أسباب الفشل في محاربة الفساد المالي في المغرب: لأنه “لم يعد ظاهرة دخيلة”!!! (مغرب التغيير – الدار البيضاء 3 غشت 2023)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 3 غشت 2023
بعد سنوات من التقارير الدولية والمحلية التي تضع المغرب في مراتب متأخرة عالميا في مجال تفشي الفساد المالي، لم تنجح الرباط في إحراز أي تقدم في هذا المجال، حسب ما صرح به محمد بشير الراشدي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها.
حيث كشف الراشدي أمام لجنة مراقبة المالية العامة بمجلس النواب المغربي، إن المملكة لم تحسّن ترتيبها في مؤشرات مدركات الفساد على مدى العقدين الماضيين، مشيرا إلى أن “تطور وضعية الفساد بالمغرب يؤكد استمرار الوضع غير المُرْضي.”
غياب الشفافية
وقال الناشط الحقوقي، الكبير الميلودي، لموقع “الحرة” إن كل التقارير، وبيانات المجتمع المدني وبعض الهيئات النقابية والسياسية التي تشير إلى الفساد المستشري في المغرب لم تحل دون وجود المغرب في ذيل قائمة مدركات الفساد في العالم.

ويستمر الوضع، بحسب الميلودي، رغم وجود “التنصيص الدستوري على أهمية وجود بعض الهيئات، كمجلس المنافسة وهيأة النزاهة و الوقاية من الرشوة، في دستور 2011، ورغم أن المغرب وقع على الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد في أول يوم عرضت فيه للتوقيع في 9 ديسمبر 2003”.
وأشار عضو المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى أن المغرب لم يقطع مع ظاهرة الفساد، ولم يتحسن ترتيبه ضمن التقارير ذات الصلة لأن الظاهرة بنيوية ومرتبطة بعدم الفصل بين السلط وغياب الشفافية وعدم ربط المسؤولية بالمحاسبة.
و كشف تقرير رسمي مغربي ارتفاع حالات الاشتباه في جرائم غسل الأموال في المملكة بزيادة كبيرة مقارنة مع مخرجات آخر تقرير يعود لعام 2020.
وقدمت الهيئة الوطنية للمعلومات المالية تقريرها السنوي لرئيس الحكومة، عزيز أخنوش، وكشفت تلقيها، خلال عام 2021، ما مجموعه 3409 تصريح بالاشتباه بحالات مرتبطة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ويشير التقرير إلى أن العام 2112 شهد ما مجموعه 3363 تصريح مرتبط بغسل الأموال، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 59 في المئة مقارنة مع سنة 2020.
وتذهب المحللة المغربية، شريفة لومير، إلى أنه “من غير المفاجئ ما تم الكشف عنه من طرف رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة بمجلس النواب.”
وقالت لومير لموقع “الحرة” إن استمرار الوضع يرجع للإستراتيجية التي تنهجها الدولة في مواجهة هذه الظاهرة والتي لم تستطع الحد من استفحالها.
وأشارت لومير إلى أن محاربة الفساد بالمغرب بحاجة إلى تبني مقاربة جديدة تقوم على المحاسبة والعقاب، لأن الاستمرار في رصد أرقام وتقارير بخصوص هذه الظاهرة لن يغير شيئا، وعلى العكس، بلغنا اليوم مرحلة التعايش بحيث لم تعد الظاهرة دخيلة على المجتمع، مما أفقد المواطن الثقة في مؤسسات الدولة، بحسب قولها.

وسبق لمنظمة الشفافية الدولية في المغرب أن انتقدت في 2020 “تقاعس” البرلمان المغربي في تبني مشروع قانون يجرم الإثراء غير المشروع للموظفين المكلفين بمهام رسمية، داعية إلى ضرورة تضمينه عقوبات بالسجن في حق الأشخاص الذين يثبت اختلاسهم أموالا عمومية.
وكشفت دراسة للمنظمة غير الحكومية التي تعنى بمحاربة الرشوة في تقرير سابق، أن 74 في المئة من المستجوبين يعتبرون أن الحكومة لم تقم بعمل جيد لمكافحة الفساد في سنة 2019، بينما لم تكن هذه النسبة تزيد عن 64 بالمئة في 2015.
من جهة أخرى، أبدى محمد المسكاوي، من الشبكة الوطنية لحماية المال العام، أسفه لتراجع المغرب بنقطة في مؤشر الشفافية الدولية الأخير من الرتبة 39 في 2021 إلى الرتبة 38 في آخر تقرير.
وبحسب المسكاوي فهذا الترتيب يعد متأخرا لأن الترتيب المتوسط على الأقل هو 50، مما يعني تراجع المؤشرات لصالح الفساد في المغرب.
ويلوم المسكاوي الحكومة لأنها لم تبادر بإجراءات لمكافحة الظاهرة، فرئيس الحكومة “منذ توليه منصبه لم يجتمع مع رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد التي يترأسها بحكم القانون”، وعلى المستوى القانوني أيضا ليس هناك نص قانوني لتجويد محاربة الفساد، بحسب تعبيره.
وتابع أن الحكومة سحبت مشروع قانون يضم في بنوده تجريم الإثراء غير المشروع.
ويربط المسكاوي بين الفساد وموجة الغلاء التي يشهدها المغرب، ويشير في حديثه إلى أن على الحكومة أن تقوم حاليا بإجراءات للتحكم في الأسعار لأنه تبين أن الغلاء بسبب الوسطاء والمضاربين وهو نوع من أنواع الفساد.
وللإشارة، ففي العام الماضي، بادر مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، إلى طمأنة المغاربة بخصوص محاربة الفساد، واختار قضية إحالة 19 شخصا يشتبه في تورطهم في اختلالات شابت صفقات لوزارة الصحة على السجن، كدليل “على أن الحكومة تحارب الفساد”.
وبحسب تقرير صادر عن منظمة الشفافية الدولية حول إدراك الفساد، فإن المغرب فقد 7 نقط في سنة 2022 بالمقارنة بـ 2021، و فقد 14 نقطة بالمقارنة بـ 2019. يعني انتقل من المرتبة 80 سنة 2019، إلى المرتبة 87 سنة 2021 ثم إلى الصف 94 سنة 2022 من بين 180 دولة التي يشملها التقرير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: عن “الحرة” – واشنطن.