Page 6 - مغرب التغيير PDF
P. 6

‫‪6‬‬                                                                                                             ‫ملف‬

‫العدد‪ - 49 :‬من ‪ 1‬إلى ‪ 29‬فبراير ‪2016‬‬

‫ذة‪ /‬أليسيتا باليتشي دي سوني من جامعة طورينو‬                                                                                                                           ‫ذ‪ /‬أنطونيو بروشيدا ميرابيلي‬

 ‫المحاكم والفقه والمجتمعات الجامعة أو الرافضة‬                                                                                                                        ‫علاقة التمأنثيرجاوماعلتةأنثّابرلبيين الفقه‬
‫للإقصاء‪ :‬تأثير المكونات الفقهية على المحاكم العليا‬
                                                                                                                                                                         ‫والقضاء في أوروبا‬

                                                                                                        ‫قالت إن البحث الذي أنجزه الباحثون‬
                                                                                                        ‫الإيطاليون في مجالات الفقه والقضاء كان‬
                                                                                                        ‫يرمي إلى قياس تأثير الفقه على الاجتهادات‬
                                                                                                        ‫ال�ق�ض�ائ�ي�ة‪ .‬ول�ه�ذا ال��غ��رض‪ ،‬تم�ت م�ق�ارن�ة‬
                                                                                                        ‫الاس�ت�ش�ه�ادات أو الم�س�ائ�ل المتضمنة في‬
                                                                                                        ‫ق��رارات المحاكم العليا المنتمية إل�ى أنظمة‬
                                                                                                        ‫مختلفة‪ ،‬وذلك بدعم من الوسائل المعلوماتية‪،‬‬
                                                                                                        ‫مما مكن من الوقوف على فروقات هامة بين‬
                                                                                                        ‫محاكم تستشهد‪ ،‬كما في أمريكا اللاتينية؛‬
                                                                                                        ‫ومحاكم لا تستشهد‪ ،‬كما في إيطاليا وفرنسا‬
                                                                                                        ‫وبلجيكا؛ ثم محاكم تستشهد قليل ًا كما في‬
                                                                                                                               ‫إسبانيا‪.‬‬
                                                                                                        ‫وقد اتضح أن الاستشهادات يتم إدخالها‬
                                                                                                                ‫من أجل قضاء الأغراض التالية‪:‬‬
                                                                                                        ‫ما‬  ‫أو‬  ‫تقنية أو طبية‬  ‫يماث ـلهاتحمدنيدالمنناوا ٍححيفنغييةر‬
                                                                                                                   ‫القضائية؛‬
                                                                                                        ‫ـ تح�ق�ي�ق ف�ه�م أف�ض�ل لم�س�ائ�ل معينة‪،‬‬
                                                                                                        ‫كالمسائل متعددة الثقافات‪ ،‬والتي تتطلب‬
                                                                                                                               ‫معرفة أنظمة مختلفة؛‬
                                                                                                        ‫ـ دع��م ق����راءات معينة ق��د ت�ك�ون أكثر‬
                                                                                                                               ‫تضار ًبا؛‬
