Page 5 - مغرب التغيير PDF
P. 5

‫‪5‬‬                                                 ‫ثقافة قانونية‬
                                               ‫من أجل محاربة الجهل بالقانون‬
‫العدد‪ - 44 :‬من ‪ 1‬إلى ‪ 30‬شتنبر ‪2015‬‬

‫أقوالهم أو أفعالهم‪ ،‬أو أنهم «لم يحسبوها جي ًدا»‪ ،‬أو خانتهم حواسهم فلم ينتبهوا إلى أن حريتهم وراحة‬          ‫أخذت «مغرب التغيير» على عاتقها تخصيص صفحة لفتح أعين المواطنين على التشريعات والقوانين‬
‫بالهم‪ ،‬وربما أي ًضا مصيرهم ومصير أسرهم وأبنائهم‪ ،‬يكون أحيا ًنا معل ًقا بخيط رفيع قد يقطعه جهلهم‬            ‫وال�ن� ُظ�م والم�س�اط�ر ال�ت�ي تضبط مختلف م�ج�الات الح�ي�اة ال�ع�ام�ة‪ ،‬و ُي�رج�ع إليها ف�ي مختلف العلاقات‬
‫بسطر أو سطر ْين من بند قانوني أو تدبير مسطري كان عليهم الاطلاع عليه قبل الشروع في أي نوع من‬                ‫والمعاملات داخل التراب الوطني‪ ،‬وفي مرحلة لاحقة‪ ،‬خارج الوطن‪ ،‬عسى أن يكون ذلك عامل ًا مساع ًدا‬
                                                                                                           ‫على تعريف المواطنين بحقوقهم وواجباتهم‪ ،‬وجعلهم على ب ِّينة من النصوص التي يمكن أن يضعهم الجهل‬
                                                                       ‫أنواع التعامل مع الذات ومع الغير‪.‬‬   ‫بها في مواقف حرجة‪ ،‬وأحيا ًنا بالغة الخطورة‪ ،‬عمل ًا بأحكام المادة الثانية من القانون الجنائي‪« :‬لا يسوغ‬
‫لتحقيق هذا المطلب العزيز والنبيل‪ ،‬ستكون البداية بتعريف المواطن على مداخل ومقتضيات القوانين‬
‫الجاري بها العمل بد ًءا بالقانون المدني وقانون المسطرة المدنية؛ ومرو ًرا بالقانون الجنائي‪ ،‬وقانون المسطرة‬                                                                 ‫لأحد أن يعتذر بجهل التشريع الجنائي»‪.‬‬
‫الجنائية‪ ،‬وانتها ًء بالقوانين الخاصة‪ ،‬التي تضبط وتنظم مجال ًا من المجالات‪ ،‬كالإداري‪ ،‬والتجاري‪ ،‬والنقل‬      ‫انطلا ًقا منه‪ ،‬التزمت هذه الصحيفة ببذل جهد تثقيفي وتنويري يجعل المواطن‪ ،‬أو القارئ على‬
‫البحري‪ ،‬وقانون الالتزامات والعقود إلى آخر القائمة‪ ،‬مع الحرص قبل ذلك كله على التعريف بالقانون‬               ‫الأقل‪ ،‬في حل من أحكام المادة المذكورة‪ ،‬ويم ّكنه من التعرف على مواطئ قدمه في كل ما ي ْع ِق ُده من النوايا‪،‬‬
                                                                                                           ‫ويتف ّوه به من الأق�وال‪ ،‬ويقوم به من الأفعال‪ ،‬وينتهجه من السلوكات‪ ،‬أو يربط ُه و ُيقيمه من العلاقات‬
                       ‫والقاعدة القانونية وبتاريخ التشريع الوضعي كأساس مبدئي للمعرفة القانونية‪.‬‬            ‫والمعاملات‪ ،‬فيتجنب الأخطاء المستوجبة للمساءلة القانونية والإدارية‪ ،‬ويتصرف وهو مطمئن البال إلى‬
‫وبطبيعة الح�ال‪ ،‬س�وف تح�اول ه�ذه الصفحة أن تناقش ما يحتاج من موادها إل�ى المناقشة وإب�داء‬
‫ال�رأي‪ ،‬مع اللجوء إلى وجهات نظر أهل التخصص والاختصاص‪ .‬كما سيسعدها أن تتلقى أسئلة القارئ‬                                                      ‫مشروعية حركاته وسكناته‪ ،‬ويوقن بأنه لا يضر بذلك ذاته ولا غيره‪.‬‬
‫واستفساراته حول ما ُيع َرض عليه من الموضوعات والمعارف القانونية والحقوقية‪ ...‬وعسى أن نتو ّفق في‬            ‫بعبارة أخرى لا تخلو من طرافة‪ ،‬ستحاول «مغرب التغيير» بهذه الخطوة أن تسير ضد التيار الآخذ‬
