Page 16 - مغرب التغيير PDF
P. 16

‫‪16‬‬                                                                                                                           ‫ندوة‬

‫العدد‪ - 53 :‬من‪ 1‬إلى ‪ 31‬يوليوز ‪2016‬‬

                                                  ‫ذ‪ /‬جعفر العلوي استاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بفاس‬

                                                     ‫«الجانب الجنائي وجودة القاعدة الجنائية»‬

‫الخطيرة‪ ،‬وهذا إشكال مرتبط بمطاطية‬                                                                                                                                                           ‫أركز على الجانب المرتبط بجودة القاعدة‬                       ‫الحضور الكرام‪،‬‬
‫ه��ذه ال�ت�ع�ري�ف�ات‪ ،‬وه���ذه ال�ت�ج�ريم�ات‪،‬‬                                                                                                                                                ‫الجنائية‪ .‬وال�س�ؤال ال�ذي أط�رح�ه منذ‬              ‫ف�ي الحقيقة أود ف�ق�ط أن أصحح‬
‫ولا شك أن غموض الطابع الفضفاض‬                                                                                                                                                               ‫البداية هو‪ :‬هل بالإمكان أن يدخل متطلب‬              ‫ع��ن��وان م�داخ�ل�ت�ي ال����ذي ه��و «ج���ودة‬
‫المجننائايلةجاينفبض ايل إسلوىسوياوقلعو أجم ّير‪،،‬‬  ‫للقاعدة‬                                                                                                                                   ‫الجودة في خانة الدفع بعدم الدستورية؟‬               ‫القاعدة الجنائية»‪ .‬وسوف أركز بصفة‬
                                                  ‫وأقولها‬                                                                                                                                   ‫في هذه الإمكانية الممنوحة أكيد سوف‬                 ‫أساسية على الجانب الجنائي لاعتبارين‬
‫ولدينا دراس��ات‪ ،‬أن ه�ذا المجال ُي�ؤدي‬                                                                                                                                                      ‫يمكن أن ذلك‪ ،‬وأنا أستبق هنا‪ ،‬بطريقة‬                                           ‫أساسيين‪:‬‬
‫إلى وضعية لا معيارية‪ .‬وعلى مستوى‬                                                                                                                                                            ‫استباقية‪ ،‬أن القاضي يمكن أن يقوم في‬                ‫الاعتبار الأول‪ :‬هو أنني متخصص‬
‫آخر ومن زاوية ثانية‪ ،‬فتحديد القاعدة‬                                                                                                                                                         ‫إطار المجلس الدستوري بهذه العملية‪،‬‬                 ‫في القانون الجنائي وربما الداعي أنني‬
‫القانونية لا تتوائم ولا تنسجم مع كل‬                                                                                                                                                         ‫ومراقبة الجانب المرتبط بجودة القاعدة‬               ‫أتقن هذه المادة أحسن من المواد الأخرى‬
‫تقنيات الإح�ال�ة وغيرها م�ن التقنيات‬                                                                                                                                                        ‫الج�ن�ائ�ي�ة‪ .‬ف�م�اه�ي ت�داع�ي�ات الج��ودة؟‬                 ‫في هذا الجانب‪.‬‬