                                                                                                            ‫ـ مجرد تحقيق معرفة علمية أوسع‪.‬‬
                                                                                                        ‫وأض��اف��ت ذة‪ /‬أي�س�ي�ت�ا باليتشي دي‬                         ‫كما أن هناك في فرنسا نقاش قو ّي حول فقه‬    ‫تطرق إل�ى الأح�ك�ام ف�ي ك�ل م�ن فرنسا‬
    ‫التعبير عن كافة الآراء والمواقف الط َّولة‪.‬‬        ‫وتيرتها يو ًما بعد يوم على جميع الأصعدة‪،‬‬          ‫سوني بأن تحليل الاستشهادات يم ّكن المحلل‬                     ‫المحاكم العليا والقضاء‪ ،‬الذي يتحول بدوره‬   ‫وألمانيا وبريطانيا‪ ،‬وقال إنها تختلف فيما‬
‫ولاحظت كذلك‪ ،‬أن هناك َمن لا يرغبون‬                     ‫سواء النظرية أو الاجتهادية أو التشريعية‪.‬‬         ‫من البحث أو التحقيق في العلاقات القائمة‬                      ‫إل�ى ف�ق�ه‪ .‬وه��ذا ي�وض�ح أن القضاء عندما‬  ‫بينها وك�ذل�ك ال�ش�أن بالنسبة للفقه‪ ،‬وهو‬
‫في أن يكتسب الفقه دو ًرا ابتكار ًيا وإبداع ًيا‬        ‫ولاحظت أن الفقه يتميز بتعدد الآراء‬                ‫بين الفقه من جهة‪ ،‬والاجتهادات القضائية‬                       ‫يضع الأح�ك�ام فإنه يرجع إل�ى الفقه وإل�ى‬   ‫الأم�ر ال�ذي تم تسجيله أي ًضا في الولايات‬
‫بمعنى أن ه�ؤلاء ي�ري�دون تقزيمه وتقييده‬               ‫ووج��ه��ات ال�ن�ظ�ر ب�ش�ك�ل ك�ب�ي�ر‪ ،‬مم�ا يشكل‬    ‫من جهة ثانية‪ ،‬ة وكذلك‪ ،‬البحث في التأثيرات‬                                                               ‫المتحدة الأمريكية‪ .‬ولهذا ينعكس على تلك‬
                                                      ‫ح��اج�� ًزا أم���ام ال�ق�اض�ي‪ ،‬ال���ذي لا يستطيع‬  ‫المتبادلة بين مختلف الأنظمة‪ ،‬والتي تزداد‬                                ‫دور القضاء في صياغة أحكامه‪.‬‬     ‫الأحكام اختلاف الأشكال الثقافية والأدبية‪.‬‬
        ‫بالواقع وبتوجهات المجتمع فحسب‪.‬‬                                                                                                                                                                          ‫وع��� ّرف ال�ف�ق�ه ي�ك�ون�ه ي�ف�ح�ص ال�ن�ص‬
‫وبالعودة إلى موضوع الاستشهادات‪،‬‬                                                                                                                                                                                 ‫ويرى إ ْن كان تفسيره صحي ًحا أو أنه يشكو‬
‫قالت إن الباحثين في طورينو توقفوا عند‬
‫المحاكم الأوروب�ي�ة‪ ،‬فكشف البحث عن أمور‬                                                                                                                                                                                            ‫من ثغرات ينبغي س ّدها‪.‬‬
‫شيقة ب��رزت ل�دى المح�اك�م الدستورية على‬                                                                                                                                                                        ‫وق��ال إن ه�ن�اك ف�ي ال��ولاي��ات المتحدة‬
‫الخصوص‪ ،‬حيث تبين أن المحكمة الأوروبية‬                                                                                                                                                                           ‫الأمريكية عناص َر كافي ًة لشرح التبريرات‬
‫لح�ق�وق الإن��س��ان م�ث�ا ًل لا تستشهد إلا في‬                                                                                                                                                                   ‫ال�ت�ي ي�ت�م اع�ت�م�اده�ا ل�ت�ف�س�ي�ر ال�ق�وان�ني‪.‬‬
‫القليل من الح�الات‪ ،‬وتب ّني أي ًضا أن اللجوء‬                                                                                                                                                                    ‫وأض�اف أن القضاء في إيطاليا يلجأ إلى‬
‫إلى الاستشهادات في حالات الحروب يكون‬                                                                                                                                                                            ‫الفقه ال�وط�ن�ي لتفسير ال�ق�ان�ون م�ن خلال‬
