الغربيون يعلمون أسرار الوضوء ونحن المعنيون الأوائل به لا نعلم: سرّ “الهالة L’aura”!! (مغرب التغيير – الدار البيضاء 13 نونبر 2023)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 13 نونبر 2023
يُفتَرَض أن يحار عقل الإنسان العادي في إيجاد تفسير شافٍ لما يوحي به العنوان أعلاه. ويُفتَرَض بالتالي أن تكون الإجابة المطلوبة حاملة لمعلومات ومعطيات علمية بكل المقاييس، لأن الغربيين عمومًا لا يتكلمون عن ظاهرة من الظواهر أو شأن من الشؤون إلا وسيف العلم مُشْرَعٌ في أيديهم، ولولا ذلك ما حققوا علينا كل هذا السبق، الذي يمكن القول أحيانًا إنه يُقاس بالسنوات الضوئية وليس بمجرد سنين أو عقود أو قرون بحسابنا العتيق.

بيد أن المسألة في جوهرها ليست بالصعوبة التي يوحي بها السؤال ذاته. فللوضوء سر من الأسرار ككل العبادات والشعائر، ولو تأمل المرء في كل شعيرة أو عبادة لوجدها متجلية في مقاميْن اثنيْن متلازميْن:
1ـ مقام ظاهري، مادي ملموس، وخاضع بالتالي لسلطة الحواس، يتشكل من كل الحركات والسكنات التي يأتيها المتعبّد بـ”جسده الكثيف” كيفما كانت طريقته أو مذهبه أو أسلوبه، ومثال ذلك حركات الصلاة؛
2ـ مقام باطني، يتمثل في الاستمداد من النور الإلهي، عن طريق تولية الوجه شطر البيت العتيق في الصلاة والطواف والدعاء والمناجاة… لأن ذلك البيت يرمز إلى مهبط ذلك النور، ولولا ذلك لكان لكل مسلم أن يتجه بوجهه إلى حيث يشاء.
معنى هذا، أن “حركات الجسد الفيزيقي” يمكن لها أن تشكّل “مفتاحًا للولوج إلى ما وراء الظاهر”، من الغذاء الروحي المشكِّل للزاد الأخروي.
ولو تمعّن المرء في الحركات التي تُقدمها التطبيقات الأسيوية المعروف ظاهرها، كاليوغا، مثلاً، والزن، والطاوية، وبعض فنون القتال… لوجد الهدف باطنياً بالتأكيد، مع اختلاف كل طريقة بحسب مرجعيتها العقدية.
إنّ من الخطأ أن يعتقد المرء أنّ الوضوء تُراد به النظافة أو التطهير، لأنه لو كان الأمر مقتصرًا على هذا المطلب لكان الوضوء فاقدًا لأي منفعة بعد الاغتسال. والدليل على ذلك أن الإنسان عند انصرافه من الحمام بعد استيفائه لشروط الاغتسال التامّ، سيكون مستغنياً عن الوضوء لو كان الهدف منه هو التنظيف فقط.
كما أن الوضوء من جهة أخرى لا يُزيل أنواعًا كثيرة من الأوساخ ليست في حكم النجاسة، والتي تصح الصلاة بها رغم عدم الخلص منها، مثل زيوت المحركات التي تلتصق بجلد الميكانيكي وأظافره، أو طبقات الطين والزفت التي تلتصق بأيدي عمال البناء ومناكبهم وألبستهم… وهذا يؤكد بأن الوضوء لا يُنظّف، وكذلك الشأن بالنسبة للتيمم، الذي قد يزيد الوجهَ واليديْن غبارًا، واتّساخًا… فما المراد إذنْ بالتوضؤ والتيمم؟
هنا ينبغي أن نستحضر الشرطان الأساسيان لصحة كل من الوضوء والتيمم، وهما “الدلك” و”الفور”، وكلنا يعلم أن هاتيْن الحركتيْن تنتج عنهما موجات كهرومغناطيسية تنفصل عن موضع الاحتكاك وتنطلق إلى خارجه، حتى أن الأطراف التي يتم دلكها بقوة وسرعة تصير كالمغناطيس قادرةً على جذب أجسام خفيفة كالشعر والريش وقطع الورق الصغيرة… وقد مارسنا هذه التجربة ضمن تطبيقات مادة الطبيعيات في الأطوار الدراسية الأولى. وهنا بالذات، يتدخل علماء الغرب بأجهزتهم الدقيقة وآلات تصويرهم الموصوفة بالدقة الفائقة، ليخبرونا، نحن المسلمون المداومون على الوضوء منذ ألفية ونصف تقريبًا، بأن “أجسادنا” الكثيفة تحيط بها “هالة” كهرومغناطيسية ملوّنة، وتكون تلك الهالة في الأحوال العادية متوازنة في إحاطتها بكل أجزاء الجسد وأطرافه، ولكنها في حالات كثيرة تفقد توازنها وتلحق بها اختلالات عندما تشتبك معها موجات كهرومغناطيسية دخيلة تكون منبعثة من أجسام أو أماكن أخرى إلا أنها “سالبة”، وهذه لا تشوّش على “الجسم الأثيري” وحده، بل ينعكس أثرها السلبي على كيان الشخص برمته.

