحوظ لدى مؤسسات الإيواء السياحية والمطاعم والأنشطة الترفيهية.
وليس غريباً أن يصبح المغرب بفضل هذه الظاهرة السياحية المواطِنة قبلة لمغاربة العالَم، الذين درجوا على قضاء عطلاتهم الصيفية بين أحضان الأهل والأقارب والصِّحاب، الأمر الذي يمكنهم من شحنات نفسية وجدانية تخفف عنهم الإحساس الذي صاحبهم طوال أشهر السنة بالغربة، حين يكونون في مقرات عملهم وسكناهم خارج الوطن.

ومن نافلة القول، التأكيد على أن بلادنا تعتبر رائدة ليس مغاربيا وعربيا وإفريقيا ومتوسطيا فحسب، بل على الصعيد العالمي كافة، من حيث جودة بنياته السياحية الأساسية، المستوفية لمعايير الحداثة والعصرنة، مما يجعلها في مصاف البنيات السياحية العالمية الراقية. ويبوئها مكانة عالية بين الوجهات السياحة الأكثر شهرة على مختلف الأصعدة، وخاصة لما حبا الله به هذا البلد من مآثر ومناظر تخلب الألباب وتجذب السياح من كل أصقاع المعمور. وقد تخطى المغرب في هذا المضمار حاجز العشرة ملايين سائح، التي كان يخطط لاستقبالها خلال الخمسية الماضية، وهو الآن بصدد العمل على تجاوز هذا الرقم إلى بعيد الأمداء. وقد كان مرشحا لتحقيق أرقام قياسية في هذا المضمار لولا الفرملة المفاجئة، التي أحدثتها أزمة وباء كورونا، والتي تضررت منها السياحة في مختلف بلدان العالم بلا استثناء.
في هذا السياق ذاته، حقق القطاع السياحي قفزة كمية معتبَرة خلال بداية السنة الجارية، حيث سجل 5,1 مليون سائح عند نهاية شهر مايو 2023، مما يشكّل نسبة نمو بـ 20 في المئة مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2019، التي تفشى فيها الوباء المذكور، والتي تعتبر منذ ذلك التاريخ بمثابة السنة المرجعية للقطاع.

ومن الجدير بالذكر، أن القطاع السياحي المغربي صار ينهج سبلا مبتكرَة لكي ينأى عن الخضوع لمفهوم السياحة الموسمية، بعد أن أطلق برامج لجعل السياحة بالمملكة نشيطة وفاعلة على مدار شهور السنة، بما يهيئه من بنيات قادرة على استيعاب السياحة الصيفية والشتوية والربيعية وسياحة الانزلاق على الأمواج حيثما تشتد الرياح وترتفع أمواج الشواطئ خريفاً، مما يجعل المغرب هدفا لمختلف أصناف السياح في مختلف فصول ومواسم السنة.
وبالعودة إلى عملية مرحبا، المخصصة لاستقبال القادمين من مغاربة العالم، يترقب قطاع السياحة بالمغرب أن يكون صيف 2023 استثنائيا على مستوى عدد السياح الوافدين، مع إيلاء عناية خاصة لتدفقات المغاربة المقيمين بالخارج. ولهذا، يراهن المغرب بشكل كبير على نجاعة عملية مرحبا، التي تعتبر بمثابة جسر متين بين المغرب وأوروبا.
وكما جرت العادة، عبأت المملكة، تحت إشراف صندوق محمد الخامس للتضامن، أزيد من ألف مساعد للحرص على راحة الأسر المغربية القادمة من الخارج، كما عبأت آليات للتدابير أكثر تنظيما وتأهيلاً من أجل أن تكون عملية مرحبا لهذه السنة قياسية وغير مسبوقة. وعلى هذا الأساس، تم تعزيز الأسطول البحري على مستوى ميناء طنجة المتوسط من أجل التمكن، بوتيرة يومية، من نقل 40.000 مسافر، وعبور 10.000 مركبة.