                                                                                                           ‫بخناق الناس لمجرد جهلهم بالقانون‪ ،‬لعلها تدفع بعملها هذا باتجاه التخفيف من اكتظاظ السجون‬
                                              ‫تحقيق ما نرومه من هذا السعي المتواضع من نبيل المقاصد‪.‬‬        ‫المغربية‪ ،‬التي يدخلها صباح مساء أناس لا ذنب لعدد غير قليل منهم سوى أنهم لم يأخذوا عل ًما بانعكاسات‬

‫أساسية في الدولة يتولى حل النزاعات‬             ‫ف�ي نظامها ال�ق�ان�ون�ي إل��ى المجموعة‬        ‫ع�ل�ى الح����الات ال�ع�م�ل�ي�ة‪ .‬واس�� ُت�� ِم�� َّدت‬                         ‫‪.common law‬‬                           ‫القانون المدني‪:‬‬
‫التي تنشأ بين الأف��راد والجماعات في‬           ‫الرومانية الجرمانية ‪ -‬أحد الأسلوبين‬           ‫نصوصه م�ن ال�ق�ان�ون ال�روم�ان�ي ومن‬                  ‫وق�د ط�رأ تطور آخ�ر على مصطلح‬                      ‫المفهوم‪ ،‬النشأة ومجالات التطبيق‬
‫المحاكم‪ .‬وهكذا أصبح للأحكام القضائية‬           ‫الفرنسي أو الألماني أو الأسلوبين مع ًا‪،‬‬       ‫الأع���راف (ال�ق�ان�ون الفرنسي ال�ق�ديم)‪.‬‬             ‫القانون المدني ليصبح بعد ذلك مرادف ًا‬
‫قوة خاصة في فض النزاعات عن طريق‬                ‫وق��د اس�ت�ف�اد ال�ق�ان�ون الم�دن�ي الم�ص�ري‬  ‫وق�د تشبع ه�ذا القانون بأفكار الثورة‬                  ‫لتعبير القانون الخ�اص‪ .‬فعلى أساس‬                 ‫يعتبر القانون المدني دعامة القانون‬
                                               ‫م�ن ك�ل الأس�ال�ي�ب ول��م يتقيد بأسلوب‬        ‫الفرنسية من خلال تبنيه لمبدأ الفردية‬                  ‫ق��واع��د ال�ق�ان�ون الم��دن��ي ظ�ه�رت ف��روع‬    ‫الخ����اص‪ ،‬وه��و أ َي�� ًض��ا الأس����اس ال��ذي‬
                        ‫التنفيذ القهري‪.‬‬        ‫أو مذهب معين‪ ،‬وتبعه في ذلك القانون‬            ‫والعلمانية‪ .‬فالقانون المدني انفصل عن‬                  ‫ج�دي�دة ف�ي القانون الخ�اص كما سبق‬               ‫قامت وتفرعت عنه كافة ف�روع القانون‬
‫وق�ان�ون الم�س�ط�رة الم�دن�ي�ة ‪ ،‬قانون‬         ‫المدني السوري‪ ،‬الذي دخل حيز التنفيذ‬           ‫الكنيسة في أمور مهمة كانت إلى عهد‬                     ‫القول (كالقانون التجاري وقانون العمل‬             ‫الخ�اص‪ ،‬ولذلك يعرف بأنه‪« :‬مجموعة‬
‫يعنى بدراسة الأحكام وشروط إصدارها‬              ‫ف�ي ‪15‬يونيو ‪ 1949‬وب�ل�غ ع�دد م�واده‬           ‫ق�ري�ب محكومة م�ن ط�رف�ه�ا‪ ،‬كمؤسسة‬                    ‫والقانون ال�زراع�ي‪ )...‬حيث أخ�ذت تلك‬             ‫القواعد التي تنظم العلاقات الخاصة‬
‫وش�ك�ل�ه�ا وأرك��ان��ه��ا الأس�اس�ي�ة وط��رق‬   ‫‪ 1130‬مادة‪ .‬وبدخوله حيز التنفيذ‪ ،‬ألغي‬                                                                ‫ال�ف�روع كثير ًا م�ن ق�واع�د ه�ذا القانون‬        ‫ب�ني الأف���راد أي�ا ك�ان�ت طبيعتها»‪ .‬فهو‬
‫ال�ط�ع�ن ف�ي�ه�ا وتسبيبها م�ن الناحية‬          ‫العمل بمجلة «الأح�ك�ام العدلية» التي‬                         ‫الزواج على سبيل المثال‪.‬‬                ‫وأ ّسست أحكامها على نظرياته‪ ،‬الأمر‬               ‫الشريعة والمنهج العام الذي يجب إعمال‬