ولو طرح سائلٌ السؤالَ عن مبعث تلك القوى الكهرومغناطيسية السالبة والمعيقة لكل اتصال بقوى النور الموجَبة، لكان الجواب إنها تنطلق من أجسام أشخاص ظلماتيين، مثل شخص ارتكب جريمة قتل، أو شخصٍ يأتي أفعالاً شيطانية تجعله متلبِّسًا بتلك القوى، وتجعل كل من يلامسه أو يتصل به مباشرةً أثناء ممارسة شؤون الحياة اليومية يأخذ من تلك القوى خارج وعيه وإرادته، فتشتبك بقواه الذاتية وبهالته، مما يستوجب وجود وسيلة للتخلص منها. وهذا لا يأتي من الأشخاص فحسب، بل أيضًا من الأمكنة الموبوءة، والتي يمر منها المرء دون سابق علم بطبيعتها المتغيِّرة أو المدنَّسَة.
ولأن حركات الصلاة يُراد بها تهييء المصلي للقاء المباشر بربه عند السجود، فيسأله فيُجيبه وهذا بالذات هو الذي جعلها تحمل هذا الاسم (صلاة بمعنى اتصال وتواصل) فإن ذلك الاتصال لا يكون ميسَّرًا إذا كان جسد المصلي محاطاً بهالة كهرومغناطيسية سالبة، لأن هذه تُعيق هذا النوع من الاتصال وبالتالي تحول دون الاستمداد من النور الكامن في موقع القبلة. وبطبيعة الحال، فالمصلي غير المتوضئ أو غير المتيمم أو المخل بشروط الوضوء أو التيمم السليم يكون في تلك الحالة غير مدرك لحقيقة أمره، ولا يفطن إلى أنّ صلاته تكون كصب الماء على الرمل ليس إلاّ. ولذلك لا تُقبل من مصل صلاته إذا لم يكن متوضئًا أو متيممًا وفقًا للشروط المشروعة في هذا الباب.
ويكفي القارئ أن يبحث عبر الانترنت عن تجارب علمية قام بها نفر من العلماء الأوروبيين والأمريكيين يثبتون بها أن هالة المرء تكون غير متوازنة في مختلف الأوقات، ولكنها تصير متوازنة وسليمة بمجرد التوضّؤ. وقد أخضعوا لهذه التجربة البسيطة أناسًا كثيرين من مختلف الديانات والعقائد، فكانت النتيجة واحدة في كل الحالات: لا توازن قبل الوضوء، ثمّ تحقّق التوازن بعده مباشرة.
هذا المُعطى الباطني فطن إليه العلم الحديث بوسائل بحثه المتقدمة، في الوقت الذي ما زلنا نحن نسمع فيه وُعَّاظنا وهم يوقِعون جماهير المصلين في خطأ القول: “إن الإسلام لفرط حرصه على النظافة فرض علينا الوضوء قبل كل صلاة”، بمعنى تخصيص الوضوء لغاية التنظيف، وهذا غير صحيح. فإذا سألهم سائل أين هذه النظافة في التيمم؟ يفغرون أفواههم ولا يُحيرون جوابًا وكأن على رؤوسهم الطير، لعلمهم بأن قصد التنظيف ينتفي في فعل التيمم. فالأمر هنا إذَنْ يتعلق “بالتّطهّر” من “قوى سلبية غير مرئية” وليس “بالنظافة من الأوساخ الظاهرة”، وشتان ما بين الأمريْن.
أما كيف فطن علماء الغرب إلى هذه الظاهرة وتيقنوا منها، فإن ذلك لم يكلفهم كبير عناء بعد أن تمكنوا من وسيلة للتصوير الفوتوغرافي الحراري، حيث أمكنهم أن يُشاهدوا هالات “الأجسام” وهي تحيط بـ”الأجساد” فتبيّنوا لتَوِّهِم الفارقَ القائم بين حالتي التوضؤ وعدمه… وصدق قول الله تعالى:
«سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ» (فصلت ـ 53).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: قاعة الانتظار، أرشيف مغرب التغيير.