‫المستعملة كثيرا في القانون الجنائي‬                                                                                                                                                          ‫م�اه�ي الج��وان��ب الم�رت�ب�ط�ة ب��الج��ودة؟‬       ‫الاعتبار الثاني‪ :‬هو اعتبار واقعي‪،‬‬
‫المغربي‪ .‬وأخلص مباشرة إل�ى النقطة‬                                                                                                                                                           ‫وما هي السلبيات المرتبطة بعدم توفر‬                 ‫عملي‪ ،‬ربما يبين المواد القانونية الأكثر‬
‫الثالثة وه�ي ال�رق�اب�ة على م�دى توفر‬                                                                                                                                                                                                          ‫حساسية وارتباطا بالحقوق والحريات‬
‫متطلب الوضوح والدقة‪ ،‬والرقابة على‬                                                                                                                                                                     ‫الجودة في القاعدة الجنائية؟‬                       ‫الفردية والقانون الجنائي‪.‬‬
‫ج�ودة القاعدة القانونية‪ .‬وننطلق من‬                                                                                                                                                          ‫ق��ل��ت أن���ه دائ��م��ا ت�ب�ق�ى إم�ك�ان�ي�ة‬       ‫وب��ال��ت��ال��ي ل���ه���ذه الاع���ت���ب���ارات‪،‬‬
‫مقاربتنا لهذه الإشكالية ونطرح السؤال‬                                                                                                                                                        ‫القاضي الدستوري‪ ،‬الذي يمكن أن يقوم‬                 ‫ولاع��ت��ب��ارات أخ���رى‪ ،‬اخ�ت�رت أن أرك�ز‬
‫التالي وه�و س�ؤال ج�وه�ري‪ :‬هل يمكن‬                                                                                                                                                          ‫بهذه العملية‪ .‬ولكن أنتم تعرفون في‬                  ‫مداخلتي حتى أك�ون دقيقا في كلماتي‬
‫للقاضي الجنائي أن يمتنع أو يرفض‬                                                                                                                                                             ‫اللغة العربية وما قبلها‪ ،‬هكذا تعلمنا‬                        ‫وفي أفكاري وملاحظاتي‪.‬‬
‫تطبيق قاعدة تجريمية تتسم بعدم الدقة‬                                                                                                                                                         ‫اللغة العربية‪ ،‬أق�ول عندما نعلم شرط‬                ‫حقيقة‪ ،‬أود ف�ي ال�ب�داي�ة أن أشكر‬
                        ‫والوضوح؟‬                                                                                                                                                            ‫المعقول‪ ،‬وهو شرط من إح�دى الشروط‬                   ‫الفرع الجهوي للودادية‪ ،‬ال�ذي شرفني‬
‫الإجابة على هذا السؤال بالاستناد‬                                                                                                                                                            ‫الأساسية التي وضعت‪ ،‬وهو موجود في‬                   ‫بدعوتي لحضور ه�ذه المأدبة العلمية‪.‬‬
‫يينم ّكظرن‬  ‫بالسلب‪ ،‬لا‬  ‫على الدستور ستكون‬                                                                                                                                                   ‫كل اختيارات المقارنة كما قلت‪ .‬النقاش‬               ‫حقيقة أن�ه�ا علمية‪ ،‬وق�د ت�ب�دت بعض‬