                                               ‫كانت بمنزلة قانون مدني حديث مستقى‬             ‫وأق���ر ال�ق�ان�ون الم�دن�ي ك�ذل�ك مبدأ‬               ‫ال�ذي جعل م�ن القانون الم�دن�ي شريعة‬             ‫أحكامه فيما لم يرد بشأنه نص خاص‬
            ‫الشكلية وآثار هذه الأحكام‪.‬‬         ‫من أحكام الشريعة الإسلامية‪ .‬وقد قسم‬           ‫الم���س���اواة والح��ري��ة ال��ف��ردي��ة‪ ،‬كحرية‬       ‫عامة في العلاقات القانونية الخاصة‪،‬‬               ‫في فرع آخر من فروع القانون الخاص‪،‬‬
‫‪ ‬والأحكام ع��ادة لا ت�ص�در إلا بعد‬             ‫القانون المدني السوري إلى باب تمهيدي‬          ‫الطلاق‪ ،‬وتبنى أيض ًا مبدأ سلطان الإرادة‬               ‫بمعنى أن قواعده تطبق على الأشخاص‬                 ‫التي انفصلت واستقلت عنه‪ ،‬كالقانون‬
‫دراسة نقط النزاع وتمحيصه والاطلاع‬              ‫وقسمين‪ ،‬يضم الباب التمهيدي ثلاثة‬              ‫في العقود والتصرفات القانونية‪ ،‬الذي‬                   ‫جميع ًا بمختلف طوائفهم ومهنهم‪ ،‬وذلك‬              ‫التجاري‪، ‬أو‪ ‬القانون التجاري البحري‪،‬‬
‫ع�ل�ى أق����وال الخ��ص��وم وم�س�ت�ن�دات�ه�م‬    ‫فصول في القانون والحق والأشخاص‬                                                                      ‫خ�ال ًف�ا ل�ل�ف�روع الأخ���رى ال�ت�ي تختص‬
‫ون�ت�ائ�ج التحقيق‪ ،‬وب�ع�د ت�ب�ادل الآراء‬       ‫وتقسيم الأش�ي�اء والأم��وال‪ ،‬أم�ا القسم‬                ‫يعد أحد أسس القانون المدني‪.‬‬                  ‫ب�ط�وائ�ف أو م�ه�ن م�ع�ي�ن�ة‪ ،‬أو تتناول‬                            ‫أو‪ ‬قانون الشغل‪ ‬مثلا‪.‬‬
‫ب�ني القضاة وال�رج�وع لم�ا اعتمد عليه‬          ‫الأول فقد خصص ل�دراس�ة الالتزامات‬                            ‫‪ 2‬ـ الأسلوب الألماني‪:‬‬                  ‫أوض�اع� ًا وح��الات م�ح�ددة‪ .‬وف�ض�ا ًل عن‬        ‫ك���ان ال��ق��ان��ون الم��دن��ي ي�ع�ن�ي عند‬
‫الخصوم في دفاعهم من النصوص وآراء‬               ‫والح�ق�وق الشخصية‪ ،‬والقسم الثاني‬                                                                    ‫ذلك‪ ،‬فإنه يتم الرجوع إلى قواعد القانون‬           ‫الرومان‪« Jus civil ‬قانون المدينة»‪ ‬أي‬
‫الفقهاء‪ ،‬وه�ذه المرحلة التي تجتازها‬            ‫للحقوق العينية‪ .‬وأما العلاقات الأسرية‬         ‫دخل القانون المدني الألماني ‪B.G.B‬‬                     ‫المدني في كل مسألة تسكت عن تنظيمها‬               ‫ال��ق��ان��ون ال�����ذي ي�ح�ك�م م��دي��ن��ة روم���ا‬
‫القضية بعد إق�ف�ال ب�اب الم�راف�ع�ة فيها‬       ‫فقد استقلت عن القانون المدني‪ ،‬كما هي‬          ‫حيز التنفيذ في ع�ام ‪ ،1900‬بعد فترة‬                                                                     ‫وم�واط�ن�ي�ه�ا‪ ،‬وذل���ك لمقابلته وتمييزه‬
‫وتهييئها للحكم تسمى فترة المداولة‪،‬‬             ‫الحال في أغلب الدول الإسلامية؛ لتعلقها‬        ‫طويلة من الجهد العلمي الشاق لفقهاء‬                           ‫الفروع الأخرى للقانون الخاص‪.‬‬              ‫عن‪ ‬قانون الشعوب‪ Jus gentium ‬وهو‬
‫ولكي يضمن المشرع عدم تحيز القضاة‬               ‫بم�ع�ت�ق�دات ال��ن��اس ال�دي�ن�ي�ة والح�ل�ال‬  ‫القرن التاسع عشر‪ .‬ويعد هذا القانون‬                                                                     ‫ال�ق�ان�ون ال��ذي يحكم ع�الق�ات ال�روم�ان‬
