تنظيم قطاع الطيران بواسطة “الاتفاقيات الدولية للطيران المدني” (مغرب التغيير – الدار البيضاء 7 مارس 2024)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 7 مارس 2024
حظي الطيران المدني منذ العقود الأولى للقرن العشرين باهتمام دولي بالغ، إذ سارعت دول العالم إلى عقد سلسلة لقاءات وتوقيع عدة اتفاقيات تنظم مجال الطيران، أهمها اتفاقية شيكاغو عام 1944، التي إلى جانب احتوائها على بنود تنظم عمل الطيران، أسست الهيأة الدولية للطيران المدني. ونستعرض أدناه أبرز الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالطيران المدني.

اتفاقية شيكاغو:
يتأسس عمل الطيران المدني الدولي بشكل رئيسي على اتفاقية شيكاغو لعام 1944 الخاصة فقط بالطائرات المدنية.
تنص الاتفاقية على أن لكل الدول الموقعة عليها السيادة الكاملة على مجالها الجوي، بحيث “لا يجوز لأي خط جوي دولي منتظم أن يطير فوق إقليم دولة متعاقدة (…) إلا إذا كان يحمل إذنا خاصا أو ترخيصا من طرف تلك الدولة”، حسب ما جاء في المادة السادسة.
كما أن المادة التاسعة من الاتفاقية توضح أن من حق الدولة أن تمنع الطيران بمجالها الجوي لظروف استثنائية “أو أثناء أزمة أو لأسباب تتعلق بالأمن العام”، وذلك بشرط عدم التمييز بين الجنسيات.
الاتفاقية تفصل في مواد كثيرة من بينها رسوم المطارات، وتفتيش الطائرات، وتسجيلها/ وحمل علامات الجنسية، إلى جانب تبادل التسجيلات بخصوص بيانات ملكية الطائرات، وتدابير تسهيل الملاحة الجوية، والإعفاء من رسوم الجمارك، ووجوب مساعدة الطائرات في حالة الخطر، والتسهيلات الخاصة بالملاحة الجوية، والشروط الواجب توفرها في ربابنة الطائرات.
وتشدد الاتفاقية في مادتها 35 على عدم جواز نقل ذخائر حربية في طائرة ملاحة دولية من دون ترخيص، ومن حق أي دولة أن تمنع ذلك.
ومن أهم ما جاءت به اتفاقية شيكاغو إنشاؤها منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو)، كما خصصت الجزء الثاني من الاتفاقية لشرح عضويتها وهيكلتها وأسلوب اشتغالها.
أهداف “إيكاو”:
تتلخص الأهداف من إنشاء الهيأة الدولية للطيران المدني في تنظيم الطيران المدني الدولي، وزيادة قدرة شبكة الطيران المدني العالمي وتحسين كفاءتها. وعلى الرغم من أن هذا الهدف الإستراتيجي يعتمد وظيفيا وتنظيميا على السلامة، فإنه يرتكز أولا على تحديث الملاحة الجوية والبنية الأساسية للمطارات، وإعداد إجراءات جديدة للوصول بأداء شبكة الطيران إلى حدّه الأمثل. وتحدد خطةُ قدرة الملاحة الجوية العالمية وكفاءتها (الخطة العالمية) الأنشطةَ الرئيسية لفترة ثلاث سنوات.
ونقضت اتفاقية شيكاغو معاهدة تنظيم الملاحة الجوية الموقعة في باريس في 13 أكتوبر 1919، ومعاهدة هافانا الموقعة بتاريخ العشرين من فبراير 1928 الخاصة بالطيران التجاري.
وفي حالة حصول خلاف حول تفسير بند من بنود اتفاقية شيكاغو بين دولتين متعاقدتين أو أكثر، يتكفل مجلس الهيأة الدولية للطيران المدني بالفصل في المشكلة، على ألا يكون بإمكان أطراف المشكلة التصويت أثناء الاقتراع لقبول الحل المقترح.
بروتوكولات:
تعزّزت اتفاقية شيكاغو بعدة بروتوكولات، شملت تعديلات لبعض البنود، بينها بروتوكولا مونريال الأول في 27 أبريل 1947، والثاني في 14 يونيو 1954، وبروتوكول روما الموقع في 15 سبتمبر 1962، وبروتوكول بوينس آيرس الموقع في 24 سبتمبر 1968، ثم بروتوكول مونريال الموقع في الثلاثين من سبتمبر 1977.
