Page 5 - مغرب التغيير PDF
P. 5

‫‪5‬‬                                            ‫ملف‬

‫العدد‪ - 63 :‬من ‪ 1‬إلى ‪ 30‬يونيو ‪٢٠١٧‬‬          ‫حراك الحسيمة‪:‬‬
                                    ‫منشأ الحدث‪ ،‬التداعيات والأفق الملتبس‪!! ‬‬

                                                                                                                                ‫شامة عزيز‪ -‬أناس الطاعي‬

‫أو يشكل مسا ًّسا بالحقوق والحريات الأساسية التي يرعاها‬          ‫وهم المتهمون الذين أل ٍق َيت على كاهلهم مسؤولية صنع الوثائق‬                                                        ‫توطئة‪:‬‬
                              ‫ويحفظها ويضمنها هذا الأخير‪.‬‬       ‫المصاحبة لشحنة السمك المحظور صيدها وبيعها؛ كما حدد‬              ‫في يوم الأربعاء ‪ 26‬أبريل ‪ ،2017‬أصدرت الغرفة الجنائية‬
                                                                ‫التكييف «جنحة القتل الخطأ» بالنسبة لكل من سائق شاحنة‬            ‫الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالحسيمة حك ًما بأربع سنوات‬
‫إذن‪ ،‬فنحن لن نعقب على الحكم السالف ذكره‪ ،‬وإنما أردنا‬            ‫الأزبال التي توفي فيها الضحية‪ ،‬والمستخدم بشركة النظافة‬          ‫سج ًنا ناف ًذا في حق المتابعين الأحد عشر‪ ،‬المتهمين في قضية‬
‫أن نتخذه مدخل ًا للبحث في هذا الملف من بدايته إلى أقصى‬          ‫العامل على متن نفس الشاحنة‪ ،‬وحارس قوارب الصيد‪ ،‬وهم‬              ‫مقتل َمن صار معرو ًفا بـ»س ّماك الحسيمة»‪ ،‬المدعو قيد حياته‬
‫ما تط ّور إليه الأمر إلى غاية ساعة مثول هذا العدد للطبع‪،‬‬        ‫الثلاثة الذين أر ِجـ َعـ ْت إليهم مسؤولية القيام بالحركات‬       ‫«محسن فكري» (أنظر الـصـورة)‪ ،‬الـذي لم تدهسه حافلة‬
‫عل ًما بأن القضية برمتها عرفت انعطا ًفا في منتهى الخطورة‬        ‫والأفعال التي أدت إلى طحن الضحية داخل شفاطة الشاحنة‪.‬‬            ‫ولا شاحنة نقل‪ ،‬ولا عربية أو «كارو» أو دراجة نارية‪ ،‬ولا كان‬
‫بات يهدد السلم والأمن الوطني ْي دفعة واحدة‪ ،‬وبأ ّن الحكم‬        ‫كما قضت المحكمة بتعويض قـدره ‪ 33‬ألف درهـم يؤديه‬                 ‫ضحية حادث شغل‪ ،‬أو اغتيال على يد خصم متربص أو عربي ٍد‬
‫الذي أشرنا إليه على سبيل التوطئة كان له هو الآخر وزنه‬           ‫المحكو ُم عليهم المذكورون أعلاه‪ ،‬وآخر بقيمة ‪ 166‬ألف درهم‬        ‫فقد وعيه‪ ...‬كما جرت به العادة في مختلف الحـوادث التي‬
‫واعتباره‪ ،‬كما كان له ما بعده على صعيد ساكنة شمال البلاد‬                                                                         ‫تشهدها البلاد كل يوم طـول ًا وعر ًضا‪ ،‬وإنمـا ُق ِتل‪ ،‬ولا نقول‬
‫عامة‪ ،‬وعلى مستوى مدينة الحسيمة وجوارها والريف المغربي‬                                    ‫تؤديه شركة التأمين لورثة الضحية‪.‬‬       ‫توفي فحسب‪ ،‬من جراء حادثة في منتهى الغرابة‪« :‬لقد ُف ِر َم ْت‬
‫على الخصوص‪ ،‬إلى أن وصلنا الآن إلى ما ُيسمى بـ»حراك‬              ‫ولـإشـارة‪ ،‬فسبب انطلاقنا من الحكم القضائي سالف‬                  ‫عظا ُمه ولح ُمه وإدا ُمـه بين أنياب مطحن ٍة م ْث َّبتة في مؤ ّخرة‬
‫الحسيمة» أو «حراك الريف»‪ ،‬مع ما تو ّلد عن ذلك‪ ،‬ولا يزال‪،‬‬        ‫الذكر‪ ،‬أ ّن هذه الصحيفة جعلت نصب عينها الاهتما َم بالقضاء‬       ‫إحدى شاحنات جمع الأزبـال‪ ،‬بفعل فاعل بكل تأكيد‪ ،‬ولكن‬