‫في قضائهم‪ ،‬وكذلك عنايتهم في تقدير‬              ‫والحرام‪ ،‬وأصبح يحكمها قانون مستقل‬             ‫ن�ق�ط�ة ان��ط�ل�اق ل�ق�ان�ون ع�ص�ري يلبي‬                   ‫نظرة مقارنة لبعض الأساليب‬                   ‫بالأجانب في الإمبراطورية الرومانية‪،‬‬
‫ادعاءات الخصوم وفي فهم ما أحاط بها‬             ‫ه�و ق�ان�ون الأح���وال الشخصية‪ ،‬ال�ذي‬         ‫متطلبات القرن العشرين في وقته‪ .‬حيث‬                          ‫المتبعة في القوانين المدنية‬                ‫والذي اندمج بعد ذلك في القانون المدني‬
‫من مسائل قانونية فقد أوج�ب تسبيب‬                                                             ‫أن صياغته التقنية ذات المستوى الراقي‬                                                                   ‫فأدى إلى تو ّسع مداه‪ ،‬وأصبحت قواعده‬
‫الأحكام حتى تتمكن محكمة النقض من‬                 ‫تح ّول في المغرب إلى «مدونة الأسرة»‪.‬‬        ‫منحته استقرار ًا وسمعة كبيرين‪ .‬وقد‬                                 ‫‪ 1‬ـ الأسلوب الفرنسي‪:‬‬                ‫بالتالي تحكم أي�ض�ا ع�الق�ات ال�روم�ان‬
‫أداء مهمتها الممثلة في مراقبة أحكام‬                ‫قانون المسطرة المدنية‪ ...‬لماذا؟‬           ‫ا ّتبع الألم�ان أسلوب ًا متميز ًا عن غيرهم‪،‬‬           ‫ي�ع� ّد ال�ق�ان�ون الم�دن�ي الفرنسي ‪Le‬‬
‫المح��اك��م وال�س�ه�ر ع�ل�ى ح�س�ن تطبيق‬                                                      ‫حيث أف�ردوا قسم ًا عام ًا يضم القواعد‬                 ‫‪ ،code civil‬الصادر عام ‪ 1804‬والمشار‬                                          ‫فيما بينهم‪.‬‬
‫القانون‪ ،‬ولذلك قيل بأن محكمة النقض‬             ‫إن ال�دول�ة ف�ي العصر الح�اض�ر لا‬             ‫والمفاهيم والمصطلحات القابلة للتطبيق‬                  ‫إليه في فرنسا بـ»قانون نابليون»‪ ،‬حدث ًا‬          ‫‪  ‬وق���د م�ي�ز ال���روم���ان ف��ي ال�ع�ص�ر‬
                                               ‫تجيز للأفراد اقتطاع حقوقهم بأيديهم‬            ‫والاس��ت��خ��دام ف��ي الأق��س��ام والأب����واب‬        ‫ت�اري�خ�ي� ًا ك�ب�ي�ر ًا ف��ي ت��اري��خ التشريع‬  ‫ال�وس�ي�ط ب�ني الم�ج�م�وع�ات (الم��دون��ات)‬
           ‫تحاكم الأحكام لا الأشخاص‪.‬‬           ‫عن طريق القوة وإلا استحكمت منهم‬               ‫الأخ�رى من القانون‪ ،‬وه�ذا أب�رز ما ميز‬                ‫الفرنسي‪ ،‬وال��ذي لم يقتصر أث�ره على‬              ‫التي وضعها الامبراطور‪« ‬جستنيان»‬
‫م�ن ك�ل م�ا ت�ق�دم يتبين ل�ل�ق�ارئ أن‬          ‫الفوضى‪ ،‬ولذلك فمن يدعى حقا في ذمة‬             ‫ال�ق�ان�ون الم�دن�ي الألم��ان��ي ع�ن ال�ق�ان�ون‬       ‫فرنسا وحدها بل امتد إلى كثير من دول‬              ‫ف�ي ال�ق�رن ال�س�ادس الم�ي�الدي وأطلقوا‬
‫قانون المسطرة المدنية(‪ )1‬هو آلة الحق‬           ‫الغير عليه أن يلجأ إلى القضاء للمطالبة‬                                                                                                               ‫عليها اسم‪ Corpus juris civilis ‬‬
‫ووس�ي�ل�ة الح��ص��ول ع�ل�ي�ه ول��ذل��ك نجد‬     ‫بما يدعيه‪ .‬إذن فالقضاء أصبح وظيفة‬                                    ‫المدني الفرنسي‪.‬‬                                                 ‫العالم‪.‬‬         ‫وب��ي�ن مجموعة‪(  ‬م����دون����ة) ال��ق��ان��ون‬
‫الفقهاء الحقوقيين يعطون تعريفات‬                                                                               ‫‪ 3‬ـ أساليب أخرى‪:‬‬                     ‫وقد اعت َمد القانون المدني الفرنسي‬               ‫الكنسي‪ ‬والتي سميت باسم‪Corpus‬‬
