دراسات وأبحاث
أخر الأخبار

العالم في أزمة ويحتاج إلى تعاون دولي سريع وحاسم!! (مغرب التغيير – الدار البيضاء 6 شتنبر 2023)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 6 شتنبر 2023

يركز اليوم الدولي للحد من مخاطر الكوارث  في 13 أكتوبر على موضوع تم دفعه إلى الواجهة من خلال المناقشات الدائرة حول الاستجابة المتعثرة لحالات الطوارئ الكوكبية مثل جائحة كوفيد-19 وتغيّر المناخ وتدمير النظم البيئية الوقائية والتصحر وغيرها كثير.

في كل عام نحتفل بهذا اليوم من منظور أحد الأهداف السبعة لإطار “سنداي” للحد من مخاطر الكوارث الذي اعتمدته الدول الأعضاء في الأمم المتحدة منذ عام 2015. يتركز احتفال هذا العام على تعزيز التعاون الدولي للبلدان النامية في سعيها إلى تنفيذ إستراتيجياتها الوطنية للحد من مخاطر الكوارث والتقليل من الأضرار الناجمة عنها.

وعلى الرغم من أن 101 دولة من الدول الأعضاء قد أقرت مثل هذه الإستراتيجيات حتى الآن، فإن الحقيقة هي أن العديد من البلدان النامية الفقيرة بالموارد تكافح من أجل تنفيذها دون مساعدة إنمائية خارجية، ودون دعم لبناء القدرات ونقل التكنولوجيات المتاحة.

وعلى الرغم من الأدلة الواضحة على أن الاستثمار في الحد من مخاطر الكوارث (DRR) يجلب فوائد كبيرة، والتي لا تتمثل فقط في وقف ارتفاع الطلب على المساعدة الإنسانية، إلا أنه يتم توجيه جزء صغير فقط من التعاون الدولي لدعم هذه الجهود. فمثلاً، من إجمالي التمويل المقدم بين عامي 2010 و2019، فإن مبلغ 5.5 مليار دولار الذي تم إنفاقه على الحد من مخاطر الكوارث يمثل 0.5 في المئة فقط من المبلغ الإجمالي للمساعدات الدولية.

فرانس 24

ويتم إنقاذ المزيد من الأرواح بفضل أنظمة الإنذار المبكر، ونرى أدلة على ذلك في جميع أنحاء العالم، من خليج المكسيك إلى خليج البنغال. إن التقدم في علم الأرصاد الجوية والتنبؤ بأحوال الطقس وصور الأقمار الصناعية، بالإضافة إلى إدارة أقوى للمخاطر، يعني أن الكوارث التي كان من الممكن أن تكلف آلاف الأرواح في الماضي لم تعد تتسبب في خسائر كبيرة.

بيد أنه يمكن، بل ويجب، عمل الكثير من خلال التعاون الدولي. إن نصف أعضاء المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) البالغ عددهم 193 فقط، لديهم أنظمة إنذار مبكر بأخطار متعددة، وهناك ثغرات كبيرة في شبكات رصد الطقس والهيدرولوجيا في أفريقيا، وأجزاء من أمريكا اللاتينية، وفي دول جزر المحيط الهادئ والبحر الكاريبي.

ولهذا السبب، فإن مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث (UNDRR)  والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) والعديد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة يدعم، بقوة، عدة مبادرات مثل مبادرة المخاطر المناخية ونظام الإنذار المبكر(CREWS)، التي تم إطلاقها في المؤتمر العالمي للحد من مخاطر الكوارث سنة 2015. وقد جمعت مبادرة المخاطر المناخية ونظام الإنذار المبكر(CREWS)  330 مليون دولار لدعم مجموعة واسعة من المشاريع لفائدة أقل البلدان نمواً (LDCs) والدول الجزرية الصغيرة النامية (SIDS) بما في ذلك تحسين التنبؤات الجوية، والتي تساعد المزارعين على زراعة المحاصيل المناسبة لتجنب فقدانها في حالات الكوارث، فضلاً عن تمكينهم من نظام تدبير لمواجهة الفيضانات الخاطفة لبلدان غرب أفريقيا.

شهدت قمة العمل المناخي سنة 2019 إطلاق شراكة العمل المبكر الواعية بالمخاطر(REAP)، التي تستضيفها أمانة الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، بهدف جعل مليار شخص أكثر أماناً من الكوارث بحلول عام 2025.

إن العمل التوقعي هو المفتاح لدرء آثار كارثة من الكوارث؛ وتبرز أهمية ذلك من خلال النمو المثير للقلق في السنوات الأخيرة على صعيد نزوح الأشخاص داخلياً بسبب الفيضانات والعواصف والجفاف. وفي سنة 2018، كان هناك 16.1 مليون شخص نزحوا حديثاً بسبب الأحداث الجوية ، ثم ارتفع هذا العدد إلى 30 مليوناً بحلول عام 2020.

