Page 7 - مغرب التغيير PDF
P. 7

‫ملف ‪7‬‬

‫العدد‪ - ٦٥ :‬من ‪ 1‬إلى ‪ 31‬غشت ‪٢٠١٧‬‬

  ‫السرطان في «الريف» المغربي‪ ..‬غازات الإسبان في دائرة الاتهام‬

‫خـطـوات عـمـلـيـة‪ ،‬لاسـتـصـدار اعـتـذار‬                            ‫أنـه مـن السهل عاطفيًا على المغاربة‬                  ‫وقعت إسبانيا اتفاقًا مع ألمانيا‪ ،‬من‬                ‫يذهب إلى أن ‪ 80‬في المائة من حالات‬              ‫يـصـر الـبـاحـث المـغـربـي الـدكـتـور‪،‬‬
‫رســـمـــي مــــن الــــجــــارة الإيــبــيــريــة‪،‬‬                ‫اتــهــام الـجـيـش الإســبــانــي فــي تـلـك‬         ‫أجــل أن تـسـاعـدهـا هــذه الأخـيـرة في‬            ‫الإصــابــة بــالــســرطــان المـعـالـجـة فـي‬  ‫مصطفى بنشريف‪ ،‬على إثبات الصلة‬
‫خصوصًا أن حجم تخريب الأرض في‬                                       ‫الـحـقـبـة الـزمـنـيـة بـأنـه ألـقـى غــازات‬         ‫تصنيع أسلحة كيماوية وتطويرها‪،‬‬                      ‫مستشفى الـربـاط قـادمـة مـن منطقة‬              ‫بـن الـغـازات الإسبانية السامة التي‬
‫ابـلـإريجــرافءكـدارانسمـــةهـوول ًتا‪،‬حقميطاقلبًعامايلقحيكنوفمةي‬   ‫كـيـمـاويـة سـامـة لتجريبها عسكريًا‪،‬‬                 ‫وتم تفعيل ذلك عن طريق بناء مصنع‬                    ‫الريف تحديدًا‪ ،‬وهـو ما يوافق بحث‬               ‫ألقتها طائرات الاحتلال‪ ،‬على منطقة‬
‫موضوع الـغـازات الكيماوية السامة‪،‬‬                                  ‫وإصـابـة السكان والمـوالـيـد والأجـيـال‬              ‫بمدريد‪ ،‬وتم تسليم إسبانيا شحنات‬                    ‫الـدكـتـورة وفـاء أقـضـاض لنيل درجـة‬           ‫الريف في عشرينيات القرن الماضي‪،‬‬
‫الــتــي ألــقــت بــهــا طـــائـــرات الـجـيـش‬                    ‫المقبلة بـأمـراض الـسـرطـان‪ ،‬لكنه من‬                 ‫كبيرة من‪ ‬الأسلحة الكيماوية المحرمة‬                 ‫الدكتوراه‪ ،‬والذي انتهى في عام ‪2000‬‬             ‫ومــا يـصـفـه بـانـتـشـار الـسـرطـان في‬
‫الإسباني على تجمعات أبناء منطقة‬                                    ‫الناحية العلمية لا يمكن إثـبـات ذلك‬                                                                     ‫إلى أن ‪ 80%‬من الإصابات السرطانية‬               ‫مـنـاطـق الــريــف‪ ،‬المـكـونـة خـصـوصـا‬
                                                                                                                                                      ‫دوليًا‪.‬‬              ‫وخـصـوصـا الـدرقـيـة آتـيـة مـن شـمـال‬         ‫مــــن مـــــدن الـــنـــاظـــور والــحــســيــمــة‪،‬‬
    ‫الريف‪ ،‬مقاومين ومواطنين عزل‪.‬‬                                                     ‫أبدًا وفق تعبيرها‪.‬‬                 ‫وأورد الــخــبــيــر ذاتـــــه أن هــذا‬
‫إلـىوأدنعــتا الضمـتطـلحـعدباثل‪،‬م اهلـمدةولـم َةؤ المسغسرابتييًاة‬  ‫بــالمــقــابــل يـــبـــدي الــحــقــوقــيــون‬      ‫البرنامج أشـرف عليه العالم‪ ،‬هوغو‬                                                ‫المغرب‪.‬‬                   ‫ونواحيهما‪ ،‬شمالي المغرب‪.‬‬
‫وسـيـاسـيـا‪ ،‬خصوصًا أن الاتفاقيات‬                                  ‫المغاربة‪ ،‬تمسكًا بالملف من خلال إثارة‬                ‫سـتـولـتـزيـنـبـيـرغ‪ ،‬والـذي طــور عـدة‬            ‫بـالمـقـابـل يـفـنـد مــصــدر مـسـؤول‬          ‫ويورد الباحث في كتابه «الجرائم‬