‫كثيرة لهذا الفرع من القانون الخاص‪،‬‬                                                           ‫ات��ب��ع��ت ال������دول ‪ -‬ال��ت��ي ت�ن�ت�م�ي‬          ‫أسلوب ًا واضح ًا‪ ،‬سهل ًا‪ ،‬قابل ًا للتطبيق‬
‫فنجد بعضهم ي�ع�رف ق�ان�ون المسطرة‬                                                                                                                                                                                         ‫‪. juris canonici‬‬
‫الم�دن�ي�ة ب�أن�ه «م�ج�م�وع�ة م��ن ال�ق�واع�د‬                                                                                                                                                       ‫وي�ض�م ال�ق�ان�ون الم�دن�ي ف�ي معظم‬
‫التي يجب على المحاكم تطبيقها وعلى‬
‫المتقاضين إتباعها توصلا إلى العدالة‬                                                                                                                                                                               ‫الدول نوعين من القواعد‪:‬‬
‫ف�ي حسم ال�ن�زاع بينهم» وع�رف�ه فقيه‬                                                                                                                                                                ‫ـ القواعد المتعلقة بحالة الأشخاص‬
‫آخر ( بأنه القانون الذي ينظم القضاء‬                                                                                                                                                                 ‫وأهليتهم وتلك المتعلقة بتنظيم الأسرة‪،‬‬
‫والتقاضي )‪ .‬أم�ا الدكتور علي الزيني‬                                                                                                                                                                 ‫والتي أصطلح على تسميتها بـ‪ ‬الأحوال‬
‫الذي كان عميدا لكلية التجارة بجامعة‬
‫القاهرة فقد عرف قواعد قانون المسطرة‬                                                                                                                                                                         ‫الشخصية‪ statut personnel‬؛‬
                                                                                                                                                                                                    ‫ـ والقواعد المتعلقة بالعلاقات المالية‬
                          ‫المدنية بقوله‪:‬‬                                                                                                                                                            ‫والمنظمة لها‪ ،‬وب�الال�ت�زام�ات والحقوق‬
‫«القواعد التي يشتمل عليها قانون‬                                                                                                                                                                     ‫العينية‪ ،‬والتي اصطلح على تسميتها‬

            ‫المسطرة تنقسم إلى قسمين‪:‬‬                                                                                                                                                                    ‫بـ»‪ ‬الأحوال العينية»‪.)statut reel(  ‬‬