            ‫للقاضي أن‬   ‫في حال من الأح�وال‬                                                                                                                                                  ‫ال���ذي ك��ان ف�ي ال�ص�ب�اح‪ ،‬للسيد مدير‬            ‫تجليات هذه الخاصية العلمية في هذا‬
‫أو يتطرق أن يقدم لدستورية القانون‬                                                                                                                                                           ‫التشريع‪ ،‬وال��ذي ع�رض�ه بصفة رائعة‬                 ‫الصباح‪ ،‬من خلال مجموعة من المداخلات‬
‫ن�وع� ًي�ا‪ ،‬ولا يمكن إح�ال�ة ه�ذا القانون‬                                                                                                                                                   ‫وواضحة وجلية فيها الوضوح والدقة‪،‬‬                   ‫ال��ت��ي اس�ت�م�ع�ن�ا إل��ي��ه��ا‪ ،‬وف���ي أول�ه�ا‬
‫بالاستناد إلى سؤال عارض‪ .‬وهنا تأتي‬                                                                                                                                                          ‫في ه�ذا الصباح السيد المدير عرضنا‬                  ‫مداخلة السيد وزي�ر العدل والحريات‪،‬‬
‫الإمكانية ال�ت�ي يمنحها الفصل ‪.133‬‬                                                                                                                                                          ‫على مستوى دول كثيرة وهي اختيارات‬                   ‫ال�ذي وض�ع إط�ارا عاما لما نحن بصدد‬
‫طبعا هل الفصل يمكن أن يكون قاعدة‬                                                                                                                                                            ‫تشريعية‪ ،‬لأن الم�ش�رع ف�ي لحظة م�ا لا‬              ‫مناقشته‪ .‬ولا أج�د في الحقيقة توطئة‬
‫بخصوص ع�دم ال�دق�ة وال�وض�وح وكل‬                                                                                                                                                            ‫ب�د وأن ي�ق�وم ب�اخ�ت�ي�ار ه��ذا الح��ل أو‬         ‫مناسبة أكثر من تلك التوطئة التي ختم‬
‫السمات التي ذكرتها وع�دم الج��ودة‪...‬‬                                         ‫أعطيكم حك ًما دستور ًيا واح� ًدا خا ًصا‪.‬‬         ‫معي م�دى ال�دق�ة‪ .‬والفقه يقول‪ :‬بطابع‬                          ‫الحل الآخ�ر‪ ،‬والزمن هو الكفيل بتبيان‬               ‫بها السيد مدير التشريع بوزارة العدل‬
                                                                             ‫فالمجلس الدستوري بفرنسا‪ ،‬اعتبر أن‬                ‫معقول‪ ،‬والطابع المعقول لا يعني المعرفة‬                        ‫مدى صدقية أو مدى ص�واب الاختيار‪.‬‬
‫هل يمكن أن تدخل هذه في خانة توقعات‬                                           ‫أح�د النصوص غير مطابق للدستور‪.‬‬                   ‫سوف تلحقه‪ ،‬لأن‬  ‫الهمناسكبقفةر ًقاللبعيقنوابلةعاقلوتبية‬        ‫طبعا يمكن أن نناقش ذلك‪ ،‬ولكن يبقى‬                  ‫والح��ري��ات‪ ،‬السيد س�ال�م‪ ،‬عندما ق�ال‪،‬‬
                        ‫الفصل ‪133‬؟‬                                           ‫وهذه النصوص لا تحدد بشكل واضح‬                    ‫التي ينص عليها‬                                                ‫النقاش فكر ًيا‪ ،‬ولا بد من القيام باختيار‬           ‫وأعتقد أن ه�ذا هو رأي�ي وقناعتي‪ ،‬أن‬
‫طبعا ع�ن�دم�ا ن�رج�ع إل��ى كثير من‬                                           ‫بالفرنسية عناصر الجريمة‪ .‬يترتب عن‬                                                                              ‫وب�الح�س�م ف�ي مرحلة م�ن الم�راح�ل كما‬             ‫الفصل ‪ 133‬في الحقيقة س�وف يعطي‬
