تعريف الثقافة وتحديد مفاهيمها المعجمية من خلال تجلياتها في الحياة المجتمعية (مغرب التغيير – الدار البيضاء 4 مايو 2024)

مغرب التغيير – الدار البيضاء 4 مايو 2024
الثقافة في معاجم اللغة
معجم المعاني الجامع:
جاء في “معجم المعاني الجامع” أن الثقافة، وجمعها ثقافات، تدلّ على “العلوم والمعارف والفنون التي يُطلَب الحذق فيها”.
وأن “الثقافة العامة” هي “مجمل العلوم والفنون والآداب في إطارها العام”.
وأن “الثقافة الوطنية” هي “ما يميزها عن غيرها من معارف وعلوم وفنون وعادات وتقاليد، أي كل ماهو مرتبط بحضارتها”.
وأن “الثَّقافة الشَّعبيّة” هي “الثَّقافة التي تميِّز الشَّعب والمجتمع الشّعبيّ وتتّصف بامتثالها للتقاليد والأشكال التنظيميَّة الأساسيَّة”.
وأن “الثقافة الأساسيَّة” هي “مجموع السِّمات الثَّقافية التي توجد في زمان ومكان معيَّنَين، وغالبًا ما تشير إلى تلك الثَّقافة التي تمهِّد أو تيسِّر انبثاق المخترعات”.
وأن “الثَّقافة المضادّة” تتمثّل في “اتجاه ثقافيّ يحاول أن يحلّ محلّ الثقافة التقليديّة بمعناها المألوف”.

وأن “الثَّقافة المهنيّة” هي “الثقافة التي يلمّ بها الذين هم على درجة عالية من التعليم أو التمدُّن في المجتمع”.
وأن تعبير “ثُنائيّ الثَّقافة” يتعلق يشكل خاص “بثقافتين مميَّزتين في دولة واحدة أو منطقة جغرافيَّة واحدة”.
وأن “ديناميات الثقافة” هي “مذهبٌ ثقافيّ يطبِّق مفاهيم التحليل النفسيّ على دراسة السلوك أو السمات الثقافيّة، بمعنى تأثير التكوينات النفسيّة اللاواعية على تنظيم الظواهر الثقافيّة”.
وأن “عالميَّة الثَّقافة” تدلّ على “تعميم الثقافة بمنطق إنسانيّ، والانتقال بالتراث المحلِّيّ إلى آفاق إنسانيّة عالميّة بهدف إيجاد تقارب الثقافات في إطار التعدُّد والتنوُّع الثقافيّ”.
ويَخلُصُ المعجم في هذا العريف إلى القول إنّ تعبير “الثَّقافتين” هو “استعمال حديث يراد به الثَّقافة العلميّة والثَّقافة الأدبيّة”.
نلاحظ في هذه التعاريف، التي أوردها “معجم المعاني الجامع”، أن هذا الأخير قدّم دلالات متعددة ومختلفة لمُسَمّى “الثقافة” من خلال ربط هذا المسمّى بمجالات مختلفة من حياة المجتمعات، ولم يقف كما العادة عند التعريفين اللغوي والاصطلاحي للكلمة مع الحرص على تمييزهما عن بعضهما، وهذا ما يهمنا في هذا المبحث. بل يمكن القول إن هذا المعجم قدم الثقافة من الجانب الاصطلاحي جاعلا الجانب اللغوي مجرد تابع أو ملحق، وبذلك قدم في آن واحد مفهوم الثقافة “الاصطلاحي” ومعناها “اللغوي”، ولكن دون توسّع في تبيان دلالات هذا الأخير.
القاموس المحيط:
جاء في هذا القاموس أن الثقافة تعني الحذق في الشيء والتمكن منه وأن يصير الموصوف فيه “حاذقاً خفيفاً فَطِناً”.
وأورد القاموس المحيط بنداً من بنود الميثاق الأممي لحقوق الإنسان جاء فيه إشارة إلى الدول المصادقة على هذه الوثيقة بأنها:

“تُسَلِّمُ بِأَنَّ اِحْتِرَامَ التَّنَوُّعِ الثَّقافِيِّ وَالْحُقوق الثَّقافِيَّة لِلْجَمِيعِ يُعَزِّزُ التَّعَدُّد الثَّقافِيّ وَيُسْهِمُ فِي تَوْسِيعِ نِطَاقِ تَبَادُلِ الْمَعَارِفِ وَفهِم الْخَلْفِيَّات الثَّقافِيَّة وَيَنْهَضُ بِتَطْبِيقِ حُقوقِ الْإِنْسانِ الْمَقْبُولَةِ عَالَمِيًّا وَالتَّمَتَّع بِهَا فِي جَمِيع أَنْحَاءِ الْعَالَمِ وَيُعَزِّز الْعَلاَّقات الْوَدِّيَّة الْمُسْتَقِرَّة بَيْنَ الشُّعُوبِ وَالْأُمَم فِي الْعَالَمِ أَجْمَع”.
وبهذا يكون القاموس المحيط قد انخرط رأساً في جرد الدلالات الأممية لاصطلاح “الثقافة” كما نص على ذلك الميثاق الأممي لحقوق الإنسان. ويستنتج من هذا أن اصطلاح “ثقافة” يستمد معانيه وأبعاده المتعددة من السياق الذي يندرج في إطاره. وهذا السياق إنساني سياسي واقتصادي واجتماعي وأدبي ومعرفي وتاريخي… بحسب الحاجة التي يراد أن يلبيها هذا الاصطلاح.
المعجم الرائد:
أورد هذا المعجم أن “الثقافة” من جذر “ثقف” تدل على الحذق في الشيء والمهارة فيه، “والإحاطة بالعلوم والفنون والآداب وبشؤون الحياة والناس”. وأن “التثاقف” تعني التنافس أو “التغالب في المهارة والثقافة”.*

من خلال التعاريف الواردة في هذه المعاجم، والتي نكتفي منها بهذه الثلاثة ما دامت لا تختلف كثيراً عن مثيلاتها في مختلِفِ المعاجم والقواميس، والتي يبدو أن بعضها ينقل حرفيا عن بعضها الآخر تبعاً لتسلسلها الزمني، يمكن لنا أن نلاحظ مدى الاختلاف القائم بينها من جهة، وبين الدلالات والمفاهيم المتجددة والتي ظهرت في العصر الحديث من جهة ثانية، لتجعل من “الثقافة” عنصراً محدِّداً وواصفاً لأنماط الفكر والاعتقاد ولكل ما ينتجه العقل الإنساني محلياً ووطنياً وإقليمياً وجهوياً وقارياً وكونياً من العادات والأعراف والنظم لتدبير مختلِف شؤون عيشه، ولتدبير علاقاته داخل دوائره الجغرافية والإثنية والاجتماعية… حتى صارت “الثقافة” عنواناً لكل جماعة أو مجموعة أو مجتمع أو محيط إنساني أو بيئي تميّزه عن غيره تمام التميّز.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* أنظر أيضاً معجم مقاييس اللُّغة، ج1، ص382. / المصدر: قاعة الانتظار، أرشيف مغرب التغيير/ صورة الواجهة: موقع موضوع.