‫مـن مـواقـف شـديـدة الاخـتـاف والـتـضـارب‪ ،‬وذات استعداد‬         ‫وأدائـه المهني‪ ،‬وبالتالي أحكامه واجتهاداته‪ ،‬وكذا الاهتمام‬       ‫الـذي لا يمكن تأكيده أو التأ ّكد منه في حينه‪ ،‬هو هل وقع‬
                                                                                                                                ‫ذلك بسبق إصرار وترصد‪ ،‬أو بعم ٍد مدفوع بحالة فقدان ال ّروع‬
                            ‫للتصعيد والتفاقم يو ًما بعد يوم‪.‬‬            ‫بمجالات القانون وما يتصل بها من الشؤون والمجالات‪.‬‬       ‫وارتفاع صبيب الغضب والعدوانية لدى الفاعل أو الفاعلين‪ ،‬أو أن‬
‫والـواقـع أن ما يزيد في استفحال آثـار هـذه القضية وفي‬           ‫وإذا ورد ذكر ذلك الحكم بالذات‪ ،‬فليس لأن هذه الصحيفة‬             ‫ذلك كان قضا ًء وقد ًرا لعبت فيه الصدفة وعشوائية الحركات‬
‫تط ّورها سلب ًيا‪ ،‬أن المسؤولين الق ّيمين على تدبير هذا الملف‪،‬‬   ‫ترغب في التعقيب عليه‪ ،‬لعلمها بأن ذلك يعتبر منطق ًيا عمل ًا‬      ‫دو ًرا لا يد فيه للإرادة والوعي‪ ،‬اللذان ربما كانا مغ َّي َب ْي تحت‬
‫المع ّقد والمتشابك‪ ،‬اختاروا مدفوعين بسوء الفهم أشكال ًا معنية‬                                                                   ‫ضغط اللحظة الساخنة والصاخبة وصعوبة الموقف ورعونته‪.‬‬
‫من ردود الفعل‪ ،‬سنقف عندها لاح ًقا‪ .‬والحال أن سوء الفهم‬                           ‫غي َر مشروع وغير ُمستساغ لسببين أساسي ْي‪:‬‬      ‫الحكم السالف ذكره قضى بتبرئة أربعة متهمين‪ ،‬وإدانة‬
‫ذاك‪ ،‬هو الذي كان سب ًبا في التصعيد على مستوى الجانب ْي‬          ‫الأول‪ :‬لأن للقضاء مكان َته ووز َنه الاعتباري ْي وهيب َته‪ ،‬التي‬  ‫السبعة الباقين بما مجموعه أربع سنوات سج ًنا ناف ًذا تراوحت‬
‫مـ ًعـا‪ ،‬بمـا فيهما السلطات الجهوية والإقليمية والمحلية‪،‬‬                                                                        ‫ُم َد ُدها بين خمسة وثمانية أشهر‪ .‬وكان تكييف النيابة العامة‬
‫ومنتخبي الجهة والإقليم والمدينة‪ ،‬والأقاليم المجاورة أي ًضا‪،‬‬       ‫ينبغي الوقوف عند حدودها جمي ِعها دون تطاول أو تع ّسف؛‬         ‫للمتابعة قد َحـ َّدد «جنحة صناعة شهادة إداريــة تتضمن‬
‫فضل ًا عن القيادات السياسية‪ ،‬الحزبية‪ ،‬التي زادت الطين ب ّلة‪،‬‬    ‫والثاني‪ :‬لأن المش ِّرع َح ِف َظ حق كل من تضررت مصالحه‬           ‫وقائع غير صحيحة» بالنسبة لكل من مندوب الصيد البحري‪،‬‬
‫والتي أثبتت عن جدارة واستحقاق أنها أصبحت فعل ًا «خارج‬           ‫من ج ّراء حكم من أحكام القضاء‪ ،‬في رفع قضيته أو ملفه إلى‬         ‫والطبيب البيطري‪ ،‬ورئيس مصلحة الصيد البحري‪ ،‬بمندوبية‬
‫التغطية» بتعبير وسائل الإعلام والاتصال‪ ...‬فلنبدأ إ َذ ْن من‬     ‫الدرجة الأعلى من التقاضي‪ :‬وهي الاستئناف؛ والنقض؛ ثم‬             ‫الصيد البحري بالحسيمة‪ ،‬وخليفة قائد باشوية المدينة‪،‬‬
                                                                ‫المراجعة؛ كما خ ّول له حق الذهاب إلى المحكمة الدستورية من‬
                                                      ‫البداية‪.‬‬  ‫أجل الدفع بعدم دستورية قانون من القوانين‪ ،‬إذا رأى أن النص‬
                                                                ‫الذي ارتكز عليه الحكم القضائي المطعون فيه‪ ،‬والذي تضررت‬
                                                                ‫من جرائه مصالح الطاعن وحقوقه‪ ،‬مخال ٌف لأحكام الدستور‪،‬‬
   1   2   3   4   5   6   7   8   9   10