‫الأحكام والقرارات‪ ،‬بعضها ذكره الأستاذ‬                                        ‫ه�ذا ك�ل�ه‪ ،‬أن�ه كلما أب�ان�ت أن التجربة‬         ‫القانون‪ ،‬بل حتى العقوبة التي سينفذها‬                                                                             ‫إمكانية كبيرة للهيكلة‪ ،‬طبعا على المدى‬
                                                                             ‫حاليا في النصوص التشريعية‪ ،‬وأقول‬                 ‫فعلا الشخص‪ ،‬لأن هذا المسار معروف‪،‬‬                                                                ‫قلت‪.‬‬
‫حرمة‪ ،‬كقرارات المجلس الدستوري في‬                                             ‫خصوصا الجنائية (وأتكلم عن الجنائي‬                ‫ولكن الذي هو أساسي هو هذه التوقعية‬                            ‫وأعود إلى كلامي‪ .‬قلت أن المقتضى‬                    ‫المتوسط والمدى البعيد‪ ،‬هذا أكيد‪ ،‬ولكن‬
‫فرنسا‪ ،‬ال�ذي ق�ال إن ال�دول�ة لا تتعرف‬                                       ‫ربم�ا لاحتكاكي ب�ه منذ س�ن�وات وربم�ا‬                                                                          ‫الذي وضع أنه لا بد أن تكون هناك جدية‬               ‫ثماره لن تكون آنية وراهنية‪ ،‬وإنما آثره‬
‫بجرائم وتجريمات لا تتسم بالوضوح‬                                              ‫منذ عقود) أن بعد التعريفات القانونية‬             ‫التي تشير بصفة أساسية‪ ،‬وهذا موجود‬                             ‫الدفع‪ .‬هل عندما يدفع أحد بأن النص‬                           ‫سوف يمتد في الزمن‪.‬‬
                                                                             ‫غامضة وملتبسة وناقصة وهذا لا يحقق‬                ‫عندنا في القانون الجنائي المغربي وإن‬                          ‫غامض وملتبس وفضفاض خصوصا‬
‫بدقة كافية‪ ،‬هذا ق�رار صدر سنة ‪1990‬‬                                           ‫بطريقة فعالة ـ وناجعة طبعا ـ الأم�ن‬              ‫كان يجب الاعتراف أن المسودة الحالية‬                           ‫في المجال الجنائي‪ .‬وعندما نتكلم عن‬                 ‫إن هيكلة النظام القانوني من خلال‬
‫في نظري‪ ،‬لكن الاجتهاد الملفت للنظر‬                                           ‫القانوني أو الأمن الاجتماعي‪ ،‬ويتحتم‬                                                                            ‫المجال الجنائي‪ ،‬هل يمكن أن يعتبر طبعا‬              ‫والكثير‬  ‫كثير من الشوائب‪،‬‬  ‫متنجرايلدههّنامت‪،‬ن‬
‫في قرارات المجلس الدستوري‪ ،‬الاجتهاد‬                                           ‫طبعا على المشرع معالجة هذا الجانب‪.‬‬              ‫حاولت أن تتلافى في هذا الجانب كثيرا‪،‬‬                          ‫من خلال المسار التي تعرفه عملية ما‪،‬‬                ‫تاريخية‬  ‫هي راجعة لظروف‬
                                                                             ‫فمن الثابت ومن الضروري أن تكون‬                   ‫ه�ي إش�ك�ال�ي�ة ت�ع�دد التكييفات للفعل‬                        ‫هل يمكن أن يعتبر ذلك الدفع جديا لكي‬
‫القضائي الأهم في هذا المجال‪ ،‬هو الذي‬                                         ‫ك�ل ق�اع�دة قانونية مصاغة بالسمات‬                ‫ال�واح�د‪ .‬ه�ذه الإشكالية حقيقية‪ ،‬وهي‬                          ‫يصل إل�ى مستوى القضاء الدستوري‬                     ‫مرتبطة بسرعة العملية التشريعية لدينا‬
‫ص�در عن المجلس الدستوري الايطالي‬                                             ‫التي ذكرتها سابقا‪ .‬ه�ذا ه�و المطلوب‬                                                                            ‫ولكي يبت فيه هذا الأخير من منطلق أنه‬               ‫في المغرب‪ ،‬وبطابعها التقني‪ ،‬الذي يوقع‬