‫الدولية‪ ،‬المتعلقة بـالإبـادة الجماعية‬                              ‫انتباه الـرأي الـعـام الوطني والـدولـي‬               ‫قـــذائـــف وقـــنـــابـــل جـــويـــة مـصـنـعـة‬   ‫عـن قسم أمـراض الـسـرطـان مـن داخـل‬            ‫الــدولــيــة وحـــق الـضـحـايـا فــي جـبـر‬
‫وغــيــرهــا‪ ،‬ذات الــصــلــة بــالــجــرائــم‬                     ‫بين الفينة والأخرى بما جرى في تلك‬                    ‫بـــمـــواد قــاتــلــة‪ ،‬مــثــل الــفــوســجــن‪،‬‬  ‫مـسـتـشـفـى ابــن سـيـنـا بــالــربــاط‪ ،‬في‬    ‫الضرر‪ :‬حالة حرب الريف»‪ ،‬أنه خلال‬
‫الـدولـيـة‪ ،‬لا تعالج مثل هـكـذا قضايا‬                              ‫الفترة الزمنية‪ ،‬في محاولة للضغط‬                      ‫وكلوروبيكرين‪ ،‬وديفوسجين‪ ،‬وعلى‬                      ‫تـصـريـح لــ»الـعـربـي الــجــديــد»‪ ،‬هـذه‬     ‫العقود العشرة التي تلت إلقاء غازات‬
‫مـع أشـخـاص ذاتـيـن‪ ،‬بـل بـن الـدول‪،‬‬                               ‫عــلــى الــحــكــومــة المــغــربــيــة لإرغــــام‬  ‫الـرغـم مـن أن ألمـانـيـا بـمـوجـب اتـفـاق‬         ‫الأرقـام التي تتحدث عـن كـون ‪ 80‬في‬             ‫سـامـة مـن طـرف ضـبـاط إسـبـان على‬
‫ولــذلــك وجــب عـلـى الــدولــة المـغـربـيـة‬                      ‫إسـبـانـيـا عـلـى «الاعــتــذار»‪ ،‬أو جبر‬             ‫فرساي ما بعد الحرب كانت ممنوعة‬                     ‫المـائـة مـن المـرضـى الـذيـن يـعـالـجـون‬      ‫مـقـاومـي الـريـف‪ ،‬تـفـشـت فـي المنطقة‬
‫إشعار الدولة الإسبانية بمسؤوليتها‬                                  ‫ضــرر الـضـحـايـا جـمـاعـيـا‪ ،‬مـن خـال‬               ‫مــن الــقــيــام بــذلــك‪ ،‬إلا أنــهــا سـلـمـت‬   ‫بـالمـسـتـشـفـى يـتـحـدرون مــن الـريـف‪،‬‬       ‫تـحـديـدًا أمــراض الـسـرطـان المختلفة‬
‫الـسـيـاسـيـة والأخـاقـيـة والـتـاريـخـيـة‬                                                                              ‫شـحـنـات فـاقـت الــــ‪ 500 ‬طـن مـن هـذه‬            ‫مبرزًا أن الخريطة الجغرافية للمرض‬              ‫بنسبة كبيرة‪ ،‬تمثلت في وجود ما بين‬
‫إزاء ما حدث‪ ،‬على الرغم من محاولات‬                                              ‫تنمية المنطقة المهمشة‪  .‬‬                                                                    ‫مختلفة‪« ،‬ولا تـوجـد منطقة معينة‬                ‫‪ 60%‬إلى ‪ 80%‬من حالات السرطان‪ ‬في‬
                                                                   ‫تحاول جمعية «ضحايا الغازات‬                                              ‫المواد إلى مدريد‪.‬‬               ‫أكثر إصابة من أخرى في البلاد» على‬              ‫المغرب‪ ‬في منطقة الريف‪ ،‬التي تسجل‬
  ‫التستر التي حصلت منذ الحادثة‪.‬‬                                    ‫السامة بالريف»‪ ،‬من جهتها الضغط‬                       ‫وتــصــنــف هــــذه‪ ‬الــــغــــازات وفــق‬                                                         ‫أعـلـى مـعـدل لـإصـابـة بـالـسـرطـان في‬
‫وسـبـق لمـركـز «الــنــكــور مــن أجـل‬                             ‫على الحكومة المغربية لدفع صنوتها‬                     ‫المواثيق والمعاهدات الدولية‪ ،‬كأسلحة‬                                           ‫حد قوله‪.‬‬
‫الـثـقـافـة والـحـريـة والـديـمـقـراطـيـة» أن‬                      ‫الإسبانية إلى الاعتراف بجرائمها في‬                   ‫دمــار شـامـل مـحـظـورة دولــيــا‪ ،‬وفـقـا‬          ‫وبحسب دراسـة حديثة لجمعية‬                               ‫العالم» كما يقول بنشريف‪.‬‬