                                                                                                                                                                                                                ‫وس��ط��اء‪ ،‬وأن ال�ق�ض�اء ي�ت�ق�ب�ل ت�وج�ي�ه�ات‬
                  ‫بالتوجه إلى الفقه الدولي‪.‬‬                                                                                                                                                                     ‫الفقه ف�ي أح�ي�ان كثيرة‪ ،‬وأن ه�ذه العلاقة‬
‫وف�ي مقارنتها ل�درج�ة الاستشهاد بين‬                                                                                                                                                                             ‫تجعله‪ ،‬أي القضاء‪ ،‬يتقبل ويعتمد نصائح‬
‫ب�ع�ض ال����دول الأوروب���ي���ة ق�ال�ت إن ألم�ان�ي�ا‬                                                                                                                                                            ‫وت�وج�ي�ه�ات ال�ف�ق�ه�اء‪ .‬وه��ذا ف�ي ن�ظ�ره هو‬
‫تستشهد كثي ًرا‪ ،‬تليها فرنسا‪ ،‬ثم إسبانيا‪،‬‬                                                                                                                                                                        ‫ال��ف��ارق ب�ني الأس��ت��اذ ال�ن�ظ�ري‪ ،‬والأس�ت�اذ‬
‫ثم إيطاليا‪ ،‬م�وازاة مع غياب الاستشهادات‬                                                                                                                                                                         ‫المقا ِرن‪ ،‬الذي ليس من الضروري أن يكون‬
‫ف�ي ال��ق��رارات‪ .‬وع��دم وج�وده�ا ف�ي المحاكم‬
‫الأوروبية يعود في نظرها إلى تأثير منطقة‬                                                                                                                                                                                          ‫متوف ًرا لشهادة الدكتوراه‪.‬‬
‫اليورو‪ .‬وأما خارج هذه المنطقة فهناك هيمنة‬                                                                                                                                                                       ‫وي�ف�س�ر ذ‪ /‬أن�ط�ون�ي�و م�ي�راب�ي�ل�ي دور‬
                                                                                                                                                                                                                ‫الأس��ت��اذ الم��ق��ا ِرن ب�أن�ه ه��و ال���ذي يفحص‬
                 ‫واضحة للقانون الفرنسي‪.‬‬                                                                                                                                                                         ‫ويتقبل م�ا تم إدخ�ال�ه ف�ي القانون المدني‪،‬‬
‫وخلصت إل�ى ال�ق�ول‪ ،‬إن المح�اك�م فوق‬                                                                                                                                                                            ‫وهذا يطلق عليه إسم «أنظمة الصمت»‪ ،‬أي‬
‫القومية تستشهد أكثر من المحاكم القومية‪،‬‬                                                                                                                                                                         ‫الأنظمة التي ليس فيها تفسير أو لديها‬
‫وأنه في النظام فوق القومي هناك تأثير من‬
‫القاعدة ب�اتج�اه الأع�ل�ى‪ ،‬بينما ف�ي المحاكم‬                                                                                                                                                                           ‫تفسير غير كا ٍف وغير غزير للقانون‪.‬‬
‫القومية هناك تأثير من القمة باتجاه القاعدة‪،‬‬                                                                                                                                                                     ‫وض�رب مثل ًا بالنمط الفرنسي‪ ،‬ال�ذي‬
‫وبالتالي فهناك حاجة إلى ربط الجسور بين‬                                                                                                                                                                          ‫يمُ نع فيه الاستشهاد في تفسير القانون‪،‬‬
‫الفقه القومي والفقه ف�وق القومي لتيسير‬