‫في أواخ�ر الثمانينيات‪ ،‬وال�ذي اعتمد‬                                          ‫خصوصا وأنه أخذ في المتن الدستوري‬                 ‫تضرب في عمق هذه الخاصية التوقعية‬                                                                                 ‫في الكثير من المحاذير‪ .‬في نظري‪ ،‬نحن‬
                                                                             ‫ك�ق�ي�م�ة دس��ت��وري��ة وك�م�ب�دأ دس��ت��وري‬     ‫للقاعدة الجنائية‪ .‬قلت وبكل صدق أنني‬                                          ‫لا يحقق الأمن القانوني؟‬
‫على الم��ادة ‪ 25‬من الدستور الايطالي‪،‬‬                                         ‫ج�ودة ال�ق�اع�دة‪ .‬طبعا م�ن ه�ذا الجانب‬           ‫مشيت مع ه�ذه الم�س�ودة‪ ،‬وهناك تطور‬                            ‫إذ ْن هذه إشكالية‪ ،‬وأضعكم في قلب‬                   ‫مقبلون مع دستور ‪ 2011‬ال�ذي يعتبر‬
‫وه���ذه م�ث�ل الم���ادة ‪ 133‬ف�ي دس�ت�ورن�ا‬                                   ‫يتبدى هذا المتطلب وهذه السمة ترجمة‬                                                                             ‫ه�ذه الإشكالية التي أري�د أن أتناولها‬              ‫أدنستنوسًراميمهنبـ»جميولجةجدديدستيرؤةسالقسانلموان»ي‪،‬مكأون‬
‫نحن‪ ،‬ليخلص إلى أنه لا يكفي أن يكون‬                                                                                            ‫كبير على مستوى المسودة فيما يتعلق‬                             ‫هنا‪ .‬ربما أب�دأ بالبديهيات‪ ،‬والتي هي‬
                                                                                                            ‫أساسية‪.‬‬                                                         ‫بهذا الجانب‪.‬‬    ‫الأساس في الارتقاء إلى ما هو معقول‪،‬‬
‫التجريم واض�ح�ا ودقيقا وإنم�ا يتعين‬                                          ‫وأقفز على الكثير من الأفكار لأصل‬                 ‫الخاصية الثانية‪ ،‬التي لا ب�د وأن‬                              ‫وإلى ما هو مثير للنقاشات‪ .‬كما تعرفون‬               ‫دسترة القوانين بصفة عامة‪ ،‬والدسترة‬
‫بالإضافة إلى ذلك أن تكون الوضعيات‬                                            ‫الأفكار الأساسية بالنسبة لي كترجمة‬                                                                             ‫مبدأ الشرعية‪ /‬أن كل القانونيين وكل‬                 ‫فيما تعنيه ه�و أن�ه�ا الم�ب�ادئ الم�ؤط�رة‬
‫والسلوكات المجردة التي تحيل عليها‬                                            ‫وتجسيد لمبدأ أس�اس�ي متعلق بالأمن‬                ‫أق��ف ع�ن�ده�ا‪ ،‬ه�ي ال�ول�وج�ي�ة‪ .‬وتعني‬                       ‫م��ن ل��ه ارت��ب��اط ب�ال�ق�ان�ون وال��ق��ان��ون‪،‬‬  ‫ل�ك�ل ف��روع ال�ق�ان�ون س��واء ف�ي الكلمة‬
                                                                             ‫القانوني‪ .‬ومبدأ الشرعية‪ ،‬كما أظن‪ ،‬لا‬             ‫معرفة المتقاضي للنصوص الجنائية‬                                ‫الج�ن�ائ�ي بصفة خ�اص�ة‪ ،‬ي�ف�رض على‬
‫ق�اع�دة ال�ت�ج�ريم ت�ت�ط�اب�ق م�ع ال�واق�ع‪.‬‬                                  ‫يخاطب السلطة القضائية والتنفيذية‬                 ‫ف�ي ك�ل عناصرها لكي يستطيع بشكل‬                               ‫المشرع تعريف الجرائم‪ ،‬وكذلك المساطر‪،‬‬               ‫التي اصطلحنا على تسميتها بالقانون‬
‫بمعنى آخر‪ ،‬تتماثل مع الحالات والتي‬                                           ‫وحدهما‪ ،‬وإنما يهم‪ ،‬ربما في المستقبل‬                                                                            ‫وقواعد الموضوع‪ ،‬بدقة ووضوح‪ .‬وهنا‬                   ‫الخاص أو القانون العام‪ ،‬وقد أصبحت‬