‫طــالــب الـحـكـومـة المـغـربـيـة الـحـالـيـة‬                                                                           ‫لاتفاقية لاهـاي ‪ 1907 ،1899‬و‪،1954‬‬                  ‫«لـا سلمى لمـحـاربـة داء الـسـرطـان»‪،‬‬
‫بـضـرورة فـتـح تـحـقـيـق فـي مـوضـوع‬                                                  ‫حق سكان الريف‬                     ‫اتـفـاقـيـة جـنـيـف ‪ ،1864‬بـروتـوكـول‬              ‫الـتـي تـشـرف عـلـيـهـا عـقـيـلـة الـعـاهـل‬            ‫الغازات والسرطان‬
‫الــغــازات الـسـامـة الـتـي قـصـفـت بـهـا‬                         ‫ويقول عبدالإله الخضري‪ ،‬مدير‬                          ‫جـنـيـف ‪ 1925‬و‪ ،1926‬اتـفـاقـيـة حظر‬                ‫المـغـربـي المـلـك‪ ،‬محمد الـسـادس‪ ،‬فإنه‬
‫إسبانيا منطقة الريف في عشرينيات‬                                    ‫المــركــز المــغــربــي لــحــقــوق الإنــســان‪،‬‬    ‫الأسلحة البيولوجية ‪ ،1972‬اتفاقية‬                   ‫يـتـم تـسـجـيـل حــوالــي ‪ 30‬ألــف حـالـة‬      ‫يـتـفـق أكــاديــمــيــون وحـقـوقـيـون‬
‫القرن المـاضـي‪ ،‬من خـال الاستئناس‬                                  ‫لــ»الــعــربــي الــجــديــد»‪ ،‬إن مـوضـوع‬                                                              ‫جـديـدة كـل عــام‪ ،‬مـصـابـة بـالـسـرطـان‬       ‫مغاربة‪ ،‬تبنوا ملف الغازات السامة‪،‬‬
‫بالأبحاث الصادرة عن تلك الحرب في‬                                   ‫هــجــمــات الــجــيــش الإســبــانــي عـلـى‬              ‫حظر الأسلحة الكيماوية ‪.1973‬‬                   ‫في المغرب‪ ،‬لكن لا توجد أرقام رسمية‬             ‫مع الباحث بنشريف‪ ،‬إذ ترتفع نسبة‬
‫إسبانيا وألمانيا وبريطانيا والمغرب‪.‬‬                                ‫مناطق الريف بالأسلحة الكيماوية‪،‬‬                                                                         ‫بشأن عدد حالات المصابين بالسرطان‬               ‫الإصــابــات بـالـسـرطـان وســط سـكـان‬
‫وتحاول جمعية «ضحايا الغازات‬                                        ‫وبالتحديد بـغـاز الـخـردل‪ ،‬وتحديدًا‬                            ‫جبر الضرر‬                                                                               ‫الـريـف بـالمـمـلـكـة‪ ،‬مـقـارنـة مـع مـعـدل‬
‫السامة بالريف»‪ ،‬من جهتها الضغط‬                                     ‫فــي‪ ‬الــعــام ‪ ،1924‬لــم يـنـل الاهـتـمـام‬                                                                        ‫في مناطق الريف بالبلاد‪.‬‬             ‫الإصـابـة فـي مـنـاطـق أخــرى‪ ،‬لـوجـود‬
‫على الحكومة المغربية لدفع صنوتها‬                                                                                        ‫الربط بين الحرب الإسبانية ضد‬                       ‫ويـؤكـد الـبـاحـث‪ ،‬مـيـمـون شـرقـي‪،‬‬            ‫عـاقـة مـضـطـردة بــن تـلـك الــغــازات‬
‫الإسبانية إلى الاعتراف بجرائمها في‬                                                   ‫السياسي الكافي»‪.‬‬                   ‫المقاومة الريفية الشرسة‪ ،‬والتي كان‬                 ‫فـي كـتـابـه «أسـلـحـة كـيـمـاويـة للدمار‬      ‫والـــداء الـخـبـيـث‪ ،‬كـمـا يـقـولـون‪ ،‬فيما‬
‫حق سكان الريف‪ ،‬وتعويض ضحايا‬                                        ‫وأوضـــــح الــخــضــري أن «أبــنــاء‬                ‫من أبطالها ورموزها الزعيم الراحل‪،‬‬                  ‫الــشــامــل عــلــى الــــريــــف»‪ ،‬أن سـبـب‬  ‫يـشـكـك الــطــرف الإســبــانــي فــي تـلـك‬