     ‫البحث عن الحلول للإشكاليات القائمة‪.‬‬

‫ذة‪ /‬لطيفة توفيق رئيسة قسم الشؤون القانونية بمحكمة النقض‬

                                                      ‫الفقه القانوني على مستوى محكمة النقض المغربية‬

‫كذلك مباشرة على الفقه‪ ،‬بل وحتى مدونة‬                  ‫ال��ف��ق��ه ال��ق��ان��ون��ي ف���ي وق����ت م�ن‬    ‫الحديث عن الفصل بين التأثر والتأثير‬                          ‫لكلمة السيد الرئيس الأول التي استمعنا‬      ‫أش�ك�ر ب��دءا ال�س�ادة المنظمين على‬
‫الحقوق العينية تحيل عليه إما مباشرة‬                   ‫الأوق�ات‪ ،‬وفي الشرائع القديمة‪ ،‬كان هو‬             ‫الذي يمارسه أحدهما على الأخر‪ ،‬لأنهما‬                         ‫إليها في الجلسة الافتتاحية‪ ،‬كما أنني‬       ‫ه�ذه الم�ب�ادرة الم�ت�م�ي�زة‪ ،‬وال�ل�ق�اء ال�ه�ام‪،‬‬
‫أو بشكل ضمني‪ ،‬وهنا تتجلى العلاقة‬                      ‫الم�ص�در الأس�اس�ي للتشريع‪ ،‬وبالتالي‬              ‫مبدئيا صنوان للتشريع‪ ،‬وه�ذا يتجلى‬                            ‫أريدها أن تكون جولة أحاول من خلالها‬        ‫ال�ذي سيتيح لنا فرصة التعرف والنهل‬
                                                      ‫المصدر الأس�اس�ي للاجتهاد‪ .‬وحتى في‬                ‫في التعريفات التي نعطيها لكل من الفقه‬                        ‫أي�ض�ا أن آخ�ذك�م إل��ى دوال��ي��ب محكمة‬   ‫من تجربة جيراننا الإيطاليين‪ ،‬كما أنه‬
            ‫الجدلية بين الفقه والقانون‪.‬‬               ‫التشريعات الحديثة‪ ،‬أصبح ه�ذا الفقه‬                                                                             ‫النقض لنستعرض معا أو لنتعرف معا‬            ‫فرصة سانحة كذلك لتبادل وصقل خبرات‬
‫ن��ع��ود إل����ى ال��ت��ع��اري��ف الم�ع�ط�اة‬          ‫القانوني هو مصدر التفسير الصحيح‬                                      ‫والاجتهاد القضائي‪.‬‬                        ‫ع�ل�ى الم�ج�ه�ودات ال�ت�ي تبذلها محكمة‬     ‫المنظمين ك�ذل�ك لأنهم‬  ‫امل�ّكب�نل�ودن ْي�ين‪.‬منوأش�صلك�ةر‬
‫للاجتهاد القضائي‪ .‬فمن بين التعريفات‬                   ‫للقانون‪ ،‬ولكن بالنسبة للقانون المغربي‪،‬‬            ‫حينما نتحدث ع�ن ال�ف�ق�ه‪ ،‬فما هو‬                                                                        ‫الرحم بهذه الج�دران‬
‫التي تعطى له‪ ،‬أنه ذلك الجهد الذي تبذله‬                ‫م�ا زال يشكل الم�ص�در الأس�اس�ي بحكم‬              ‫ال�ت�ع�ري�ف الأم��ث��ل م��ن ب�ي�ن ال�ت�ع�ري�ف�ات‬                              ‫النقض على مستويين ‪:‬‬       ‫العزيزة التي تلقيت على يد أساتذتها‬
‫المحاكم بمختلف مستوياتها في سبيل‬                      ‫القواعد القانونية التي تحيل عليه‪ .‬ومن‬             ‫التي أعطيت للفقه؟ إن�ه مجموع الآراء‬                          ‫م�س�ت�وى ت�ع�زي�ز م�ك�ان�ة ال�ف�ق�ه في‬     ‫الفقه الذي نستنير به اليوم في أعمالنا‪.‬‬
‫إيجاد الحلول الكفيلة بفض النزاعات‪،‬‬                    ‫الأمثلة على ذل��ك‪ ،‬نج�د م�دون�ة الأح��وال‬         ‫المنشورة لرجال الفقه‪ ،‬التي يستقرئون‬                          ‫الاجتهاد القضائي من جهة؛ ومستوى‬            ‫موضوع مداخلتي كما تلاحظون هي‬
‫وذلك في الحالات التي يكون هناك فراغ‬                   ‫أيت ًحضيال‪،‬‬  ‫الشخصية في مادتها ‪ ،400‬التي‬          ‫من خلالها القواعد القانونية بالتحليل‬                         ‫إثراء الفقه القانوني والمساهمة فيه من‬      ‫«الفقه القانوني في الاجتهاد القضائي‬
‫تشريعي ب�الم�رة‪ ،‬أو يكون هنالك نقص‬                                 ‫مباشرة على الفقه المالكي‪ ،‬ونجد‬       ‫والمناقشة‪ ،‬ويستنبطون منها الأحكام‪ ،‬أو‬                                                                   ‫على مستوى محكمة النقض بالمغرب»‪.‬‬
‫في التشريع‪ ،‬بحيث يكمله الاجتهاد‪ ،‬أو‬                   ‫المادة ‪ 169‬من مدونة الأوقاف التي تحيل‬             ‫التي يق ّيمون فيها الاجتهاد القضائي إما‬                                                   ‫جهة ثانية‪.‬‬    ‫ومداخلتي في الحقيقة ستكون امتدا ًدا‬
‫ي�ك�ون ه�ن�اك مقتضيات قانونية تتميز‬                                                                                                                                  ‫فالعلاقة بين الفقه والقضاء‪ ،‬كما هو‬
                                                                                                                               ‫تأييدا أو انتقادا‪.‬‬                    ‫معروف‪ ،‬هي علاقة جدلية بحيث يصعب‬
   1   2   3   4   5   6   7   8   9   10   11