‫يمكن التأكد منها على أس�اس معايير‬                                            ‫وبشكل أكثر‪ ،‬المشرع أيضا‪ .‬هذا أساسي‬               ‫سليم تشكيل سلوكاته على ضوء ذلك‪.‬‬                               ‫لن أكشف لكم سرا إذا قلت مقولة دائما‬                ‫هذه معززة بمبادئ دستورية‪ ،‬والمبادئ‬
                                                                                                                              ‫لأن ه�ذه الخاصية هي التي تعطي في‬                              ‫أح�ف�ظ�ه�ا ع��ن ظ�ه�ر ق�ل�ب ع�ن�دم�ا ب��دأت‬
            ‫منطقية ومعقولة وعقلانية‪.‬‬                                                      ‫كما قلت في بداية حديثي‪.‬‬             ‫المجال الجنائي مضمون حقيقي لقرينة‬                             ‫خ�ط�وات�ي الأول���ى ف�ي دراس���ة ال�ق�ان�ون‬        ‫ال�دس�ت�وري�ة ت�ؤط�ره�ا‪ .‬وه��ذا يعني أنه‬
‫ه��ذا الم�ت�ط�ل�ب يستجيب للمبادئ‬                                             ‫الفقهاء يعتبرون أن مبدأ الشرعية‬                                                                                ‫الج�ن�ائ�ي‪ ،‬أح�ف�ظ مقولة بيكاريا ال�ذي‬             ‫عندما نلقي نظرة على هذا التطور‪ ،‬الذي‬
‫الأس�اس�ي�ة ح��ول وض��ع وس��ن ال�ق�واع�د‬                                     ‫ل�ي�س ذا ت�ض�م�ني ض�ي�ق‪ ،‬ولا يحتوي‬               ‫أ ْن «لا أحد يعذر بجهله للقاعدة القانونية‬                     ‫أعرفه عن مبدأ الشرعية‪ ،‬حيث يقول‪:‬‬                   ‫هو نوعي وطفرة نوعية ربما جاء بها‬
                                                                             ‫أولا يشمل أ ّي قيود غير تلك المعروفة‬             ‫بصفة عامة والقاعدة الجنائية بصفة‬                              ‫إن ال�ت�أوي�ل غ�ي�ر المستند ع�ل�ى ق�واع�د‬
‫ـ ط�ب�ع�ا ـ الج�ن�ائ�ي�ة‪ ،‬وه���ذه الم�م�ارس�ة‬                                                                                                                               ‫خاصة»‪.‬‬          ‫(ه�ن�ا يشير إل��ى أي��ن ت�وج�د ال�دق�ة في‬          ‫الدستور‪ ،‬وسوف يكون لها امتداد أكيد‬
‫ال�ق�ض�ائ�ي�ة ت�ف�ض�ي ب�ن�ا إل���ى مسائلة‬                                      ‫بالنتائج المترتبة‪ .‬هذه أشياء معروفة‪.‬‬                                                                         ‫النصوص) هو تأويل تحكمي للقوانين‪،‬‬                   ‫بالإيجاب لأن المشرع نفسه سوف يكون‬
‫احتمالات مقتضى المادة ‪ 133‬من دستور‬                                           ‫والنقطة الثانية‪ ،‬هي تداعيات الأبعاد‬              ‫طبعا ال�ول�وج�ي�ة ت�ف�رض أن تكون‬                                                                                 ‫مستقبلا محتاطا فيما يرتبط بوضعه‬
                                                                             ‫المرتبطة بشرط أو متطلب جودة القاعدة‬              ‫هذه المعرفة غير معاقة أي ليس دونها‬                                 ‫وهو شر أكثر من ورودها غامضة‪.‬‬
‫‪ 2011‬عن إمكانية دفع المتقاضي بعدم‬                                            ‫الجنائية بصفة عامة‪ .‬متطلب الوضوح‬                 ‫بعض العوائق‪ .‬ولعل من أب�رز سمات‬                               ‫إذا لاحظوا معي المفارقة فيما يتعلق‬                 ‫ل�ت�ل�ك ال�ق�واع�د ال�ق�ان�ون�ي�ة‪ ،‬وال�ق�اض�ي‬
‫دس�ت�وري�ة المقتضى التشريعي بسبب‬                                             ‫والدقة يتعارض بشكل كلي مع استعمال‬                                                                              ‫بهذه المقولات‪ .‬لابد أن أرجع لكي يكون‬               ‫الدستوري الذي يجب كذلك‪ ،‬وأقولها من‬
‫انطباقه على النزاع الذي يهمه‪ ،‬وطبعا‪،‬‬                                         ‫عبارات ومصطلحات وتعاريف غامضة‬                    ‫وتمظهرات الإعاقة لهذه الولوجية في‬                             ‫كلامي دقيقا ومفهوما‪ ،‬لاب�د أن أرج�ع‬                ‫زاوية قناعتي‪ ،‬أن يمتلك الجرأة بمعناها‬