‫الغازات السامة‪ ،‬لكنه تعويض يقول‬                                    ‫مـنـطـقـة الـريـف قـاسـوا مـآسـ َي كثيرة‬             ‫محمد عـبـدالـكـريـم الـخـطـابـي‪ ،‬تفنده‬             ‫الإصابات بالسرطان بين أهل الريف‪،‬‬
‫عنه إلياس العماري رئيس الجمعية‪،‬‬                                    ‫جـدًا‪ ،‬عبر عشرة أجيال تقريبًا‪ ،‬وكان‬                  ‫الـبـاحـثـة الإسـبـانـيـة «مـاريـا روزا دو‬         ‫يرجع إلى إلقاء العشرات من القنابل‬                                  ‫العلاقة السببية‪.‬‬
‫إنـــــه «يـــجـــب أن يـــكـــون جــمــاعــيــا‪،‬‬                  ‫الأجـــدر أن تــبــادر الــدولــة المـغـربـيـة‪،‬‬      ‫مــاداريــاغــا» الــتــي قــالــت لــ»الـعـربـي‬   ‫الـكـيـمـاويـة مـن طــرف ضـبـاط إسـبـان‬        ‫ويـؤكــد مـنـتـدى حـقـوق الإنـسـان‬
‫ولــيــس فــرديــا ومـــالـــيـــا‪ ،‬مــن خــال‬                     ‫بتنسيق مع مراكز بحث وخبراء في‬                        ‫الـــجـــديـــد»‪ ،‬إنــهــا تـسـتـغـرب الــجــزم‬    ‫على حدود منطقة «أربعاء تاوريرت»‪،‬‬               ‫لشمال المغرب بدوره‪ ،‬أن نسبة إصابة‬
‫اعــتــذار إسـبـانـيـا‪ ،‬وإطـــاق مـشـاريـع‬                         ‫الـقـانـون والـسـيـاسـة وتـاريـخ الـحـرب‬             ‫بمعطى العلاقة بين تفشي السرطان‬                     ‫مـبـرزًا أنـه بعد كـل الـعـقـود الـتـي مرت‬     ‫ســكــان الــريــف بــالــســرطــان نــاهــزت‬
‫تنموية تنتشل الـريـف مـن هشاشته‬                                    ‫الإســبــانــيــة عــلــى المـــغـــرب‪ ،‬مــن أجــل‬   ‫فـي الـريـف وبــن تـداعـيـات مـا سمي‬               ‫مازالت مخلفات تلك الغازات تتسبب‬                ‫‪ 60‬فــي المــائــة مــن مــعــدلات الإصـابـة‬
                                                                   ‫الـتـوثـيـق لـلـمـرحـلـة‪ ،‬وضـبـط طبيعة‬               ‫بالغازات السامة الملقاة من الجو من‬                                                                ‫بــهــذا الــــداء فــي المــغــرب مـقـارنـة مـع‬
         ‫الاقتصادية والاجتماعية»‪.‬‬                                  ‫وحجم الجرائم التي ارتكبت إبان تلك‬                                                                                     ‫في السرطان بالمنطقة‪.‬‬             ‫باقي مناطق الـبـاد‪ ،‬بينما «التجمع‬
                                                                                                                                    ‫لدن الطائرات الإسبانية‪.‬‬                ‫الـخـبـيـر فــي الــشــأن الـعـسـكـري‪،‬‬         ‫الـعـالمـي الأمــازيــغــي»‪ ،‬وهــو مـنـظـمـة‬
                                                                                              ‫الحقبة»‪.‬‬                  ‫وأكـــدت مـؤلـفـة كـتـاب «إسـبـانـيـا‬              ‫سليم بلمزيان‪ ،‬يؤكد في هذا الصدد‬                ‫أمازيغية تبنت ملف الغازات السامة‪،‬‬
                                                                   ‫ولــفــت الــنــاشــط الــحــقــوقــي إلــى‬          ‫والريف‪..‬أحداث تاريخ شبه منسي»‪،‬‬                     ‫لـ»العربي الجديد»‪ ،‬أنه في العام‪1921 ‬‬
                                                                   ‫ضــــرورة مــبــاشــرة الــدولــة المـغـربـيـة‬
   2   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12