وشهدت مونريال توقيع عدة بروتوكولات متممة وموضحة لما جاء في اتفاقية شيكاغو. ومن أبرزها بروتوكول السادس من أكتوبر 1980، وبروتوكول العاشر من مايو 1984، وبروتوكول السادس من أكتوبر 1989، وبروتوكول 26 أكتوبر 1990، وبروتوكول 29 سبتمبر 1995، وبروتوكول فاتح أكتوبر 1998.

أبرز الاتفاقيات الدولية:
قبل اتفاقية شيكاغو، كانت اتفاقية وارسو التي وقعت عام 1929 من أهم الاتفاقيات المنظمة للنقل الجوي، إلى جانب اتفاقية روما عام 1933.
هناك، أيضا، اتفاقية جنيف الموقعة عام 1948 التي بحثت قضية ملكية الطائرات، واتفاقية روما عام 1952 التي تحدثت عن الأضرار التي تتسبب فيها الطائرات.
أما اتفاقية طوكيو 1963 فقد بحثت الجرائم التي يمكن ارتكابها داخل الطائرات، بينما وبحثت اتفاقية لاهاي عام 1970 أساليب وقواعد تجنب الاستيلاء على الطائرات.
وفي السياق نفسه، بحثت اتفاقيات مونريال 1971 الجرائم المرتكبة ضد أمن الطيران المدني، أما بروتوكول 1988 فقد تحدث عن أعمال العنف في المطارات.
فضلاً عن ذلك، وضع الاتحاد الدولي للنقل الجوي (أياتا) شروطا غير ملزمة تنظم عقود النقل الجوي. و”أياتا” هذه منظمة دولية غير حكومية، تمثل الشركات العاملة في قطاع النقل الجوي، وتعمل على التنسيق فيما بينها بهدف توفير خدمة نقل جوي آمن ومنتظم واقتصادي عبر العالم، كما تقدم المشورة والمساعدة للمنظمات الدولية من أجل رسم السياسات العامة المتعلقة بمجال الطيران الدولي.
أزمات شهدها هذا المجال:
شهد تاريخ الطيران المدني سلسلة طويلة من الأزمات والصراعات، كان من بينها الأزمة التي اندلعت في الخليج في يونيو 2017 بعدما أعلنت كل من السعودية والإمارات والبحرين إغلاق الحدود والمنافذ البرية والجوية والبحرية في وجه قطر.
ودعا الاتحاد الدولي للنقل الجوي إلى إعادة فتح الحدود، ونقلت وكالة رويترز عن رئيس “إياتا” ألكسندر دي جونياك قوله “تعتمد صناعتنا على الحدود المفتوحة، ونتطلع إلى إعادة فتح الحدود، وكلما حدث هذا سريعا كلما كان أفضل”.
وكان الخبير في القانون الدولي سعد جبار قد صرّح بأنّ اتخاذ إجراء قطع العلاقات من جانب واحد عملية تعسفية، في إشارته إلى قطع كل من السعودية والإمارات والبحرين علاقاتها مع قطر. وأشار هذا الخبير الدولي إلى أن قطع العلاقات الذي أعلنته الدول الثلاث “عملية تعسفية وتأتي من طرف واحد وتفتقد إلى حسن النوايا، بل إنها تجسد سوء النوايا وهي بالنسبة للقانون الدولي خرق لقواعد حسن الجوار، كما أنها خرق لنظام مجلس التعاون الخليجي“.
في السياق ذاته، انتقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا بشدة قرار السعودية والإمارات والبحرين إغلاق منافذها البحرية والجوية والبرية مع دولة قطر، قائلة إنه “انتهاك خطير لميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان”.
وبينت المنظمة أن العلاقات بين الدول وفق ميثاق الأمم المتحدة تبنى على حسن النية، وليس من حق الدولة في حال قطعها علاقات دبلوماسية مع دولة أخرى أن تمس حقوق مواطنيها بفرض عقوبات جماعية عليهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: قناة الجزيرة (بتصرف).