                                                                             ‫وملتبسة وغير محددة وقابلة للتأويل‪...‬‬             ‫القانون المغربي هي الإحالة‪ ،‬وهنا أتكلم‬                        ‫إل�ى م�ا ه�ي ال�س�م�ات ال�واج�ب توفرها‬
‫إذا ك��ان ه��ذا الم�ق�ت�ض�ى م�ك�س�وا بعدم‬                                    ‫ولا يم�ك�ن أن أع�ط�ي ه�ن�ا ال�ك�ث�ي�ر من‬         ‫عن الإحالة الداخلية والإحالة الخارجية‪.‬‬                        ‫في القاعدة الجنائية؟ هذا أساسي لكي‬                 ‫الإيجابي على مستوى هيكلة وتطوير‬
‫الدقة والوضوح‪ ،‬أي يفتقر إلى الجودة‬                                           ‫الأمثلة عن بعض المفاهيم والمصطلحات‪،‬‬                                                                            ‫يتحقق الأم�ن القانوني‪ ،‬وه�ذه سمات‬                           ‫المنظومة القانونية بصفة عامة‪.‬‬
            ‫المطلوبة في القاعدة الجنائية‪.‬‬                                    ‫ك��الإخ�ل�ال ب�الح�ي�اء ال��ع��ام‪ ،‬والأخ�ل�اق‬    ‫فالإحالة الداخلية داخل النص الواحد‪،‬‬                           ‫ح��دده��ا الاج��ت��ه��اد ال�ق�ان�ون�ي الم�ق�ارن‬    ‫سوف أركز كما قلت في حديثي على‬
                                                                             ‫الحميدة‪ ،‬كالتي اشتغلت عليها‪ .‬كذلك‪،‬‬               ‫والإح�ال�ة الخارجية م�ن ن�ص إل�ى نص‬                           ‫ونجد بعضها كذلك فيما يتعلق ببعض‬
‫ربم�ا حلقت بكم ف�ي مجال أو بعد‬                                               ‫جريمة إهانة موظف عمومي‪ ،‬فيها نوع‬                 ‫آخر‪ ،‬وهذا جانب يضرب بعمق الموضوع‬                                                                                 ‫الجانب الجنائي ربم�ا لأن�ه موضوعي‪،‬‬
‫ثوالٍ�نك� ْمنرلتيبطسبالهم�رذااقبت�ةر ًاف�لاد فسكتروًيرايأةوللقتامعردي ًنة‪،‬ا‬  ‫من اللبس ونوع من الغموض‪ .‬فكل هذه‬                                                                                            ‫قراراتنا ـ طبعا ـ القضائية‪.‬‬           ‫وس���وف أح�ل�ق ب�ك�م ف�ي أج���واء أخ�رى‬
                                                                             ‫إشكالات تزرعها هذه التعابير والمفاهيم‬            ‫ودافع قوي من منطلق عمق الولوجية‪،‬‬                              ‫أول ه��ذه ال�س�م�ات ه��ي ض�روري�ة‬                  ‫غير الأجواء المسطرية ولا الأجواء التي‬
                                                                             ‫لاسيما تلك المرتبطة باحتمالات تأديتها‬            ‫أي الولوج للقاعدة الجنائية‪ ،‬وأنا أدرس‬                         ‫وأس�اس�ي�ة وت�وق�ع�ي�ة‪ ،‬والتوقعية م�اذا‬
‫ف�ك�ر ًي�ا ف�ح�س�ب‪ ،‬ب��ل ي�دخ�ل ف��ي صميم‬                                    ‫إل��ى ت��أوي�ل�ات م�ت�ح�ك�م�ة‪ ،‬وي�ح�ت�م ه�ذا‬     ‫ال�ق�ان�ون الجنائي للشركات والقانون‬                           ‫تعني في المجال الجنائي؟ تعني أن كل‬                 ‫سمعناها في هذا الصباح‪ .‬سوف أقوم‬
‫الفكر الجنائي‪ ،‬والفقه الجنائي‪ ،‬وكذلك‬                                         ‫ض���رورة تج�ن�ب م�ث�ل ه��ذه التجريمات‬                                                                          ‫ف�رد يستطيع أن يتعرف على مستوى‬                     ‫بتمرين ف�ك�ري لا أع�ت�ب�ره م�ن زاوي�ت�ي‬
‫في صميم الاجتهاد القضائي المقارن‪،‬‬                                            ‫ال��ت��ي ت�ف�ض�ي إل����ى م�ع�اق�ب�ة الح����الاة‬  ‫الجنائي للأعمال أجد الإحالات في هذا‬                           ‫م�ع�ني وم�ع�ق�ول م�ن ال�ن�ت�ائ�ج الجنائية‬          ‫مجرد تمرين خيالي أو ترف فكري‪ ،‬لأني‬
                                                                                                                                                                            ‫الجانب‪.‬‬         ‫المحتملة لفعل إج�رام�ي معين‪ .‬لاحظوا‬
‫الذي اعتمدناه من خلال مداخلة الصباح‬                                                                                           ‫ال�� ِّس��م��ة ال��ث��ال��ث��ة‪ ،‬وال��ت��ي تعتبر‬                                                                  ‫أعتبر أن ذل�ك الباحث ه�ذا ه�و دوره‪،‬‬
‫كأرضية لتهيئ ه�ذا الم�ش�روع للقانون‬                                                                                                                                                                                                            ‫هو القيام بالحفريات‪ ،‬هو التنقيب من‬
                        ‫التنظيمي‪.‬‬                                                                                             ‫أساسية‪ ،‬هي التحديد‪ ،‬تحديد القاعدة‪.‬‬                                                                               ‫أجل إث�ارة الانتباه إلى نقط ربما يكون‬
                                                                                                                              ‫وه�ذا التحديد ربم�ا ه�و الأك�ث�ر بداهة‪،‬‬
‫أستسمجكم إن كنت قد أطلت عليكم‪،‬‬                                                                                                ‫والأك��ث��ر ت�أك�ي�دا ع�ل�ي�ه ب�ال�ن�س�ب�ة لم�ب�دأ‬                                                               ‫ق�د أغفلها الم�ش�رع‪ ،‬أو أغفلها الموكول‬
‫أوكأوسنت قسدم بح ّلغال ُتسبيدع الضرئاليأفسك‪،‬ارواألتتمنيىكنأتن‬                                                                                                                                                                                  ‫إليه القاعدة القانونية‪ ،‬خصوصا ونحن‬
                                                                                                                              ‫الشرعية‪ ،‬والذي لا يثير نقاشا‪ .‬فالقاعدة‬                                                                           ‫بصدد مشروع قانون تنظيمي قلت إنه‬
                                                                                                                              ‫يجب أن تكون محددة على مبدأ الشرعية‬
‫أريد إيصالها إليكم‪ ...‬وشكرا على حسن‬                                                                                           ‫افيلهج�نا�لاتئ�حيديل�دي� فإسنهم يستصم ًبراح‪،‬‬  ‫لأن ال�ق�ان�ون‬                                                              ‫ذو أهمية كبيرة وقصوى‪.‬‬
                        ‫الاستماع‪.‬‬                                                                                                                                           ‫وإذا لم يكن‬                                                        ‫س�أت�ن�اول ج�ان�ب الج����ودة‪ ،‬ج��ودة‬
                                                                                                                                                                                                                                               ‫ال�ق�اع�دة القانونية‪ ،‬وب�الأس�اس سوف‬
                                                                                                                              ‫م�س�ت�م�را‪ ،‬ه��ذا ه��و الأس����اس‪ .‬وس��وف‬
   11   12   13   14   15   16   17   18   19   20   21