‫ـ أحدهما يتعلق بالاختصاص أي‬                                                                                                                                                                         ‫ف���ي ال��ع��ص��ور ال��وس��ط��ى‪ ،‬ت�ط�ور‬
‫بتوزيع السلطة القضائية التي تملكها‬                                                                                                                                                                  ‫مفهوم القانون المدني ليصبح مرادف ًا‬
‫الدولة في المحاكم المختلفة التابعة لها‬                                                                                                                                                              ‫للقانون ال�روم�ان�ي وخ�اص�ة موسوعة‬
‫سواء بحسب قيمة الدعوى‪ ،‬أي نصابها‪،‬‬                                                                                                                                                                   ‫القانون المدني‪ ،‬التي تم جمعها في عهد‬
‫أو بحسب نوعها أو بحسب مركز الحكم؛‬                                                                                                                                                                   ‫الإمبراطور»جستنيان»‪ ،‬وذلك لتمييزها‬
‫ـ وال��ق��س��م ال��ث��ان��ي خ���اص ب�ب�ي�ان‬                                                                                                                                                         ‫ع��ن ال��ق��ان��ون ال�ك�ن�س�ي‪ .‬ولا ي���زال أث�ر‬
‫الإج��راءات التي تتبع في رف�ع الدعوى‬                                                                                                                                                                ‫ذل�ك بادي ًا حتى اليوم‪ ،‬إذ أن كثير ًا من‬
‫للمحكمة المختصة بالنظر والفصل فيها‬                                                                                                                                                                  ‫المؤلفين‪ ‬الأنجلوساكسون‪ ‬يستخدمون‬
‫وكيفية السير فيها من وقت رفعها إلى‬                                                                                                                                                                  ‫مصطلح «ال�ق�ان�ون المدني»‪civil law‬‬
‫تنفيذ الحكم الصادر فيها تنفيذا نهائيا‪».‬‬                                                                                                                                                             ‫للتعبير عن النظام القانوني المستمد من‬
                                                                                                                                                                                                    ‫القانون الروماني‪ ،‬وذلك في مقابل النظام‬
                                                                                                                                                                                                    ‫القانوني الذي يقوم على الشريعة العامة‬
   1   2   3   4   5   6   7   8   9   10