وفي اجتماع ستوكهولم رفيع المستوى، حول “معالجة التأثير الإنساني لتغير المناخ: توقع وتصرّف” في أكتوبر 2020، تم إطلاق شراكة القرن الأفريقي للإنذار المبكر والعمل المبكر. وتضم الشراكة حكومة السويد، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (IGAD)، ومكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث (UNDRR)، وبرنامج الأغذية العالمي. وتهدف هذه الشراكة إلى تشجيع التعاون العابر للحدود، والتصدي لتحديات الأمن الغذائي المستمرة في جميع أنحاء المنطقة. وتشمل التقارير حتى الآن موجزاً عن مخاطر الفيضانات الإقليمية للهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (IGAD) الذي يعزز إدارة مخاطر الفيضانات ويتوقع الآثار المحتملة على الناس وعلى الناتج المحلي الإجمالي والمحاصيل والثروة الحيوانية والطرق. وستتم معالجة المخاطر الرئيسية الأخرى، بما في ذلك الجفاف.

إذا كان التوقع هو نصف معادلة المنع. فإن النصف الآخر هو ضمان بناء القدرة على الصمود في أي بنية أساسية حيوية، بما في ذلك المدارس والمرافق الصحية، التي من المحتمل أن تتعرض لمخاطر طبيعية، مثل عاصفة أو فيضان أو زلزال أو تسونامي.

وتقديراً لحقيقة أن معظم الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الكوارث ناتجة عن أضرار واسعة النطاق للبنية الأساسية الحيوية، يشارك مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث (UNDRR) بنشاط مكثف في التحالف من أجل البنية الأساسية المقاومة للكوارث  (CDRI)، الذي أطلقته حكومة الهند في قمة العمل المناخي لسنة 2019.

لقد كشفت جائحة كوفيد-19 عن نقاط ضعف عميقة الجذور في البنية الأساسية للصحة العامة وسلاسل التوريد. ومن الواجب تهنئة التحالف من أجل البنية الأساسية المقاومة للكوارث (CDRI) على فتح نقاش حول هذا الموضوع المهم، إلى جانب الافتقار إلى المساواة في توزيع اللقاحات، يحتل هذا الموضوع المرتبة الأولى على مستوى العالم في التعاون الدولي.

ويدعم مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث (UNDRR) بشكل الكامل، دعوة منظمة الصحة العالمية (WHO) لاتخاذ إجراءات عالمية وإقليمية ووطنية لتوسيع نطاق الاستثمار في البرامج والمبادرات التي تعزز البنيات الأساسية الصحية، مثل مرافق الرعاية الصحية وسلاسل التوريد، من أجل حماية صحة الناس وتأمين راحتهم في حالات الطوارئ والكوارث، بما في ذلك الجوائح.

فيسبوك

وقد سُجِّل انضمام أكثر من 160 دولة إلى مبادرة كوفاكس – لإتاحة الوصول العالمي للقاحات كوفيد-19 – التي تهدف إلى تيسير الوصول العادل للقاحات والتي تديرها منظمة الصحة العالمية، والتحالف العالمي للقاحات والتحصين (GAVI) والتحالف من أجل ابتكارات التأهب للأوبئة.

من جهة أخرى، يؤكد ظهور الفيروس المتغير “دلتا” صحّة الرسالة التي مفادها أنه “لا يوجد أحد آمن حتى يصبح الجميع آمناً”، والإقصاء يكون أكثر تكلفة على المدى الطويل. والحال أن أولئك الذين يقفون وراء مبادرة كوفاكس، يدركون ذلك تماماً، ويحتاجون إلى دعم أكبر لجهودهم إذا أردنا السيطرة على الجائحة في صيغتها الجديدة المتحوّلة في أسرع وقت ممكن، مع فقدان أقل عدد من الأرواح.

وفي حين أن نشر التطعيمات على مستوى العالم أمر بالغ الأهمية لإنهاء الجائحة، فإننا نعلم أيضاً أنه لا يوجد لقاح ضد الفقر. لذلك، يُعتبَر التعاون الدولي لدعم البلدان النامية أمراً ضرورياً إذا أراد العديد منها البقاء على قيد الحياة أثناء الطوارئ المناخية، والتكيّف مع تحديات ارتفاع درجات الحرارة في العالم، والذي لا ذنب لهؤلاء المستضعفين في خلقه.

يجب على الدول المتقدمة أن تتقدم إلى ميدان المساعدة، ليس فقط للوفاء بوعودها للحد من انبعاثات الغازات المتسببة في ظاهرة الاحتباس الحراري، ولكن لتقديم المساعدة المالية والتكنولوجية، وبناء القدرات لدى البلدان النامية التي تكافح لمواجهة ارتفاع مستويات سطح البحر، وارتفاع درجة حرارة البحار، وعدم انتظام هطول الأمطار، والتهديد المستمر بظواهر الطقس المتطرفة.

وكما أشار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عندما أطلق تقريره الأخير “جدول أعمالنا المشترك“،فإنه “من أزمة المناخ إلى حربنا الانتحارية على الطبيعة وانهيار التنوع البيولوجي، كانت استجابتنا العالمية قليلة جداً ومتأخرة جداً”.

ويمكننا إما الاستمرار على طريق الانهيار العالمي أو دعم الحلول التي ستؤدي إلى اختراق عالمي، وتقديم عالم أكثر أماناً واستدامة لا يتخلف فيه أحد عن الركب.

إنّ التعاون الدولي لتحسين كيفية إدارة البلدان النامية لمخاطر الكوارث يُعتبَر أمراً ضرورياً للتنمية البشرية وتحقيق التقدم المنشود، لأنه لا شيء يقوض التنمية المستدامة مثلما تفعل الكوارث الطبيعية والمناخية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مامي ميزوتوري – مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث  UNDRR – (بتصرف).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى